الكديسة التي سكنت منازل السودانين و روؤسهم؟ بقلم اد / علي بلدو

الكديسة التي سكنت منازل السودانين و روؤسهم؟ بقلم اد / علي بلدو


04-07-2020, 02:00 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1586264416&rn=1


Post: #1
Title: الكديسة التي سكنت منازل السودانين و روؤسهم؟ بقلم اد / علي بلدو
Author: علي بلدو
Date: 04-07-2020, 02:00 PM
Parent: #0

02:00 PM April, 07 2020

سودانيز اون لاين
علي بلدو-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



خواطر طبيب


نراها كل يوم و لا يعيرها احدٌ التفاتاً او اهتماماً ’ ربما لانها أصبحت جزءاً اساسياً في العديد من البيوت السودانية ان لم نقل كلها ’ في القرى و الحضْر.
كما انها تداخلت مع الكثير من تفاصيل الحياة اليومية للمواطن العادي و بصورة مستمرة و راتبة و منتظمة’ و بدون ان يشعر احد‘ بالنفور او الوجْل منها و تطبيع العلاقة معها دون اشكالات ت‘ذكر ’ فما هي حكاية هذا الحيوان العجيب!
نظرة بايولوجية
ينتمي القط الي نوع الحيوانات من فصيلة الثديات و قبيلة السنوريات و من اعضاء عائلته و التي تُعرف باسمه نجد الاسد و النمر و الفهد و الشيتا و اسد الجبال و الجاغوار و غيرها مما يُطلق عليها القطط الكبيرة.
و القط من ذوات الفرو و القوائم الاربع و يتميز بالخفة و المرونة و السرعة’ كما له ذكاء حاد و صبر شديد على المطاردة و الانتظار و تُشكل الفئران و الطيور و الحيوانات الصغيرة و القوارض و الحشرات غذائه الرئيسي.
و القط مخلوق اجتماعي له قدرة فائقة على تنمية العلاقات مع ابناء جنسه و الاخرين باللعق و التمسح و الاحتضان و اللعب و اللهو الممتع مع الاخرين’ مما خلق له مساحة واسعة للتقرب و العيش الاليف و تكوين الصداقات.
نوٌر بيتنا!
تشكل البيوت الماوى الرئيسي للقطط حيث يتوفر الامان و المأكل و المشرب و كذلك الحب و الحنان من سكان البيوت’ و من الملاحظ تغير الانماط الغذائية له من الغذاء التقليدي للانواع الحديثة كاللحم المٌصنع و السجق و الهوت دوق و البيتزا و غيرها’ لدرجة نفور بعض القطط من رؤية الفئران و الحشرات و الهرب منها بعد ان تذوقت الماكولات الراقية و الديليفري.
كما تماهت القطط لديينا مع الحيياة المنزلية كالنوم على الاسرة و الاغطية و امام المكيفات و التبريد ’ بل و احيانا بالجلوس امام الشاشات و التلفزيونات ’ و لربما تململت هي الاخرى من البرامج الفطيرة التي تقدمها قنواتنا السودانية و اصبح حالها كمن عبٌر عنه الشاعر:
فأزوٌر من وقع القنا بلبانه و شكى اليٌ بعبرة و تحمحم
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى و لكان لو علم الكلام مُكلمي
يبقى الاسم اسمين
عُرف القط بالعديد من الاسماء مثل (البسة) كما يطلقون عليه في الشام و اليمن و (الهر) في اللغة الفصيحة مثل ارتباط الصحابي الجليل ابو هريرة كتصغير للقط الذي كان يلازمه طيلة الوقت حتى في الصلوات و لم ينكر عليه احد ذلك لطهارته.
في السودان يُعرف باسم الكديس او الكديسة و يتم الجمع على كدايس و كدسة في بعض الروايات ’ و نادراً ما يتم استعمال كلمة قط .
يتعلق الاطفال بصفة خاصة بالكدايس بسبب البطل الكرتوني (توم) في سلسلة ديزني الشهيرة و يكاد الكثير من الكبار يتابعونها ايضا سراً و جهراً للمتعة و المرح التي بها و لحب الكدايس من جهة اخرى و لسان حالهم يقول:
امرُ على الديار ديار قطي اقبلُ ذا الجدارا و ذا الجدارا
و ما حبُ الديار شغفن قلبي و لكن حب ُ منْ سكن الدياارا
يا اله فني
قدس الناس القط قديماً عبر الحضارات و في الديانة الهندوسية نجد الاله القط ( باجران باني) و في الفرعونية ايضاً كانت القطط هي الالهة الحارسة للمعابد و المدافن و المساعدة ل حورس و امون رع و غيرهم.
كما وُجدت النقوش و التماثيل و الرسومات لهذه الحيوانات في الكهوف و المعابد و المذابح و اماكن تقديم النذور و القرابين.
و في حضارة الاستك و الانكا في اميركا الجنوبية تم العثور ايضا على الطقوس و الاثار المتعلقة بالقط و التقديس له و عبادته و تمجيده بالتماثيل الذهبية و الفضية و الجداريات الضخمة.
ماركة تجارية
اشتهرت في البلاد انواع من البطاريات تعرف بابو كديس و لها جودة عالية و بعدها تم اطلاق مشروب روحي في الخمسينات و الستينيات يحمل نفس الاسم و اشتهرت به اماكن البيع في المدن الكبيرة’ و بمجرد ان تلعب الصهبباء بالرؤوس و حدوث بعض التفلتات يتم وصف ذلك الشخص بان ( كديستو قامت) بسبب التصرفات و البهجة و الرعونة و النشوة العارمة و كانه ابو نواس و معه النُدامى في ذلك الليل الاليل:
اسقني و الليل داج قبل اصوات الدجاج
اسقني خمرا طهوراً لم تدنس بمزاج
كلما يسقيك غني كل ضيق لانفراج
الكديسة في حياتنا
تتنوع اوصاف القط في حياتنا اليومية من وصف الاشياء الجميلة و الرائعة و المميزة بانها من النوع ابو كديس’ و كذلك وصف المصائب و النوائب النازلة للتعبير عن هول و ضخامة ما حدث.
و في كرة القدم يتم اطلاق وصف الكدايس على الكدارة او الحذاء الرياضي و كما يتم اعطاء العريس الجديد الوصية بان يضبح الكديسة لمرتو) كنوع من الارهاب و العين الحمراء و فرض السيطرة الذكورية.
و المراة ايضا يمكن وصفها بالكديسة للتدليل و المداعبة و احياناً يؤدي ذلك لسؤ الفهم و المشاكل.و الاشخاص الذين يحبون اللبن الحليب يطلق عليه بانه كديسة بس!
دجل و شعوذة
اشتهرت الكديسة بانها مفضلة لدي الشيوخ و الدجالين و المشعوذين و الاناطين لعمل الاسحار و الكتابة حسب ما يدعون و غالبا ما يثير جري القط في استاد كرة قدم مخاوف الفريق الضيف باعتباره كديس خاص بالسحر و تكتيف المباراة و لعل هذا يكون احد اسباب تدهور الرياضة عندنا و التي تتحكم في ادارة شئونها الكدايس اكثر من المدربين و الاداريين.
كما اشتهرت بعض السيارات و الافراد باسم عيون كديس و منهم لص و قاتل شهير في الستينات.و زي الكديس لدلالة على خفة االحركة و السكون و الهدوء الذي يصاحب تحركات الكدسة حتىى لا يشعر بها احد.
انتو جنوني يا حلوين!
عند الغضب الشديد و الانفعال و الحديث غير المفهوم و العوارة ’ يكون الوصف جاهز بان الكديسة قامت و ان فلان عندو كديسة في راسو’ و بذلك يكون الكديس قد سكن بيوتنا و روؤسنا ايضاً.
و في بعض الاحايين يقوم احد الاشخاص بتحذيرك من نوع معين من التصرفات ’ على اعتبار او عندو كديسة و ما تقوم فيك’ و كانه دُريد بن الصمة:
بذلتُ لهم نُصحي بمنعرج اللوى فلم يستبينوا النصح الا ضحُى الغْد
و هل انا من غُزية ان غوْت غويثُ و ان ترشدٌ غُزية ارشدُ
و في ظل ما نراه الان و ما يحدث حولنا من تقلبات و احداث غير مفهومة و ما نراه و نسمعه كل يوم من اشياء لا تسر البال و لا القلبو الظواهر الغريبة و الجرائم المستحدثة’ في ظل كل هذا ’ فيمكننا الجزم و بكل سهولة ان البلد كلها(كدايسها قايمة) ’ فهل تسمعون ... نياااااااووو.