كافة الاحتمالات كانت متوقعة في دولة عرفت بالتهاون والتساهل .. ولم يتوقع أحد بأن أبناء السودان سوف يشرفون المقام هذه المرة .. والافتراضية السليمة في أية دولة تعيش حالات الثورة والانتفاضة أن تجري الأمور فيها بطريقة مغايرة ومشرفة .. إلا أننا في دولة ( السودان ) تلك الدولة المنكوبة بأبنائها طوال الحقب والسنوات .. ولذلك فإن العقلاء من الناس في هذه البلاد لا يتفاءلون كثيراً بحكم التجارب السابقة .. وقد تتبدل ( البغال والحمير ) في سلوكياتها بحكم التجارب الطويلة إلا هؤلاء أبناء السودان فإنهم يفتقدون ذلك التبدل والتحول مهما كان مقدار التجارب !.. ولم يكن متوقعاً في لحظة من اللحظات أن ينجح أبناء السودان في خطوة جريئة لتمثل تلك السابقة المشرفة !! .. وكان الأجدى بهؤلاء الأبناء في السودان أن يقدموا نموذجاً حياً لشعب يعيش مرحلة جديدة بعد الانتفاضة والثورة .. ولكن أسفاً ويا أسفاً فهؤلاء الأبناء في السودان لم يستطيعوا أن يتخلصوا من تلك العادة القبيحة حتى بعد الثورة والانتفاضة .. حيث أنهم مبتلون بعادة التهاون والتساهل والغباء الشديد في كافة مجالات الحياة .. وكالعادة فإن العارفين بأسرار الأبناء في السودان يضحكون من مغبة تلك المهازل .. ولما قيل في حينه أن فيروساً خطيراً يجتاح دول العالم وأن العالم يستعد لمجابهة تلك الكارثة الوشيكة بكى العارفون للأحوال في هذه البلاد .. وكانوا يبكون سلفاً من مغبة تلك المخاطر .. حيث أن تلك الهفوات القاتلة والإخفاقات معروفة ومعهودة في أبناء السودان .. والعلة الأساسية تكمن في عقول هؤلاء الأبناء .. حيث تلك العقول المعطلة البطيئة الإدراك والفهم .. وذلك الإنسان السوداني يحتاج لسنوات حتى يفهم معنى ذلك الوباء وتلك الخطورة !!.. ثم يحتاج لسنوات أخرى حتى يفكر في كيفية الاتقاء من تلك المخاطر !.. ثم يحتاج لسنوات أخرى حتى يتخلص من ظاهرة التكاسل والخمول .. ثم يحتاج لسنوات أخرى حتى يقنع الآخرين من أبناء جنسه بخطورة ذلك الوباء .. وبنفس القدر فإن هؤلاء الآخرين من أبناء السودان يحتاجون لسنوات وسنوات حتى يستوعبوا حقيقة تلك المخاطر المحدقة !!.. ثم يحتاجون لسنوات وسنوات أخرى حتى يقتنعوا بخطورة ذلك الوباء !! ولن تأتي قناعتهم إطلاقاً إلا بكثرة الإصابات والوفيات !!.. وبالمختصر المفيد فإن تلك التكهنات قد صدقت فعلاً في أبناء السودان !!.. حيث توالت تلك الكوارث والإخفاقات تباعاً ودخلت البلاد بعمق في معمعة الويلات بأسباب ذلك الوباء !! .. وكانت أولى خطوات التهاون والفشل والإخفاقات من قبل المسئولين في البلاد .. لقد فشل هؤلاء المسئولين ومازالوا يفشلون في المهام .. وقد أخفق المخفقون في مجابهة الوباء ومازالوا يخفقون .. وقد تجاهل المتجاهلون للوباء ومازالوا يتجاهلون .. وقد تساهل المتساهلون بالوباء ومازالوا يتساهلون .. وقد تهاون المتهاونون بالوباء الخطير ومازالوا يتهاونون .. وقد أخفى المخفون لذلك الوباء الخطير ومازالوا يخفون .. وقد شرد الشاردون من معسكرات الوقاية الصحية ومازالوا يشردون .. وقد هرب الأطباء ورجال التمريض عن أداء ذلك الواجب الإنساني المقدس ومازالوا يهربون .. وقد تحايل المتحايلون من أفراد الشعب السوداني بعدم التقيد والالتزام بشروط الجهات الصحية ومازالوا يتحايلون .. وقد ترحل الراحلون وسافروا عبر مناطق السودان المتفرقة ومازالوا يترحلون .. وقد أقدم القادمون من مشارق الأرض ومغاربها وهم يحملون ذلك الوباء الخطير ومازالوا يقدمون .. وقد تلاعب المتلاعبون من رجال الأمن والجنود والعساكر والحراس والقوات النظامية بمقابل الرشاوى ومازالوا يتلاعبون .. وقد أصيب الآلاف والآلاف من أبرياء الناس في هذا البلد المنكوب بذلك الفيروس الخطير ومازالوا يصابون .. وقد مات المئات والمئات من أبرياء الناس في هذا البلد المنكوب ومازالوا يموتون .. وقد استقبلت ( مقابر الدولة ) في كافة أرجاء السودان تلك الألوف والألوف من الجنائز ومازالت تستقبل .. والقصة برمتها في الأول والأخير تتجسد في تلك الصفات القبيحة الكامنة في سلوكيات أبناء السودان .. حيث ذلك التهاون والتساهل وقلة الاكتراث عند الجد والمحك !.. وكل تلك الأحوال المميتة كانت متوقعة في عرف هؤلاء العقلاء من الناس .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة