وقد كان قدر انسان الهامش ان يري قيادة السيارة شرف لم يحظ بها الا من كان صاحب جهد عظيم ويتطلب هذه الوظيفة جهد السنين ،مع المخاطرة الجادة بالحياة .عندما تكون الفرصة الوحيدة لمدخل هذه الوظيفة ان تكون مساعدا لشاحنة تجارية يمتلكها ود ابراهيم. تعمل بين الخرطوم واطراف السودان في الطرق الوعرة في الأساس واكثر وعورة في حالة الخريف والطرق الصحراوية. ود ابراهيم صاحب اللوري وسائقها ولربما مالكها .يبدأ في توظيف اربعة شباب في مقتبل العمر يتقاسمون المهام منهم من يعمل في خدمته. بتحضير سرير نومه عند التوقف للمنام في الطريق وحتي في المدينة او القرية واحضار الابريق وغسل ملابس ود ابراهيم .ويقوم بدور المراسلة لحاجاته في المدينة او القرية اذا وصل داره ولذلك يوصف بانه (مرة) زوجة ود ابراهيم . هذا قبل ان يحصل علي الترقية بعد اربعة سنوات تقريبا ليكون مساعد حلة والذي هو المسؤول من اعمال الطبخ وتحضير موادها منها الذبح والسلخ احيانا وهو الاخر ياخذ زمنا لا يقل من اربعة سنوات ويترقي الي مساعدة ثاني وهو يشرف علي الإثنين السابقين ويساعد احيانا المساعد الاول في سلامة الشحن ومراجعة مقدار الماء في اللديتر وضخ الهواء في اللساتك . ويسمح له دخول كابينة القيادة . وهو يترقي الي مساعد الاول عندما يتخرج الذي كان امامه في الغالب بين عشرة سنوات واربعة عشرة سنة. وفي الغالب المساعد الاول لم يتخرج ليكون سائقا قبل ان يعمل في اكثر من شاحنة لود ابراهيم اخر لتلف السيارة الاولي والثانية او الاختلاف مع صاحبها بسبب عدم منحه الفرص الكافية في التدريب علي قيادة الشاحنة،او حرمانه من الحوافز حتي الرمزيه . بالطبع كل ما ذكرناها كان مهاما ثانويا .فاول المهام جعل السيارة تتحرك في الطرق الوعرة بحفر الطريق ووضع الصاجات الحديدية الثقلية صنعت خصيصا لهذا الغرض في مطرح الاطارات العاجزة عن الحركة بسبب الوحل في الرمال ،عندما تبدا السيارة في السير وفي عملية شاقة جدا وبسرعة يكررون العملية حتي لا تتوقف السيارة في الرمل. وهذه المهمة في الغالب يقوم به المساعد الاول والثاني لما توفرت لديهم من الخبرة والقوة البدنية الكافية تاهلهم يتفادون حمل الصاجات الحديدية لمسافات بعيدة عندما يعملون بالدقة والسرعة الكافية بوضع الصاجات خلف الشاحنة ويتعلقون بها من دون ان يطلبون توقف الشاحنة قبل ان يخرج من منطقة الوحل. ويحدث احيانا لدغة الثعابين بسبب عدم توفر معدات السلامة وينقل الي اقرب مستشفي او شفخانة ويستمر في مواصلة الرحلة وذلك هو الفراق ما لم يتم علاجه وينتظر في الطريق اياما وشهورا ريثما يعود الي عمله. وفي حالات كثيرة يحدث وفيات بسبب لدغة الثعابين ولسعة الاعقارب ويحدث الموت تحت عجلة الشاحنة كلها تمضي كأنها لم يكن شيئا يذكر يكفي ان يجد الجثة طريقها للمشرحة. ولكن مؤسف في الامر ان ود ابراهيم لم يكلف نفسه لمعرفة اسمائهم الحقيقية وبل يمنحهم القاب يتعامل بها وفي حالة الوفاة قد لا يستطيعون تعريف هوية المتوفي ويترك جثة مجهولة في المشرحة. مع العلم ان المساعد الاول هو وحده يتقاضي بعض الاموال عندما يبدأ قيادة السيارة تحت التمرين في وجود السائق وفي الغالب هذه المرحلة تحتاج خبرة عشرة سنوات علي الاقل. اما البقية حافز جماعي في نهاية الرحلة لزوم دخول المدينة للنعنشة او شراء سجائر او تمباك قبل ان يبدأوا رحلة العودة. ومع ذلك يقولون علمناكم ولكنكم لا تحمدوا العطاء ولا تشكروا الفضل.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة