|
|
 الاعجاز العلمي في (يكاد زيتها يضئ) بقلم نوري حمدون
|
01:26 AM August, 16 2020 سودانيز اون لاين
نوري حمدون-الابيض-السودان
مكتبتى
رابط مختصر
((1)) القرآن ليس كتاب فيزياء او كيمياء حتى نجد فيه النظريات العلمية و خلاصة الدراسات التي تجريها مراكز البحوث العلمية مثل وكالة الفضاء ناسا . و ان كان ثمة اعجاز فهو في البساطة الكاملة التي يستقبلك بها القرآن بالفاظه و عباراته الجزلة و دلالاته و معانيه الواضحة . و لأدلل على هذا الامر انتهز فرصة عودة النقاش حول (فيديو زيت الزيتون) الذي جرى تداوله بين الناس مطلع عام 2019 ثم خبأ بريقه ليعود مجددا في 2020 ليعرض من جديد بضاعة الاعجاز العلمي في القرآن . و في اعتقادي ان التصدي لدعاوى الاعجاز العلمي فيه فائدة للجميع . و الفيديو الذي اشير اليه يتحدث بالتحديد عن الاعجاز العلمي الموجود في الآية (35) من سورة النور:
((2)) يقول الله تعالى:
۞ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ۞ (35)- سورة النور.
((3)) يقول الفيديو :
(https://www.youtube.com/watch؟v=3VUZOva3PYQhttps://www.youtube.com/watch؟v=3VUZOva3PYQ)
(( الاية تشبه اضاءة الكوكب باضاءة زيت الزيتون , ذلك لان كلاهما بالفعل يتوهج مضيئا بطريقة /الاضاءة الفلورسنتية/ . كلاهما يعتمد على ظاهرة الضوء المترابط الذي امواجه لديها نفس التردد و نفس الطول . تتقابل موجات الضوء المترابط و تتداخل و تتراكب . و هذا ما يسمى بمبدأ التراكب . و هو في قلب اساسيات فيزياء الكم . و اذا بحثت في القاموس ستجد ان التراكب معناه /واحد على الآخر/ . و عندما يقول الله /نور على نور/ فهذا يشير الى تراكب موجات الضوء , واحدة على الاخرى . كما ان حقيقة ان القرآن يقول أن زيت الزيتون /يضئ/ فهو معجزة بحد ذاتها . يخبرنا القرآن ان الكوكب و زيت الزيتون كلاهما يضئ بشكل ذاتي , و انهما كذلك يضيئان بنفس الطريقة . و القرآن يصف هذا النوع من الاضاءة بـ /نور على نور/ قبل وجود نظرية الكم التي تشرح مبدأ الضوء المترابط . و هذا يدل على ان القرآن وحي من الله . ))
((4)) و جاء في تفسير الاية: (تفسير السعدي)
{ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } النور الحسي و النور المعنوي،{ مَثَلُ نُورِهِ } الذي يهدي إليه، وهو نور الإيمان والقرآن في قلوب المؤمنين، { كَمِشْكَاةٍ } أي: كوة { فِيهَا مِصْبَاحٌ } لأن الكوة تجمع نور المصباح بحيث لا يتفرق .. و ذلك { الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ } من صفائها وبهائها { كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ } أي: مضيء إضاءة الدر. { يُوقَدُ } ذلك المصباح، الذي في تلك الزجاجة الدرية { مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ } أي: يوقد من زيت الزيتون الذي ناره من أنور ما يكون، و شجرة الزيتون { لَا شَرْقِيَّةٍ } فقط، { وَلَا غَرْبِيَّةٍ } فقط، ، ويكون ذلك أصفى لزيتها، ولهذا قال: { يَكَادُ زَيْتُهَا } من صفائه { يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ } فإذا مسته النار، أضاء إضاءة بليغة { نُورٌ عَلَى نُورٍ } أي: نور النار، ونور الزيت.
((5)) بناء على فهمنا للاية اعلاه و المتوافق مع تفسير السعدي نؤكد ان هناك اربع افادات غير صحيحة وردت في الفيديو يجب توضيحها و الرد عليها كما يلي :
اولا: الاية لم تشبه اضاءة الكوكب باضاءة الزيتون , بل شبهت الزجاجة بالكوكب الدري . فالزجاجة تلمع من نار المصباح مثل الدر .. و الكوكب يلمع في السماء مثل الدر .
ثانيا : الاية لم تقل ان زيت الزيتون يضئ , بل قالت انه اوشك ان يضئ , أي لم يضئ . و كما اوضح التفسير فان زيت الزيتون لا يضئ الا اذا مسته النار .. فاذا مسته النار يضئ اضاءة بليغة .
ثالثا : الاية لم تقل ان الكوكب و زيت الزيتون يضيئان بشكل ذاتي . عبارات الاية لا تسعف احدا باستنتاج اشتراك الزيتون و الكوكب في خاصية الاضاءة الذاتية , الا ان يكون ذلك تعسفا .
رابعا: الاية لم تتطرق لطريقة عمل موجات الضوء المترابط , بل قالت ان المصباح و الزجاجة و الزيت اجتمعوا الى بعضهما البعض اجتماع النور الى النور . فقوله (نور على نور) يمكن ان تشير الى اجتماع هذه الانوار الى بعضها البعض .
((6)) في بداية ظهور هذا الفيديو في 2018 قال الداعية المصري المعروف (عمرو خالد) نفس الكلام . و نحمد له انه حاول في البداية ابراز الحقائق العلمية حول الموضوع فذكر اربع نقاط :
(https://www.dostor.org/2029377https://www.dostor.org/2029377)
1= ضوء الشمس يلتقي بالكلوروفيل في النبات فتنبعث نتيجة لذلك اضاءة فلورسنتية .
2= زيت الزيتون يصدر ايضا اضاءة فلورسنتية بسبب احتوائه على الكلوروفيل في الثمرة .
3= الكواكب المحتوية على نباتات تصدر اضاءة فلورسنتية بسبب الكلوروفيل في تلك النباتات.
4= الاضاءة الفلورسنتية في كل الاحوال لا ترى بالعين المجردة .
((7)) و لا شك ان المستفاد من الحقائق العلمية اعلاه ان سبب الاضاءة الفلورسنتية هو الكلوروفيل . لكن عمرو خالد يقع في نفس الخطأ عندما يفهم من الاية انها تقول (اضاءة الكوكب تشبه اضاءة الزيتون في قوله تعالى //الزجاجة كأنها كوكب// . و الواقع ان عمرو خالد نخرج من كلامه بثلاثة استنتاجات يمكن تلخيصها و الرد عليها على النحو التالي :
1= زيت الزيتون يضئ بذاته .. بينما الاية تقول (يكاد زيتها يضئ) أي .. (لم يضئ) .
2= اضاءة الزيتون مثل اضاءة الكوكب .. ذاتية .. فلورسنتية .. بينما الاية تقول (الزجاجة كأنها كوكب دري) .. أي لمعان الزجاجة مثل لمعان الكوكب .
3= زيت الزيتون و الارض نورهما متراكب .. بينما الاية تقول (نور على نور) ربطا بصدر الاية (الله نور السموات و الارض) .. أي ان نورالله هو أنوار (نور على نور) مثل انوار المشكاة الصادرة من الشعلة المتقدة و الزجاجة اللامعة و زيت الزيتون الصافي النقي .
((8)) و من ناحية اخرى نحب ان ننبه الى ان بركة شجرة الزيتون لم تبدأ البشرية في التعرف عليها بسبب هذه الاية . بل الصحيح ان الاية اعتمدت في بيان مرادها على ما يعرفه الناس في زمن التنزيل عن بركة شجرة الزيتون . و الابحاث التي اجريت حول شجرة الزيتون تفيد بانها كانت موجودة و معروفة بركتها قبل فترة صدر الاسلام بقرون عديدة . و اليكم هذا الاستعراض الموجز:
1= ووَفْقًا لروايات بعض كتب التاريخ، فإنَّ شجرة الزيتون كانت أوّل شجرة نبتتْ على سطح الأرض، حين دبَّتْ الحياة وعادت إلى سابق طبيعتها بعد طوفان نوح - عليه السلام . جاء في الكتاب المقدس " ان نوحا عليه السلام عندما رست به السفينة على جبل أرت، ,اطلق الحمامة و عادت إليه وفي فمها غصن زيتون أخضر ".
2= كما عمد الفراعنة إلى استخدام الزيتون في غذائهم ودوائهم وبناء حضارتهم وأهراماتهم، وعُثر على عبوات منه أثناء عمليات التنقيب عن آثارهم ومُقتنَياتهم.
3= وشجرة الزيتون لها مكانتها في قلوب الناس منذ القدم . فقد قال موسى عليه السلام فيها: " لا تقطفوا شجرة الزيتون حتى آخر حبة، بل اتركوا عليها بعض ثمارها ليأكل منها الناس والطيور و الحيوانات البرية.
4= و في الحضارة الفينيقية لاحقًا كثيرًا ما ورَد ذكر شجرة الزيتون في قصائد اليونانيِّين القُدامى ونَثرِهم ، وكان زيتونهم رمزًا للسلام والحياة والخصوبة.
((9)) فاذا كان ثمة مجد في اكتشاف مكانة زيت الزيتون و اكتشاف تميزه بين الزيوت و النباتات فهناك الكثير من الحضارات و الامم التي سبقت الاسلام في الوصول لهذا الاكتشاف و الذين يجدر بنا ان ننسب اليهم الفضل و الاعجاز قبل غيرهم في هذه المسالة . فعلى سبيل المثال هناك قوم نوح و شعب الفراعنة و امة موسى . نقول هذا القول لنثبت ان الاية لم يكن مرادها بيان مكانة زيت الزيتون في الدنيا او بيان الظواهر الفيزيائية المرتبطة به و بالكواكب . فموضوع الاية هو تقوية الايمان بافساح المجال لنور الله الذي هو هديه و رحمته ليضئ قلوب المؤمنين المحدودة مثلما يضئ ارجاء الكون الواسع .
((10)) ان الرسول (ص) هو المسؤول عن تبليغ الرسالة ممثلة في القرآن . و لم يرد في الاثر ان الرسول (ص) قد قال ان القرأن يحمل في نصوصه المدلولات التي تفهم في زمن التبليغ و المدلولات الاخرى التي سيفهمها اناس آخرون حينما يحين زمانهم . كما ان الله جل و علا أكبر من الاكتشافات العلمية . و يجب تنزيه القرآن من ربطه بتلك الاكتشافات العلمية .. اذ لا يستقيم ان نربط الثابت و هو القرآن بالمتغير و هو العلم . ان العلم الذي اكتشف ذات يوم ان الجزئ هو اصغر وحدة للمادة عاد في وقت لاحق و اكتشف ان الذرة أصغر من الجزئ . و فيما بعد اكتشف العلم ان الالكترون هو الاصغر من الجميع . بيد أن الاكتشافات الحديثة اثبتت وجود جسيم آخر اسمه النيوترينو كتلته أصغر من كتلة الالكترون .
=================انتهى================
|
|
 
|
|
|
|
نوري حمدون
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست