ما أن أعلن الرئيس ترامب عن تطبيع العلاقة بين السودان وإسرائيل حتى اطلقت الأصوات بالعويل والسباب وعبارات التخوين ، مع إن من طبع السودان معهم ليسوا من الشياطين كما أن منتقديه ليس من الملائكة . طبعت قبلنا على عهد السادات " رحمه الله تعالى " وطبع الأردن على عهد الملك حسين " رحمه الله تعالى " وأخيرا طبعت دولة الإمارات ومملكة البحرين وهناك خمس دول عربية على طريق التطبيع . صائب عريقات القيادي الفلسطيني هاجم السودان بعد لقاء نتينياهو والبرهان وتبعه كثير من دهمائهم وهو الآن يعالج في أحد مشافي إسرائيل من الكرونا . قطاع عزة الذي تحكمه حماس يتمتع بالكهرباء والماء من إسرائيل ويتعاملون "بالشيكل" اليهودي وليس بالريال الفلسطيني ، ألوف الفلسطينين يعملون في اسرائيل ويقتاتون من ثديها . السفير الفسطيني في دولة جنوب السودان يخاطب القادة الجنوبيين عند تقديم أوراق إعتماده مهنئا لهم بنيل استقلالهم بعد نضال طويل ضد " الاستعمار الشمالي " . شتمونا بأنا عبيد وخدم منازل فقط لأننا طبعنا مع إسرائيل ! ولم يرفعوا إصبعا أمام أسيادهم في الخليج ! يتباكون الآن على خرطوم اللآت الثلاثة ، ونسوا دعمنا لهم على مدي أكثر من نصف قرن . حارب الجيش السوداني على الجبهة المصرية في كل حروب ضد اسرائيل عام 56 و67 و73 وعبر مع الجيش المصري خط بارليف . فتح السودان ذراعية لفصائل فتح واستضافهم في أرضه من غير من ولا أذى بعد أن خاض رئيسه النيران لينقذ زعيمهم ياسر عرفات ، ولولاه لسحق مع جنوده في عمان بواسطة الجيش الاردني . تقاسم الشعب السوداني اللقمة مع فصائل المقاومة الفلسطينية ، الذين خرجوا من الأردن بقمصانهم وسلاحهم الشخصي ، لا يحملون معهم قطرة ماء . تحملنا في ظل نظام الانقاذ الظالم ضربات سلاح الجو الإسرائيلي أكثر من مرة لخاطر عيون حماس التي يهاجمنا قادتها اليوم . ولم يكن للشعب السوداني يد في كل ذلك . ما قدمه السودان للقضية الفلسطينية لم يقدمه بعض الفلسطينيون أنفسهم ، ويأتي السودان أولا في ذلك بعد دول المواجهة تماما . فلماذا نطبع بموقف خجول وغيرنا فعلها علنا ، ولم يجرؤ فلسطيني أن يقول " بغم " . أي جرم ارتكبناه في حق غيرنا ؟ لماذا نعيش على هامش العرب ونتقدمهم في قضاياهم ؟ وللذين يتمسحون بالاقصى نقول لهم ما قاله جد النبي (ص) لأبرهة " للبيت رب يحميه " الآن يمر البلد بمخاض عسير ، يقف آلاف الناس في طوابير لنيل حصتهم من ضروريات الحياة ، وتهدده الأزمة الاقتصادية ويضربه الغلاء بلا رحمة . قطاع عزة والضفة الغربية تتوفر فيها كل الضروريات ولا يعانون نصف الضايقة التي نعيشها ، ويريدون لنا أن نموت جوعا وهم في ضفتهم وقطاعهم مستمتعون بالجبز والإدام ، يريدون لنا ان نموت من الحر والعطش بإنقطاع الكهرباء وعندهم لا تنقطع ولو لساعة ، يريدون لنا أن نقف بالساعات الطوال أمام محطات الوقود وسياراتهم مترعة به . أي منطق هذا الذي يحل لهم ما يحرمه علينا ؟ حتى أصبحنا نحن أصحاب الوجعة أكثر من أصحاب القضية نفسها . السودان الآن يجب فعلا أن يبحث ع مصالحه أولا ، وثانيا وثالثا . كفى تضحيات لايقدرنا فيها من ضحينا لأجلهم . ولنعلن تطبيعنا مع دولة اسرائيل بكل كرامة وعزة ، من أجل مصلحة البلدين ، ولا ترثيب علينا ، فقد أدينا ما علينا تجاه إخواننا الفلسطينيون وأكثر ، والتطبيع ليس ضدهم ولا ضد أحد وإنما بحثا عن السلام في المنطقة يأمرنا به ديننا إن جنحوا له .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة