شرعنا في تدوين كتاب عنوانه: من تحديث الخواجة الاستعماري إلى لهوجة الأفندية، بداية من يوم 1/1/ 1956، أنه في يوم 31/ 12/ 1956، آخر يوم للاستعمار الإنجليزي، كان كل الأفندية السودانيون يرتدون الرداء والقميص الأفرنجي الأبيض، في اليوم التالي مباشرة خلعوا زيهم القديم مذ كانوا طلاباً، وارتدوا البدلة الكاملة ذات الكرفتة وامتطوا سيارات الحكومة وعليها العلم وفتح لهم عامل سوداني الباب ، وانضموا إلى السوق ( انضموا بالميم الذكورية لا مكان لنون النسوة يومئذ) وبدأت المهزلة. وعلى هامش ذلك التناول رأينا أن لا مناص من تناول تجربة المعارضة لدكتاتورية الكيزان ممثلة في تجربة لندن. وهذا يعني نقد التجمع الوطني باعتباره الجسم الأساسي للمعارضة، وبالتالي الأحزاب المكونة له: الاتحادي، الأمة الشيوعي. وليس من أغراضي نقد حزب من الأحزاب، ولكنني أتناول الممارسات حسب تبديها في مرآتي وتجربتي، موجها ًموقفي إلى أفراد، وهنا تأتي المعضلة: حين يعتبر نقد الفرد المنتمي نيلا ًمن الحزب وموقفاً معادياً، وإن كانت المسؤولية الأخلاقية يقع وزرها على الجهة التي ينتمي إليها، الفرد، لأنه أخطأ بوصفه عضواً. في كل الأحزاب، أفراد أفاضل تربطني بهم علاقة إيجابية واحترام، مثل راشد ومحمد عثمان وهاشم والمهندس حسن من الشيوعي ومن الأمة: علي وحفيد القرشي ود الزين وكفى أن نذكر المرحومة سهير، حياها الغمام، البهنانة، ومن الاتحاديين صديق الهندي ومحمد زين والترابي والمهندس علي ، وتوأمي توتي وفخر الدين النبيل. على أي، سأنشر هذه المقالات، لأن تلك التجربة لا مناص من مواجهتها وتعريتها. 1: وزارة الخارجية : مريم والحارث وفاروق: ومسؤولية حزب الأمة عن الانتحار. سبيلنا إلى التناول هو البدء بتكوين حزب الأمة عام 1945، الذي استثمر فيه عبد الرحمن المهدي كل تراث المهدية وكينونة الأنصار، معتمداً على صفوة من ألي العزم، ماكانوا من الأنصار انتماءً ولكنهم أقاموا الحزب على أكتافهم: عبد الله خليل ربان السفينة والمحجوب وجه الحزب وواجهته ومفكره وحجتنا نحن في السودان على العالمين، والتني رئيس تحرير الجريدة الذي اعتدى عليه محمود محمد طه في مكتبه وأنزل به عقابا جسدياً ، ولما صار التني سفيرنا بعد الاستقلال في السعودية كان من مآثره صون الأوقاف السودانية: منها قطعة أرض في المدينة بحجم حوش الخليفة والمنازل التي أوقفها السودانيون في المدينة ومكة وفي جدة : حوش علي دينار. ولكن الحزب ظلم بعض أولئك القادة مثل عبد الرحيم المعلم الذي فاز في النهود بالتزكية عام 1957، ولكنهم سادة الحزب أصروا على تعيين زيادة أرباب المحامي قريب السيد وزيراً للتعليم، وأظهر زيادة أرباب وزير الخراب ، حسب هتاف الطلاب يومئذ، عداء ماكراً لمدرسة الأحفاد مدرسة الحزب وأبناء السيد، عداء اشتكى منه العميد يوسف في مذكراته، ولما جاء انقلاب عبود واصل زيادة أرباب وجوده وزيراً في حكومة الدكتاتورية، ست سنوات. عبد الرحيم من أركان بخت الرضا، في مجال التربية، نال بكالوريوس اللغة العربية من جامعة أكسفورد، وهو وأحمد الطيب من جيل عبد الله الطيب ورصفاءُه، ويميل كثيرون إلى أن العبقرية السودانية تتمثل في شخصين هما: المعلم عبد الرحيم وأحمد الطيب. عندما قام انقلاب عبود بمباركة السادة، بكى عبد الرحيم وهاجر ليلتحق بمنظمة اليونسكو خبيراً! بانتصار الثورة، وتخصيص وزارة الخارجية لحزب الأمة، كان من الواجب على قيادة حزب الأمة أن تتوخى المصلحة العامة ومصلحة الحزب معا، فترشّح وتصر على إسناد الوزارة إلى شخصية قومية المواطن : فاروق عبد الرحمن عيسى ،هو موضع إجماع، فهو شيخ الدبلوماسيين الذي فصل ظلما وجورا ولؤما، من قبل الكيزان، وهو صاحب خبرة في كل قارات الدنيا ، وهو وكيل الوزارة في حكومة الانتفاضة، وهو أحد أعضاء اتحاد طلاب جامعة الخرطوم ، اتحاد أكتوبر 1964، وهو نموذج للنزاهة، هو الذي وقّع اتفاقية الذهب قبل الإنقاذ، وترك سفارته الأوربية مُبعداً وسلّم ملايين الدولارات، بتوثيق، وهو حتى الأن لا يملك منزلا في العاصمة! قارنه بوزراء البشير: كرتي وإسماعيل والأزرق بتاع بيت السودان. ثمة سبب آخرهو أن احترام النفس يوجب على قيادة الحزب مراعاته، فوالد فاروق معلم من التربويين التاريخيين، ومن يتذكر مدرسة القولد وطلابها الذين ينجحون بالإجماع في دخول وادي سيدنا، ينبغي أن يتذكروا أن المعلم عيسى هو الذي أنشأها. عندما نزل المعاش صار رئيسا لحزب الأمة ومرشحه في انتخابات أكتوبر في الأبيض. نذكر هنا أن مقعداً في مجلس السيادة عام 196، كان من نصيب حزب الأمة، ولكن عبد الرحمن النهدي، وافق على إسناده للاتحادي الختمي الدرديري محمد عثمان، ربما تقديراً لدور جده في المهدية! ما كان أحراكم بمراعاة ذلك. إن لم تذهب الوزارة إلى فاروق، فهذا الحارث إدريس دبلوماسي عضو حزب الأمة وأنصاري أيضا، فصلته الإنقاذ يوم كان قنصل السودان في اليونان. واجتهد فتعلم الفرنسية وحصل على درجات أكاديمية عليا، وهو وفاروق كانا من أكثر الدبلوماسيين السودانيين مشاركة في الندوات العلمية والمؤتمرات الجادة، يتحدثان دائما عن علم وتجربة، عن ما حدث في الخارجية، ومواقف الكيزان دوليا وإقليمياً ، ما هو كائن وما ينبغي أن يكون، مقدمين بدائل. الحارث منذ الثانوي في كوستي أنصاري متمكن ومتعصب وكذلك الجامعة ودخل الخارجية بعد نجاحه في كل الامتحانات والمعاينات. الأنصاري الحارث: فلاتي فلاني، من الجبلين التي نفي الإنجليز إليها مجموعة من الأنصار بعد كرري، من الفلاته والتعايشه. الحارث ميزوا ضده لأنه فلاتي وفاروق لأنه غرباوي كردفاني من الأبيض. حزب الأمة ينتحر بحصر نفسه في خدمة مصالح بيت الصادق المهدي. الابن الأكبر كان مساعد البشير حتى سقط. الحكومة الجديدة التي تمثل الثورة يجب أن تكون مريم وزيرة خارجيتها. لا يخلو منهم مكان في السلطة. رغم الثورة والثوار ومقتضيات العدل والمروء، وما ستوجبه الحياء.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أحمد محمد البدوي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست