عقب سقوط البشير وبروز عصابات الدعم السريع كقوة مهيمنة علي البلاد، سعى آل دقلو لتنويع التركيبة العرقية لعصاباتهم لتخرج من صفة القبلية الي القومية، ووجدوا ضالتهم في شرق السودان حيث يتفشي الفقر والبطالة والصراع القبلي وأعلنوا عن فتح أبواب التجنيد لأبناء البجا فيما يعرف بالدعم السريع. كان أسياس افورقى ابعد نظرا من سياسيي السودان فوصل الخرطوم في زيارة مفاجئة وإلتقي بالمجرم عبدالفتاح البرهان رئيس اللجنة الأمنية وأخطره أن أريتريا تعتبر الدعم السريع مشروع إرتزاق دموى عابر للحدود مدعوم بمليارات الدولارات، لا يقاتل من أجل وطن أو قضية معينة إنما ولاءه لشخص واحد وأسرته، والبجا قبائل مشتركة بين أريتريا والسودان وأريتريا تعتبر تجنيد أبناء البجا في الدعم السريع مهددا لأمنها. كان رد البرهان علي افورقي تبريريا ولم يكُ حكيما لكن أوصياءه في جهاز أمن البشير حثوه علي القيام بزيارة عاجلة لأسمرا حاملا صيغة تبريرية أخرى (حتى لا تتخذ أريتريا خطوات مضادة كما فعلت في الماضي) لكن الصيغة لم تكن كافية. وسافر أيضا حميدتي مرتين الي أسمرا بتأكيدات لم تكن مطمئنة، إلى أن إلتزام آل دقلو وبرهانهم بإلغاء برنامج تجنيد أبناء البجا في الدعم السريع.
إغتيال إدريس دبي هذا الاسبوع ودخول تشاد مرة أخرى في دوامة المجهول وقبله الانهيار الأمنى في غرب دارفور جعل آل دقلو يعيدون ترتيب أوضاعهم وفقا للتطورات الجارية في دول الصحراء عموما وفي تشاد ودارفور خصوصا وفي صفوف قواتهم بعد هروب الآلاف من الخدمة. فالظروف قد تضطرهم لتقسيم البيض علي عدة سلال. فهناك دول انهارت فعليا ولم يبق فيها سوي حكومات إسمية لأن المدن الكبيرة فيها تحميها قوات أجنبية (مالي افريقيا الوسطى وليبيا) وبدخول الفيلق الأجنبي الفرنسي في المعارك ضد قوات المعارضة التشادية (FACT) تكون تشاد قد عادت الي عهد الحكومات الشكلية التى تنصبها فرنسا في مستعمراتها بينما تدير الدولة المخابرات الفرنسية. لقاء المبعوث الفرنسي في الخرطوم بحميدتي ودعوته للعب دور الوسيط في تشاد ربما يفتح شهيته بنقل أحلامه السلطوية الي وطنه الأصلي بعد أن أدرك أن وصوله الي السلطة في السودان ليس بالسهولة التى كان يبدو له بعد إزاحته للبشير. فالتحالفات التى بناها أو إشتراها مع أحزاب صغيرة وحركات مسلحة وادارة اهلية هى شبكة أوهن من بيت العنكبوت. وجريمة فض الاعتصام لن يطويها النسيان ولجنة نبيل أديب المنوط بها التغطية علي الجريمة حتى الآن لا تملك الجرأة علي تبرئة حميدتي والبرهان وبقية عصابة اللجنة الأمنية وإلصاق الجريمة ببعض صغار المجرمين. وصول محمد باعزوم الي السلطة في النيجر وتشجيعه لعرب الصحراء للانضمام علي قواته النظامية ربما فتح شهية الجنجويد للتوسع غربا، لكن النيجر دولة فقيرة جدا، وباعزوم يواجه عداء الهوسا وهم غالبية السكان ومحاولته الاستنصار بقوة ضاربة من العرب الأجانب ستكون لها نتائج عكسية. تنوع تشاد العرقي والديني والثقافي جعلها علي مر التاريخ أرض خصبة لطموحات المغامرين، لكن أهلها عركتهم الحروب ولا يرهبون الطغاة، وإدريس دبي ما كان له أن يبقي في السلطة لثلاثة عقود لو لا أنه عقد تحالفات مع كل جيرانه وتفاني في خدمة الدولة الفرنسية بإرسال قواته لحماية مصالحها في طول القارة. والآن الضوء الأخضر من قصر الاليزيه لآل دقلو للعب دور أكبر في تشاد ربما يبدو للوهلة الاولي فرصة العمر للتوسع غربا مع توطيد وجودهم في دارفور، والأهم من ذلك عقد تحالف مع دولة عظمى لا تزال تهيمن علي أغلب مستعمراتها السابقة في افريقيا وتملك حق النقض في مجلس الأمن. لكن قافلة آل دقلو (The Toyota Caravan) قوة غير منضبطة لا تخضع لقانون ويرتكب أفرادها كل انواع الجرائم من نهب وسرقة سيارات وتجارة مخدرات، وتنغمس بسهولة في صراعات قبلية كما فعلت في الجنينة ضد المساليت. ولا تزال تحتفظ بمعتقلات سرية في دارفور والخرطوم تمارس فيها القتل والتعذيب والاعتقال خارج نطاق القانون. فهى قوة غير قابلة لإعادة التأهيل أو التطور بسبب تكوينها القبلي وضعف مستوى تعليم كوادرها، ولا يمكن لشركة علاقات عامة كندية أو روابط خارجية أن تمنحها الشرعية في دولة حديثة. بالاضافة الي أنها لم تقم بأي دور في الحرب ضد الإرهاب وليس في المنظور أن تطلع بدور في ذلك في المستقبل القريب، وجهدها الذى تطوعت به لمنع تدفق اللاجئين من وسط وشرق أفريقيا الي شواطئ أوربا ليست له نتائج ملموسة. وباصرارها علي التوسع في التنقيب عن الذهب وتصدير المواشي ولدورها في زيادة حدة الإستقطاب العرقى والجهوى وإضعافها للجيش النظامي ماديا ومعنويا، لم تعد سوى عائق لتنفيذ المشروع الأمريكي في السودان، لذلك ليس بمستبعد أن تكون الدعوة لها للتمدد غربا للعب دور في تشاد مصيدة للقضاء عليها.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
هاشم بدر الدين
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست