(دون جوان):: يعيده بيتر هانكه إلى الحياة:و لكن بأي صورة؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-22-2024, 01:36 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2019م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-23-2019, 10:13 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10981

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (دون جوان):أسطورة العشق العالمي: يعيده هان� (Re: محمد عبد الله الحسين)


    مقطع من بداية الرواية‎
    كان دون جوان دائم البحث عن شخص يصغي إليه. وعثرَ فيّ، ذات يوم جميل، ‏على ذلك الشخص. لم يروِ لي حكايته بضمير المتكلم، بل بضمير الغائب. هكذا ‏أتذكرها الآن على كل حال‎.
    في ذلك الوقت كنت أطهو الطعام على نحو عابر لنفسي فحسب في المَضيَفَة، حيث ‏نزلت بالقرب من أطلال "بور رويال دي شون"، ذلك الدير الشهير سيء السمعة ‏الذي كان في القرن السابع عشر من أشهر الأديرة في فرنسا. غرف الضيوف ‏القليلة أصبحت أيضا جزءا من مسكني. قضيت كل أشهر الشتاء وبشائر الربيع في ‏ذلك المسكن، وكان ذلك لا يعني سوى إعداد الأطعمة لنفسي فحسب، والقيام ‏بالأعمال داخل المنزل وفي الحديقة. كنتُ، أساساً، أقضي وقتي في القراءة، وبين ‏الحين والآخر في التطلع من هذه النافذة العتيقة الصغيرة أو تلك من نوافذ مطعمي ‏الذي كان عبارة عن مبنى شُيدَ آنذاك لحارس "بور رويال دي شون‎". ‎
    ليس أي دون جوان
    منذ فترة طويلة كنت أعيش بلا جيران. لم يكن السبب في ذلك يرجع إليّ. ليس ‏هناك ما هو أحب إليّ من الجيران، ومن أن أكون جارا. لكن فكرة الجيرة فشلت - ‏أم لم تعد تساير العصر؟ على كلٍّ، في لعبة العرض والطلب كنتُ أنا مَن أخفقت‎. ‎لم ‏يعد أحد يطلب ما أعرضه كطباخ وصاحب مطعم. فشلت كرجل أعمال، مع أن أحد ‏الأشياء القليلة التي كنت أومن بها دوما هي الأعمال التي تجمع بين الناس، كلعبة ‏البيع والشراء التي تنشط الحياة الاجتماعية‎.
    في شهر مايو أهملت العمل في الحديقة كلها تقريبا، ولم أكد أفعل شيئا سوى ‏مشاهدة الخضروات التي زرعتها أو بذرتها وهي تنمو أو تذوي. الشيء نفسه كنت ‏أفعله مع أشجار الفواكه التي زرعتها أيضا قبل عقد من الزمان عندما استلمت ‏منزل الحارس وحولته إلى مطعم. من الصباح حتى المساء كنت أتمشى، وأقوم ‏بجولة بعد جولة في الحديقة التي تمتد في عمق هضبة "إيل دو فرانس" حتى أصل ‏إلى التفاح والكمثرى والجوز، من دون أن أفعل أي شيء سوى الإمساك بكتاب في ‏اليد‎. ‎حتى الطهي وإنضاج الطعام لم أكد أمارسه في تلك الأسابيع الربيعية إلا تلبية ‏للعادة فحسب. بدا أن الحديقة الشعثاء قد بدأت تتعافى، بل وازدانت بمزروعات ‏جديدة مثمرة‎.
    شيئا فشيئا بدأت أزهد حتى في القراءة. وفي صباح ذلك اليوم الذي أتاني فيه دون ‏جوان هاربا، كنتُ قد عقدت العزم على أن أهجر الكتب في الوقت الحالي‎. ‎ومع ‏أنني كنت في منتصف قراءة عملين يتمتعان بالريادة، ليس فقط على مستوى الأدب ‏الفرنسي، وليس فقط في القرن السابع عشر، وهما رسالة جان راسين التي يدافع ‏فيها عن راهبات "بور رويال"، والمقالة التي كتبها بليز باسكال مهاجما خصوم ‏الراهبات من الرهبان اليسوعيين. وهكذا قررتُ بين لحظة وأخرى أن أكتفي بما ‏قرأت، على الأقل لفترة ما. قرأت ما يكفي؟ كانت الفكرة التي خامرتني في الصباح ‏أكثر ضراوة من ذلك: "سئمتُ القراءة!" رغم أنني كنت طوال حياتي قارئا. طباخا ‏وقارئا. وأي طباخ. وأي قارئ. عندئذ أدركت أيضا لمَ كانت الغربان تنعق حانقة ‏في الأجواء منذ فترة وهي تفيض غضبا: هل كانت حانقة على حال العالم. أم على ‏حالي أنا؟‎
    مجيء دون جوان عصر ذلك اليوم من شهر مايو عوضني عن القراءة. كان في ‏الحقيقة أكثر من مجرد تعويض. لقد شعرت بحضور "دون جوان" – وشعرت به ‏يحل محل كل أولئك الآباء اليسوعيين السفسطائيين الذين اختفوا تماما منذ القرن ‏السابع عشر، وأيضا محل، فلنقل، لوسيان لوين وراسكولنيكوف، أو مينهير ‏بيبركورن، أو السنيور بوينديا أو المفتش ميغري - وكأنه نسمة هواء مُحرِرة. وفي ‏الوقت نفسه وهبني مجيء دون جوان الرحابة الداخلية والاتساع العابر للحدود، ‏بكل معنى الكلمة، تلك الرحابة وذلك الاتساع اللذان لا تجلبهما سوى القراءة القلقة ‏‏(والمُستَنفَرَة). كان من الممكن أن يكون قد أتى غوفان أو لانسلو، أو فايرفيتس، ذو ‏البشرة المبقعة، والأخ غير الشقيق لبارتسيفال – أما بارتسيفال فبالطبع لا! أو ربما ‏أيضا الأمير ميشكين، ولكن الذي جاء كان دون جوان الذي حمل معه سمات ليست ‏بقليلة ممن يوصفون بأبطال وصعاليك العصر الوسيط‎.
    هل جاء؟ هل ظهر؟ لقد سقط بالأحرى في حديقتي متعثرا، عبر السور الخارجي ‏الذي يشكل جزءا من مقدمة المَضيَفَة. كان حقا يوما جميلا. بعد صباح رمادي كالح ‏انقشعت غيوم السماء، مثلما يحدث في أغلب الأحيان في هضبة "إيل دو فرانس‎"‎، ‏وبدت السماء مصممة على أن تصفو، وتصفو، وتصفو. كان الهدوء الذي ساد فترة ‏العصر خادعا كالمعتاد، ولكنه كان سائدا على كل حال في تلك اللحظة؛ وكان ‏مؤثرا‎.
    سمعت لهاث دون جوان قبل أن يدخل مجال بصري بفترة طويلة. عندما كنت طفلا ‏في الريف شاهدت مرةً صبيا، ابن فلاحين أو ما أشبه، يهرب من رجال الدرك. مرّ ‏بي فارا على طريق صاعد. لم أر ملاحقيه في البداية، وكل ما سُمع هي صيحات ‏‎"‎قف!". ما زلت حتى اليوم أرى وجهَ المُطَارد، منتفخا ومحمرا، وجسده الذي بدا ‏منكمشا، في حين طالت ذراعاه المتأرجحتان. أما ما بقي منه في أذني فكان أقوى ‏تأثيرا. كان أكثر وأقل من لهاث. وكان أكثر وأقل من صفير ينبعث من رئتيه. ولا ‏يمكن الحديث هنا عن رئة أو اثنتين. الصوت الذي أحتفظ به في أذني كان يصدر ‏أو يتطاير من الإنسان كله، وليس من باطنه مثلا، بل من سطحه، من خارجه، من ‏كل مسام بشرته. لم يصدر ذلك الصوت من هذا الإنسان بعينه، بل من مجموعة، ‏كبيرة، ضخمة، ليس فقط بالنظر إلى ملاحقيه الذين كانوا يزأرون وهم يقتربون ‏منه اقترابا ملحوظا، ولكن أيضا بالنظر إلى الطبيعة الريفية المحيطة به. احتفظت ‏في ذاكرتي بهذا الأزيز، وبهذه الذبذبات التي تدفع الطريد إلى الخروج من جحره ‏الأخير، كشيء خارق، كنبع من ينابيع القوة الأزلية‎.
    ما إنْ سمعت أنفاس دون جوان، حتى وجدتُ أمامي ذلك الهارب القديم، بعيدا في ‏الأفق وقريبا جدا من أذني في آن واحد. وبدلا من صيحات رجال الدرك آنذاك،

    حلّ ‏ضجيج دراجة نارية كان هديرها يعلو بإيقاع متناغم تحت ضغط دواسة السرعة، ‏وبدا أنها تقترب تدريجيا من الحديقة مجتازة كل العوائق، على خلاف الأنفاس التي ‏ملأت الحديقة على الفور، ثم راحت تنمو وتتكاثر‎.

    كان السور العتيق قد بدأ يتصدع في أحد مواضعه، وكانت هناك كوة تركتها ‏عامدا، ومنها اندفع دون جوان برأسه مقتحما أرضي. وبالطبع سبقه شيء يشبه ‏الرمح أو الحربة. في شكل قوس انطلق الجسم المقذوف عبر الهواء

    ثم انغرس في ‏تربة الأرض بين قدمي. رمشت القطة التي ترقد بجانبي على العشب مرة أو ‏اثنتين، ثم غفت ثانية، واستقر عصفور – أي طائر كان بإمكانه أن يفعل ذلك سوى ‏العصفور؟

    - على حافة الحربة المهتزة، ثم تواصل الاهتزاز. لم تكن الحربة في ‏الحقيقة سوى عصا ذات حافة مدببة قليلا في الأمام، عصا يستطيع المرء أن ‏يقطعها من أي مكان في الغابات المحيطة بوادي "بور رويال‎".

    في ذاكرتي، لم تكن لذلك المُطَارَد من قِبل رجال الدرك الريفي عينان. بدون ‏نظرات، الحدقة بيضاء شاحبة وسط الوجه الذي كان في حمرة النار، كحدقة سمكة ‏في الماء المغلي، هكذا مرق بجانبي، بالطفل الذي كنته،

    وهو يدب بقدميه على ‏الأرض (إذا كان دبيب قوة، فهي آخر ما تبقى فيه). ولكن على العكس من ذلك فقد ‏رآني دون جوان الهارب. ثبت عليّ نظرة مباشرة من عينيه المتسعتين وهو يدخل ‏طائرا عبر الكوة، بجسده، ورأسه،

    وكتفيه في الأمام، وكأنه عصا. ورغم أن لقاءنا ‏ذاك كان هو الأول، فقد شعرت بالألفة في تلك اللحظة تجاه هذا المقتحم. حتى دون ‏أن يعرّفني بنفسه

    – الأمر الذي لم يكن في استطاعته على أي حال، أنفاسه كانت ‏عبارة عن غناء خاص فريد – كنتُ أعلم أن الواقف أمامي هو دون جوان، ليس أي ‏دون جوان، كلا، إنه هو، دون جوان‎.
    ‎ ‎









                  

العنوان الكاتب Date
(دون جوان):: يعيده بيتر هانكه إلى الحياة:و لكن بأي صورة؟ محمد عبد الله الحسين10-23-19, 08:11 AM
  Re: (دون جوان):أسطورة العشق العالمي: يعيده هان� محمد عبد الله الحسين10-23-19, 08:25 AM
    Re: (دون جوان):أسطورة العشق العالمي: يعيده هان� محمد عبد الله الحسين10-23-19, 08:39 AM
      Re: (دون جوان):أسطورة العشق العالمي: يعيده هان� محمد عبد الله الحسين10-23-19, 09:25 AM
        Re: (دون جوان):أسطورة العشق العالمي: يعيده هان� محمد عبد الله الحسين10-23-19, 10:13 AM
          Re: (دون جوان):أسطورة العشق العالمي: يعيده هان� محمد عبد الله الحسين10-23-19, 09:44 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de