(١) في مديح الجمال العادي كان لجدي رحمه الله مقولات كثيرة ، كان بعضها عادياً و كان بعضها يفتقر حتي الي الحكمة ، و لكن العبارة التي بدت لي غريبة و خاوية من المعني في حينها ثم تفتقت عن حكمة عميقة لم ينقص من مقدارها أن ما عناه جدي كان مختلفا عن ما سيفصح عنه نص العبارة لاحقا ، و في هذا توافق عجيب مع ما ذكره المتأخرون من موت المؤلف و تحرر النص بمعانيه عن سطوة الكاتب بمجرد اكتماله ..! كان جدي يدعو الي الزواج من ذوات الجمال العادي..! ، و كان يؤيد دعواه هذه بعبارة لم اسمعها من قبل ؛ " الجمال منفوس " و ما ستفهمه من العبارة اذا قرنته بالطريقة التي يقبض بها اصابع يده النحيلة وهو ينطقها هو أن (العيون ) تُصيب كل جميلة و تسبب لها مشاكل ستتعداها الي من يتزوجها ...! ، كان المعني بسيطاً و ساذجا و لن يُدهش حتي صبياً في الخامسة ، و لكني الآن و بعض مضي زمن طويل ، أقف متعجباً كيف فاتني هذا المعني كل هذا الوقت ؛ الجميلات هن أول من يغدر بهن جمالهن ، و لو تفكّرتَ في ما يجره الثناء المجاني الذي يغرق به الناس هؤلاء المسكينات منذ الصغر ، لفهمت كيف تتفوق عادية الجمال علي الفاتنة في حظ اللُطف و الجاذبية و الامتلاء و المقدرة علي الإحتواء و غني المتون و رقة الحواشي ، هذه كالشراع ؛ يحضن الريح لتأخذه الي المرفأ ، و تلك كالوردة ؛ لا ظل و لاثمر ولا رائحة ولا صبر علي غياب ( الماء )..!
(٢) النُّور و دعلوب إشتهر الغربيون بحرصهم علي الإجادة ، و لهم في ذلك قصص كثيرة ، و منها أن ألمانياً يسمي ( إستيفن ) حضر الي بادية البطانة في السبعينيات ، و عاش مع اهلها سنينا طويلة كان فيها كأنه أحدهم ؛ فلم يكن يأكل أو يلبس أو يركب في إقامته الا كما يفعل أواسط اهل البادية ، و قد نسجت حول اسباب حضوره قصص كثيرة تراوحت بين كونه مبعوثاً من جامعة مهتمة بالتراث و الاجناس و اللغة الي نسبته الي اجهزة المخابرات و مراكز الدراسات الأمنية ، و قد اجاد في اللهجات المحلية لأهل البطانة بل و روي الدوبيت و صححه و ارتحل متتبعاً تحقيقه و تصحيحه من وهد الي جبل و من واد الي سهل. وكان استيفن يتغشي المرحوم د. عدلان الحاردلو بمكتبه بجامعة الخرطوم من حين الي اخر و قد صدف ان احد ابناء البطانة الذي غادر الي مصر للدراسة قبل حضور استيفن فلم يعرفه ولم يسمع به، قد دلف الي مكتب الدكتور بلا سابق ميعاد في حضور استيفن ، و بعد القاء التحية بادر بسؤال الدكتور : " منو من ناس الصباغ الحِضر زواج الشيخ عبد القادر ؟" وجاء الجواب مزلزلاً من استيفن ذو العينين الخُضر : " والله إلا النُور ود علّوب ..!"
(٣) الجيم الساكنة بلغ الشيخ احمد عوض الكريم ادعاء الناس أن الصادق أب امنة قد فاقه في ( الغُنا ) ، فأولم الشيخ احمد للصادق و دعا الناس ، ثم طلب من الصادق أن ( يجيب مربوعة ) بقافية الجيم الساكنة ، فأجابه الصادق : " أنا ما بعرف الجيم الساكنة ، لكن انت قول و أنا ببراك..! " فقال الشيخ أحمد : أضحيت خِلي مغلوب غلبي ألفي صنجْ من فكتوريا ... ملكة سادة الأفرنجْ سيف أجفانها مصقول هندي ، ماهو بلنجْ و تمرة فاها الذذ من عصير المنجْ
ورد الصادق أمسيت خِلي مضروب بي كرابيج عنجْ من طاقة كريب جورجي الأصيل مو غنجْ جرحِك جوّة ماذيني و مغوِّر و لنجْ كُرِّيفك شِفا و عسلة براطمك بنجْ
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة