مائة وخمسون قاضياً، تمت إقالتهم، ...هكذا فحسب،..آلاف من الأبرياء تعرضوا لذات الأمر في الوزارات والمؤسسات، وهم إما لا علاقة لهم بالكيزان أو لم يكونوا فاسدين (تماماً كأحمد الخير والضابط والطبيب الذين استشهدوا فكلهم حركة إسلامية ولا يوجد شيوعي واحد قد قتل). لا تحقيقات، لا إمكانية للطعن، لا رقابة قضائية على أي إنحراف أو إساءة لاستغلال السلطة، هكذا فحسب، تمت إقالة مائة وخمسين قاضياً. إن أقل قاضي ينظر في اليوم الواحد في ما لا يقل عن عشرة دعاوى، أي أن هناك الآن قرابة ألف وخمسمائة قضية سيعاد توزيعها على ما تبقى من قضاة، وباقي القضاة محتشدون بالقضايا، مما سيحدث خلل كبير في سير إجراءات الدعاوى وإخفاق في العدالة. هكذا فحسب، وبدون أن توضع أي خطة تمرحلية للإقالات التعسفية هذه حفاظاً على حقوق المتقاضين على الأقل، تم إقالة مائة وخمسين قاضٍ. أشياء غريبة في زمن الشيوعيين، فهناك أبرياء وغير فاسدين وقعوا تحت الرجلين، وفقدوا مصدر دخلهم، وبالتالي يتم تشريد آلاف العائلات، مع وصمهم بالعار الإجتماعي. وهذا نفس ما فعله الشيوعيون مع شيبون حينما أشاعوا أنه لوطي، فانتحر المسكين، تاركاً بناته فريسة لعالم بلا رحمة. إن الشيوعيين أكثر قبحاً من الكيزان. لا تحقيقات ولا تحريات ولا محاكمات، وكل مجموعة تضع لستة بأسماء أعدائها. والفوضى تضرب مؤسسية الدولة في النخاع العظمي. وتدمير ما تبقى منها. وهذا ديدن العقول العقائدية، الراديكالية، التي تعمل بلا منهجية، سواء دوغما الإسلاميين ام دوغما الشيوعيين. هم كلهم على شاكلة واحدة (تشابهت عقولهم وقلوبهم غلف). أما الفساد الذي نتج عن هذه الفوضى الحمدوكية؛ فهو أكبر من الفساد الذي سبقه. فالمساومات مدفوعة العمولة ازدادت. ودفع مبالغ لوضع أسماء أو إزاحة أسماء من تلك اللست الحمراء، والأمر تحول لمأكلة وتجارة جديدة. مجزرة القضاء، إمتداد لانتهاك القوانين والعدالة في باقي مؤسسات الدولة. وهذا يعني أننا لسنا امام فترة إنتقالية، بل ولا حتى مجرد تمكين أحمر، بل نحن أمام دكتاتورية جديدة ترسخ أقدامها بقوة. لم يستطع حمدوك، لا إصلاح الإقتصاد، ولا توفير السلع، ولا حتى القيام بمصالحة وطنية، ولا تحقيق السلام الإجتماعي، وباختصار لم يفعل أي شيء، بل كل ما فعله هو ترسيخ الفوضى وانتهاك القانون ومبادئ العدالة. الوضع معقد وخطير جداً، والمطبلاتية من المغفلين النافعين (كما أسماهم الشيوعيون) أو المنتفعين والمتسلقين، تشي بمستقبل مظلم. وكما حذرت مراراً، فالبلد تتجه إلى حرب أهلية وتعميق الجراحات، بل ونكأ ما اندمل منها، بل وتجريح ما تبقى من جسد الدولة تمهيداً لتقسيمها. لقد رفعنا مذكرات متعددة للمنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان، محذرين من هذه الانتهاكات، وهذه المنظمات تسجل وتدون كل ما يقع من انتهاكات، ونحن سنعمل بقوة، على تأجيل سقوط الدولة وانهيارها بقدر ما نستطيع. فليوفقنا الله إلى ذلك.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة