جاء في الحكمة: ( أضيقُ السجونِ معاشرةُ الأضّداد). وقالوا أيضًا: ( معاشرةُ الأضّدادِ تفتّتُ الأكبادَ ). فالشمعة مصنوعة من مواد كثيرة منها خلايا النحل التي تخزّن فيها العسل، فإذا وضعنا في وسطها فتيلة واشعلنا النار ذابت الشمعة. قال أحد الشعراء متسائلًا واصفًا هذا المشهد: مالي أرى الشمع يبكي في مواقده من حرقة النار أم فرقة العسل؟؟! شرّق الناس وغرّبوا في الجواب على هذا السؤال.. وكان أجود جواب على الإطلاق قول الشاعر: من لم تجانسْه فاحذر أن تجالسه ما ضرّ بالشمع إلا صحبةُ الفتْل..! فالذي ضرّ بالشمع أنه وُضع في جوفه شئٌ من غيرِ جنسه. وكما قيل سابقًا: ( معاشرةُ الأضداد تفتّتُ الأكباد ). وبحسب التجارب التي مررنا بها في حياتنا، فقد واجهنا أصناف كثيرة من البشر تحمل جينات الأضّداد، وصفات العناد، وأكوامًا من الرماد. أناس "لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب" كلما اقتربت منهم ابتعدوا عنك، وكلما تقدمت خطوة إلى الأمام رجعوا القهقرى خطوتين، تمامًا حالهم كحال قطبي المغناطيس المتنافرين!. هؤلاء الأضّداد نصًّا ومعنى، وحقيقةً وشكلًا، لا تدري أين يوجدون في خارطة طريقك. ربما كانوا في بدايته أو منتصفه أو نهايته..المهم معرفتهم والحذر منهم، حتى لا تلدغ من قِبلهم في مقتل، وتصاب بخيبة الأمل والحسرة والندم، ولات حين مندم!. فأشد أنواع الضرر تأتي من الصديق القريب المتقلّب المواقف والمزاج، الصديق الذي لا يصون الصداقة ويرعاها، بل يضحّي بها في أول منعطف، ويقلب لها ظهر المِجَن!!. قال الحكماء: ( إحذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة، فلربما انقلب الصديق فكان أعلم بالمضرة! ). وهي حكمة قديمة قيلت في غدر الأصحاب، وأفعالهم المفاجئة التي تصيب بالخذلان. والمضرّة إسم، والجمع مضرّات أو مَضار، والمُضِر إسم فاعل من أضَر، والمُضَر إسم مفعول من أضَر..والضُّر أو الضَّر لا يفعله إلا عدوٌ مبين ولو لم يظهر في ثوب العداوة كالمنافق الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر، ولكن تكشفه المواقف فتظهر عورته وخطورته. وكم من منافق في عباءة صديق مخلص؟! وكم من حيةٍ رقطاء في ثوب خلٍّ ناصحٍ أمين؟! فانتبهوا من غدر الزمان، وخيانة الإخوان، وفقد الأمان. قال الله تعالى في شأن كثير من الأخلاء: " الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ". الزخرف: (67). وقال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل "..والصاحب ساحب، والصديق قبل الطريق ومسميات أخرى كثيرة عن الصحبة والصداقة، وكلها تبيّن وتوضح أهمية الصديق في مشوار الحياة، فالصديق يعتبر هو أنت، والصداقة على قسمين: صديق يدل على الخير ويرشد اليه، وصديق يدل على الشر ويوقعك فيه..فليكن أحدكم ممحّصًا صداقته وإخوته، حتى لا يكون مصيره مصير الشمعة التي ما ضرّها إلا صحبةُ الفَتْلِ!. --------------------- بقلم/ حمزة محمد حمد
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة