|
قيودٌ على الحبرِ وأرواحٌ مهددة (معاناةُ الصحافة في السودان) ..!!؟؟ كتبه د. عثمان الوجيه
|
06:07 PM May, 03 2024 سودانيز اون لاين عثمان الوجيه-القاهرة-مصر مكتبتى رابط مختصر
- يُطلّ علينا الثالث من مايو من كل عام حاملاً معه "اليوم العالمي لحرية الصحافة"، مناسبةً تذكرنا بأهميةِ دورِ الصحافةِ في بناءِ مجتمعاتٍ ديمقراطيةٍ حرةٍ، وتُعيدُ إلى الأذهانِ المخاطرَ التي تواجهها هذه المهنةُ النبيلةُ في مختلفِ أنحاءِ العالم، وفي السودان، تُضافُ معاناةٌ مضاعفةٌ إلى معاناةِ الصحفيينَ في كلّ مكان، حيثُ يُواجهُ العاملونَ في هذا المجالِ تحدياتٍ جمةً تُهددُ حياتهم وأمنهم، حيث يروي لنا صحفيونَ سودانيونَ هربوا من جحيمِ الحربِ قصصًا مروعةً عن مخاطرِ ممارسةِ مهنتهم، فمجردُ إبرازِ بطاقةِ الهويةِ الصحفيةِ كان كفيلًا بتعريضِ حياتهم للخطرِ، ممّا دفعَ الكثيرينَ إلى التكتمِ على هويتهم خوفًا من الاعتقالِ أو الإهانةِ أو حتى القتل، ومع مرورِ عامٍ على الحربِ الأهليةِ المُستعرةِ بينَ قواتِ الجيشِ وميليشياتِ الدعمِ السريع، ازدادتْ معاناةُ الصحفيينَ السودانيينَ سوءًا، فاتُهمَ البعضُ منهم بالعملِ لصالحِ أحدِ طرفي النزاعِ ممّا أدّى إلى اعتقالِ البعضِ وضربِ البعضِ الآخر، بل وصلَ الأمرُ إلى حدّ القتلِ والاغتيالِ، ورغم التحذيراتِ الدوليةِ المتكررةِ من عواقبِ استهدافِ الصحفيينَ، إلا أنّ استجابةَ طرفي النزاعِ لهذهِ التحذيراتِ لا تزالُ ضعيفةً للغاية، لتُلقي هذهِ المخاطرُ بظلالها القاتمةِ على مستقبلِ الصحافةِ في السودان، وتُهددُ بتكميمِ أفواهِ الأحرارِ ومنعِ الحقيقةِ من الوصولِ إلى الناس، لكنْ، ورغمَ كلّ هذهِ الصعوبات، لا تزالُ شعلةُ الأملِ مُتقدةً في قلوبِ الصحفيينَ السودانيينَ العاقدينَ العزمَ على مواصلةِ رسالتهم النبيلةِ في كشفِ الحقائقِ ونشرِ الوعيِ، مُؤمنينَ بأنّ حريةَ التعبيرِ هي حقٌّ لا يُمكنُ التنازلُ عنه، وأنّ أصواتَهم ستظلُّ تُسمعُ مهما واجهوا من مخاطرٍ وتحديات، أخلص، إنّ يومَ حريةِ الصحافةِ هو مناسبةٌ للتضامنِ مع الصحفيينَ في السودان وفي جميعِ أنحاءِ العالم، ودعمِ جهودهم في نشرِ الحقيقةِ ومحاربةِ الظلمِ والقمع، فلنرفعْ أصواتَنا معًا من أجلِ حريةِ الصحافةِ وحقّ الصحفيينَ في ممارسةِ مهنتهم بأمانٍ وبدونِ خوفٍ.. هنا تحضرني طرفة فليسمح لي القارئ الحصيف بأن أوجزها في هذه المساحة وبهذه العجالة وهي:- من قلب فيينا العريقة، حيث لجأ زميلي السوداني هربًا من قسوة بطش بلده بالصحفيين، وصلني خبرٌ هزّني من الأعماق، فقد ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أنّ عدد الكتّاب المسجونين في الصين قد تجاوز المائة، وأنّ نصفهم تقريبًا يقبع خلف القضبان بسبب آرائهم المُعبّرة على الإنترنت، فأمسكتُ هاتفي بيدٍ مرتجفةٍ، وقرأتُ الخبر مرارًا وتكرارًا، وكأنّني أُحاولُ استيعاب فداحة ما يحمله من معنى، مائة كاتبٍ حُبسوا في الصين، تلك الدولة الضخمة التي تُشكّل خُمس سكان العالم! مائة كاتبٍ فقط؟ في لحظةٍ، انتقلتْ أفكاري إلى واقعنا العربيّ المُحزن، كمْ من كاتبٍ يقبع في سجون بلادنا العربية، مُكمّم الفم، مُقيد الروح، مُحرومًا من أبسط حقوقه الإنسانية؟ كمْ من قلمٍ حرٍّ انكسر تحت وطأة الظلم والقهر؟ في كلّ مدينةٍ عربية، بل في كلّ قريةٍ وحيّ، قد نجدُ عشرات، بل مئات الكتّاب المُحاصرين بين براثن الرقابة والقمع، بعضهم يقبع خلف القضبان، والبعض الآخر مُقيّدٌ بالحجب والملاحقة، والبعض الثالث مُجبَرٌ على الصمت خوفًا من بطش الأنظمة المُستبدّة، فأين نحنُ من تلك الدولة العملاقة التي تُقدّرُ حرية التعبير، وإنْ كان محدودًا؟ أين نحنُ من احترام الكلمةِ المُنصفةِ والفكرِ المُتنوّع؟ إنّ حبسَ كاتبٍ واحدٍ هو جريمةٌ بحقّ الإنسانية، فكيفَ بنا ونحنُ نعيشُ في ظلّ ظاهرةٍ مُستشريةٍ من حبسِ الكتّابِ وقمعِ الأصواتِ الحرة؟ أُدركتُ حينها أنّ معركتنا ليست ضدّ الصين فقط، بل ضدّ كلّ نظامٍ مُستبدٍّ يُحاولُ خنقَ حرية الفكرِ والتعبير، إنّها معركةٌ من أجلِ كرامتنا، من أجلِ مستقبلنا، من أجلِ إنسانيتنا، فلنُرفعْ أصواتنا عالياً، ولنُقاومْ الظلمَ بكلّ ما أوتينا من قوّة، ولنُطالبْ بحريةِ الكاتبِ وحقّهِ في التعبيرِ عن رأيهِ دون خوفٍ أو قيدٍ، فما قيمةُ الحضارةِ والعلمِ دونَ حريةِ الفكرِ والإبداع؟ وما قيمةُ الحياةِ نفسها دونَ صوتٍ حرٍّ يُعبّرُ عن آمالِنا وآلامِنا؟ إنّ تحريرَ الكاتبِ هو تحريرُ الإنسانيةِ جمعاء، ولنْ نهدأَ ولنْ نستكينَ إلّا حتّى تُصبحَ سجونُنا خاليةً من كلّ كاتبٍ مُقيدٍ، وتُصبحَ بلادُنا واحةً للحريّةِ والإبداعِ.. #اوقفوا_ الحرب #Stop_The_War وعلى قول جدتي:- "دقي يا مزيكا !!". خروج:- حكاية قميص ليفربول في زمن الحرب و (الجديد شديد) ، اجتمع عشاق نادي ليفربول من مختلف أنحاء العالم على شاشات هواتفهم، ينتظرون بفارغ الصبر إزاحة الستار عن قمصان الفريق الجديدة للموسم القادم، كان الترقب يملأ قلوبهم، ليس فقط لجمال التصميم، بل لما يحمله من رمزية في زمنٍ عصيبٍ تعيشه بلادهم، ففي ذلك اليوم، لم يكن إطلاق القميص مجرد حدث عادي، بل كان بمثابة شعاع أملٍ وسط الظلام، فالسودان، موطن العديد من عشاق ليفربول، يمر بأزمةٍ إنسانيةٍ مروعةٍ منذ أكثر من عام، حربٌ لئيمةٌ قضت على الأخضر واليابس، وخلّفت وراءها آلاف القتلى والملايين من النازحين، وعندما نشر نادي ليفربول على صفحته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي صورة القميص الجديد مع تعليقٍ بسيطٍ بالدارجة السودانية "الجديد شديد"، انفجر بركان الفرح والاعتزاز في قلوب السودانيين، فقد رأوا في هذه الرسالة البسيطة تضامناً مع قضيتهم، واعترافاً بمعاناتهم، ورسالة أملٍ بمستقبلٍ أفضل، فتفاعل السودانيون بشكلٍ واسعٍ مع المنشور، وعبّروا عن امتنانهم للنادي لوقوفه إلى جانبهم في هذه الأوقات العصيبة، وتناقلوا الصورة بكثافة، وكتبت تعليقاتٌ مؤثرةٌ تُعبّر عن حبهم للنادي، وعن إيمانهم بأنّ كرة القدم قادرة على توحيد الناس وتقديم الأمل حتى في أحلك الظروف، وفي تلك اللحظة، لم يكن قميص ليفربول مجرد قطعة قماشٍ ملونة، بل كان رمزاً للصمود والتحدي، والقدرة على إيجاد الفرح حتى في أحلك الظروف، وكان بمثابة رسالةٍ من نادٍ عريقٍ إلى شعبٍ عظيمٍ يُصارع من أجل البقاء، وبينما كانت الحرب تواصل جحيمها في السودان، ظلّت قصة قميص ليفربول تُلهم الناس، وتُذكّرهم بأنّ الأمل لا يموت، وأنّ كرة القدم قادرة على لمّ شمل القلوب، وإعطاء البشرية درساً في الوحدة والتضامن.. ولن أزيد،، والسلام ختام.
د. عثمان الوجيه / صحفي سوداني مقيم بمصر بكالوريوس، ماجستير ودكتوراه:- لغة إنجليزية / جامعة أفريقيا العالمية [email protected] - X, Linkedin, Bluesky, Mastodon, Fasebook, Instagram, Ttreads, Tumblr, Reddit, Pinterest, Piceart, Flickr, Snapchat, Tiktok, Youtube, Bodcast, Skype, line, Viper, T.me :- @drosmanelwajeeh
|
|
|
|
|
|