يعتقد الكثير من الأكاديميين والساسة السودانيين وأغلب الشعب السوداني أن لم يكن جله، بأن أصل اسم السودان يرجع إلى اللغة العربية - وتعني أرض السود - ولحد هنا لا توجد أي مشكلة في أن السودان هو أرض الزنوج تاريخيًا وحاضرًا ومستقبلًا إذا ما استوعبوا الحروب الديمغرافية الجارية …. ويشكل فيه الزنوج حوالي 75% من السكان ويعتبر السودان مهد البشرية (Homo Sapiens) ومنبع الحضارة الإنسانية كما أكدت الدراسات التي قام بها المفكر الإفريقي الشيخ أنتا ديوب وخطى على دربه عدد من المفكرين الأفارقة المرموقين والملتزمين والاوربيين الغير منحازين للمركزية الاثنواوربية وأخيرًا تقرير جامعة أكسفورد البريطانية … هذه الدراسات استندت على مناهج علمية صارمة في الجامعات الغربية وأعتمدت على مراجع الاغريق الذين تتلمذوا على يد الكهنة السود في كوش وكميت ولا سيما في طيبة. يقول المفكر الأفريقي مولفي كيت اسانتي" أن المستعمِر بمجرد أن يدخل بلداً ما يبدأ بتغيير الأسماء والتأريخ لهذا البلد بوصوله" وهذا ما ينطبق على الاسم الحالي للسودان وعدد كبير من المناطق والدول التي لم تختار تسمية نفسها ولم تسطيع أن تحدث قطيعة مع ماضيها الاستعماري، بسبب طبيعة نظمها السياسية وقادتها الذين تعلموا في المؤسسات الاستعمارية … عندما أشير هنا إلى المستعمِر لا أركز على السكان الذين يقولون بأنهم أتوا من خارج القارة بل أتحدث عن الأفكار التي يحملونها وهي تسعى باستمرار واستماتة لدفن الحقائق والوقائع التاريخية والتقليل من شأن الحضارة الكوشية والكميتية أو محاولة نسبها لجهات ليس لها صلة بالزنوج مؤسسي الحضارة. من خلال الدراسات اللغوية والتاريخية والاريكولوجية والاستوغرافية لحضارة الزنوج في السودان ومصر أتضح وثبت بما لا يضع مجالًا للشك بأن اسم السودان قديم قدم التاريخ، ولفهم التسمية لأبد من الرجوع إلى أصله (الايتمولوجي) مصطحباً التطور اللغوي الذي حدث في حضارة النيل. من المعلوم أن اللغة في حضارة كميت مرت بثلاثة مراحل مهمة وهي الهيروغليفيك حوالي سبعة الف سنة وهي أول لغة مكتوبة في العالم ويسمى مدونتر أي لغة الله أو اللغة المقدسة والايروتيك والديموتيك والأخيرة كانت في الفترة التي حكم فيها السودانيين كميت - وهي فترة الفرعون بيا/ بي أو بعانخي في القرن الثامن قبل ميلاد المسيح وأخيرًا اللغة القبطية التي حل محلها اللغة الاغريقية بعد الغزو الاغريقي في القرن الثالث قبل الميلاد …الديموتيك لها أهمية متعاظمة للسودانين لأنها سادت في الفترة التي حكموا فيها كميت وأسسوا اكبر رقعة سياسية في تاريخ أفريقيا وهنا يطرأ السؤال المحوري هل الديموتيك هي تطور أم تبسيط للايروتيك أم هي لغة فرضها الحكام الجدد لكميت ويظل السؤال مطروحًا للمختصين والمتعطشين للمعرفةً. من المؤكد تاريخيًا كميت وكوش وحدة ثقافية ودينية وسياسية واحدة منذ وصل أتباع حوس مربي الأبقار فيما عرف بفترة بدارقيا و بدأ التمايز بين كوش وكميت مؤخراً في الالف الثالث قبل الميلاد ولا توجد حدود سياسية وادارية واضحة قبل القرن التاسع قبل الميلاد أثناء حكم الفرعون سنسرت الثالث في الاسرة الثانية عشر. يقول فرانسو شامبليون في كتابه المعجم المصري في صفحة (224) … كلمة السودان تعني الملك ويسبق بحرف (P) بي سودان أو المملكة ويسبق بحرف (T) وتنطق تي سودان وكلمة السودان أخذت عدة معاني عبر الحقب التاريخية ويعني به الملك وأحيانًا الذي ينتمي للجنوب أي أصل الحضارة (كوش) قبل أن تزحف إلى الشمال مصر (كميت) ويطلق أيضًا على الذي أتى من الجنوب. وبما أن كميت كانت مركزًا حضاريًا في وقتها ومن المنطق والمعقول أن تتسرب كلمة السودان إلى اللغات السامية واللغة العربية منها …. كما تسربت الكثير من الأفكار والمعتقدات والممارسات ومنها عادة الختان الذي لا يوجد له جذور خارج أرض الزنوج وأيضًا كلمة كميت من (كيم) وتعني الأسود وهي من الاسم (اخام) الذي نجده في لغة البنتو و(خام) في اللغة القبطية (خام) في الازر يعني الرماد الأسود وفي الكثير من اللغات الأفريقية وقال الشاعر عمر القيس "كميت يزل اللبد عن حال متنه … كما زلت الصفواء بالمتنزل". اسم السودان له جذوره التاريخية وهي ضاربة في تاريخنا وحضارتنا الكوشية والكميتية وليس له علاقة بما هو متداول عند الدوائر الأكاديمية الاستعمارية وعلى شعبنا أن يعرف حقيقة التسمية والظروف التاريخية والسياسية التي أدت لظهوره، كما عليه معرفة أصل كلمة النوبا التي ترجع أصلها إلى نبت وتعنى مدينة الذهب في اللغة الهيروغليفية.
المصادر والمراجع : 1- كتاب حضارة أو بربرية للبروفسور الشيخ انتا ديوب 2- كتاب المركز الافريقية للبروفسور مولفي كيت اسانتي 3- السودان أصل الحضارة الفرعونية رينيه لويس بارفيت
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبدالسلام نورين عبدالسلام
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست