صورة الإسلام في ألمانيـا، رهاب الاِسلام (إسلاموفوبيا) مفاهيم متباينة وخيارات سياسية للتعامل

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-13-2024, 09:51 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-19-2021, 01:22 PM

حامد فضل الله
<aحامد فضل الله
تاريخ التسجيل: 12-09-2013
مجموع المشاركات: 175

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
صورة الإسلام في ألمانيـا، رهاب الاِسلام (إسلاموفوبيا) مفاهيم متباينة وخيارات سياسية للتعامل

    01:22 PM May, 19 2021

    سودانيز اون لاين
    حامد فضل الله-برلين-المانيا
    مكتبتى
    رابط مختصر




    صــورة الإســــلام في ألمانيــــــا، رهاب الاِسلام (إسلاموفوبيا)
    مفاهيم متباينة وخيارات سياسية للتعامل
    هاينر بيليفيلد ــ Heiner Bielefeldt
    تقديم وعرض حامد فضل الله \ برلين (أوراق ألمانية)
    البحث الذي أستعرضه الآن، يحتوي في الأساس على 32 صفحة، بقلم البروفيسور هاينر بيليفيلد المدير السابق للمعهد الالماني لحقوق الاِنسان في برلين (2003 ــ 2009) ورئيس قسم حقوق الإنسان وسياسة حقوق الإنسان في جامعة إرلانجن- نورنبرغ، حاليا. لقد قمتُ بترجمة هذا البحث، بمشاركة فادية فضة، ونُشر على حلقتين في مجلة المستقبل العربي (أكتوبر 2008)، ومجلة إضافات، المجلة العربية لعلم الاجتماع (صيف وخريف 2008).
    بسبب صعود التيار اليميني المتطرف خاصة "حزب البديل لألمانيا"، وتفاقم عدد اللاجئين بعد عام 2015 والتفرقة العنصرية والركود الاقتصادي نتيجة وباء الكورونا، وتأثيره على المهمشين وفي مقدمتهم اللاجئين وكذلك الشغب والعنف والتعدي على الشرطة، وعلى الأماكن العامة، وأماكن العبادة اليهودية، الذي صاحب المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، بسبب الحرب الاِسرائيلية الوحشية، التي تحصد أرواح المواطنين العزل وغالبيتهم من النساء والأطفال في قطاع غزة ومناطق أخرى من فلسطين، فهي لا تخدم قضيتنا، بل تفقدنا احترام وتأييد كثرة من المتعاطفين مع قضية الشعب الفلسطيني العادلة، وتجعلنا في مصاف معاداة السامية، الذي يمارسه اليمين الألماني المتطرف. أن حق التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي علناً مكفول دستورياً ويمارس فعلياً. وكذلك بسبب الصورة السلبية للإسلام والمسلمين نتيجة للنشاطات الارهابية، التي تتم باسم الاِسلام، أقدم هذه المادة البحثية الهامة، بصورة مكثفة جدا، دون أن تخل، بالنقاط الأساسية. أن المجتمع الألماني ككل وخاصة المسلمين منهم، مطالبون بنقاش موضوعي وبتقديم إجابات عن الموضوعات الشائكة والتغلب على الصورة النمطية. والبحث يتضمن أفكارا عديدة، تميز بين النقد المشروع في مجتمع حر، وبين الأقوال المهينة التي تسعى إلى إقصاء الآخر.
    إلى بيليفيلد
    I صورة الإســــلام في ألمانيــــــا
    حول التعامل العلني مع الخوف من الإسلام
    تظهر استطلاعات الرأي من ألمانيا وجود تحفظ شديد تجاه الإسلام يسود غالبية السكان. وكما يبدو ازدادت وتيرته في السنوات الأخيرة بشكل واضح . ويبدو أن كثيراً من الناس يقرن الإسلام بالأصولية والميل إلى استخدام العنف واضطهاد المرأة. في نفس الوقت نجد أناساً كثيرين من خلفية أسرية إسلامية – وبغض النظر، عن التزامهم الديني أو عدمه- يشكون من التمييز والإقصاء الناجمين بشكل عام عن الصورة السلبية للإسلام... وتمثل نتائج استطلاعات الرأي هذه في حقيقتها تحدياً كبيراً أمام سياسة الاندماج.
    إن البحث يتقصى أسباب عدم الارتياح المنتشر تجاه الإسلام ويذكر معايير للتعامل المناسب مع المخاوف القائمة.
    إن فهم أي مجتمع لذاته ينعكس بشكل عام في مسلماته وبكيفية تعامله مع الأقليات، وفي هذه الحالة مع الأقليات المسلمة، مما يضع وعي التنوير هنا على المحك أيضا. إذ أن المسألة تتعلق بالعمل على إبراز ثقافة الحوار المستهدي بالحرية وحقوق الإنسان وقطع الطريق عن تلك التصورات التي يتحجر فيها ادعاء التنوير ويتحول إلى الإقصاء ونوع من الاستقطاب الثقافي التصارعي.
    انتشار الارتياب من الاسلام
    هناك أسباب مركبة ومعقدة تقف خلف تصاعد التحفظ ضد المسلمين في السنوات الأخيرة: فعلى نطاق محلي تتشابك مشكلة بناء المساجد مع مشاعر الخوف من الدخيل الغريب، والتي غالباً ما تكون نتيجة للتحريض والاستغلال السياسي، وفي المناطق والأحياء المنهارة التي تعاني من ضغط اجتماعي بخاصة. إن مشاكل الاندماج داخل المدارس وفي الأحياء ومع الجيران وفي العمل، تفاقم من أسباب التحفظ الراهن إزاء الأشخاص من أصول مهاجرة. الريبة إزاء الإسلام موجودة بوجه عام في كل التيارات السياسية وبين مختلف أوساط المجتمع. وترتفع كذلك وتيرة التصريحات الرسمية للكنائس المسيحية عما كنا نشهده في السابق، بأخذها مواقف ناقدة للإسلام.
    II عناصر لحوار ثقافيّ تنويريّ
    ليس مفيداً ومن غير المعقول أو اللائق الحكم على التصريحات المتحفظة أو الناقدة، وكذلك المعبرة عن مخاوف تجاه الإسلام على أنها عموماً باطلة. فلا بد من التعامل مع التحفظات والمخاوف القائمة بعناية فائقة للتمكن من كشف أسبابها الكامنة وتجاوز التصورات والتوضيحات النمطية، والتصدي لما يراد من إساءات. ويطرح بيليفليد ثلاثة جوانب للتعامل المناسب مع رُهاب الاِسلام:
    (1) التخلي عن التوضيحات أحادية العلة وخاصة تلك التي تعالج عوامل ثقافية أو دينية فقط.
    (2) التغلب على تصورات عن جوهر الإسلام مفصولة عن سياقها الزمني.
    (3) استيعاب التنوير على أنه جزء من عملية تعليمية مجتمعية شاملة لا تزال غير منجزة.
    1- عن ضرورة تحليل تعقيدات الأسباب الكامنة.
    كون النقاش الحاصل حيال الاندماج في هذا البلد يتركز بشكل قوي على الإسلام، فهذا من ناحية أمر مفهوم، بسبب ما شهده المجتمع الألماني خلال العقود القليلة من تحولات عميقة جاءت مع المهاجرين وصارت ظاهرة للعيان، مثل ارتداء الحجاب أو بناء الجوامع والمآذن. إلا أن التركيز في مناقشة مواضيع الاندماج وحصرها بالإسلام فقط، يخفي في طياته خطر ترسيخ الأحكام المسبقة وبأن المشاكل المتنوعة للاندماج ومتطلباته لا بد وأنها تقع في المقام الأول على عاتق (الآخر) الغريب ديناً و ثقافةً، بينما يتم في نفس الوقت إغفال دور العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية .
    لا يمكن النظر إلى تمركز العائلات المهاجرة في أحياء معينة من برلين- نويكولن أو في دوزبورغ - ماركسلو وإلى مشاكل الاندماج في تلك الأحياء ومدارسها على أن هذه المشاكل نابعة من دين أو ثقافة (الآخر المختلف) أو بتفسيرها برغبة الآخر في الانغلاق الديني الثقافي وبناء مجتمع منعزل خاص به. في أغلب الظن لهذا علاقة بإيجار العقارات في تلك المناطق السكنية.
    ما يراد هنا قوله: إن الأخذ بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية بعين الاعتبار، لا يعني إغفال العوامل الثقافية والدينية عند التطرق لكل نواحي المعضلات.
    وهكذا فإن العيش في مجتمع عصري ليبرالي بإمكانه أن يؤدي من جانب إلى انفتاح في التركيبة العائلية لدى المهاجرين والمهاجرات – عندما يفسح المجال للفتيات والنساء لأخذ فرص التعليم المتاحة كمدخل للتحرر من نموذج الأدوار التقليدية المتوارثة.
    هذا ما ينطبق أيضاً على دراسة وتحليل الإرهاب الإسلاموي و دائرة مؤيديه.. إن أي توصيف منطقي للإرهاب الإسلامويّ وما يحيط به لا يمكن حصره في فقرات معينة مأخوذة من مصادر الإسلام. فلكي تكتمل الصورة لا بد من أخذ العوامل السياسية والاجتماعية في البلدان ذات الطابع الإسلامي بعين الاعتبار. ومن هذه العوامل: الخيبة التي نشأت بعد فشل سياسات التنمية الاقتصادية، والانطباع بأن الدول الغربية تنتهج سياسة مزدوجة المعايير في الشرق الأوسط ؛ وكذلك انعدام الآمال لدى عدد كبير من الشباب.
    2. تجـاوز النظرة التعميمية إلى الإســـلام
    إن من الخطأ الادعاء في النقاش المعلن بعدم وجود استعداد للنظر إلى الإسلام بحيادية. فمن ضرورة التفريق بين الإسلام والإسلاموية والإرهاب إلى وجوب عدم ربط الغالبية العظمى من المسلمين بالتطرف الديني أو بالإرهاب.
    عند متابعة النقاش الإعلامي بشأن الإسلام يخرج المرء حقاً بانطباع أن التمييز يحصل في الغالب بين المفاهيم مثل الإسلام، والإسلاموية والإرهاب.
    وبما أن الإسلام نفسه يُقرن في كثير من الأحيان في وسائل الإعلام بمواقف ضد الليبرالية وتطبيقاتها العملية، يصبح على الليبراليين المسلمات والمسلمين هنا أن يواجهوا دائماً، عدم الاعتراف بليبراليتهم أو التشكيك بمصداقية هويتهم الإسلامية. أن حياة المسلمين في ألمانيا لا تتحرك بالطبع ما بين قطبي الليبرالية والاصولية أيضاً. فهنا توجد - وبشكل أساسي لا يختلف عن واقع أغلبية الناس - حالة من التنوع في أنماط الحياة والمواقف في السياسة والمجتمع والدين. فإلى جانب المسلمين الملتزمين هناك غير المتدينين من خلفية إسلامية، أو من تعتمد ممارستهم الدينية ومشاركتهم في الأعياد الدينية على ظروفهم الحياتية، وممارستهم هذه تهدف إلى تقوية اللحمة العائلية. أخيراً وليس آخراً: قد يتأرجح هذا المعيار- قل أو كثر - بعامل السن .
    إن التنوع في الرؤى والمواقف الجوهرية وأنماط العيش ينسحب أيضاً على الجوانب التي جرى الحديث عن نماذج عنها مسبقاً.
    صورة الإسلام في ألمانيا متنوعة، وتياراته مختلفة، وكذا التنوع في المواقف وأنماط حياة المسلمين القاطنين فيها، وكذا، وقبل كل شيء، عن الحضور الإسلامي غير المحاط بالمشاكل في هذا المجتمع في معظم الحالات اليومية؛ إنها كلها تفتح الأعين على قناعة عادية، لكنها تمثل في نفس الوقت الشرط الأساسي لكل أشكال التنوير: القناعة التي ترى الناس كعناصر نشطة، وفيما يخص مواقفهم وممارساتهم الدينية أيضا. فالناس ليسوا فقط "أتباع" دين سمتهم الانقياد، بل يتغيرون ويتطورون في شخصيتهم الدينية وهوياتهم، سواء أكان هذا عبر صراع واع، أو - وهذا كثير الحصول- عبر ما يتعلمونه من تجارب الحياة اليومية.
    3. التنوير قضية تعليمية لا تنتهي
    تعتبر ألمانيا نفسها بلداً قائماً على التنوير الداعم لثقافته العامة، ثقافة جدل حيوية، متنوعة الآراء والقناعات وأنماط الحياة، تسعى إلى التخلص التدريجي من بنية العائلة الأبوية، وهي دولة القانون والمؤسسات، وتعمل على مواجهة الماضي الديكتاتوري، والاشتراكية القومية (النازية) البربرية بخاصة. ولمثل مكتسبات التنوير هذه قيمتها، وكذا لصيانتها والدفاع عنها ضد نزعات التآكل الممكنة لأجزاء من المجتمع. ولا تتحقق إمكانية الدفاع عن التنوير إلا بذهنية التنوير مما يعني بالسعي الجاد من أجل التحليل الدقيق، في نقد التعميم النمطي وفي الاستعداد للجدل التواصليّ ومقارعة الحجة بالحجة.
    لا يمكن إغفال أن مفهوم التنوير في المساهمات الجدالية العديدة المتعلقة بالتعامل مع الأقليات المسلمة يأخذ دائماً بعداً حاداً لصراع عدواني ثقافي. وإن الإصرار على الدقة وتنوع الخطاب لا يجد هنا الاحترام الكافي. فمن يراعي الأصول المهنية - علمية أو صحفية - يسقط بسرعة في حلبة الشك بمواصلته التعلق بأوهام التنوع الثقافي المنصرم. ومع تزايد الاستقطاب في الجدال فإن الاستناد على التنوير كثيراً ما يخدم هدف فضح الحساسيات المكتسبة في التعامل مع الأقليات الدينية - الثقافية على اعتبار أنها محظورات مزعومة لدى ما يعرف بالصواب السياسيّ، وتمهيد الطريق لاستدلال استفزازيّ فج لا يتورع عن التلاعب العلني بالمشاعر الدفينة. إن التنوير الذي يدعي دقة التحليل ويرى نفسه معفياً من الحرص على الأمانة المهنية، وفي التعامل المنصف مع الأقليات بخاصة، لا يجمعه إطلاقاً أي تقليد تنويري إنساني يقوم على حقوق الإنسان، وكذلك المعايير ومؤسسات دولة القانون الديمقراطية .
    إن من يستخدم التنوير كفاصل في الصراع الثقافي ضد المسلمين ويجعل منه حجة للتعالي والانعزال الفكري يتناقض مع التنوير ذاته.
    إن حصر التنوير كإرث للغرب فقط والدفاع عنه ضد التهديدات القادمة من الخارج لا غير، إنما هو امتهان لجوهر التنوير، الذي حدده الفيلسوف كانت في مقالته الشهيرة "التنوير هو خروج الإنسان من قصوره الذي اقترفه بحق نفسه".
    III الحـد الصعب بين نقـد الإسلام و رُهاب الإسلام
    1 حول مفهوم رُهاب الإسلام
    يمكن للتحفظات والمخاوف حيال الإسلام أن تتصلب من موقف تعميمي قائم على الرفض العنصري لأناس أولي خلفية إسلامية، إلى موقف أصبح منذ بضع سنين يُعرف بمفهوم الرُهاب الإسلامي. ويبدو أن هذا المفهوم قد فرض نفسه تدريجياً في نطاق الأدبيات الألمانية أيضا. وليس المقصود من وراء ذلك المخاوف العامة من الإسلام - مثلما توحي هذه الكلمة خطأ – وإنما المواقف النمطية السلبية إزاء الإسلام ومعتنقيه الحقيقيين أو المفترضين. يمكن أن يظهر رهاب الاسلام في انتقاصات وإهانات شفهية وتمييز بنيوي أو في اعتداءات على الناس بخلفية إسلامية أيضاً.
    2- أداة حول فرض آليات الرقابة؟
    لقد واجه مفهوم رهاب الإسلام شكوكاً قوية بعض الشيء - في سياق الصور الكاريكاتورية عن النبي محمد. إذ نشرت الصحيفة الفرنسية الأسبوعية " شارلي هبدو " في آذار/مارس 2006 خطاباً مفتوحاً لاثني عشر كاتباً وكاتبة يحذرون فيه من تقييد حرية الرأي بحجة مكافحة الرهبة من الإسلام. وورد في الخطاب ما يلي: نرفض أن نترك روحنا (اتجاهنا) - النقدية خوفاً من اتهامنا بمعاداة الإسلام. إنه مفهوم بائس أن نخلط بين نقد الإسلام وبين السمات التي تلحق بالمؤمنين به. كما حذر البعض في ألمانيا من مفهوم رهاب الإسلام الذي وصفه بسام طيبي (أكاديمي ألماني من أصل سوري/ المترجم) كسلاح يستخدمه الإخوان المسلمون في حرب دعائية للإسلام السياسي ضد أوروبا والغرب..
    إن التحذيرات من سوء استعمال مصطلح رهاب الإسلام - وهذا ما ترينا إياه الأمثلة القليلة المعروضة – هي في الواقع في محلها. فإساءة استخدام مصطلح ما، مهما كانت درجة تلك الإساءة، ليست بالضرورة سبباً كافياً للكف عن استخدام ذلك المصطلح.
    وأخيراً ليس ثمة مفهوم سياسي مهم كمفهوم حقوق الإنسان يمكن أن يكون محمياً من عدم استخدامه استراتيجياً. وإن القصد من التنبيه في استخدام مفهوم رهاب الإسلام بشكل مبالغ فيه إنما هو مناسبة للاحتراس من استحسان التحالفات التي تقود إلى الجانب الخاطئ. إلا أن ملاحظة سوء استخدام المفهوم وحدها لا تقدم سبباً كافياً لشطب المفهوم عموماً من القاموس السياسي المستخدم لمجتمع حر.
    3- الخط الفاصل بين الاستفزاز والتجريح
    إن صياغة المواقف النقدية سواء كانت بصورة استفزازية، مستقطبة أو حادة، يجب أن تكون ممكنة في مجتمع حر.
    هذا المفهوم الواسع والصريح لحرية الرأي ينسحب أيضاً على ما يسمى بالموضوعات الدينية التي لا يجوز عزلها عن أو استثناؤها من الجدل. بل إنها تمثل أحد الموضوعات المشروعة للكاريكاتور والمسرح الهزلي. أي أن من الخطأ الادعاء في هذا الصدد بأن ثمة توتراً بين حرية الرأي وحرية الدين. إن حرية الدين لا تعني "حصانة تشريفية" للأديان وإنما تضمن حرية الناس في مسائل الدين أو الرؤية الدنيوية ليحددوا بأنفسهم الطريق الخاص الذي يسلكونه، سواء فرادى أو بالاشتراك مع آخرين. وقد بينت المحامية الباكستانية أسماء جاهانغير المقررة الخاصة لحرية الدين التابعة للأمم المتحدة، في تقريرها أن حرية الدين وحرية الرأي هما حريات فكرية تواصلية ذات ارتباط وثيق ويجب عدم الايقاع بينهما معنوياً.
    من يدعوا إلى رقابة بدوافع دينية مثلما حدث في سياق النزاع حيال كاريكاتير النبي محمد، عليه أن يقبل اللوم بأنه لم يفهم حق الإنسان في حرية العقيدة كحق طبيعي.
    وفي الحقيقة فإن الحق في التمتع بحرية الدين لا يعتبر بلا قيد. فالإمكانيات المحددة المتضمنة في الدستور والاتفاقيات العالمية لحقوق الإنسان تفسَّر بلا شك بصورة ضيقة. ويمكن العمل بها على أساس قانون رسمي فقط بشرط أن تكون متفقة مع مجتمع حر ديمقراطي وتخدم بذلك أغراضاً شرعية ضرورية نسبياً وملائمة للوصول إلى هذه الأغراض.
    ان العقوبات القانونية ضد التصريحات الجماعية المتعلقة برهاب الإسلام ممكنة في مثل الحالات المتطرفة والغريبة. كذلك توجد إمكانية متابعة الأمر قضائياً في حالات الإهانة الفردية الشخصية. ولكن عموماً يجب ترك ذلك القرار للمرء في ما إذا كانت أقوال معينة عن المسلمين منصفة أو غير منصفة، معقولة أو متجاوزة حدها، منتقدة للإسلام أو تمثل رهاباً حياله، كخلاف في الرأي السياسي. وبعبارة أخرى: يجب دائماً وأبداً العمل على التواصل داخل الجدال العام حتى وضع الحد الفاصل بين نقد الإسلام ورهاب الإسلام. ولا يتعلق الأمر في هذا الجدال العام بوضع شرط لحدود حرية الرأي يمكن تنفيذه، سواء أكان ذلك عن طريق القانون أو القضاء، بل بتطوير إحساس داخلي للاستخدام العقلاني لحرية الرأي. لا شك في أن الأمر سيبقى في حالات كثيرة خلافياً: إلى أين يتجه الحد الفاصل بين الاستفزاز المقبول وبين التجريح المكشوف.
    إن إزالة الفرق بين نقد الإسلام ورهاب الإسلام، كما يمارسه باستمرار الإيديولوجيون الإسلامويون يقود في النهاية إلى دليل معاكس. إذ يعني هذا في الواقع أن تعطى المنظمات الإسلاموية حق احتكار التشدق بمفهوم رهاب الاسلام مشحوناً بكلمات التفرقة العنصرية. وهذا الواقع نفسه يعاني منه كثيرون من المسلمين.
    ومن يرغب في فتح جبهات صراع ثقافي واضح لعله يرحب بهذا. بيد أن هذا لن تكون له نتيجة تؤدي الى نقاش ثقافي تنويري. من يفصح تماماً عن مناقشات مفتوحة، ويحذر لأسباب وجيهة من مزاعم رهاب الإسلام، لا يستطيع من جهته أن يطالب بتحريم مفهوم رهاب الإسلام. فمن العسير في حالات شتى وضع حد بين نقد الإسلام ورهابه أو وضع حد بين الاستفزاز والتجريح.
    IV استنتاجات
    تتعاون جهات كثيرة على تقديم صورة عن الإسلام في ألمانيا: المدارس والمؤسسات التربوية الأخرى، ووسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية ، وفروع علمية مختلفة، ومنظمات المهاجرات والمهاجرين، والكنائس المسيحية والطوائف الدينية الأخرى، ومن بينها الروابط الإسلامية نفسها أيضاً، وأخيراً بالمعنى الواسع كل أولئك – مسـلمين أو غير مسلمين- الذين يساهمون في النقاش الإسلامي الحالي أو يستطيعون على أية حال المشاركة فيه. والدولة تتحمل مسؤولية خاصة تأتي إليها من توصيات الحقوق الدستورية وحقوق الشعوب، وتقع عليها كذلك مهمة ضمان حقوق الإنسان ومنع التمييز. وينبغي على الدولة نتيجة لذلك، وقبل كي شيء التصدي بفعالية للتفرقة والتحيز والمفاهيم النمطية المساندة ويكون ذلك بتجاوز أسبابها الاجتماعية. وهذا يشمل سياسة الثقافة والتربية مثلما يشمل سياسة الأمن الداخلي وقانون الإقامة، وكذلك سياسة التجنيس أو التشريع المتعلقة بالرموز الدينية في المدارس العامة، وأخيراً إصدار تشريعات ادارية لمنع التفرقة العنصرية عامة. في كل هذه ومجالات أخرى يمكن لإسهام الدولة أن يذلل المخاوف القائمة إزاء الإسلام أو يؤكدها.
    1- الإسلام كجزء مُسَلم به في المجتمع الألماني
    أن كل الجهود للتغلب على التقاليد النمطية التي تدعو إلى رهاب الإسلام يجب أن تبدأ بالاعتراف بالحقيقة البسيطة بأن الإسلام أضحى جزءاً دائماً في المجتمع الألماني. ومن المعروف أن هذا الواقع كان مكبوتاً حتى تسعينيات القرن الماضي.
    ساد اعتقاد في ألمانيا منذ عشرات السنين وعلى كل الصعد بأن الإسلام يمثل هنا "دين العمال الضيوف" ولذلك لا يجب أن يكون اندماجه المستمر في المجتمع موضوعاً ويضرب المثل في ذلك بالمساجد التي تقع في الفناء الخلفي وعلى هامش المجتمع والتي ينظر اليها كرمز للتزود الديني الذاتي وبدون أفق للاستمرارية.
    لقد ساد تقلب الفهم في المجتمع بصورة واسعة في السنوات الأخيرة قبل المؤتمر الإسلامي الأول الذي دعا له وزير الداخلية شويبله والذي عبر عنه كالآتي: في بلدنا يعيش ثلاثة ملايين مسلم كجزء ثابت من مجتمعنا ولكن ليس لدينا علاقة بالجمعيات الإسلامية المتنوعة. لدى الاعتراف السياسي بواقع الحياة الإسلامية الدائم يجب ألَّا يحدث موقف مزدوج. وليس حول النقاشات المبدئية التجريدية ما إذا كان الإسلام يتكيف في النظام الاجتماعي الغربي أو يتلاءم عموماً مع نظام قيم مجتمع ليبرالي ديمقراطي فهذه لا تساعد كثيراً ولكنها يمكن أن تطلق إشارة ذات تأثير خطير عندما توحي بأن هناك طرقاً سياسية مسؤولة تعتبر وجود أقلية اسلامية في ألمانيا محل تساؤل ويمكن عملياً إعادة النظر فيه. إن ما أورده شويبله من إدراك بأن المسلمين " يشكلون جزءاً ثابتاً في مجتمعنا" هو موقف لا رجعة عنه. ولذلك فإن المواقف السياسية التي تثير زوابع من شكوك غير مسؤولة.
    إن الاعتراف بوجود الإسلام في ألمانيا يتضمن أيضا الاعتراف بممارسته العلنية. فالدين في مجتمع حر ملتزم بحقوق الإنسان لا يعتبر مسألة شخصية، على عكس الحكم المعمم. وما إمكانية علنية الممارسات الدينية والحياة الدينية إلا جزء من الحق الدستوري والقانون الدوليّ المرتبط بحرية الدين.
    ان الاعتراف بالتواجد الدائم للأقليات المسلمة تتبعه أيضاً المساعي الحالية المتعلقة بإدخال تدريس الدين الإسلامي في منهاج التدريس كمادة نظامية معترف بها رسمياً.
    كما أن النقاش المتعلق باندماج الأقليات المسلمة يضع لهذا الموضوع موقعاً عالياً ممتازا ولأن اللحظة الحاسمة فيه تتعلق بتطور الإسلام على المدى البعيد في ألمانيا وكيفية إيصال الدرس الديني والتطبيق الحياتي من جيل إلى جيل.
    إن إدخال دروس الدين الإسلامي في المدرسة يعتبر عند كثيرين من أولياء المسلمين أمنية مهمة. ومنذ سنوات تناضل الروابط الإسلامية أيضاً في سبيل تقديم دروس الدين الإسلامي باللغة الألمانية.
    وعلى أساس مبدئي، أصبح درس الدين الإسلامي في الوقت عينه حقل اختبار لمدى نجاح البنى التعاونية القائمة ما بين الدولة والهيئات الدينية التي تطورت تاريخياً مقابل الدولة إلى كنائس مسيحية في الانفتاح على التعددية الدينية الناشئة وفسح حيز مناسب أمام الإسلام الذي أمسى ديناً مستوطناً في هذا البلد.
    2- الإدراك المتنوع كواجب منصف
    لم تؤخذ في الثمانينيات الاهتمامات الدينية "للعمال الأجانب" مأخذ الجد. بل شرع الناس في ألمانيا منذ التسعينيات يعتادون على المهاجرين والمهاجرات، وعلى "خصوصياتهم" الدينية الثقافية (الموهومة أو الحقيقية) ويدركونها بخاصة. وتعتبر هذه خطوة إلى الأمام بقدر ماهي خطوة إلى الوراء في الوقت عينه. آنذاك حل محل التجاهل تجاهل آخر يركز أحادياً على الدين والثقافة. وأدى هذا من ناحية أخرى إلى أن معضلات سياسة الاندماج متنوعة الأسباب فُسِّرت تكراراً وبتسرع وكأنها تعبير ثقافي ديني غريب. وبهذه البساطة يفسَّر تركز عائلات المهاجرين في مناطق اجتماعية معينة وكأنها نتيجة "مجتمع إسلامي مواز".
    وما أن يأتي دور الإسلام حتى يواجه برأي جلي وشائع يزعم أن الدين والثقافة من أهم أسباب الاستبداد العائلي والجنوح إلى العزلة.
    لكن المطالب المشروعة لتغيير بنية العائلة الاستبدادية الأبوية سرعان ما تتحول إلى صراع حضاري ضد الإسلام. هذه القوالب الجاهزة لا تفيد، لأنها تقوي الخوف النمطي من الإسلام فقط. ومن المهم عدم عزل العوامل الثقافية والدينية عند مناقشة قضايا الاندماج وإنما ربطها دائماً بعوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية. ويتبع الرؤية المتنوعة أيضاً الاستعداد لأخذ الفوارق الإسلامية الداخلية باهتمام أكثر والإفصاح عنها لغوياً. أما في ألمانيا فتنحصر التعددية الإسلامية الداخلية في فوارق مذهبية كلاسيكية (السنة - الشيعة، العلويون والأحمدية الخ..). ولا تقل من ناحية أخرى أهمية الممارسات اليومية.
    ورغم أن هذا التنوع معروف مبدئياً منذ فترة طويلة، إلا أن المشكلة تبقى قائمة. فهذا التنوع يكتسي دوماً بخصوصية استدلالية لأنه يمنح الأشكال الكفاحية الاستبدادية اهتماماً عالياً بزعم أن الجوهر الإسلامي يتجلى فيه.
    إن على مبادرات الحوار الثقافي الديني أن تتعايش من جديد، وترى أن نتائج العمل المبني على الثقة منذ سنوات يمكن أن يتبدد في وقت قصير عبر الأخبار السلبية والشائعات. ولمواكبة عمل من هذا القبيل لا بد من ضبط النفس وقوة الأعصاب.
    ورغم أن الاحتفاء بواجبات أساسية ومتأنية عسير في إطار مجادلة استقطابية معقدة، إلا أنه ليس هناك بديل مقنع للجهد على توخي الدقة والتمايز. فمعرفة الفروق الإسلامية والتعددية الإسلامية الداخلية أثناء ذلك ليس واجباً فقط من أجل الدقة التحليلية. إذ أن الأهم من ذلك هو أن الأشخاص المشمولين أساساً كفاعلين عليهم أن يتحملوا إدارة حياتهم على مسؤوليتهم الخاصة، وليس كممثلين "لعقلية" دينية ثقافية مزعومة وثابتة. وهذا قياس لكل تنوير يلتزم بثقافة الجدل.
    فمن وجهة نظر حقوق الإنسان، بألا ينظر إلى أعضاء الأديان أو الجماعات المختلفة كمجموعات متجانسة، بل ينبغي أن يكون هذا الاختلاف أمراً مسلماً به فيما يتعلق بالمسلمين أيضا.
    3- الدستور كأساس بديهي للتعايش
    ليس أقل بداهة من الاعتراف بحضور الإسلام المستمر في ألمانيا الإدراك أن الدستور يقدم الأساس المعياري للتعايش في هذا المجتمع. ولدى صياغة هذا الإدراك في الأساس يحدث مراراً فهم مبتذل ويؤدي إلى استنتاجات خاطئة. وهذا يحدث من إقرار المرء بأن صياغة النظام الدستوري كمطلب سياسي وموجه بصورة خاصة للمسلمين. وغالباً ما يتفاعل المسلمون الليبراليون مباشرة وعلى نحو غاضب حينما يأخذون انطباعاً أن أحداً يريد تدجينهم على قيم الدستور الحر ويلزمهم مرة أخرى به على الأخص .
    ان النداءات ذات الدافع السياسي المتعلقة بالاندماج والداعية إلى "الحوار مع الاسلام" تكاد تكون غير فاعلة. فالمراهنة على التواصل مفيدة دائماً في الأساس. لكن ارتباكاً وإحباطاً، وربما شكوكاً متبادلة جديدة بالنتيجة قد تنشأ إذ وضع الدستور في مواجهة القرآن في ندوات الحوار بغية الدخول على هذه الأسس في الحديث. فالدستور يمثل حينئذ بالضرورة وثيقة متناقضة مع القرآن، وثيقة لتأكيد الذات السياسية - الثقافية للأكثرية المسيحية على حساب كونه أساساً قانونياً للعيش المشترك. وإذ يوضع القرآن في مواجهة الدستور مقدماً كأنموذج بديل، تلقى إذ ذاك على عاتقه مهمة تفعيل التأقلم السياسي الثقافي مثلما يظهر ذلك في الكتابات الدعائية للايدلوجية الإسلاموية. وحينها تكون للحوار إذاً مهمة متناقضة: إما التغلب على العوائق الثقافية المتمخضة جزئياً عند صياغة أهداف الحوار أو تعميقها عن غير قصد .
    إن من البديهيات أن يبلور الدستور الأساس المعياري للتعايش في مجتمعنا المتعدد. وهذه البديهية يجب أن تجد تعبيراً لها بتجنب تكرارها دوماً وبإلحاح أمام المسلمين، أو كهدف يشكل مقاصد الحوار التفافي المتداخل. فحيثما توجد أسباب للشك في عدم الوفاء للدستور من قبل بعض المجموعات أو أفرادها ينبغي أن تخاطب هذه المجموعة بصورة محددة دون أن يعمم هذا على "الإسلام" أو المسلمين القاطنين في ألمانيا. وبالقياس فان التهمة الموجهة للمسلمين الذين يعيشون هنا بعدم الولاء للدستور السياسي لا تختلف عملياً عن اتهام أفراد مجتمع الأغلبية غير المسلمة. فهذا لا يمت بصلة للغبطة "الساذجة متعددة الثقافات" التي تغمض العيون أمام مخاطر ملموسة للمجتمع المنفتح. وبدلاً من ذلك فإن الأمر يتعلق بالفهم الجوهري القائل إن الصراع من أجل المجتمع المنفتح قد ضاع إلى حين، عندما تفشى منطق الشك، الذي يصادر من الأقلية كل فرصة كشريك يُصغى اليه في الخطاب العام .
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    Heiner Bielefeldt,“ Das Islambild in Deutschland: Islamophobie – konzeptionelle Kontroversen und politischen Handlungsoptionen“, Deutsches Institut für Menschenrechte (2007).
    E-mail: [email protected]























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de