|
ديكتاتورية الأحزاب:حسن إبراهيم حسن الأفندي
|
11:43 AM January, 13 2022 سودانيز اون لاين حسن الأفندي-السعودية مكتبتى رابط مختصر
ملحوظة : كتبت هذا الموضوع قبل سنوات وها هي نبواءاتي يتحقق بعضها وأتمنى ألا تتحقق كلها كما خطرت ببالي يومها -------------------------- متى شاخت الأشجار وأصبحت فى حساب غير المثمرة , أعتقد أنها غير جديرة بالرعاية والإبقاء عليها . كم كنت أتمنى أن تكون بالسودان أحزاب ورثت الديمقراطية وحرية الرأي وقبول الرأي والرأي الآخر عن عظماء عبروا فى حياتنا وسطروا أعظم الصفحات فى تاريخ السودان ولم يرتضوا إلا مبدأ الحضارة والأصالة والقيم نهجا للحكم والوصول إليه , كان ذلك ديدنهم فى طريقهم إلى البرلمان لم يغيروه ولم يرتضوا سواه بديلا , وساندهم فى ذلك أهل الرأي والحكمة والرشد من عظماء السادة الأبرار والأئمة الأجلاء الذين عرفوا قدر أنفسهم فلزموا ذلك القدر لا يحيدون عنه فتيلا . كتبت من قبل وفى عدة مواقف بأننا جيل تربى على يدي عظماء , كنت أرى فى الرئيس الشهيد إسماعيل الأزهري الرمز والمثال والنموذج , ولعل ذلك لم ولا ينقص من قدر الآخرين ممن ساندوه أو عارضوه , تربينا وترعرعنا وعشنا طفولتنا ونحن نرى ونسمع العملاقين الحسيبين النسيبين الشريفين السيد على الميرغني والسيد الإمام عبد الرحمن المهدى وهما يرعيان حزبين كبيرين ويتركان السياسة لمن يعتقدان أنهم أهل لها , وتلك كانت خطوات حكيمة من كلا الشاهقين , فلكل منهما مكانته الدينية التى يحافظ عليها فعاشا وماتا عزيزي شعبهما السوداني , كانا عملاقين دون أدنى شك , وكان السياسيون عمالقة لهم وزنهم ولهم قدرهم ولهم أيضا مكانتهم , فالأزهري رئيس للحزب الاتحادي الديمقراطي بعد توحده مع حزب الشعب الديمقراطي ونائبه كان الشيخ الجليل العالم على عبد الرحمن الضرير يعاونهما جيل من العمالقة : الشريف الشهيد حسين الهندي ,المفتى , زروق , يحيى الفضلي , المرضي , أبو حسبو , حسن عوض الله وآخرون يضيق المجال بذكر أسمائهم , بينما يرأس حزب الأمة السيد عبد الله خليل ويضم حزبه رجالا لا أشك إطلاقا فى رفعة قدرهم ورجاحة عقلهم مثل المحامى الحصيف والشاعر الغريد المتميز والسياسي المفوه محمد أحمد محجوب وحسن محجوب والأمير عبد الله نقد الله وإلى آخر القائمة الكريمة الفاضلة , تركوا فى النفوس أثرا وحفظنا عنهم من الشعر والحكم ما حفظنا , وعلى سبيل المثال لا الحصر أذكر أن أحد النواب تقدم باستجواب عام 1967م متسائلا : كيف يعلن السودان أنه فى حالة حرب مع إسرائيل وهل تأكد من الموقف , أو هكذا قال , فوقف السيد الأديب حسن محجوب من حزب الأمة يرد عليه ببيت الشاعر العربي القديم قُريْط : نحن من أمة عبر عنها شاعرها بقوله : لا يسألون أخاهم حين يندبهم فى النائبات على ما قال برهانا ودوت القاعة يومها بالتصفيق الحاد , ثم أردف : نقف مع أشقائنا فى الشدة ثم نسأل عن الملابسات حينما تنقشع الأزمة , كان والله الرجل عظيما . كما أذكر بيتي المحجوب عندما أُسقطت حكومته ليأتى آخر من حزبه رئيسا للوزراء بعد تمرده على وحدة الحزب وزعامته آنذاك : أنا يا شعب ما طويت على اللؤم جراحى ولا جرحت اعتقادى وكفى المرء فخرا أن يُعادِى فى ميادين مجده ويُعادِى معانى رائعة وعظيمة ومثالية إلى أبعد الحدود , فما أراد المحجوب الكبير أن يفسد يومها على السيد رئيس الوزراء الجديد بهجة يومه فى يوم انتخابه الأول رئيسا للحكومة , أو كما قال. وبدأ الحال يتغير , فمنذ ذلك اليوم الذى سُحبت رئاسة الوزارة فيه من المحجوب , ظل حزب الأمة ممحورا نفسه حول شخصية واحدة أصبحت نمطية تقليدية تستهلك الوقت فى التنظير والكلام الكثير والعبارات الطنانة , وعشت سنوات عمرى الماضية وأسائل نفسى عن إنجاز واحد لهذه الشخصية له علاقة أو قيمة بالنسبة للسودان والسودانيين فلم أجد أو لم أتذكر , المهم أنه رئيس الحزب وأنه الإمام والراعى لمؤيديه ومناصريه , وضع فردى وسيطرة مطلقة على الحزب , وإن كان الأمر لا يهمني كثيرا إلا فى حدود المواطنة التى تدفعنى للشفقة مما كان وأتمنى أن يكون ما يكون أفضل حالا مما كان , ولا ننسى أنه جعلنا إبان حكمه بلا كهرباء وبلا ماء وبلا خبز وبلا سكر حتى خرجت المظاهرات العارمة تردد : السكر أو حكم العسكر , العيش أو حكم الجيش , ويقينى أن لو كانت حركة الجيش التى أعقبت تلك المظاهرات قومية لا تستند إلى تأييد حزب سياسي محدد لنالت تأييدا شعبيا لا يقل عن 90% وربما يزيد لما عانى شعبنا من عدم جدية الأحزاب وفراغ أجندتها من أية برامج واضحة تعمل أو تقود لرفعة وتقدم السودان ورفاهية شعبه , تستلم الأحزاب الحكم وتنام كما يقولون على الخط بلا إنجازات تذكر سوى حرية التعبير الساخر من القيادات. كنت فى طفولتى اتحاديا , ولكن وللحقيقة بموت أو استشهاد الرئيس إسماعيل الأزهري, خمد نشاطى كثيرا ولم أعد متحمسا للحزب كما كنت على الأقل من (الهتيفة) ومن شعرائه المميزين شعبيا وبالتحديد فى الشمالية , ولكني بدأت ألاحظ عقب مايو أن النابل قد اختلط بالحابل فى الحزب , ما عادت له رعايته الدينية مثلما كان الحال أيام السيد المرحوم على الميرغني , بل أصبح للحزب رئيس على ما يبدو قد عيّن نفسه بهذا المنصب , وأعطى لنفسه حق تعيين من يراه وحق اتخاذ القرارات وفقا لرؤيته الشخصية واعتقاده الشخصي ووجهة نظره هو , وأصبح الحزب شيعا وأحزابا وفرقا واحتل من يستحق ومن لا يستحق المناصب الأساسية والرئيسية فى الحزب ولم تعد هناك مؤتمرات شعبية تقرر وترسم سياسة الحزب وتوجهاته , ولعلي من باب المزاح أو التهكم تساءلت مرة وقلت لماذا لا أكون رئيسا للحزب الاتحادي الديمقراطي ؟ والحقيقة أنى لا أرغب فى ذلك حتى وإن أجمع علي كل الاتحاديين , وذلك لسبب بسيط يتلخص فى أني لا أصلح لا للسياسة ولا للحكم , فأنا رجل عاطفي أكثر من اللازم وطموحاتي فى هذا المجال محدودة جدا , بل معدومة , ولكنى أرى أن الحقيقة أولى أن تذكر وأن السودان ومصلحته يجب أن تكون فوق كل اعتبار وفوق المصالح الشخصية وفوق الأفراد أيا كانوا , وعندما يكون السودان هو المحك , لابد أن ننسى كل شيء إلا السودان ومصلحة السودان ومستقبل السودان , مستقبل أجيال قادمة لابد أن تعيش وأن تنعم بحكم مستقر بنفر كريم قدير وقادر على قيادة السفينة إلى بر الأمان دونما تفريط لا فى مصلحة أو معتقد أو موروث أو ثروة ومهما كان الحال , السودان أولا وأخيرا . أعلم أن لهذين الحزبين نوعا من السند الطائفي الذى يعتبر سندا ميكانيكيا بغض الطرف عن مواقف زعمائه وقياداته , ولكن هذا يجب أن يستغل لصالح الوطن ومستقبله وألا يكون ساعد قمع للعقول المستنيرة من كوادر الحزبين وإسقاطها فى أية انتخابات تخوضها كما حصل فى الماضى والأمثلة كثيرة ومتعددة , ولعلى أكتب فقط من منطلق الحرص على نوعية الأحزاب التى نفترض جديتها وهيمنتها ونزاهتها وحكمها وحكمتها , رائدنا ودافعنا مصلحتها ومصلحة أمتنا و نفترض أن تعكف هذه الأحزاب على تنظيم الداخل وصياغة برامجها المقنعة للأمة سياسيا واقتصاديا وصحيا واجتماعيا وألخ ....وإلا فلماذا نعيب على الأنظمة الشمولية تمركز السلطة فى يد القلة بينما أحزابنا أسوأ بكثير من هذه الأنظمة الشمولية التى تسعى على الأقل لإقناع المواطن ببعض الإنجازات فى مجالات ولو ديكورية كما تراها الأحزاب وإن كنت أراها ضرورية لأنها تمثل بنية تحتية تخدم إن عاجلا أو آجلا التنمية فى مختلف مجالاتها , نعم للديمقراطية ولكن على الطريق السليم والمعافى , وما شاء الله كان , ولا لهيمنة الفرد مهما تبدّى فى ثياب الواعظينا . ومنذ أن شعرنا بوجودنا على هذه الكرة الأرضية ونحن نسمع بالدكتور الترابي مفكرا ومنظرا تتمركز حوله صلاحيات وفكر الاتجاه الإسلامي , ومن ناحية أخرى يعسكر فى الاتجاه المعاكس السيد محمد إبراهيم نقد , فلا تجديد للقيادات ولا تنشيط لكوادر يمكن أن تفعل شيئا أو أن تأتي بجديد , وجوه تطل علينا صباحا ومساء وكأن حواء السودان عقمت تماما عن أن يكون لها مولود مؤهل للقيادة والعمل السياسي , فلا خير فى هذا الحزب ولا ذاك ولا تفضيل ولا مفاضلة يمكن اللجوء إليها والوثوق بها من أمة واتحادي واتجاه إسلامي أو اتجاه اشتراكي ولا أقول شيوعي فالشيوعية قد برهنت فشلها وأصابتها مصيبة الموت فى موطن ولادتها منذ أوائل تسعينيات القرن الماضى , اللهم إلا إذا كان المنتمون لهذا التيار فى السودان ملكيين أكثر من الملك نفسه . ويقينى أن مرض التوريث وحمى خلافة الأبناء للآباء أمر وارد لا محالة , ببساطة لأن نظرة القادة فوقية لأبناء شعبهم واعتقادهم بأنهم هم المؤهلون دون سواهم والجمل لا يرى رقبته العوجاء كما يقولون . أفلس الزعماء السياسيون ولم يعد لهم ما يقنع القواعد أو ليس لهم ما يستطيعون فعله , فخرجوا علينا بآراء وأفكار جديدة وهي العمل على الإبقاء على النظام الحالي وعدم التفريط فيه أو العمل على إسقاطه وذلك حتى لا يولد فى السودان صومال آخر !!! ومن عجب أنهم يسمون أنفسهم بالمعارضة , نعم أنا مع المعارضة الرشيدة التى إن أحسن من يعارضونه أن يساندوه ويؤازروه لمصلحة الأمة والوطن , وأومن ألا تكون المعارضة لمجرد المعارضة , مثلما فعل حزب الأمة بمبادرة واتفاق السيد الميرغني مع الراحل الدكتور جون قرانق عام 1989م , ولولا موقف حزب الأمة وموافقته المتأخرة على ذلك الاتفاق , لكان حال السودان اليوم أفضل مما هو عليه , ولما كانت نيفاشا بكل ما فيها من إيجابيات وسلبيات ربما تعرّض وحدة الأرض والتراب إلى الانفصال والانقسام . ويبقى هنا السؤال الملّح : لماذا يبقى هؤلاء فى المعارضة طالما أنهم يرون السودان مقدما على خطر الصوملة والتفكك والانهيار , ولماذا لا يدعمون الوضع الحالى ويسندونه بإخلاص وبكل ما آتاهم الله من قوة , فنحن لسنا مستعدين للتفريط فى مستقبل الوطن , وأكرر : عندما يكون الوطن هو المحك فعلينا أن نلعق الجراحات وأن نلتئم صفا واحدا وأن يؤازر بعضنا بعضا , يجب أن يكون الوطن فوق كل اعتبار . ونحن لسنا على استعداد لإسقاط نظام قائم على حساب الوطن ولمصلحة فئة أكل الزمن عليها وشرب ووجوه مشّوهة الرؤى تطل علينا بوعظها وإرشادها وتجعلنا نكره النظر أو الاستماع إلى التلفاز أو الراديو لكثرة ما تدلى به من أحاديث , أسمع جعجعة ولا أرى طحينا , أو المثل الإنجليزي الذى يحمل نفس المفهوم : الخراف كثيرة الصياح , قليلة صوف . ولماذا لا يساهمون فى الحكومة بطريقة إيجابية فعلية ؟ وهل هم لهم فعلا شعبية يمكن التحكم فيها منعا لصوملة السودان أم أنهم لا شعبية لهم ولا سلطان أصبح يملكونه فى الوقت الراهن ؟ مليون سؤال وسؤال وأسئلة بحاجة إلى إجابة مقنعة وشافية وخطوات جريئة تتخذ وعاجلا للحفاظ على وحدة السودان وانتمائه العربي والإسلامي والأفريقي . وليجعل الجميع من حكام ومن معارضين الزعيم الخالد الشهيد الأزهري نصب أعينهم ومثالهم حينما حلّت بمصر الشقيقة والأمة العربية جمعاء نكسة 67م وكيف تصرف ذلك الزعيم القدير حينما زار مصر وعاد ليلقي خطابا خالدا فى مطار الخرطوم جعل من الأفارقة يسارعون فيقطعون علاقتهم بإسرائيل فى خطوة غير مسبوقة ولا متوقعة , ثم دعا السيد الرئيس الشهيد إلى مؤتمر قمة الخرطوم الشهيرة التى أعادت المياه إلى مجاريها بين رؤساء الدول العربية ومدت يد العون المالي السخي لدول المواجهة وخرجت باللاءات الثلاثة المعروفة الشهيرة ـ وإن غض الطرف عنها البعض أخيرا ـ ونالت الخرطوم لقب عاصمة الصمود . تستحق الخرطوم فقد كانت جديرة بذلك اللقب وكانت فعالة فاعلة . ----------------------------------------------------------------------------
لك فــي القلــــب خفقـة تســتجد تتســــامى قصـــائدا لا تعـــــــد يا هزار السودان ذكــرك أمسى فـــــي لــيـالــي دعـــوة لا تـُرد حســبي الله فــــي البعــــاد وإنا قــاب قوســــين ها أنا مستعـــد
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/12/2022
عناوين المواضيع المنبر العام بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 01/12/2022
عناوين المقالات بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/12/2022
|
|
|
|
|
|