كما كان يهيمن النظام البائد علي كل مقاليد الحياة بالبلاد بما يسمي بـ " التمكين" لم يكن يلقي بالا في البداية لقطاع الفنون بشكل عام ولقطاعات ، كالسينما والمسرح والغناء الثوري بشكل خاص ويبدو أن "البصاصون" من رعيته قد أوعز له خطورة هذه القطاعات علي النظام ، لما لها من حضور وتأثير جماهيري مقدر ، بالنظر الي نشاطها التعليمي ، التوعوي ، التحريضي والتعبوي المستعر ، فأسند هذه المهمة لأبو شنب ( شخص معروف في الوسط الفني بأنه متسلق ، متملق وانتهازي ومن سلوكه المتغطرس ، تنبعث منه رائحة الماسونية المزروعة في البلاد) ، ففُتحت له كل أبواب التمكين ، كي يمثل البلاد في الداخل والخارج ببضاعته الغثة ومن ضمنها كان مجلس المهن الموسيقية والتمثيلية ، الذي كان في الواقع أداة أمنية ، اُسست كي تلاحق الفنانين المتمردين والعصاة وتحتكر في نفس الوقت الساحة لحساب النظام .
أنت لو اطلعت ايها القارئ الكريم علي قانون مجلس المهن الموسيقية و المسرحية السوداني لسنة2010 ستدرك علي الفور مدي اعتراض فئة كبيرة من الفنانين علي هذا المجلس ، فهو في الحقيقة أداة " استعباديه" أمنية ، تسوق الفنانين بـ "كرت" يحملونه قسرا، ترفع به من تشاء وتطرد به من تشاء ، تمنح الإذن بالعرض لمن تشاء وتحجبه عن من تشاء . كما أنه يرخص فقط لفنانين بعينهم وبذلك ، يمنع المواهب الصاعدة من الظهور حتي علي الساحة ، ناهيك عن خريجي كلية الموسيقي والدراما المعارضين لهذه الهيمنة.
بعد قيام ثورة ديسمبر المجيدة والصامدة ظهر هذا الكيان مرة أخري قبل أيام خلت وقدم عرضا لرئيس المجلس العسكري ، لا ندري ما هو تحديدا! ولكنه من المؤكد أنه كان طلبا لدعم مجلسهم ومعاودة نشاطه مرة أخري بنفس قانونه المجحف بحق الفن والفنانين . مما يثير الريبة ايضا!! لماذا لم يقدم مجلس المهن الموسيقية والتمثيلية المزعوم هذا طلبه لرئيس الوزراء مثلا وهو الأحق بذلك تراتبيا ؟ الإجابة واضحة ، فهو ليس بمجلس ينتمي الي هذه الثورة وإنما هو امتداد للنظام البائد ويتوجب حله بل إلغاء القانون الذي خُصص من أجله.
حتي الآن ، لم تعر حكومة الثورة الحالية انتباها لأهمية الفنون بروافدها المختلفة ودورها في دعم الثورة ، فقد كانت كذلك منذ الاستقلال وحتي وقت قريب ولا عذر أن تكون الحكومة الحالية لا زالت في طور "الانتقالية" إذ أن الفنون تسير دائما بالتوازي مع حركة التاريخ ومع الثورات .
كانت هذه مقدمة لتبيان واحدة من العقبات الكؤود التي أدت الي انهيار الفنون ، بل وتدميرها تماما ، كما دمر النظام البائد كل شيء ولأننا في وضع " ثوري " مستمر فعلي فنانين بلادي من الوطنيين إثبات حضورهم لإثراء هذا الموضوع الهام والهام جدا وبالتوفيق والسداد إن شاء الله.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة