|
وداعاً أبريل, بقلم إسماعيل عبد الله
|
10:17 PM April, 28 2020 سودانيز اون لاين اسماعيل عبد الله-الامارات مكتبتى رابط مختصر
,
رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه ورحلوا في أبريل ومدخل شهر الصوم الفضيل, منهم من وقف سداً منيعاً ضد الظلم والعدوان, وقاوم طغيان القوى الظلامية بشراسة حتى الرمق الأخير, وبعضهم توفاه الله قبل أن يحتفل بذكرى رحيل الدكتاتور, والبعض الآخر أدرك اللحظات الجميلة لزوال الغمة ثم زال هو الآخر عن هذه الزائلة, جميعهم اجتمعوا على هدف واحد هو محاربة الحرب ومجرميها, ومصادمة الطغاة الراكزة عصاهم على صدر الشعب المكلوم, صادموا الطغيان بالكلمة الملتهبة شعراً ثائراً و مقالاً حاسماً, فبالأمس غادر شاعر إفريقيا الذي بشرنا بصباح الصبح الجديد, واليوم فجعت الأوساط السياسية والفكرية والثقافية والاجتماعية في إثنين من جهابذة رجال السياسة والكياسة والكتابة والأدب, والأدب, الفاروق الذي لا يخشى في الحق لومة لائم, والمنصور الذي نصره الله رغم كيد الكائدين.
(أبريل شهر الرحيل), مقال كتبته قبل رحيل الطاغية ببضعة أيام, وكانت قناعتي يقينية مؤكدة بأن أبريل سيكون موعداً لاقتلاع الشر, فهو شهرٌ نال مكانة جليلة في مخيلة الشعوب السودانية, و وثّق للحظتين أنيقتين في تاريخنا الحديث, حيث ركل طاغيتين وقذف بهما في مكب نفايات التاريخ, وبينما نحن في خواتيم أبريل واستهلالية الشهر الفضيل, أزف التهاني والتبريكات للشعوب السودانية بحلول رمضان الكريم, متمنياً لها خروجاً آمناً من مطبات مرحلة الانتقال وتحولاً ديمقراطياً حقيقياً وسلساً, راجياً من رب العزة شفاءً تاماً لأمتنا من جراحات القهر الغائرة التي أحدثتها آلة الجبروت البائدة, آملاً في نجاح كبير تتجاوز به الأمة الصعوبات الحاضرة لكي تثب نحو مرحلة أخرى متقدمة ومفضية إلى تأسيس دولة العدالة والقانون والحكم الرشيد.
بعد اكتمال البدر الرمضاني و انتهاء العام الأول لزوال عرش الظالم, لابد من إنجاز شعار الثورة ألأول, (ألحرية), لقد مضى عامٌ على ثورة الشعوب السودانية وما زالت الأيقونة الثورية الموهوبة (دسيس مان) تقبع في بؤس سجون ذات الثورة, أيعقل هذا؟, ماذا ارتكب هذا الفتى الأبنوسي الوسيم من جناية حتى يترك في السجن؟, بينما مهندس الإبادة الجماعية يهنأ بدار للرعاية الخاصة كما أوصى بذلك قاضي آخر جلسة من جلسات تلك المحاكمه الهذلية والهزيلة؟؟!!.
الهتاف الثاني لشعار ثوار أبريل و ديسمبر جعل حبال خياشيمهم الصوتية تنشرخ وتنفتق وهم يرددون (سلامٌ,, سلامٌ,, سلامٌ,,), الحلم الذي خالج خيالات شباب الصبّة وغازل طموحات كنداكات وفتيان الترس, علينا الاستحضار الدائم لوصايا الشهيد كشة وتغريدات العظيم الخالد عبد العظيم المتجردة والمتفانية, لقد قالها الإثنان (إنّها ثورة حتى النصر), مقولة كالسيف البتّار لو يعلم المتساهلون, عام مضى يا أيها الأديب الأريب والشباب يسألون هل راحت دماء رفقاء دربهم الثوري هدراً؟ هل هنالك (دغمسات) تحاك في دهاليز السلطة المؤقتة؟, لماذ لم تتفوه بكلمة واحدة أيها المحامي القدير؟ عليك العمل من أجل القصاص المستهدف للآمر والمنفذ والمبارك والساكت عن الحق مهما ادعى الخرس والبكم و(العوارة).
نحن في زمان لا يجدي فيه الحاكم ولا السلطان غيرالصدق, إنّه عصر توثيق دبيب النمل على الصخور الصماء, فالتوثيقات الصوتية والكتابية لم تترك طفل صغير ولارجل هرم إلا والتقطت صورته الشخصية و سجلت صوته الأصلي غير المزور, رأينا عبر فيديوهات فض بكارة عذراء الثورة السودانية المجيدة, وشاهدنا بأُم أعيننا مَن ضَرب بالعصا ومن ضُرِب, لكننا لم نر صورة واحدة لمن أطلق الرصاص ومن قَتَل؟, وهنا تكمن (الدغمسة) البشيرية, فبكل بساطة يمكن للممسك بالعصا أن يعترف بما ارتكب من جناية الضرب والركل والشتم والسباب, لكن من المستحيل أن يُقر القاتل الملثم والمتخفي وراء ظلال الجُدُر والهارب من تحت استار ظلام الليل البهيم, باطلاقه للرصاص الحي والطلق الناري.
بعد أن اكتمل ابريل بدراً كاملاً وأوشك أن يغادرنا, وأتم شعبان آخر أيامه وأتانا رمضان,ما على النبيل الأديب إلا أن يعلن عن مخرجات لجنته القانونية, وإن لم يفعل, فعلى جهازي الدولة السيادي والتنفيذي اتخاذ الإجراءات القانونية المطلوبة بحقه والتحقيق معه في تقصيره, فالكل واقف في صف انتظار الخلاصة والزبدة والعصارة, فهل يكون أبريل هذا العام ختام لمطاف المراوغين والمداهنين و الأرزقية والمستفيدين؟
وداعاً أبريل, هذا الشهر الرائع أُكن له حباً وعشقاً سرمدياً خاصاً منقطع النظير, إنه الشهر الذي يؤرخ لأول يوم تطأ فيه قدماي دار الحكمة (الجامعة), وفيه فتحت لي أبواب الرزق في مدن الملح والذهب الأسود, وفوق هذا و ذاك أرّخ يوم الحادي عشر من أبريل (يوم عزل الدكتاتور) ليوم عُرسي وليلة زفافي , الليلة التي زفت إلي فيها بنت الأكرمين. فوداعاً ثم وداعاً أيها الشهر الجميل.
إسماعيل عبد الله
[email protected]
|
|
|
|
|
|