ابد من ثورة ، ثورة بمقاييس وإحداثيات جديدة ، ثورة شبابية صرفة بعيداً عن كل العقليات المتكلسة والمسمومة والخبيثة والسقيمة التي أُبتلي بها هذا الوطن منذ فجر الإستقلال إلى هذه اللحظة. نفس الموال ، نفس الوجوه ، نفس القلوب ، نفس السحنات ، نفس الوسوسة وذات الخبث ومكر السوء ، حكومة مدنية يتصارع الساسة عليها دون أدنى إهتمام أو اعتبار لمستقبل هذا الوطن ، ويشي بعضهم على بعض للقريب والغريب ويكسر بعضهم أجنحة بعض ويطعن بعضهم في أعراض بعض ويخنق بعضهم بعضا ويلعن أولهم آخرهم ويجلس العسكر واضعاً رجلاً على رجل متفرجاً مغتبطاً ومتحفزاً لساعة الصفر للإنقضاض على الثورة ووأدها بالحُجة اللعينة إياها وهكذا نحن ندور في نفس الدائرة ونفس المشاهد والسيناريوهات تتكرر ككل مرة ولا يتعظ هؤلاء الساسة ولا يتوقف جشع العسكر ونهمهم عن لعب نفس الدور ليعودوا بالبلاد لنقطة الصفر التي لم نغادرها طيلة الست والستون سنة الماضية ، كل الظروف الآن مهيأة لإعادة العسكر تماما كما حدث في الثورات السابقة بالرغم من أن الانقلابات العسكرية أصبحت مرفوضة إقليمياً ودولياً ولذلك أصبحت ظهورهم مكشوفة وألاعيبهم أيضاً مكشوفة ولولا ذلك لانقضوا على الثورة والثوار والشعب ، فهؤلاء العسكر الذين تركوا صميم عملهم العسكري وانخرطوا في السياسة هم أس وأساس كل البلوى والمحن التي نعيشها في السودان الآن. هاهي ثورة ديسمبر ، الثورة التي قامت ضد الجوع والعطش والظلم والقهر والعنصرية والاعتقالات والسجون والتعذيب هاهي تسير في نفس النفق تماماً كما أُعِد لها ، بعد تضحيات ودماء وتشريد ومجازر وانتهاكات لم تحدث من قبل ، وهاهم نفس خبراء سرقة الثورات ومهندسو الأزمات وزارعو الفتن وطباخو السموم وخبراء الدجل ومصاصو الدماء ومتلونو القلوب يعودون للعب نفس الأدوار القذرة التي توارثوها ليعودوا بنا إلى مربع الديكتاتورية الغاشم ، لقد توفرت لهؤلاء العسكر كل الظروف للإنقضاض لما تبقى من الثورة والثوار ولكن أيضاً تكاملت كل الدوافع والظروف والأسباب لقيام ثورة شبابية خالصة ومحكمة وتعرف ماتريد وتختار وكيف تنفذه لتصل بهذا الوطن إلى بر الأمان ، يجب على الشباب تنظيم أنفسهم في كيان واحد متناغم ومؤسس جيداً ليعمل في جد وإصرار وعزيمة لمواجهة التحديات التي سيعيقكم بها الحرس القديم وأذنابه والعقبات التي سيضعونها أمامكم للحيلولة دونكم والوصول بها إلى أشواق كل الشعب السوداني. كل العالم الحر يستقطب الشباب للانخراط في العمل السياسي والميداني والاجتماعي والرياضي والنقابي وغيره لأنه عماد الدولة ومستقبلها الذي ستستند عليه وهذا شيء بديهي ولكن ما يحدث في السودان هو العكس تماما لا يريدون الشباب أن يتقدم الصفوف ويكون في موقع المسؤولية أبداً ، لا يريدون أفكار الشباب في النهضة والتقدم العلمي ومواكبة العصر كلا ، إنهم يريدون شباباً ذليلاً محطماً يائساً خائراً مُدَمَّراً ضائعاً مستهتراً يجري خلف شهواته ونزواته مهيئين له كل الظروف لذلك ثم يلقون باللائمة عليه ، فلينتبه الشباب من الدسائس والمؤامرات التي يحيكها الحرس القديم وأذنابه ليلاً ونهارا فهم لن يتنازلوا عن السلطة ( بأخوي وأخوك ) ويتركونها للشباب لأن أفكارهم عقيمة ونظرتهم لمفهوم الدولة قاصرة وأفقهم شديد الضيق . الآن حصحص الحق يجب أن تكون الثورة شبابية خالصة بعقول متفتحة ونيرة بعيداً عن تأثير كل الساسة في الأحزاب والحركات المسلحة وغير المسلحة ، يجب أن تكون الثورة الشبابية القادمة بعيدة جداً عن كابوس إسمه الإدارة الأهلية ووكوابيس القبلية والمناطقية ، وبعيداً عن الشحنات العاطفية ، يجب أن تكون ثورة نقية في دواخلها ثورة أمينة في مبتغاها ثورة متحدة متكاتفة تسعى لهدف ٍ واحد ويجد كل سوداني نفسه فيها وتمثل كل الشعب دون استثناء دون إقصاء دون هضم حقوق ، ثورة تعيد بناء الإنسان والوطن ، ثورة تعلي من قيم العدالة والحق والإنسانية والإخاء والمساواة والحرية والسلام ، ثورة شبابية مستقبلية حقيقية تحركها العزيمة القوية ويخطط لها العقل الواعي .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة