وزارة الداخلية لدولة السودان المنوط بها حفظ الأمن والسلم الإجتماعي في كل أنحاء السودان فشلت فشلاً ذريعاً في القيام بواجباتها داخل العاصمة فما بالك ببقية أرجاء البلاد ، فكل الأموال السائلة والمنقولة والمخصصات والسيارات والاسلحة والأجهزة الحديثة والدورات التدريبية لأفرادها ولمنسوبيها لم تستطع التصدي لمجموعة صغيرة من الصبية والمراهقين الذين يحملون العصي والأسلحة البيضاء ؟! هل يعقل هذا ؟؟ لا تستطيع الشرطة وقف هذا الإنهيار الأمني المخجل والمهين الذي يدور في العاصمة السودانية ؟ لقد فشل السيد الوزير وكبار الضباط الذين لم يحركهم واجبهم الوطني المقدس لحسم فوضى الانفلات الأمني المريع الذي تشهده البلاد ويبرر البعض منهم ذلك التقاعس بأن أيديهم مكبلة بالقوانين ومغلولة بالمسائلات والاستجوابات المرفوعة ضدهم ، معنى ذلك أنهم يريدون أن يتم إعطائهم شيك على بياض ليقوموا بتأدية واجباتهم الموكلة إلى حضراتهم وأن يفعلوا ما يريدونه في كل من يصطدمون به أثناء حملاتهم التي يقومون بها ولا يهمهم إن تجاوزوا القانون أو مزقوه ، والمدنيون في رأيهم يستحقون الضرب وتكسير العظام والحسم بشتى الطرق حتى يمشوا على الصراط المستقيم وإلا فليتحملوا ما يحدث لهم من ترهيب ٍ تزداد وتيرته يوماً بعد يوم كما نرى ونشاهد هذه الأيام ، شيء غريب ما يحدث للشعب في السودان الكل يضرب المواطن المدني ويأخذ حقه ظلماً وعدواناً وأصبح الأمر مبرمجاً وبلا نهاية لقد خرجنا من جبروت الإنقاذ لنقع في أيدي أشرار كتائب الظل وما أن نفيق من عنفهم وعقدهم وكراهيتهم حتى تتلقفنا الأجهزة النظامية بالتنكيل والبطش والرصاص ولا نكاد نرتاح قليلاً فتحاصرنا تسعة طويلة وما نكاد نقبل بالأمر الواقع من عجزنا فتخرج علينا العصابات السرية والجهرية نهباً وخطفاً وتشويه وهكذا هي دورة حياة المواطن السوداني . الشرطة وعلى رأسها وزير الداخلية لا زالت تعيش بلباس العهد البائد وعقليته لم تفهم بعد أنها شرطة ما بعد الثورة التي يجب أن تُرسَى فيها قيم العدالة الإجتماعية وحفظ الأنفس وبسط الأمن والنظام والسلم المجتمعي ولكن بالقانون وإجراءاته في التقاضي ورد الحقوق وإدانة المعتدي ومنتهك القانون وردعه دون تشفِّي أو مغالاة مدنياً كان أم نظامي فنفس القانون والتشريع هو الذي يحفظ للجميع حقوقهم وعلينا إحترام ذلك القانون وتلك الإجراءات حتى تكتمل فصول المحاكمة وإرساء مبدأ العدالة هذا ما يجب أن يعلمه الشرطي أو النظامي قبل الشخص المدني . لا يدري أحد حتى الآن عمن يمسك بترمومتر الانفلات الأمني هذا ويشل كل القوة الشرطية وغيرها من القوات في ترك الحبل على الغارب هكذا؟ لقد جأر الشعب بالشكوى ولا من مجيب وحتى الآن لم يصل أحد إلى القصاص من هؤلاء الذين يمارسون إجرامهم على مرمى ومسمع من الأجهزة الأمنية والشرطية والقوات المشتركة وغيرها من تلك المسميات التي لا تحرك ساكناً . لا أحد يعرف بالضبط من يحرك أو من هو خلف عصابة تسعة طويلة وبقية العصابات الجديدة والجريئة هذه ؟! ظاهرة إنفلات الأمن بهذه الصورة الغريبة والمريبة التي تجتاح كل السودان وخاصة العاصمة تطرح عدة أسئلة عن ما الذي يجري خلف الكواليس وما الهدف من ذلك؟ وهل هناك جهة أو جهات تسعى لإفشال الفترة الإنتقالية بمثل هذه المكائد الطفولية؟ يجب تغيير طاقم وزارة الداخلية عن بكرة أبيه واستجوابه ومن ثم استبداله بطاقم جديد مسؤول ومهني ومواكب ومستأمن على أرواح المواطنين وممتلكاتهم فهناك شرفاء كثر في هذا الجهاز الحساس ، الذين يدركون أن إنفلات الأمن يعني أنه ليس هناك استثمار ولا تنمية ولا بعثات دبلوماسية ولا استيراد ولا تصدير ولا مدارس ولا جامعات ، إنفلات الأمن يعني عدم تأدية موظفو القطاع العام والخاص لوظائفهم ، إنفلات الأمن يُمَكِّنْ لمهربي الذهب والعملات الصعبة عبر مطار الخرطوم وبقية المنافذ بالعمل كما كانوا في السابق إنفلات الأمن يعني إنهيار أجهزة الدولة المدنية وإنهيار الشعب وإرهاقه ووضعه أمام خيارين إما الموت البطيء أو الانتحار الجماعي ببطىء ، وفي نفس الوقت إنهيار الأمن يعني دعوة مفتوحة للجيش المتأهب للإنقضاض واستلام مقاليد الأمور وإزاحة المدنيين من السلطة التي فرض العسكر أنفسهم كشركاء فيها .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة