وزير الصناعة والتجارة عضو تجمع المهنيين السودانيين مدني عباس مدني، يعد من أبرز الوجوه الجديدة التي سطع اسمها في سماء الثورة، حيث لعب دوراً كبيراً في التغيير الذي شهدته البلاد، إلا وأنه في الآونة الأخيرة حامت حوله الشبهات والاتهامات، تارة بالفساد، وتارة آخرى بأنه يبحث عن السلطة، وذلك بعد رفض الكثيرون لخطوة ترشيحه وزيراً في حكومة حمدوك، لكن الرجل لم يأبه لهذه الاتهامات ضارباً بها عرض الحائط حتى اختير وزيراً للصناعة والتجارة.. هذه الخطوة التي جعلت التظاهرات وحرق الإطارات تعود إلى الشارع من جديد، أكدت أن الثورة لن تموت بسقوط نظام الإنقاذ.. فكيف وصل مدني عباس إلى حقيبة الصناعة والتجارة؟ .
حيثيات الرفض يأخذ البعض على مدني أنه من أوائل قيادات التغيير التي نادت بعدم المشاركة في الفترة الانتقالية، من خلال مخاطبته لعدد من الندوات والمؤتمرات الصحفية.. يقولون إنهم أسقطوا نظام البشير لعدم التزامه بالمواقف والعهود، بالتالي يجب أن لا تتكرر تلك المآخذ في قيادات جاءت بإسم (التغيير)، الذي يجب أن يتجسد في كل شيء حتى الأفعال والأقوال.
بينما يستند آخرون في معارضتهم لمشاركة عباس في حكومة حمدوك، على أن الرجل كان عضواً في لجنة التفاوض مع المجلس العسكري، بالإضافة إلى الاتهامات التي وجهت إليه من خلال اتهام المنظمة التي كان يديرها بالفساد .
فيما تتمسك فئة آخرى بتطبيق معيار الكفاءة في كل الوزارات، وهي لا ترى في مدني الكفاءة لتولي حقيبة الصناعة والتجارة، وتقول إنها لا تخرج من إطار المحاصصات المرفوضة بالنسبة للشارع وحمدوك نفسه.
مطالب بالاعتذار حتى بعد أن لحقت بالرجل صفة (الوزير) ما زال المعارضون لمشاركته يلاحقون مدني بالتخلي عن المنصب، وهم يطالبونه صراحة بالاعتذار، لجهة أنه ليس الأول الذي سيكون تقدم بالاعتذار، حيث سبقه في ذلك، عمر الدقير من منصب رئيس الوزراء، بابكر فيصل وفدوي عبدالرحمن وطه عثمان من المجلس السيادي، سيف الدين حمدنالله من وزارة العدل، محمد ناجي الأصم من المشاركة في الفترة الانتقالية ككل .
الداعمون لمدني الداعمون لمشاركة مدني عباس في الفترة الانتقالية، يؤكدون على مواقفه المشرفة في الثورة منذ بدايتها وحتى التوقيع على وثائق الفترة الانتقالية.. يتمسكون بمشاركته حتى تكون بمثابة صك براءة في مواجهة الاتهامات التي وجهت إليه.
يحفظ الكثيرون لمدني عباس أنه كان متواجداً في ساحة الاعتصام أبان مجزرة القيادة ـ سيئة الذكر ـ فالصورة المرفقة في التقرير توضح أنه حُمل على الأكتاف بعد إصابته في فض الاعتصام .
رقيب للثورة البعض يجد لمدني العذر في المشاركة لأن ـ عين الرقيب ـ من جانب قوى الثورة لابد أن تكون حاضرة، وربما هذا التحليل كان يتوافق مع لجنة الترشيحات وهي التي دفعت به لحقيبة وزير شؤون رئاسة مجلس الوزراء ـ الدنمو المحرك للوزراء ـ قبل أن يحول إلى وزارة الصناعة والتجارة .
ماذا قال مدني ؟ من خلال اللغط الذي دار حول مشاركة مدني كان واضحاً للعيان أنه متمسكاً بالمشاركة، حيث لا يرى الرجل غضاضة في توليه للمنصب، قائلاً للزميلة السوداني: (ترشيحي تم بالإجماع من قبل قوى الحرية والتغيير، وهو مرتبطٌ بالربط بين الحرية والتّغيير والسلطة التنفيذية وتمثيل رموز الثورة، وهو أمر ظَل محل تحفظ مني، ولكن ظل أيضاً محل تشاور معهم) .
مدني عضد موقفه اكثر بالقول إن أغلب الاتّفاقات السياسيَة تصر على وجود عدد من المفاوضين في تنفيذ الاتفاق، فإذا كان الطرف الثاني في الاتّفاق ممثلاً بأغلب عضويته فقد تقتضي المصلحة وجود أعضاء من فريق التفاوض من الحرية والتغيير في تنفيذ الاتفاق)، عباس أكد أن ترشيحه يأتي حرصاً على مصلحة الثورة .
عودة الثورة الشاهد أن ترشيح مدني عباس لتولي حقيبة وزارية أعاد الثورة للشارع من جديد، فمنطقة بري الثورية الشهيرة، خرجت إلى الشارع وحرقت الإطارات، ولوحت باللافتات رافضة لمشاركة الرجل في الحكومة.. لجان مقاومة البراري أصدرت بياناً قالت فيه مُشاركة مدني عباس في الوزارة تخالف ما أتفق عليه مع لجان المقاومة في لقاء ات مسجلة له.
حزب المؤتمر السوداني هو الآخر أعلن رَفضه بصورة قاطعة تولي مدني لمنصب وزير الصناعة في الحكومة الجديدة.. المفارقة في أن الحزب وافق على تولي الرجل لرئاسة مجلس الوزراء، وقال إنه يتمتّع بالكفاءة اللازمة لهذا المنصب، لكنه في ذاته الوقت استنكر ترشيحه لمنصب وزير الصناعة، بل طالب الحزب رئيس الوزراء بتوضيح المعايير التي تَمّ من خلالها اعتماد مدني وزيراً للصناعة.
لماذا الصناعة ؟ يتساءل البعض حول تغيير وجهة مدني عباس من وزارة مجلس الوزراء ـ التي رشحته لها قوي التغيير ـ الى وزارة الصناعة والتجارة، الروايات كثيرة، هنالك من يشير إلى أن حمدوك رفض مشاركة مدني في الحكومة واختار السفير عمر مانيس لمجلس الوزراء، قبل أن تفرضه الحرية والتغيير عليه، ما جعل حمدوك يدفع به إلى وزارة الصناعة، الأمر الذي أثار الاستفهامات حول مؤهلات مدني لتولي حقيبة الصناعة؟.. وهنا يقول قيادي بالحرية والتغيير ـ فضل حجب اسمه ـ إن الصناعة في الوقت الحالي تحتاج لشخص مصادم أكتر من شخص كفاءات، ويضيف أن اختيار مدني عباس للصناعة الهدف منه ضرب أوكار الشركات المتحكمة في الاقتصاد عبر التجارة والصناعة، التي يسيطر عليها رموز النظام البائد، مؤكداً أن تقلده للمنصب يعني انتهاء السوق الأسود والسماسرة، مشيراً إلى أن المستفيدين من ذلك شنوا عليه حملة لعدم ترشيحه .
سيرة ومسيرة مدني عباس مدني تقول سيرته الذاتية أنه ينحدر من منطقة جلاس محلية مروي بالولاية الشمالية، ولد في العام ١٩٧٥، وكان والده وزيراً للداخلية في نظام جعفر نميري (مايو ١٩٦٩- أبريل ١٩٨٥)، مدني تخرج في جامعة الخرطوم، كلية الاقتصاد في العام ١٩٩٩، وخلال حياته الطلابية كان ينشط سياسياً في حركة الحياد (تنظيم المحايدين الطلابي)، ثم لاحقًا نشط في (حركة التغيير الآن) المعارضة لنظام البشير.. عاد مدني مرة أخرى إلى جامعة الخرطوم في العام ٢٠٠١ وحصل فيها على الماجستير في علم الاجتماع والانثربولوجي، وبعدها التحق بالمكتب التنفيذي لمنظمة (نداء التنمية السودانية) وهي منظمة غير حكومية مقرها الخرطوم وأصبح مديرها العام، وبموجب ذلك نال عضوية تنسيقية الشبكة العربية للمنظمات غير الحكومية ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
زهير عثمان حمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست