ما قاله الفريق حميدتي في لقائه التلفزيوني كان بسيطا في أسلوبه عميقا في معناه ، يماثل تماما كلامك وكلامي عندما نجلس مع أصدقائنا الخلص في صالون الضيوف آمنين مطمئنين فتنشرح الصدور وتبوح بالمستور وتشتكي وتتألم بصوت مسموع . واستطاع الرجل أن يرغم المذيع المهذب أن يتغير من أسلوبه الجاف الذي بدأ اللقاء به ليكتسب اللقاء بعدها عفوية وبساطة الضيف فيخرج البرنامج من النمطية المعتادة في مثل هذه اللقاءات مع المسؤولين . ولست في حاجة لأخوض في مواضيع اللقاء ، ولعلني أتوقف عند نقطة جاءت من وحي اللقاء ، وهي في نظري نقطة جوهرية ، تطرقت إليها سابقا وقلت ما قلته وأنا على يقين منه أن فض الاعتصام ما كان يحتاج إلى تكوين لجنة للتحقيق لتأخذ كل هذا الوقت . والسبب واضح وهو أن المجرم معروف والدافع لديه موجود والسوابق لهذا المجرم معروفة وكثيرة ولا تحتاج لدليل . والمجرم للأسف لايزال قادرا على الأذية ومستعد لمزيد من الجرائم بل نجح في توجيه الانظار إلى غيره على انه هو الفاعل ، وللأسف صدقه الكثيرون . المجرم دون مواربة هو جماعة الكيزان اللئام وذراعهم المسلحة في كتائب الظل من الدفاع الشعبي ومنتسبيهم في الشرطة وقطاع الأمن . هذا هو المجرم الحقيقي وهم ليسوا اشباحا تضرب ضربتها وتختفي . وأحسن الفريق حميدتي في ترك الأمر للجنة التحقيق بالرغم من وضوح الجريمة والفاعل وأنها لجنة لالزوم لها ـ في رأيي المتواضع ـ ولكنه كمسؤول في أعلى هرم السلطة عليه أن يحترم القانون والعرف السائد حتى لا يتهم بأنه يؤثر على سير العدالة ، خاصة وأنه وقواته قد اتهموا ظلما وبهتانا بفض الإعتصام ، والغريب ان من يروج لهذا هم المجرمون أنفسهم . أعرف أن هناك للأسف من وقع في حبائل الكيزان اللئام وصدقوا فريتهم بأن للدعم السريع وقائده يد في الجريمة النكراء في فض الإعتصام . لقد تكلمت في هذا من قبل وفي الأيام القليلة التي أعقبت الحادث وقلت كل الدلائل تشير للفاعل ، وكلام الفريق حميدتي عن ايقاف الدعم السريع لمجزرة خطط لها الكيزان في أيام الاعتصام الأولى يدحض كل اتهام فمن يحرص على ارواح الناس ويمنع من زهقها بيد غيره لا يمكن أن يزهقها هو بنفسه . ومالنا نذهب بعيدا فعلى عثمان وكلامه عن كتائب الظل مسجل ومحفوظ وكذلك ما قاله قادة في تنظيمهم المحلول واضح بين من توعدهم للناس بالسحق والقتل . ثم ما مصلحة حميدتي وقواته في فض الاعتصام ؟ وبهذا الغل والغبن والتشفي ؟ وكلامي هذا لايعني براءة قوات الدعم السريع من كل انتهاك أو خرق لحقوق المدنيين وضربهم في الشوارع . فهم ليسوا أنبياء ولا معصومين . ولكن من الظلم للرجل وقواته إلصاق هذه التهمة النكراء بهم .بجانب أن ذلك يمكن المجرم الحقيقي من الافلات من العقوبة ويشجعه لإرتكاب غيرها . هذا الكلام لا يعجب بعض الناس وهم ثلاث فئات لا رابع لها : إما أنهم من نفس طينة الجماعة الكيزانية سئية الذكر ، وهذه يهمها أن لا تظهر الحقيقة التي تدينهم . وثانيها هم فئة مسيسة لها أجندنها الخاصة ولا يهمها الحقيقة بقدر ما يهمها ضرب من ترى أنه يهدد مصالحها . والثالثة فئة تمشى وتسير وتفكر بسطحية ، ولا تتعمق في ما وراء الأحداث وهي مع كل رأي خلفه إعلام قوي . يتأثرون بما ينشر بصورة انطباعية وهؤلاء تقودهم أحدى الفئتين السابقتين . المهم بالنسبة لقطاع كبير من الناس وأنا منهم أن تظهر الحقيقة في شكلها القانوني وإلى ذاك الحين سنتحمل عبء قول الحق الذي للأسف يبدو تائها بين مصالح كثير من الناس . إن شيطنة الدعم السريع وقائده وتجريمهم ، لا يصب إلا في مصلحة الكيزان مرتكبي المجزرة ، وكل من يصدق كلامهم أو يسير خلفهم يخدم مصالحهم واتجاهاتهم وهو يحسب أنه صنع حسنا ، هؤلاء هم في الحقيقة المغفلون النافعون .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة