الانقاذ جثمت على صدورنا 30 عاما وقد مارست فيها شتى صنوف التعذيب والقهر والسحل والقتل ، ونفذت فينا اجراءات قاسية وافعالا البربرية خلقت منا مجتمعا غريبا لا نعرفه وانسانا مسخا مجردا من الانسانية والاخلاق ، وقد تحول بعضنا إلى كائنات أنانية لاتعرف الا نفسها ، يمكنها ان تقوم بأي اعمال بربرية بما فيها القتل والتعذيب مقابل المال ، وكذلك سرقة المال العام التي اصبحت نوعا من انواع "الشفتنة" والذكاء من أجل أن يسكن الشخص في منزل افخم من منزله الحالي أو يشترى سيارة افضل من التي يمتلكها أو يلحق انجاله بمدارس امين حسن عمر بالدولار الامريكي ، عشان يتمظهر على اقرانه بأن أولاده يدفع لهم مصاريف بالعملات الأجنبية ، واصبح من الأعيان.
وبعد سقوط النظام البائد وانتصرت الثورة اصبحنا امام مشكلة اخرى هي كل ما تشكو للشرطة أو العسكر بأنك تعرضت للنهب أو السلب او الاعتداء يردون عليك العبارة التي اصبحت في لسانهم " يا ها دى المدنية الدايرنها فعلا" فعلا يا ها ذاتها ، حيث يتساوى الجميع في الحقوق والواجبات ، وحيث يصرف الجميع في نفس الدرجة الوظيفية نفس الراتب سواء كانت المهنة عسكرية أو مدنية او حتى في القصر الجمهوري , ولا يكون هناك خيار وفقوس بين ابناء البلد الواحد ، في كل الولايات أو الاقاليم ومن مختلف السحنات.
وعندما يحدث ذلك لن يكون هناك تفرقة أو حتى احساس بالقهر أو الضيم ، ولن تكون هناك حركات مسلحة ، ومن يكن لديه سلوك اجرامي أو طمع او رغبة في الاعتداء على المال العام لن يجد من يشاطره ، ويجد الف شخص يقف في وجهه ويمنعه من اي سلوك غير قويم. فعلا هذه هي المدنية التي نريدها. حتى نقف صفا واحدا من أجل بناء الوطن ونغير عليه ونحافظ عليه ، ونحميه بارواحنا ، ونضعه في حدقات عيوننا.
وخلال سنوات الانقاذ سمعنا ورأينا هناك من يحصلون على اكثر من راتب او رواتب لمجرد أنهم تابعين للحزب الحاكم أو الجماعة كما يقولون ، وهناك من ينتظر عشرات السنين حتى يحصل على وظيفة ويطول انتظاره والوظيفة لم تأتي ، كيف يستقيم الظل والعود اعوج ، اذا كان الامر يرتبط باشياء غير الكفاءة او الفرص المتساوية ، وقد مات البعض وهو ينتظر الوظيفة ، وهناك من كان يعمل في وظيفة حصل عليها بالحق وبدون سابق انذار يجد نفسه في الشارع لمجرد أنه لاينتمي للحزب الحاكم أو طمع احدهم في الوظيفة ، ولذلك إن الديمقراطية والحكم المدني تتساوى فيه الفرص وكل من تعرض للظلم سيذهب إلى المحكمة ويحصل على حقه دون واسطة او محسوبية .
وقد جرننا حكم العسكر منذ استقلال السودان حيث حكمنا العسكر قرابة 55 عاما وكيف كانت الناس تظلم وكيف كانت تضيع الحقوق ، وحتى الآن الكباشي يريد أن يستمر في الحكم ويشعر بالعار من الاستمرار في حكم المدني على الرغم من انه يعلم أن شركات الأمن والدفاع هي التي تتحكم في السلع والسبب في الندرة وهي التي تتحكم في الدولار الخ....
ونقول لكل من يعترض على المدنية إن الزمن تغير والمجتمع الدولي تغير ، وايام القهر والدكتاتوريات انتهت ، وايام التهديد والوعيد انتهت ، فالذين يريدون العودة بعقارب الساعة إلى الوراء نقول لهم انتم تتوهمون. المدنية والحرية والديمقراطية هي السبيل الوحيد للتطور والاحترام ، ولن نقبل بالدكتاتورية التي جربناها مع عمر البشير والكيزان، وقد رأيتم بأم اعينكم كيف واجه الشباب الرصاص بصدور عارية من اجل الديمقراطية والحرية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة