كانت الوقفة ضرورية لمعرفة أسباب الفشل والإخفاقات في أعقاب تلك الثورات والانتفاضات السودانية ،، وتجربة الانتفاضات والثورات قد جرت بالسودان مرات ومرات ،، فكانت تلك الانتفاضة الأولى ،، ثم كانت تلك الانتفاضة الثانية ،، وأخيراً تلك الانتفاضة الثالثة ،، والمؤسف للغاية أن تلك الانتفاضات لم تؤكل ثمارها في مرحلة من المراحل ،، بل كانت تمثل الوبال تلو الوبال على الشعب السوداني ،، وهي تلك الثورات والانتفاضات التي تشتعل لمجرد الغضبة والانفعالات الطارئة المؤقتة ،، مجرد حراك شعبي أساسها ذلك الحماس العفوي ،، ثم ذلك الغضب الشعبي من تردي الأحوال بالبلاد ،، بجانب تلك الضرورة القصوى التي تتطلب التخلص من هؤلاء الطغاة ،، وكذلك التخلص من ذلك الواقع المرير الذي تشهده البلاد ،، وتلك التجارب في الماضي وفي الحاضر قد أثبتت بأن تلك الثورات والانتفاضات السودانية ليست بتلك ( الثورات الحقيقية ) المعروفة في قواميس الشعوب ،، وهي تلك الثورات الحقيقية التي تشتعل انطلاقا من تخطيط ودراسات مسبقة مع سبق الإصرار ،، وذلك لإيجاد واقع جديد تتطلبه الضرورة والمستجدات ،، ولا تكون الثورة والانتفاضة فقط لمجرد الغضبة والسخط على جماعات تتمسك بزمام الأمور ،، بل لا بد من أهداف وغايات أكبر من ذلك كثيراً وكثيراً .. وتلك الثورات والانتفاضات السودانية كانت لمجرد الحماس المفرط دون تلك الاستراتيجيات المسبقة المطلوبة ،، وعليه نكرر القول هنا بأن الثورات والانتفاضات السودانية كانت مجرد غضبة شعبية مؤقتة يفرضها الواقع ،، وتفرضها تلك الأوضاع السالبة بالبلاد دون تلك النظرة المستقبلية العميقة .. والمصيبة الكبرى أن تلك الغضبة الشعبية كانت تنطفئ وتنتهي بمجرد انهزام الجلاد وذهاب السجان !،، وذلك في الوقت الذي فيه تلك المشاكل والظروف القاسية تظل قائمة بالبلاد في كل الأوقات !! .. وعليه من الخطأ الجسيم تسمية تلك الهبات الوقتية الطارئة الغاضبة بمسمى ( الثورات والانتفاضات ) ،، فتلك مجرد لحظات غضب وسخط لا يقدم ولا يؤخر في الحيثيات !!.
المعروف في كل دول العالم أن تلك ( الثورات الحقيقية ) تقوم بها جهات ذكية وماهرة من أبناء الوطن الواحد ،، وهي تلك الجهات التي تدرس وتخطط مسبقاً بطرق علمية وسليمة ،، ومهامها الأساسية تنحصر في تلك الدراسات والمتابعة ثم ذلك الحرص الشديد الذي يراقب مجريات الثورة والانتفاضة ،، وذلك منذ لحظات الاشتعال وحتى نهايات المهام ،، وتلك الجهة المكلفة يجب عليها أن تحسب الحسابات بكل دقة وحرص شديد ،، ثم وضع تلك البدائل في حال الإخفاقات والفشل المحتمل .. ولا يشترط في قيادة تلك الثورات والانتفاضات تواجد جهة من تلك الجهات السياسية أو الحزبية أو الرموز والجماعات المعارضة بالبلاد ،، بل يكفي فقط تواجد تلك ( الفرقة المحايدة ) من أبناء الوطن الواحد ،، وهؤلاء الأفراد في تلك ( الفرقة المحايدة ) يجب أن ينحصر مهامهم فقط في ذلك الحراك المتعلق بالثورة والانتفاضة بموجب تلك الدراسات والمخططات المعدة والمعتمدة مسبقاً .. وكذلك يجب عليهم أن يتصفوا بالذكاء والمهارات العقلية العالية بجانب تلك الحيادية المطلقة التي تطرد النفور والمجابهات ،، كما يجب على تلك ( الفرقة المحايدة ) مراقبة ومتابعة كافة مراحل الانتفاضة من الألف والياء .. وبنفس القدر يجب عليها متابعة وملاحقة تلك الأحوال في المراحل الانتقالية بعد الثورات والانتفاضات ،، وذلك بالقدر الذي يمنع التلاعب كما يمنع سرقة نضال وتضحيات الشعوب .. وفي نفس الوقت يجب على تلك ( الفرقة المحايدة ) أن تمهد المجالات بوضع تلك القيود السليمة التي تمكن من إيجاد الحكومات الدائمة بالبلاد ،، ثم وضع ذلك ( الدستور الدائم ) الذي يحدد كافة المسارات .
المراقب لأحوال الشعب السوداني منذ استقلال البلاد يكتشف أن ذلك الشعب كالتائه في متاهات الظلام ،، وفي نفس الوقت هو شعب يجهل كيفية التخلص من ذلك الظلام ،، فذلك الشعب الصبور كل مرة يشعل ( شعلة الانتفاضات ) للتخلص من ذلك الظلام ،، ولكنه بطريقة بلهاء وغبية للغاية يسلم تلك الشعلة لغير أهلها من تلك الأطراف !.. وهؤلاء الخبثاء يقفون بالمرصاد كل مرة ليخطفوا تلك الشعلة من أيدي الشعب السوداني ،، ثم يقودون البلاد والشعب إلى متاهات أخرى من الظلام !!،، وهكذا تدور الدوائر في دولة السودان منذ استقلال البلاد !،، وتلك الحقائق تؤكد بأن الثورات والانتفاضات السودانية هي مجرد غضبات وهبات شعبية مؤقتة كرغوة البحار تفور ثم تموت فجأة ًعن الأعين ،، مما يؤكد بان تلك الثورات والانتفاضات السودانية ليست ( ثورات حقيقية ) كما هو الحال في مفاهيم العالم ،، فتلك الثورات الحقيقية في مفاهيم العالم تسبقها عادة تلك الدراسات والمخططات والبدائل السليمة في حال الإخفاقات ،، وكل ذلك مع سبق الإصرار المقترن بالمواجهات والتحديات ،، ويقودها عادة حفنة من أبناء الوطن الأوفياء ،، حيث هؤلاء الأبناء الذين يمتازون بتلك المهارات العقلية العالية ،، وشتان شتان بين ثورات الشعوب وبين ثورات الشعب السوداني .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة