أمننا القومي في خطر,,بقلم إسماعيل عبد الله

أمننا القومي في خطر,,بقلم إسماعيل عبد الله


05-30-2020, 03:31 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1590849080&rn=0


Post: #1
Title: أمننا القومي في خطر,,بقلم إسماعيل عبد الله
Author: اسماعيل عبد الله
Date: 05-30-2020, 03:31 PM

03:31 PM May, 30 2020

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله-الامارات
مكتبتى
رابط مختصر




في ظل صراعاتنا السياسية نسينا قضيتنا الأولى التي تفوق كل التحديات المنظورة اليوم في المشهد العام، إنها قضية أمننا القومي المحاصر من كل الجهات شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً (حدودنا مع إثيوبيا خير بيان)، وفي هذا الزخم و ذلك الخضم الوطني الكبير نرى ونشاهد ونسمع بعض الأقلام والأصوات والصور التي تعمل بكل جد واجتهاد وتفان لكي تضعف هيبة المؤسسة الداعمة السريعة التي فرضها الواقع السياسي المأزوم، فتصريحات الكباشي بكادقلي وحديث حميدتي في قناة سودانية اربعة وعشرين، بدا من خلالهما البون الواسع والفرق الشاسع بين ثقافة خطاب المؤسستين (الدعم والجيش)، وهذا التباعد والتباغض لم يأت من فراغ، بل جاء كنتاج طبيعي ومباشر لهشاشة المؤسسة العسكرية الأم، التي وضع لبنتها الأولى المستعمر وسمّاها (قوة دفاع السودان).
من المعلوم أن النخبة السياسية السودانية بشقيها اليميني واليساري، لها ضغائن متراكمة مع الجهاز الأمني والعسكري للدولة السودانية، فالنميري فعل باليساريين الملتزمين الأفاعيل، وكذلك فعل البشير مع معارضيه فقصم ظهر الحركة الإخوانية بإبعاد المتشددين وإحتواء الانتهازيين، الذين عملوا من أجل عرض الحياة الدنيا عكس شعار (لا لدنيا قد عملنا)، ودونكم حديث وجدي صالح المبذول في الميديا، بل أن الدعاية المغرضة قد أفقدت الشعب ثقته في جيشه وقواته الأمنية الأخرى وخلقت شرخاً واسعاً يصعب رتقه، بين المواطن والقوات الحكومية والعسكرية، فغدا الجندي الذي يتبع للقوات المسلحة مجرد مرتدي للزي الرسمي للقوات التي ينتمي إليها، وأمست القوات الصديقة التي نافحت وكافحت من أجل استقرار الوطن هي العدو اللدود للشعب.
ألخطاب الذي أدلى به الكباشي فيما يتعلق بدور القوات المسلحة والشرطة والدعم السريع في استقرار البلاد، حديث صحيح ولا يجب أن نحوره ونحرفه عن مقصده الأساسي، أو نسخر منه أو نرمي به في سلة المهملات، ولا يوجد تناقض بين حديثه وأقوال حميدتي المبثوثة عبر أثير تلك القناة التلفزيونية الشهيرة، والذين يريدون أن يدقوا إسفيناً بين الكباشي (كردفان) وحميدتي (دارفور)، من أجل إعادة تدوير إنتاج الدويلة العنصرية القميئة التي فتكت بنسيج مجتمعات كردفان ودارفور، لن يجدوا هذه الفرصة الآن، لأن الوعي قد عم القرى والحضر، فمجلس سيادة الدولة الوطنية السودانية ولأول مرة في تاريخه يضم أصحاب الوجعة، فلا يجب أن يحسب الذين اعتادوا على إشعال النار بين النوبة والحوازمة والحرب بين الفور و الرزيقات، بقادرين على أن يعيدوا إنتاج دويلة الأبارتيد وسياسة الفصل العنصري البغيض مرة أخرى.
ألمؤسسات العسكرية السودانية (دعم+جيش+شرطة), تواجه حملة شرسة من قبل جهات يصعب التكهن بدوافعها ومحتوى أجنداتها، فقد وصلت هذه الحملات المغرضة إلى مراحل متقدمة هدفت إلى تشويه صورة جميع مكونات هذه المؤسسات العسكرية، وكما نعلم أن صمام أمان الشعوب هو جيشها وشرطتها بصرف النظر عن ماهية مكونات هذا الجيش، فالشعب السوداني بجميع شرائحه يجب عليه أن يتمسك بقواته هذه (جيش وشرطة ودعم)، دون تردد أوانصياع للأصوات الناشزة التي لا هم لها سوى بطونها و فروجها، فالجيوش هي صمام أمان الشرف السليم من أذى المغتصبين، وهي التي أهدرت دمائها و أراقتها على جنبات هذا الشرف العظيم.
يبدو أن كباشي و حميدتي قد خدعا، لسماعهما سيمفونية الدفاع عن مركزية الدويلة الوطنية الزائفة التي أشعلت الحروب الفبلية في داريهما، جبال النوبة ودارفور، إصحى يا بريش (كباشي) وصوب بندقيتك نحو عش الدبور، ولا ترفعها في وجه أخيك، فالعدو الحقيقي لا يوجد في كادقلي ولا في نيالا، إنّه هناك داخل دهاليز قصر غردون، يحيك المؤامرة تلو المؤامرة لكي يبقى خالداً مخلداً في الكرسي، إصحوا يا أعضاء حكومة الانتقال الذين قدموا من أقاليم السودان البعيدة مؤمنين مصدقين، إنّ معادلة السلطة والثروة في السودان لا يمكن إصلاح اختلال ميزانها إلا بعد أن يعي الناس أس وأساس المشكلة، وهو باختصار: تسخير جهاز الدولة لخدمة أهداف جهوية ومحلية وأسرية ضيقة، وتوظيف ذات الجهاز لتلبية احيتاجات القوى الإقليمية من المال والرجال والسلاح والوفاء لها بذلك من دماء وعرق أولادنا، تماماً كما كان يفعل محمد علي باشا ومعاونوه من المرتزقة أمثال الزبير باشا.
من خلال مشهد الصراع الحالي بدا لي أن سعادة الفريق كباشي ما زال ينظر للأمور من زاوية طوباوية مباديء ومرتكزات الكلية الحربية الصفوية، التي تخرج على أدراجها الكثيرون، برغم وجوده تحت إمرة جنرال لم تطأ قدماه أرض حرام تلك الكلية، وبما أن شمس الدين رجل ذكي و كان في يوم ما الأول على دفعته في الكلية الحربية، فإنّ عليه إعادة قياس وترتيب الأمور بعيداً عن الحسابات الضيقة والإملاءات، وإنني على يقين من أن الكباشي سوف يتوصل إلى الخلاصة التي اقتنع بها حميدتي، وسوف ينتشل القوات المسلحة من الحضيض الجهوي البغيض الذي تعيش فيه الآن.


إسماعيل عبد الله
[email protected]