يا مريم العذراء- قصة بقلم:د.امل الكردفاني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-30-2024, 02:05 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-01-2020, 01:05 PM

أمل الكردفاني
<aأمل الكردفاني
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 2510

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
يا مريم العذراء- قصة بقلم:د.امل الكردفاني

    12:05 PM November, 01 2020

    سودانيز اون لاين
    أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
    مكتبتى
    رابط مختصر




    تستيقظ منذ الصباح، فتجد لعابها يسيل من طرف فمها الأيمن. تمسحه بملاءة السرير، وهي تحدق في السقف "صباح جديد، يا مريم العذراء".. وترسم علامة الصليب، بالرغم من أنها ليست مسيحية، لكنها تشعر بمريم العذراء كثيراً، وتراها في المنام كثيراً. كانت بالنسبة لها رمزاً لشيء ما غير محدد، ولكنه شيء جيد. "صباح جديد يا مريم العذراء" ويجثم ذلك الخوف فوق صدرها، الخوف المؤلم وغير المبرر. فتمد أطراف أصابعها المرتعشة وتتناول صندوق السجائر والزناد، ثم تدخن بوجه شاحب. صباح ثقيل، تشعر به كما لو كان استمراراً لموت قديم. فتبقى على سريرها لساعة، ويجتر دماغها ذات الأحاديث والصور كما ظل يفعل منذ خمسة وثلاثين عاماً. ذات كل شيء، كل شيء، بلا استثناء. حياة مفزعة. جسدها محطم تماما، كما لو كانت قد سارت عليه قاطرة فولاذية. مع ذلك عليها أن تنهض، وأن تذهب للعمل. عليها أن تاكل خبزاً لتظل حية ولأنها أجبن من أن تتحمل الإنتحار جوعاً. دفعت بطاقتها إلى الأمام قليلاً ونصبت ظهرها دون أن تترك السرير. ساعة أخرى ستقضيها في تامل جسدها العاري، وتداعبه لتشعر بأنه لا زال منتجاً..أو لتنتشي فتحصل على قدرة النهوض.
    ....

    أصوات أبواق السيارات تشتت انتباها، وكذلك صياح الباعة، وأحاديث الجالسين قربها في مركبة النقل، صوت سقوط ورقة نقدية من طفل، احتكاك الأحذية بالأرض، حادث مروري لم يكتمل، شقشقة عصافير لا تجد لها مأوى، طرقات عمال الورش الميكانيكية، صوت عبور أشعة الشمس من السماء إلى الأرض وبالعكس. العالم كله يصرخ داخل جسدها. "يا مريم العذراء".
    وحين تجلس خلف درج مكتبها الصغير، تخرج سجارة وتدخن، أثناء بكائها.
    لم يأتِ باقي الموظفين، وكان ذلك مريحاً. فأخذت تستمع لفيروز..لابد من تنعيم هذه الصباحات الغاضبة بشيء من التسامح. وحين وضعت السماعات على اذنيها، رأت الخفير وهو الساعي في نفس الوقت يقف أمامها بوجه مزرق:
    - ماذا هناك يا سيدتي؟
    تضيق عيناها حين ترمقه بهما مستفسرة، فيخرج الرجل النحيل ذو الأسنان المتسخة هاتفه وينظر إليه ثم يعود ويقول لها:
    - نعم..بالفعل..اليوم هو السبت..اليوم عطلة..
    تفغر فاهها وترفع حاجبيها بدهشة..ثم تلتقط مفاتيحها وقداحتها وعلبة السجائر والمناديل، وتلقيهم داخل حقيبتها الجلدية الصغيرة في ثانية واحدة، ثم تغادر المبنى. وحين تخرج من بوابته، يلفح وجهها نسيم عليل. وتصدح فيروز: "راجعين يا هوى راجعين..يا زهرة المساكين".. فيتلبسها شعور بالنشوة، وتقرر التسكع في السوق الكبير وهي تهمس، "من ذاك الملعون الذي اخترع نظرية العمل"...وتصدح فيروز "منودع زمان منروح لزمان..ينسانا على أرض النسيان"..وتشاهد الفساتين على أجساد المانيكانات الخشبية في واجهات المحال، وهن يقفن مستعرضات رشاقة نادرة الوجود، فتمد يدها وتمسح قماش فستان احمر جميل، فتلتفت المانيكانة نحوها بدهشة، وتصرخ هي برعب مغطية فمها..ثم تغمغم ووجهها محمر:
    - حسبتك مانيكان..
    ثم تضحك المرأتان، وتغادر هي عائدة إلى شقتها، وقد تزين صباحها برؤية تلك المرأة الجميلة. وتشبع يومها بتلك الضحكات الحقيقية. ضحكات من القلب كانت كافية تماماً. اشترت علبة سجائر، وجلست على شرفة الشقة تدخن...كان صباحاً مدهشاً حقا..
    قالت وهي تبتسم "يا مريم العذراء".

    (تمت)























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de