دولة القرون الوسطى هي مصطلح يستخدم لوصف الفترة الزمنية التي تعاني فيها البلاد من انعدام القانون والفوضى وغياب الحكم الرشيد.
يعد الخلاص من دولة القرون الوسطى من أهم التحديات التي تواجه الشعب السوداني، لضخ دماء جديدة في شرايين المجتمع ومؤسسات الدولة كما إنه يعتبر مدخلًا لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في البلاد. إن الإستقرار في السودان يتطلب وضع خارطة طريق واضحة على رأسها وضع حد للحرب اللعينة ومن ثم إجتثاث ثقافة القرون الوسطى المتخلفة التي فتحت أبواب الجحيم في بلد منتظر منه أن يكون جنة الله على الأرض لما له من موقع إستراتيجي وموارد طبيعية هائلة.
إنقلاب الجبهة القومية الإسلامية على النظام الديمقراطي الذي كان قائما قبل صبيحة يوم 1989/6/30، شكل صدمة وإرتباكاً عرقل جهود بناء مجتمع مدني ديمقراطي متماسك وعرض البلاد لمخاطر جمة لذا، على جميع مكونات الشعب السوداني التي عانت الحرمان والإقصاء الممنهج والظلم المستمر أن تتخذ إجراءات حازمة للتخلص من ركام دولة القرون الوسطى، التي قامت على أرث تجارة الرق وتجريدات الإسترقاق البغيضة التي راح ضحيتها الملايين من أبناء وبنات الشعب السوداني في جنوب السودان سابقا الذي فضل خيار الإنفصال وما تبقى من دولة القرون الوسطى يرزح الآن تحت نيران حرب لعينة قضت على الأخضر واليابس.
دولة القرون الوسطى المعلونة ما زالت تسير في الدورب الوعرة التي جلبت الكوراث والمآسي بعد أن دشنتها بإستباحة حقوق الإنسان ومصادرة الحريات العامة في عهد حكم الكيزان الذين حللوا ما حرمه الله وحرموا ما حلله الله فقط من أجل ضمان مصالحهم الضيقة! كي نخرج من هذا الظلام لابد من تبني ثقافة تساير روح العصر لترسيخ مبادئي الحكم الرشيد الذي أساسه إحترام إرادة الشعب وتطبيق القانون بمساواة على الجميع. يجب أن تكون هناك إستراتيجية واضحة للخروج من ظلام دولة القرون الوسطى لتمكين الشعب السوداني من العيش تحت شمس القرن الواحد وعشرين لننعم بالسلام الدائم والعدالة الإجتماعية ومكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في جميع جوانب الحياة العامة. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المجتمع المدني الحديث في المدن والتقليدي في الريف أن يلعبا دوراً فعالاً لوقف الحرب التي هي نتاج طبيعي لثقافة دولة القرون الوسطى التي تزدري العقل ومفاهيم العصر الحديث القائم على الديمقراطية والحرية والعدالة الإجتماعية. الخلاص من ركام دولة 56، هو الطريق السريع لترسيخ السلام والإستقرار لإطلاق عجلة التنمية الإقتصادية الشاملة وتوفير الخدمات الأساسية لكل السودانيين والسودانيات في السودان الجديد الفيدرالي الذي من جهة يضع حداً لثقافة السطو والنهب الممنهج لموارد الأقاليم المنتجة وإنسانها مهمش فقير غير قادر على الحصول على أبسط مقومات الحياة اليومية من مأكل ومشرب ودواء، ومن جهة أخرى يُمكن كل إقليم من حكم نفسه وتوظيف موارده لصالح سكانه مع الوفاء بالحصة المتفق عليها لدعم الميزانية الإتحادية. لذلك يجب أن تتحد الجهود المحلية والإقليمية والدولية لدعم السودان في هذه المرحلة الحرجة من تاريخه للخلاص من مخلفات دولة الإستبداد والفساد والظلم التي ظلت تنتج الأزمات والكوارث، حتى يتمكن الشعب السوداني بلوغ مرافيء السلام ومواصلة مسيرة نضاله السياسي والإجتماعي لوضع مداميك دولة مدنية ديمقراطية فدرالية تحقق مشاركة عادلة لكل أقاليم السودان وتساهم في توطيد الأمن والسلام الدوليين.
الخلاص من دولة القرون الوسطى في السودان، مكسب وطني وإقليمي ودولي.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة