كانت لافتة كلمات السيد رئيس الوزراء التى ادلى بها لصحيفة الموقف الصادرة فى جوبا يوم السابع عشر من الشهر الحالى فى حوارها معه وهو يسجل زيارة الى جوبا كأول محطة خارجية له بعد ادائه القسم . وكثيرة هى النقاط التى تعرض لها السيد حمدوك فى حديثه الحصرى للصحيفة لكننا سنقف مع بعضها ونعلق عليها قليلا. قال سيادته : نطمح في علاقة تلغي الفيزا وتمنح الجنوبيين حق الجنسية لانهم أسهموا في بناء السودان.. هذا الكلام ربما لايعجب الكثيرين وخاصة دعاة الانفصال والتيار العريض الذى كان صوته (صحيفة الانتباهة) عاليا ويضم قطاعا واسعا من الناس وقد احتفلوا علنا باعلان انفصال جنوب السودان ومن اليوم سوف يعتبرون حمدوك مناهضا لفكرتهم وربما عمدوا الى تنظيم حراك ضده مستفيدين من اجواء الديموقراطية التى تعم البلد. … وقال السيد حمدوك: جوبا لديها علاقات مع كل الحركات المسلحة ، ولاتوجد عاصمة واحدة في العالم تمتلك العلاقات المميزة مع الحركات كلها مثل جوبا.. وهذا الكلام يعطى جوبا ميزة تفضيلية على كل العواصم العالمية ويجعلها الاقرب من غيرها لاستضافة اى محادثات سلام والقيام باى وساطة لانهاء النزاعات فى السودان وعلى الساسة فى جوبا استثمار هذه الفرصة والعمل على انجاحها. …. وقال السيد حمدوك : السودان الموجود حاليا ساهم الجنوب في بنائه فنحن اصلا كنا مع بعض. وهذه حقيقة لايمكن التنكر لها وبنفس القدر او ربما اكثر فان السودان قد اسهم ايضا فى بناء جنوب السودان فالدولتان كما قال كانتا مع بعض وهذا يجعل عودتهما لسابق عهدهما اقرب مما مضى خاصة ان لقيت هذه الكلمات قبولا اكثر مما لقيته دعوات الانفصاليين فى الطرفين. …. وعن نتائج زيارته لجوبا قال الدكتور حمدوك : توصلنا لقرار بفتح الحدود و المعابر التجارية بين البلدين لتسهيل حركة التجارة و الناس دون اي عوائق تذكر. وهذا القول يعنى مباشرة انسياب التجارة بين البلدين وتبادل المنتجات الامر الذى يعنى ان عددا من السلع سترتفع فى الشمال كالبصل والذرة مثلا بحكم تصديرها للجنوب ، وفى المقابل سوف تشهد سلعة اللحوم الحمراء مثلا انخفاضا فى اسعارها بالشمال اذا تم استيراد ابقار من جنوب السودان. … وقال الدكتور حمدوك ؛ نحن لانقلل من حجم التحديات لكنا نعتقد انه لم تتوفر في تاريخنا القديم امكانية لمعالجة الاشكال الرئيسي في الدولة السودانية اكثر من اليوم ، الدولة التي قامت على خلل هيكلي وسيطرة عقلية المركز فيها ، نحن اليوم نواجه بواقع جديد يعيد ترتيب هذه المسالة ، وافتكر هذا سيجعلنا مطمئنين مع كل الصعاب والتحديات باننا نستطيع ان نعبر مع شعبنا في هذه المسألة. وهذا القول من حمدوك فيه اشارة واضحة جدا الى مسألة المركز والهامش والجدل الذى ارتفع جدا فى الفترة الاخيرة واحساس كثير من مكونات الهامش ان الاقصاء والتهميش الذى مارسه المركز ايام العهد البائد هو نفسه الذى تعيشه هذه المناطق الان وان حكومة الثورة فى تشكلها كاول اختبار للقوى المكونة لها لم تفلح فى تجاوز الاختبار ووقعت فى ما وقع فيه النظام البائد لذا فان الدكتور حمدوك فى مايبدو يريد ان يزيل مخاوف من يرفعون الان شعار ضرورة مناصرة الهامش. …… وقال حمدوك : انا زرت ضريح الدكتور جون قرنق هذا القائد الفذ . نحن فقدناه في البلدين ونحن مامحظوظين ، لانو كان ممكن مع دور الفرد في التاريخ كان المنظر السياسي سيكون مختلف ، لكن طبعا عزاؤنا ان افكار دكتور جون حول السودان الجديد ستظل البوصلة و التي ستقودنا لاشياء كثيرة يمكن ان تحدث في المنطقتين . وهذه اكثر النقاط اثارة فى حديث حمدوك اذ انه يصرح علنا بتبنيه أطروحة جون قرنق وافكاره حول السودان الجديد وانها ستكون بوصلته التى تقوده وتوجهه فى مسيرته ولا شك ان هذا الكلام سوف يثير حفيظة قطاع عريض وسيكون الموضوع اكبر من الدعوة لمنح الجنوبيين الجنسية السودانية او الحديث عن عودة الوحدة بين البلدين . السيد حمدوك كما سيجد مناصرين ومؤيدين له موافقين على طرحه فانه حتما سوف يجد اخرين مناوئين له وسوف يسهم كلامه حول تبنيه مشروع السودان الجديد فى حشد المزيد من المناوئين له الداعين الى مناهضته وربما حتى اسقاطه.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة