رد على مقال بروفيسور عبد الله علي إبراهيم، المعنون ب بني هلبة والسلامات: الدعم السريع وسيطا في حرب داخل حرب المقال كله صحيح تاريخيا تقريبا ...إلا الفقرة أو الجزء الأخير.فهو عمد إلى تبرئة الإنقاذ..عبر إدعاء أن الحركات المسلحة في دارفور نشأت بسبب هجوم الرعاة على المزارعين.. مع أن الحركات المسلحة نشأت أصلا كحركات مطلبية تطالب بحقها في السلطة والثروة من المركز الحاكم( أي الحكومات ). نسبة لتهميش الأطراف وإهمالها من قبل كل السلطات المركزية. وذلك كما نشأت في الجنوب قبيل الإستقلال حركة أنانيا وثم إخواتها من أنانيا 2، وحزب سانو الإفريقي، ثم الحركة الشعبية لتحرير السودان . وكذلك بعيد الإستقلال بعامين ١٩٥٨ نشأ مؤتمر البجا، والذي حارب الإنقاذ أيضا منذ عام ١٩٩٤م ، حتى ألقى السلاح بعد إتفاقية نيفاشا..التي مهدت لإتفاقيات أحزاب التجمع الوطني المعارض ( من حزب أمة واتحادي وشيوعي وبعثي وغيره ..وكذلك الحركات المسلحة مثل مؤتمر البجا وحركة مني أركو مناوي..بعقد إتفاقيات سلام مع الإنقاذ لم تصمد كثيرا بعد وفاة عرابها الوطني الوحدوي دكتور جون قرنق ).. لذلك محاولة إلقاء اللوم على عرب دارفور على أنهم سبب إشعال حرب دارفور ، فهذا إدعاء غير صحيح والكل يعلم الحقيقة، وهذا تاريخ معاش ومعاصر لم يصبح ماضيا بعد . والحقيقة أن البروف لا يعرف أن لدارفور أعرافا أهلية قديمة وعريقة بعراقة ممالكها وسلطناتها ( الداجو، والتنجر، والفور الكيرا، وثم وخزام العربية ). ولا يعرف كذلك أن منذ الهجرات العربية الأولى لدارفور منذ العهد العباسي ..كانت هجرات سلمية إحترمت السلطة المحلية وعقدت معها تحالفات، كما حدث في شرق السودان بالضبط عند منذ بدء تدفق الهجرات العربية الذين كان آخرهم الرشايدة. ويبدو أن البروف لا يعلم أن القبائل العربية في دارفور كانت تدين بالولاء لسلطان الفور منذ أول هجرة لعرب جهينة لغرب السودان قدوما من تونس عبر ليبيا بعد أحداث( السيرة الهلالية المشهورة ) وحربهم مع سلطان تونس . وبعد إستقرارهم في ليبيا تسببت فتنة بين زعيم بني جنيد وبني سليم وأخيه..(وهم فرع من قبائل بني هلال الجهينية) بالهجرة إلى سلطنة التنجر..ثم زواج زعيمهم أحمد سفيان( المعقور) بالميرم( كيرا) بنت سلطان التنجر الذين ورثوا الداجو.. وبذلك تأسست سلطنة الكيرا في دار فور .. وكان أول سلاطينها السلطان سليمان صولونق( وترجمتها سليمان العربي ). ومنذ ذلك الزمان دانت كل فروع القبائل العربية المهاجرة إلى دارفور منذ القرنين الثالث عشر والرابع عشر ..بالولاء لسلاطين الفور ..حتى عهد الإنقاذ التي تسببت بالفتنة وخربت النظام الاجتماعي الذي أسسته سلطنة الفور ( مذكور ولاء عرب دارفور الرزيقات وغيرهم.. لسلطان الفور حتى في مذكرات الزبير باشا ..). نعم بالطبع، لطالما كانت تحدث مناوشات أحيانا بين الرعاة والمزارعين..ولكن كان يتم حلها سريعا باللجوء إلى سلطة السلطنات الدارفورية الحاكمة والمشيخات والنظارات العربية. لذلك، كان القوم يعيشون مثلهم مثل باقي مناطق السودان . ومعظم صراعات وحروب عرب دارفور كانت ولا زالت ( بين بعضهم البعض حتى اليوم ..وأشهرها حرب ناقة فني التاريخية بين سلطان بني مخزوم وقبائل العطاوة..بل حتى العطاوة أنفسهم يتحاربون كثيرا بين بعضهم البعض ..والعطاوة أشهرهم وأكبرهم قبيلتي الرزيقات والمسيرية..سواء أن كانوا أبالة أم تحولوا لرعي البقر لأسباب آيكولوجية بيئية ). حتى أتت ( الانقاذ) ..وكان أول من إنضم إليها من قبائل أقصى دارفور هم قبيلة الزغاوة الرحل أيضا ،وهي قبيلة غير عربية معظمهم يتوزعون بين السودان وتشاد وجنوب ليبيا..أي مثلهم مثل رزيقات الشمال ( الأبالة). والزغاوة أبالة أيضا ..وهم حكام تشاد منذ أن إنتزعوا الحكم هناك من القبائل الأخرى التي كانت تحكم قبلهم.. ففرضوا سلطتهم ووطدوا حكمهم في تشاد حتى اليوم رغم منازعاتهم مع القبائل الأخرى..حتى أنهم هزموا حلف القذافي نفسه ودخلوا ليبيا وهددوا سلطته ..حتى كف أطماعه في تشاد . المهم، أود أن أقول أن الإنقاذ هي سبب الفتنة وتفجر الحروب في دارفور كما هي سبب تفجر الفتنة في كل السودان ..حتى وصل الأمر لتشظي السودان إلى دولتين.. ومن أفدح جرائم الإنقاذ..هي زرع ألغام فتن بين مكونات السودان القبيلة المتعايشة سواء زمنا أو أزمانا..وذلك عبر ابتداع لقب ( أمير) ..ومنحه لبعض زعماء القبائل لضمان ولائهم وأصواتهم..بل حتى تجرأت ومنحت هذا اللقب ( أو اللغم القبلي) ..لقبائل سودانية لطالما كانت متعايشة بسلام ومستضافة في حواكير تاريخية لقبائل معروفة .. الأمر الذي سبب ..كما شهدنا ..الفتنة في شرق السودان وكذلك في النيل الأزرق ومناطق أخر . .... القبلية والجهوية : لاحظت أن البعض يرمي كل بلاوي ومآس السودان على القبيلة والجهوية..وهذا ربما صحيح إلى حد ما ..ولكنه ليس صحيحا من معظم النواحي الأخرى الموضوعية التي يتجاهلها البعض ..إما لرومانسية سياسية أو آيدلوجية أو سيسولوجية غير واقعية ..أو فقط مجرد إنكار لواقع إجتماعي ثقافي يصنف السودان كبلد قبلي منذ الأزل .. وهذا الواقع الاجتماعي الثقافي المميز ليس عيبا على فكرة ..حتى يتجاهله الناس أو يحاولون إنكاره أو نفيه ..ولن يستطيعوا طبعا إلا عبر عقد إجتماعي حقيقي ومنطقي يجلس ويتوافق عليه كل السودانيين..كما فعلت غيرنا عديد من دول العالم عملاقة المساحة والإثنيات مثلنا .. لابد من الاعتراف بهذا الواقع ومعالجته بصورة علمية ووطنية ثاقبة وعادلة وحادبة على الوطن، وإلا تفرقنا شذر مذر لا قدر الله .. وأن تبلور هذه الرؤية العلمية الناضجة..لإصلاح ما أفسده المستعمر..سواء أن كان أجنبيا أو وطنيا عبر سياسته المشؤومة الشهيرة ( فرق تسد). وإذا عجزنا عن أن نجد حلا سودانيا خالصا..فلا بأس أبدا من أن نستفيد من تجارب الدول المتقدمة التي لها واقع قبلي قريب من واقعنا . مثل تجارب فنلندا مثلا ..أو الهند التي نجحت نوعا ما ..رغم إختلاف الديانات والثقافات .. وماليزيا كذلك ..والصين لا زالت تحث في الطريق الصحيح..رغم سيطرة الآيدلوجيا والحزب الأوحد ..الذي أفسد تجربة الاتحاد السوفييتي.. ولن أذكر دول الخليج.. فهم لا زالت تنتظرهم تحديات لابد منها ..خاصة بعد تضاؤل نفط بعضهم .. الخلاصة التي أو أن أقولها : العيب ليس في أن يكون وطنك كبيرا متعدد اللغات واللهجات والإثنيات والجهات بالطبع .. ولكن التحدي هو ( كيف تستطيع أن تدير هذا التنوع الثر ..بسياسات إيجابية علمية ووطنية خالصة). وقبلها لابد أن تصنع وطنا ..بمعنى أن( تصون حدوده وأمنه) وقوانينه، وكذلك بتمتين قوانين شروط ( منح الهجرة والجنسية والإقامة ) بشروط صارمة كما تفعل كل دول العالم المحترمة ..وليست الزريبة المفتوحة التي سميت بالسودان . قبلنا الإسم لأنه ليس سوى ترجمة لمسمى تاريخي لرقعتنا هذه .. ولكن..يكفي أن نتعامل مع وطننا كزريبة . فزمن الحدود المفتوحة قد ولى ..وكذلك المخاطر العابرة للأوطان من آيدولجيات متطرف..وكذلك مطامع أجنبية ..وإلا فالفتنة ستزال مستمرة ..وكما تلاحظون استعرت أكثر بعد تدخل أطماع المحاور الأجنبية الإقليمية والدولية.. لأن قطر عملاق شاسع عامر بكنوز من الثروات مثل وطننا الحبيب ..ولكنه للأسف لطالما كان يعامله الحكام ..كل الحكام كزريبة مهملة .. ويعتبرون أن العاصمة كأنما هي الوطن فقط .. ومصالحهم الشخصية والعائلة والقبلية فوق مصالح كل الوطن .. فهؤلاء هم نبت الاستعمار الشيطاني وتجارته الرابحة في كل العصور .. وقد حان أن يتنحوا بسلام أو بالعافية ..وأن يحلوا عن ظهورنا.. فنحن نريد أن نعيش.. مكرمون في وطننا ..وسننجح بإذن الله رغم كيد الكائدين ومكر الماكرين وتآمر المتآمرين من العملاء أو الجهلاء . .. ويا أهل السودان ( نصف رأيك عند أخيك).. . وختاما : يروى أن بعض النشطاء دعوا الأم تريزا رحمها الله..لتظاهرة ضد الحرب .. فردت عليهم بالاعتذار..وقالت : إذا كانت هنالك تظاهرة( من أجل السلام) حينها فادعوني. فلذلك، وحدسيا كدا ..أحذركم من الشعارات التي تبدأ بعلامة نفي ..فهي ستزيد الطين بلة لا سمح الله.. فقولوا خيرا أو اصمتوا..يا رعاكم الله ..وتفاءلوا بالخير تجدوه ..فالكون مرآة لأفكاركم. و#نعم_للسلام.. #نعم_للسلام العادل للجميع رغم كل كيد الكائدين لوطننا..وكل الأيادي القذرة التي نعرفها وتعرفونها من محاور إقليمية ودولية وكذلك مؤسسات مالية عالمية دأبت على نهب ثروات العالم الثالث عبر رشوة الحكام والنافذين.. . آمنة أحمد مختار إيرا 18 Sept 2023
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
آمنة أحمد مختار
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست