|
Re: صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك (Re: Tagelsir Elmelik)
|
(8)
أبسمي يا أيامي بسمة الزهر النامي في الهوى الحسن السامي روحي وأمالي وأحلامي أبسمي الدنيا الجميلة والوجود كله خميله في زهور سكرى تميله في رياض ناديه ظليله هادية والنسمه عليله فهي في دنيا غرامي مصدر إعجابي والهامي عبد الرحمن الريح الزفاف في الليلة التي أختنقت فيها السماء بعبرة الغبار واتحدت رياح الهبوب بالأشواق، وزحفت الظلمة التي لا تني تفتك بالضياء، طارت السحب تندب حتفها، وحطت طائرة عزو فكأنها لم تغادر أرض الوطن أبدا، في تلك الليلة التي لا أود أن أسميها بتاريخها، لأن التاريخ يخون التفاصيل دائماً، في الليلة التي خرجت فيها الملايين، لتعلن عن بداية عهد جديد لبلادنا، في الليلة التي نقضت فيها أمتنا غزل السيل الفاسد، ونضت عن نفسها لباس الذل، وخرجت تهتف حرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب كانت ليلة زفافنا.. أنا وعزة وعبد الإله والخفيةفي برنامج واحد. ضحك الناس ملياً وقالوا، بأنني أكلت في الحلة، دافعت بقولي: مش إحتمال عبد الإله يا جماعة؟ .. ولكن السيد آل قور قال لي إنه القلوبال وورمينق، و بالعربية، الإحتباس الحراري. كفي مخضوبان، وقلبي يشع بالرضا، قصدت المطار وأنا في كامل زينتي، مسحت بعيني صالة الوصول الشرقية الأولى، رأيته هناك واقفاً، صديق عمري، السوداميريكي المهاجر العظيم، "عزو" واقفاً معتدلاً، مشعاً بكامل هالة أشواقه، طويلا كعادته، مستقيماً باهر الوسامة، فكأنه الاثير أو قوس قزح يشق فضاء الصالة، من بدءها إلى منتهاها، كأنه المُنتَظر، وأنا تنقور الخادم في مقام الحضرة، وفت السماء بوعدها لي.. أنا التنقور.. شهدت دمعى وحنيني يتسلقان سلم السماء، ويسدان المداخل إلى سلم الطائرة، خرجت من نطاق جسدي والجاذبية، وعانقت صديق العمر، غنى لنا الكون وأنشدت الأرض الشاحبة ونفخت صورها تحت اقدامنا، لم اكن أعلم قبل هذه اللحظة، بانني مجبول من هذا الرهف، ولا أنني خلقت خلقاً من صفق النيم والتراب، وأهازيج من رجز الحبوبات المجربات، ومن كلمات الأغاني، وأنني بعثت بعثاً، نبياً للوفاء، وأنني نسمة وبقايا رسم لأقدام طفل، في تراب قائلة النهار، وأنني من عطن السيول أخرج كالعازر، أهتف بوحدة الوجود، أعيد للدنيا ألقها وصفاءها... أطرح عذاباتي كلما سقتني يد الدهر خمرها المقدس، أتوسط مجلس الحواريين.. وبطرس ينكرني قبل صياح الديك ثلاثا.. لا يهم فأنا أحبه حتى الثمالة.. أحب زهر التبر في الظهيرة العالية، وموسيقى الأمهرة الإلهية، وصراع النوبة، ونغمات الطنبور حين يلامس "الحنين" الوتر الأخير.. أحب هذه الأرض الطيبة حتى الموت.. أنهارها أشجارها أرماسها، ومنعطفات أوديتها.. أحب كل نساءها وأطفالها .. شجوها ونجواها .. وكأن "عزو" قد تقمص روحي، رأيته وكأن قوانين الجاذبية منحته إذناً بالصعود في الهواء.. فارتفع مثل طيف في السماء، فصحت ".. أَنْشَأَ الْخَلْقَ إِنْشَاءً وَابْتَدَأَهُ ابْتِدَاءً بِلَا رَوِيَّةٍ أَجَالَهَا وَلَا تَجْرِبَةٍ اسْتَفَادَهَا وَلَا حَرَكَةٍ أَحْدَثَهَا وَلَا هَمَامَةِ نَفْسٍ اضْطَرَبَ فِيهَا أَحَالَ الْأَشْيَاءَ لِأَوْقَاتِهَا وَلَأَمَ بَيْنَ مُخْتَلِفَاتِهَا وَغَرَّزَ غَرَائِزَهَا وَأَلْزَمَهَا أَشْبَاحَهَا عَالِماً بِهَا قَبْلَ ابْتِدَائِهَا مُحِيطاً بِحُدُودِهَا وَانْتِهَائِهَا عَارِفاً بِقَرَائِنِهَا وَأَحْنَائِهَا ثُمَّ أَنْشَأَ سُبْحَانَهُ فَتْقَ الْأَجْوَاءِ وَشَقَّ الْأَرْجَاءِ وَسَكَائِكَ الْهَوَاءِ فَأَجْرَى فِيهَا مَاءً مُتَلَاطِماً تَيَّارُهُ مُتَرَاكِماً زَخَّارُهُ حَمَلَهُ عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ الْعَاصِفَةِ وَالزَّعْزَعِ الْقَاصِفَةِ فَأَمَرَهَا بِرَدِّهِ وَسَلَّطَهَا عَلَى شَدِّهِ وَقَرَنَهَا إِلَى حَدِّهِ الْهَوَاءُ مِنْ تَحْتِهَا فَتِيقٌ وَالْمَاءُ مِنْ فَوْقِهَا دَفِيقٌ ثُمَّ أَنْشَأَ سُبْحَانَهُ رِيحاً اعْتَقَمَ مَهَبَّهَا وَأَدَامَ مُرَبَّهَا وَأَعْصَفَ مَجْرَاهَا وَأَبْعَدَ مَنْشَأَهَا فَأَمَرَهَا بِتَصْفِيقِ الْمَاءِ الزَّخَّارِ وَإِثَارَةِ مَوْجِ الْبِحَارِ فَمَخَضَتْهُ مَخْضَ السِّقَاءِ وَعَصَفَتْ بِهِ عَصْفَهَا بِالْفَضَاءِ تَرُدُّ أَوَّلَهُ إِلَى آخِرِهِ وَسَاجِيَهُ إِلَى مَائِرِهِ حَتَّى عَبَّ عُبَابُهُ وَرَمَى بِالزَّبَدِ رُكَامُهُ فَرَفَعَهُ فِي هَوَاءٍ مُنْفَتِقٍ وَجَوٍّ مُنْفَهِقٍ فَسَوَّى مِنْهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ جَعَلَ سُفْلَاهُنَّ مَوْجاً مَكْفُوفاً وَعُلْيَاهُنَّ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَسَمْكاً مَرْفُوعاً بِغَيْرِ عَمَدٍ يَدْعَمُهَا وَلَا دِسَارٍ يَنْظِمُهَا ثُمَّ زَيَّنَهَا بِزِينَةِ الْكَوَاكِبِ وَضِيَاءِ الثَّوَاقِبِ وَأَجْرَى فِيهَا سِرَاجاً مُسْتَطِيراً وَقَمَراً مُنِيراً فِي فَلَكٍ دَائِرٍ وَسَقْفٍ سَائِرٍ وَرَقِيمٍ مَائِرٍ" أيلي إيلي لك المجد. إقتربنا من الحلة وعزو يحدق في الطريق، وفي الجموع المسالمة الغفيرة، ويد مجدي على المقود.. سأل مجدي، وكان هذا اول لقاء بينهما، بالله كيف البلد ديك يا عزو؟؟ .. أجابه عزو بخبث: إنت بتاع إلهام مش كده؟.. ضحك مجدي واجاب.. نعم.. الشمار وصلك؟ نعم ، تنقور لا يخبئ عني، أما تلك البلاد، فحديثها يطول. كان الهواء ساخن يحمل إلى مسامعنا في أطواءه ما أجمل الدنيا وأحلاها لو كان حبيب روحي معاها سقط قلبي في نقطة بين الفرح والفزع... دخلنا الصالة متماسكي الأيدي.. رأيت حنان وصفية وعبد الإله ورشيد وعزة أبهى ما تكون وأمها إلى جوارها ساهمة النظرات.. قامت من مكانها وجاءت صوبي وحيتني دون أن تقول .. أخوي التنقور فحمدت الله.. سمتني بما يليق بي، العريس.. صعقتني عاصفة الزغاريد، فانشق قلبي وانفطر..دمعت عيني وأنا أنظر الخفية في ثوب الزفاف، طنط نبيلة رايتها من على البعد جالسة في كرسي متحرك، تدافع في الخلق لتعدل من زينة الخفية، أهلنا من كل أنحاء الدنيا حاضرون.. لحظة ثم غبت عن الدنيا.. وتركت قياد روحي في أيادي "طه" .. أيادٍ تجذبني وأيادٍ تحملني .. لم يعد لجروح السيل من أثر في روحي.. هطلت دموعي بغزارة، ومن حولي الناس يتبادلون عزو بالعناق، وأنا في مركز الكون حيث لاحيث، صحبتني رقية تغني لي العديلة كلما خار مني العزم.. نبهني الشيخ آتياً من خلفي.. أبشر ... يا تنقور ما تنسى الشربة.. تعاليا حبيبي، كأس واحدة، عشان خاطري، واحدة.. ثم أخذني في الظلمة رغماً عني.. لهفت الكأس، رغماً عن وعدي لعزة، فأضاءت الشرفات، وأصابني وابل الفرح.. أم در يا حنينة، الزول "طه" ده مالو، سمعت "عزو" محتجاً.. يا جماعة أنا مافاهم شي.. أرحموني أنا راسي ملخبط من فرق الزمن.. الروووب ، إنداح الفضاء وتصرم الزمن ارح ارح ارح ثم عملاق ..أنيق رأيته ولم أعرف من هو، ولكنه كان في قمة الأناقة، رقيق في رقة مدحة صوفية، لم يترك نوتة موسيقية لم يحتف بها بخلجة من جسده.. شع عقلي وأنا أتبعه بعيني.. وكأني بعزة تعاتبني من مجلسها.. سقوك السم الهاري.. إبتسمت في وجهي فتوهج جسدي مثل قذيفة أموت في ود ارو إنسرب عزو في صهد الغربة الذي انفثأ غضبه.. فأمسك بتلابيب الزمن كأنه لم يغادر السودان للحظة.. صاح الناس.. موردة والتفوا حوله مثل السوار في المعصم.. فاجتذبهم مثل المغنطيس، صار قطب الرحى في الكون هو ...واصبحنا نحن الصدى... أنما وليت وجهك صورتي منعكسة في وجوه الناس.. كوني طفل .. صبي.. رجل .. كهل، وشيخ ينوء بحمل السنين.. بجيك يا ابوعنجة زاير...... قلوب مليانة ريد من وسط الناس كأنني رايت مولانا مختار... والشيخ يداوره كصديقين حميمين.. ثم صوت رقيق .. مبروك يا تنقور.. الله يبارك فيك يا إلهام.. أنا إنعام يا تنقور إلهام شنو.. إنعام معلومة، نسيتني؟.. إنعام إزيك وانا أترنح.. سد مروي وسد النهضة والسد العالي وسد أي حاجة، إزيك يا عم عبد الرحيم حمدي.. أنا عوض قسم السيد يا تنقور خال عزة.. أهلا ياخال.. إتعشيت.... الحمد لله يا ابني، أنا عندي السكري الحلو ما بينفع معاي. ثم وجهاً لوجه مع عبد الإله إلتقينا.. علوت صهوة أحلامي حين التقيته،نهضت مثل كائن خرافي.. تمددت في الكون مثل إله.. حبيبي عبد الإله، كم أحبك. صحت بصوت عالٍ في وجهه: عبدو عبدو... كلم طه يغني لينا ماهماك عذابنا... تنقور تنقور... ركز معانا .. الزمن زمن طه .. الله يرحم ابو الزوز ثم جرفني شلال الطرب، وفتكت بي الروائح التي عطرت فضاء الصالة.. فوجدت نفسي في مواجهة موردة .. تولاني بالجبجبة حتى تقطعت أنفاسي وانسرب عني، مثل بطل من أبطال الخرافة الحديثة.. ....... شيلو التنقور ده ياجماعة يرتاح شوية.. التنقور لسه ما تعشى. العريس أصلاً ما بتعشى.. آخر ما سمعت.. فأشعلت آخر شمعات السعادة الجافة ، غبت عن الدنيا، حتى انفلاق حلقي بالعطش الحارق في صبح اليوم التالي، وعزة إلى جانبي بقصفها ورعودها، سمعت غناء عينيها ما أجمل الدنيا وأحلاها لو كان حبيب روحي معاها يسمع دعاها ونجواها يرحم بكاها وشكواها القى في الدنيا مرامي واسعد في حبي وغرامي. لازم أذني صدى صوت المغني فوجدت نفسي وهي تصعد متن أفق الأرجوان غير عابئة.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك | Tagelsir Elmelik | 07-18-19, 00:22 AM |
Re: صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك | Tagelsir Elmelik | 07-18-19, 00:30 AM |
Re: صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك | بكرى ابوبكر | 07-18-19, 01:27 AM |
Re: صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك | خضر الطيب | 07-18-19, 02:22 AM |
Re: صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك | Tagelsir Elmelik | 07-18-19, 03:48 AM |
Re: صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك | عبدالله عثمان | 07-18-19, 09:04 AM |
Re: صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك | adil amin | 07-18-19, 10:18 AM |
Re: صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك | ياسر السر | 07-18-19, 10:56 AM |
Re: صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك | Ahmed Yassin | 07-18-19, 11:54 AM |
Re: صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك | Tagelsir Elmelik | 07-18-19, 05:21 PM |
Re: صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك | Tagelsir Elmelik | 07-18-19, 05:19 PM |
Re: صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك | Tagelsir Elmelik | 07-18-19, 05:17 PM |
Re: صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك | Tagelsir Elmelik | 07-18-19, 04:34 PM |
Re: صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك | Masoud | 07-18-19, 05:44 PM |
Re: صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك | Tagelsir Elmelik | 07-18-19, 07:17 PM |
Re: صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك | النذير بيرو | 07-18-19, 08:34 PM |
Re: صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك | Tagelsir Elmelik | 07-18-19, 11:24 PM |
Re: صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك | خضر الطيب | 07-19-19, 05:25 AM |
Re: صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك | Tagelsir Elmelik | 07-19-19, 11:20 AM |
Re: صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك | عبد الصمد محمد | 07-19-19, 02:25 PM |
Re: صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك | Tagelsir Elmelik | 07-19-19, 05:39 PM |
Re: صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك | Tagelsir Elmelik | 07-21-19, 08:18 PM |
Re: صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك | Osman Musa | 07-22-19, 07:00 AM |
Re: صدور رواية أفق الأرجوان لتاج السر الملك | احمد الأمين على إدريس | 07-23-19, 09:56 AM |
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|
|