اولا لا يمكننا ان نتحدث عن العدالة ونربطها بشكل مجرد علي اداء المحاكم. فالقضاء لا يمكن ان تحقق العدالة المطلوبة ،الا اذا صلحت كل الجهاز فنظام القضائ في السودان عبر التاريخ ناهيك عن قضاء الانقاذ ، غير صالح مطلقا في تحقيق العدالة .لانه مبنية علي مؤسسات غير محايدة . بدأ القضاء السوداني بعد الاستقلال بقضاة ما كانوا يؤمنون في الأساس بان الشعب السوداني لديهم حقوق متساوية وكانوا أدوات لممارسة العنصرية .واعتقد الجميع يتذكر او سمع او قرأ بان احد القضاة حكم بالطلاق بين الرجل وزوجته بدعوي عدم الكفاية بمعني لا يجوز لبنت من شمال السودان ان تتزوج شاب من ابناء النوبة لانه اسود وفي راي القاضي بانه عبد والعبد لا يجوز ان يتزوج حرة . وهذا الحكم في الستينيات ليس زمن العبودية وهذا الحكم سابقة مازالت موجودة كوثيقة ومن الخطأ اعتقاد بانه كان عملًا معزولا . وتنتهي في هذا العقد بحكم قضائي في محكمة امبدة عام ٢٠١٤ ينطق القاضي بعبارة انتم اولاد النوبة عبيد وحرامية قبل ان يصدر حكمه بالسجن خمس سنوات في سرقة الملابس موضوع الاتهام ويهرول محاميه الي خارج القاعة وهو يبحث النجاة لنفسه من الذبح عندما ذبح القانون امامه. فإشكالية القضاء في السودان تكمن في ان المتضرر لا يستطيع الوصول للقضاء لان التحريف والتسويف يتم بواسطة بعض ضابط الشرطة الذين يقومون بالتحري او الوقوف علي مراجعة الصيغة النهائية للتحري الذي يتم بواسطة الرتب الدنيا .و يعملون علي اتلاف الأدلة وممارسة الإرهاب للشهود وبالتعاون مع المحامين تمتد بعض القضايا لسنوات طويلة قبل ان يدب اليأس في الشاكي ويفضل العودة لممارسة حياته الطبيعية،وهي الطريقة الوحيدة لكسب المحامي القضايا الخاسرة وهو أسلوب سوداني مبتكر في العدالة السودانية. وحتي بعد ان يتم محاكمة بعض الناس فالجهات التي تنفذ العقوبة من شرطة السجون وبعض الأطباء يعاملون السجناء بشكل مميز داخل السجون هو معني ميلان العدالة لا يعني الظلم الذي يتعرض الشاكي او العقوبة الإضافية للجاني بل ابتداءا من سن القوانين التي لم تجرم الافتخار بممارسة اجداده العبودية وازدراء الاخرين بوصف العبودية الي المثول امام القضاء مرورا بتنفيذ الحكم كلها مراحل القضاء لا يمكن ان تكون كلها سلسة بروح العدالة ،الا اذا كانت هناك مؤسسات خدمة مدنية محايدة وجهاز سياسي يراقب هذه المؤسسات بشكل مجرد ووضع بعض القضايا امام محاكم مختصة لقضاة يتم تأهيلهم لتحقيق هذا الغرض في محاكم خاصة مثل العنصرية لانها محتاجة لادلة أثبات غير التقليدية وكذلك عقوبات غير نمطية مثلا حرمان من ثبت تورطه في العنصرية من الوظائف القيادية او الحكومية . فعيوب المؤسسات السودانية وعدم حياديتها ظهرت بشكل جلي في جريمة الضعين وعلونا في عهد حكومة المهدي مع انها كانت حرية الإعلام متاحة ،ولكن كل المؤسسات سكتت علي تلك الجريمة ليست فقط المؤسسات الأمنية والقضائية وبل الإعلامية والسياسية الجمعيات الأهلية والمنظمات الطوعية والحقوقية مثل المنظمة السودانية لحقوق الانسان وغيرها. واذا كان ذلك الموقف في العهد الديموقراطي فما بالكم في المؤسسات التي كونها البشير بنفسه ليحتمي بها هناك من يريد ان يوهم الناس بان هناك قضاء اذا كان الجهاز القضائي صالحا لمحاكمة البشير ما كان هناك سببًا واحدًا للثورة من الأساس لان اذا صلح القضاء صلح كل شئ بعده. فان بعض الشخصيات كان لهم اجتهادات وبصمات جادة في العمل القضائ لا يمكن ان يكونوا معيارًا لان الحروب نفسها بسبب غياب العدالة ومن المحال ان يكون هناك جهاز قضائي ناجح وعادل في دولة تمارس العنصرية صراحة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد ادم فاشر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست