كان نظام الإنقاذ البائد يستبعد ذلك الإسقاط في يوم من الأيام .. وكان يظن أن الشعب السوداني بالإجماع يساند ذلك النظام في السراء والضراء .. وتلك مظنة كانت خاطئة للغاية .. وهي مظنة تقع فيها الكثير والكثير من النظم والحكومات .. وخاصة تلك النظم والحكومات التي لا تبالي إطلاقاً بصيحات الشعوب حين تعاني .. وتظن أن تلك الصيحات هي فقط من هؤلاء المعارضين للنظام .. ولا ترد في خواطرها إطلاقا بأن تلك الشعوب تعاني حقاً وحقيقةً .. وتلك المظنة الخاطئة هي من أغبى وأبلد الظنون في تلك النظم والحكومات .. لأن الحقائق تؤكد بأن الشعوب لديها متطلباتها الضرورية والملحة الخاصة .. وإذا تعسرت أو استحالت تلك المتطلبات الضرورية فإن الشعوب لا تقدس تلك النظم والحكومات لمجرد المودة والتقديس .. بل في مرحلة من المراحل تبحث الشعوب عن كيفية التخلص من تلك النظم والحكومات .. فلا نظام ولا حكومة ( مقدسة ) بذلك القدر في عرف الشعوب .. وتلك الحكومات الواعية الذكية هي التي تحاول بقدر الإمكان أن توجد الرفاهية والحياة الرغدة الرضية لشعوبها .. وليست تلك الحكومات الغبية التي تعتمد فقط على تلك الهتافات والتصفيق ثم ذلك التهليل والتكبير !!.. ومن سابع المستحيلات أن ترضخ الشعوب وهي جائعة تواجه الويلات .. فهي تلك الشعوب التي تتبادل المنافع بالقدر الذي يعطي ويأخذ .. وعند الجد والمحك فإن تلك الشعوب لا تقدس تلك النظم والحكومات من منطلق الولاء المطلق !.. وفي حال الولاء المطلق لا بد من الجزاء المطلق بالمثل .. أما تلك النظم والحكومات الغبية التي تريد ذلك الولاء المطلق من شعب يجوع ويعاني الويلات فتلك هي الحكومات الجاهلة المخدوعة في تقديراتها .. ونظام عمر حسن البشير كان يجوع الشعب السوداني وفي نفس الوقت كان يطالب الشعب السوداني بالولاء المطلق !.. ولكن في مرحلة من المراحل فإن ذلك الشعب السوداني قد عجز عن مواكبة الحياة في معية ذلك النظام الجائر الذي لا يبالي مهما تتعالى الصيحات .. وفي لحظة من لحظات الضرورة فإن الشعب السوداني قد قرر ذلك الإسقاط .. فكانت صيحات ( تسقط بس ) .. وتلك جملة كانت تعادل ( الكلمة وغطائها ) دون ذلك المزيد والتسويف .. وتلك الحقيقة التي تقال عن نظام عمر حسن البشير البائد ليست بالبعيدة عن حكومة السيد عبد الله حمدوك المؤقتة .. تلك الحكومة الجديدة التي لا تبالي ولا تكترث إطلاقاً بصيحات الأمة السودانية .
في الماضي كانت هنالك أغنية ( غرباوية ) ترددها أجهزة التسجيل المتواجدة في أكشاك المرطبات بالسوق الشعبي بأم درمان .. وتلك الأغنية كانت تقدم رتلاً من النصائح لزوجة تعاني نوعا المشاكل فيما يبدو .. ومن ضمن كلمات تلك الأغنية :
( كلامي دا باكــر تكوسي ما تلقاه يا فلانة !! ) ..
وحكومة السيد عبد الله حمدوك يخاطبها الشعب السوداني منذ قدومها .. ويقدم لها النصائح تلو النصائح ولكنها حكومة لا تبالي .. ( تسد واحدة بعجينة وتسد الأخرى بطينة ) .. ولسان حال الشعب السوداني يقول لتلك الحكومة : ( كلامنا دا باكر تكوسي ما تلقي يا حكومة ) .. فحكومة السيد عبد الله حمدوك حتى هذه اللحظات تجد تلك المساندة القوية من قبل الشعب السوداني .. ولكنها سوف تفقد تلك المساندة إذا مارست نفس سياساتها تلك العقيمة .. وتلك الشعوب حين تساند وتوالي تفعل ذلك بإخلاص وتفاني .. ولكنها حين تتمرد وتقلب ( ظهر المجن ) فهي قاسية في قراراتها ومعاقبتها .. وتلك الحكومة الجديدة قد تعودت أن تبذل الوعود تلو الوعود لشهور وشهور .. وتلك الأحوال في البلاد تتراجع وتتردى بوتيرة مخزية للغاية .. وهي أحوال لا تتحمل إطلاقاً ذلك النوع من الوعود الغير مقرونة ببعض الإشارات والإنجازات .. وعلى الأقل كان الأجدى بتلك الحكومة الجديدة أن تحارب ذلك الغلاء المستفحل يوماً بعد يوم .. وأن تتحكم في الأسواق السودانية بذلك القدر الصارم .. ولا يليق إطلاقاً ذلك اللين وتلك المهادنة وذلك العجز في مواجهة التجار .. ورغم أن السيد عبد الله حمدوك يعد ثم يعد ثم يعد منذ قدومه بمجرد اللسان فإن الشعب السوداني كان يصبر ويتحمل على أمل أن يتحرك ويلبي قليلاً تلك الصيحات من الشعب السوداني .. إلا أنه بارد منتهى البرود في الاستجابة لتلك الصيحات .. والشعب السوداني لا يريد أن تأتي إنجازات السيد عبد الله حمدوك بعد فوات الأوان وبعد رحيل الناس للمقابر .. ولسان حاله يقول : ( لعنة الله على إنجازات ثمارها في باطن اللحود !! ) .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة