احسب ان الواقع الذي نحن الان في السودان لم يكن وليدة الصدفة ان ادارة المرحلة ما بعد الثورة اثارت شكوك كثيرة في اتجاهات عدة اولها وظيفة الحكومة الانتقالية والتردد في طريقة تعاملها في العلاقة بين الثورة وتركة الإنقاذ .لتؤكد علي الجميع ان الفترة الانتقالية ليس المقصود منها الوصول الي الحكومة المنتخبة في الفترة المحددة بل الانتقال الي مرحلة الهبوط الناعم. ولكن البديل الذي يريده الانقاذيون ليس كما يتوقعه الشارع السوداني فان الطبقة الارستقراطية الحاكمة في السودان تريد سلطة جديدة . ولكن بشروطها اولها ان يتم بناء سلطة سياسية علي مؤسسات المؤتمر الوطني والتي بالكامل كل مؤسسات الدولة .وهذا بالضرورة ان يحتفظوا بثرواتهم وان لا يتحاكموا علي جرائم التي ارتكبوها وان تبقي مؤسساتهم الاعلامية لان بهذا المثلث يحكمون اليهود امريكا وهم انفسهم اوجدوا قيادات للثورة لتقوم بهذه الوظيفة لهذه المرحلة وان ما يحدث اليوم هو التمرين علي نظرية المال والاعلام هو الذي يحكم نعم هذه النظرية صحيحة ولكن بعد تأسيس الحكم . فالاخوة حكام فترة الهبوط الناعم واجهوا تحديات حقيقية في تأسيس الحكم الذي يقوم بالهبوط الناعم لان اشراك الاخرين وخاصة اهل الهامش وبالتحديد ابناء دارفور يجعل مهمة الهبوط الناعم عملا صعبا . ولذلك واضطروا قبول اتفاق جوبا فيه نوع من الاقرار علي الهبوط ولكن النوع الخشن. فان الحوار بين حمدوك وحلو وحميدتي والجبهة الثوريةً مهما كانت النتائج لا تصب في مصلحة النخب وهذا المشهد في حد ذاته مظهر من مظاهر فقدان سلطة الجلابة ولذلك علي الاقل يتطلب منهم التضحية ببعض القيادات منهم البشير و الاشراك الحقيقي في السلطة باختراق المؤسسات الامنية وهي عملية لو تمت فعلا يصبح كل شئ خارج السيطرة الكاملة للنخب لان البلاد تتدحرج نحو الديموقراطية الحقيقية التي مصدر قلق حقيقي الاقلية. ولكن المزعج اكثر للنخب ان سلطة الهبوط الناعم قد لا تكون بيدها السلطة الكافية في ترتيب الوضع السياسي بعد الاتفاقيات الجارية عندما اضطروا لتقديم تنازلات جوهرية ومن المحال التنصل منها او التحايل عليها كما كانت تفعلها سلطة الانقاذ . لان المنظومة الامنية التي كانوا يعتمدون عليها لم يبق علي الولاء سوي عدد من الضابط في مختلف الوحدات وبل يرون هناك شك كبير في قدرتهم حتي تحريك الجنود تحت قيادتهم ودفعهم في مواجهه اهليهم ناهيك من الجيوش الاخري التي تبلغ اكثر من اصابع اليد والتي علي اهبة الاستعداد ، واحدة منها يمكن ان تفترس جيش النخب. فان سلطة المؤتمر الخريجين باحزابها ونقاباتها ومؤسساتها بدأت تتهاوي وساعد وباء كرونا والفيضانات والحصار الدولي والبؤس المعشعش والعطالة وسط الشباب في فقد بريقها وتخلي عنها حتي ابناء النيل انفسهم لانهم تمسك بهذه السلطة كلفتهم كثيرا بل لم يجدوا مبررا اخلاقيا في الاستمرار للدفاع عنها . هنا لجأت الطبقة الأرستقراطية الي الخطة (ب) وهي التهديد بالخراب تمهيدا للتخلص من اجزاء اخري لان التخلص من الجنوب لم يكن كافيا لاستمرارهم في السلطة من هذا الوقت .ولاول مرة هناك اصواتا عالية من ابناء النيل ضد طموحات النخب التي اكثرها مرتبطة بالخوف من المحاسبة والخوف علي مصادر ثرواتهم اكثر مصير الدولة ومضيهم قدما وان تطلب التضحية بوحدة السودان المتبقية وخاصة ان شرق السودان بان من المحال ان يكون جزء من مثلث حمدي . بالرغم من ان كثير من ابناء النيل وقفوا مع الانقاذ في حربه ضد ابناء الغرب و بالرغم من خروج الانقاذ بنوع من الانتصار الا انهم يرون أن الوسائل التي استخدمتها الانقاذ في الحرب منها محاولات الابادة والقتل الجماعي وسلاح الاغتصاب والرفع راية العنصرية وتسليح الخطير للاعداء التقليدين لابناء البحر جعلت لا قيمة للمقاومة بجهود عربية بل وضعت نهاية عدائية لدولة الجلابة باسرع مما كان متوقعا قبل النهاية الحقيقة للمعركة. ومهما كان نوع الفوضي ومدته فان المتضرر لاول الانسان الذي ينتظر وجباته ثلاثة من الحكومة . فاكثر اهل الريف السوداني لم يكن يوما ينتظرون الحكومة لاطعامهم. ولذلك ان الفوضي لا احد يعلم ما تفضي اليه الا ان من المؤكد لم تتمكن النخب من نجاة من ثورة جياع في الخرطوم قبل ان تفكر في بتر اجزاء اخري من البلاد لان من لا يستطيع الاحتفاظ بالسلطة من المحال له القدرة الكافية علي رسم الحدود التي يريدها . ولذلك الافضل علي النخب ان تضحي علي الاقل بعض كبار المجرمين وتقبل الهبوط الخشن ويتم ترتيب الوضع في السودان علي المواطنة المتساوية وتجنب القفز في الظلام
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة