لندن – بريطانيا تقدّم الحراك السياسي حول السودان بتعددٍ من تفاعلات المجتمع الدولي ومبادرة هامّة من الأمم المتحدة، ولجنة من الولايات المتحدة برئاسة السيدة مولي فيي مساعد وزير الخارجية الأمريكي، والتي اختلفت مع ممثل الولايات المتحدة في القرن الإفريقي السيد دافيد فلتمان، حول عقوبات السودان وإثيوبيا (علماً بأن أمريكا والمملكة المتحدة وراء الكواليس). كما وهناك سفير الاتحاد الإفريقي السيد بنكولي، وكذلك مجموعة الترويكا، والاتحاد الأوروبي. كل ذلك الزخم حتماَ يعقّد الأمور نوعاً ما، ولكنه حسب ما أرى قد يصب في الضغط على العسكر بعدم الانسياق لتأثيرات للدول التي لها أغراضٌ في السودان وتطورات أوضاعه، وليس ما يمكن أن يؤتمن فيه من إغراءات أو ضغوط من أجل مصالحها السياسية والاقتصادية فعلى سبيل المثال، قد استقال السيد وليم لورانس أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأمريكية لخلاف بينه وبين السيد جفري فلتمان بأي محاولة للضغط على المكون العسكري، بأنهم لا يبدو عليهم أنهم يخشون شيئاً لتمسك قوى الحرية والتغيير بموقفها. ويرى المستر كاميرون هدسون، مستشار الرئيس الأمريكي السابق، وأموروز نيومان، مسئول البيت الأبيض السابق في إفريقيا، عدم التفاؤل بما تقوم به الأمم المتحدة الذي يراه ليس إلا خدمةً للجيش، أو مكافأة له على ما قام به. هذه هي مواقف مبعوثي المجتمع الدولي في السودان، بالإضافة لأصدقاء السودان، والذين استُنزِف عطاؤهم الموجّه منذ بدايته. حتى الآن كانت فصول الثورة هي فصول الخلاف والاختلاف، بثماره من نزاعاتٍ ومحاصصات. إلا أن تدهور الخطاب السوداني الذي كان يحمَى في نيرانٍ تحت الرماد، بدأت براكينه هديرها من دوّامات العرقية والكراهية المتولدة منها، وسالت دماء كثيرة إذا لم يتم احترامها وحقنها، ستولّد من خطاب التمزيق الوشجي ذاك علةً في وحدة الهوية والتي بدونها لا يقوم دستور ولا تستقر دولة. وبدأ خطاب الصراع الاثني في الطفح إلى السطح، وبدأ التفلت المسلّح وململمة الحركات المسلّحة مع تفشّي أساليب الكراهية والعنصرية خاصةً في غرب البلاد. فالساسة السودانيون بتكويناتهم الحزبية أو التجمعية أو بحراكهم الفردي، منقسمون، ولا زالت لعنة المحاصصات التي قد يكونون مارسوها أو اتهموا بها جزافاً، والتي شقّت صفوفهم وعمّقت عدم الثقة بينهم، تؤرّقهم ولا زالوا يلعقون جراحهم، ولكنهم قد بدأوا يحسّون بضرورة التعامل مع هذه التطوّرات الجديدة، والتي بحكم تقبّلهم لدراستها، قد يفيد التصفّح معهم في فرص الخروج من هذه الأزمة بحلولٍ مقبولة. هذه هي الخيارات، والتي في رأيي يتوجّب حتماً تدارسها، وليست مجرّد القصاص. هي عسكرة المقاومة ولو أدّت لحرب أهلية، فداءاً للوطن: أو تشريد السودانيين إلى البحر لإضاعتهم بلادهم محتلةّ بهوياتٍ أخرى. ولكن، هناك نافذة تواجدت بمبادرات الأمم المتحدة ، مع مساعي الترويكا والاتحاد الأوروبي، لو درسناها وقيّمناها قد يكون فيها أسلم مخرج تطلب البعثة الأممية حواراً لوقف الاختناق في السودان بين فرقاء المرحلة الانتقالية تحت الوثيقة الدستورية (بعد إحيائها أو تحت دستورٍ متفق عليه) وهي تدري أن الفريق الأول، الشارع أو حركات المقاومة، له عربون اتفاق هو دماء شهدائه، بينما الفريق الثاني، المكون العسكري، هو المسئول الأول عن الأخطاء العديدة المترتبة من نقض العهود بفرض انقلابه في 25 أكتوبر على الوثيقة الدستورية وخنق الثورة، (أو كما وصفته السيدة أماني الطويل، الخبيرة في الشئون السودانية ومديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أنه قام بتسميم جسد الثورة بنقضه العهود، وهي ما نحتاجها الآن) ولم يبدُ واضحاً لأغلب الناقدين، أن البعثة الأممية لم تطلب، ولا يمكن أن تطلب، تكرار عطاء من بادر لمن تنكّر، أي إعادة تجربة الشراكة ذاتها مرةً أخرى، إنما اتباع الحوار بعصا وجزرة، أي الدخول بمساومة لحل الازمة. هذه الأخيرة كانت من اللاءات الثلاث، للفريق الأول، الشارع الثائر. ولكن واقع الخطأ الأول الذي اقترفته قوى الحرية والتغيير، وهو إشراك المكوّن العسكري في إدارة الثورة، يحتاج الخروج منه بالمساومة تحت ضمانٍ (يقدمه مثلاً المجتمع الدولي)، وهو ما يفرض عليه هذا الخيار الصعب، أو كما يقول المثل السوداني "التعملو بإيدك يغلب أجاويدك". المجتمع الدولي يعلم أن ما قام به المكون العسكري انقلابٌ عسكري، وليس خطوة إصلاحية لوقف المحاصصات والتغييب بين الكُتل المدنية، مثله مثل عزل البشير. كذلك لا توقفه عصا، إنما جزرة "أفيون" تغيّب عنه أوجاع التسليم.... وتلك الجزرة هي تحصين العسكر من الحساب، وهي التي يمكن أن يقدمها الثوار بمساومة البعثة أوصت بالعقلانية لنبذ الخلاف، بحوار (مساومة): عصا مدفونة يوفرها المكون المدني، وهي الحصانة من المحاسبة. وعصا مرفوعة يلوّح بها المجتمع الدولي. ولا يخالف ذلك ما نادى به الثوار بتصعيد الثورة حتى النصر، وتلك هي العصا المرفوعة. فالعقلانية لنبذ الخلاف لدى البعثة الأممية، هي تسهيل اعتراف من المكون العسكري بانقلابه العسكري الذي نقض الاتفاق وأبطل الميثاق الموقّع مع المكون المدني، ثم الاعتذار – فالتراجع عن النقض. ثم التعهد بالتعاون التام وتأمين الثقة ويقدم الثوار ذلك بأن يحتسبوا شهداءهم بعفو أولياء الدم من القصاص أو قبول الدية من أجل درء الفتنة وسلامة الوطن، من تمزّق السودان وتقتيل وتشريد أبنائه فقط ليكسبه المتحينون لذلك. وبذلك يهيئون للمجتمع الدولي واقعية تحقيق اتفاق مدعومٍ بضمانه ودور الثوار يكون بخفض العصا المرفوعة بالعفو أوالدية في القصاص، ثم الدخول في حوارٍ، ليس مع المكوّن العسكري مباشرةً، إنما عن طريق الوساطة الدولية التي تقف ضامناً لخروج العسكر بعصاها المرفوعة. خلاف ذلك فهي إما احتلالٌ وتشريد، او حربٌ وخراب أما خارطة الطريق بعد ذالك، يجب أن تهتم بتأمين الحريات والأمان، بالحصار والعزل دستورياً. حصار الفكر الوصائي: دينياً، عرقياً أو اجتماعياً، بتحريمه، لحماية الحريات الشخصية ، وليس بالإقصاء ثم إنشاء المفوضيات والدوائر الانتخابية والإحصاء وقانون الانتخابات والمؤتمر الدستوري، في سؤال للجزيرة مباشر في 21 نوفمبر 2019 حول ممارسة السياسة في الجيش، وحول اعتناق احد أفراده بالتسييس الديني (اخوان مسلمين)، قال البرهان ان ولاءه للإخوان ليس مشكلة ما دام لا يمارس به السياسة!!! والعزل: هوالتغييب التام لكل من تثبت إدانته في المشاركة الفعلية في التعدي على الحريات والديمقراطية و في جرائم الحرب والإبادة في أيِّ من الأنظمة السابقة، حمايةً للديمقراطية هكذا لا إقصاء ولا وقوع في خطأ انتخابات مصر التي أدّت لإجهاض النظام الديمقراطي في مهده.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/18/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة