|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: خضر الطيب)
|
شكرا للأخ العزيز معاذ على التحية وثراء المشاركة. وتاليا ما كتبته بدايات العام 2006 عن نص جلال داوود "الدكان":
Quote: "الدكان", هو عنوان هذا النص, أوهو نموذج مصغر للسوق بمعنى العالم وما ينطوي عليه من علاقات متشابكة, لكنه في هذا النص عالم شديد الشاعرية, يبدأ من شخصية حمد التاجر وينتهي إليها ممتزجا بها ومعيدا إنتاج نفسه في آن, وهي شخصية على هذا النحو ذات حس إنساني عال ومرهف قوامه (الحب) ككلمة مفتاحية تميز عالم "أبوجهينة" وتحيل إليه في حدود مطالعتنا لأعماله الإبداعية حتى الآن, بل هي شخصية تطابق الحب بما ينطوي عليه من معاني التعاطف والتضحية والغفران أوالتجاوز, وربما لكل هذا قدمها إلينا أبوجهينة في لمسة بالغة الذكاء كشخصية وافدة على المكان عاكسا بذلك غربة القيم والمشاعر الإنسانية النبيلة في عالم تم توصيف قسوته ببراعة بأكثر من طريقة, ولعل من بينها ذلك التوصيف الدقيق المشبع بالحياة لأحد مظاهر الطبيعة (المطر), وجلي أن "أبوجهينة" يكتب بذاكرة بصرية حادة تحتفظ بالكثير من صور بيئة ذات خصوصية في مفرداتها اللغوية وعلاقاتها ومظاهرها الطبيعية, وليس أدل من بداية النص. وأعيد لمنتهى عذوبته نشره ها هنا:
"ينقطع التيار الكهربائي ما أن تَنْقر قطراتُ المطر الأولى النوافذ و الأسـقف ، و تَقْرَعُ حباته بإلحاح ( الطشـت المعدني ) المتكيء على الجدار مُحْدِثةً إيقاعاً مُتسارِع الوتيرة .. السماء تتمسك بالغيوم في عنادٍ فيزداد تراكمه في زحْفٍ حثيث ليكتسي لوناً رمادياً داكناً كلما مالت الشمس نحو المغيب.... الشمس تغيب برهةً خلف غمامةٍ مُنْفَردة .. لتُطل من بين فرجات سُحُبٍ مسرعة ، ثم تختبيء مُجَدَّداً بينما ينبثق شـعاعها في كل الإتجاهات من أطرافِ رُكَام الغمام كأذْرُعٍ مُمتدة في ضراعةٍ و توسُّل. البرق يُزَيِّن صفحةَ السماء بلوحاتٍ ذات وميض يجهر العيون.. تَنْفَلِت خطوطها طولاً و عرضاً . نسمات باردة تَهُبُّ على دفعات تلطف الجو فتَلْفَح الوجوه التي قاستْ القَيْظ طوال النهار .. تلوذ دجاجات بالأركان تتحاشى البلل ، مُتَمَلْمِلةً تبحث عن الدفء تحت أجنحة بعضها البعض.. صوت خروفٍ متروك في الحوش يأتي بلا إنقطاع و كأنه يلفت الإنتباه ليجدوا له ملاذاً من هذا المنهمر ..".
إلى ذلك, ومستفيدا من إحدى التقنيات السينمائية المتمثلة في إسترجاع الماضي Flashback, لا يقدم أبوجهينة كما ألمحنا شخصية (حمد) كشخصية مسطحة, أوعالقة في الهواء, أورهينة لحظيتها وراهنيتها, بل يستدعى الكثير من وقائعها السابقة على نحو يساهم في تعميق رؤية العالم ويدفع بحركة السرد إلى الأمام لتتفجر الدلالة الكلية للنص عند خاتمته في عذوبة ينهض وراءها وعي دقيق بحرفية السرد أوتقنياته, ذلك أن حمد الذي يمنح الحب للعالم المحيط به يفتقر في واقع الأمر إلى الحب في أعماقه السحيقة:
"يمتليء الدفتر ديوناً .. و ذاكرته أسراراً .. يستهلكه العمل المتواصل .. و يختلط كيانه بوتيرة الحى و رتابة أيامه .. و ينهك تفكيره كثيراً أن أحداً من أهل الحى لم يبادر يوماً بسؤاله إنت يا حمد ما بتفكر في العِرِس ؟). يتمنى لو يسألونه هذا السؤال ... فالإجابة عليه ترقد على طرف لسانه" |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: خضر الطيب)
|
أخي العزيز والصديق الأريب / البرنس عبدالحميد
سلام كبير وتحايا سامقة
أولا أشكرك لإفتراع هذا النفاج الذي أثار كوامن عديدة بدواخلي ***
أنا جلال الدين عثمان داود من مواليد عاصمة الجيد والنار ( عطبرة ) أو كما ينطقها البعض هناك ( أتبرا ) كل مراجل تعليمي بعطبرة ثم شندي قريتي بأقاصي الشمال تدعى ( قبة سليم ) وهي قرية أسسها رجل دين أتى من العراق يدعى محمد المسلم سليم ، ثم تفرع أحفاده بين قريتي وعدة قرى ، منها قرية الفنان محمد وردي
عملت معلما بقرى بالشمالية وعطبرة والدامر وحلفا الجديدة ، ثم نادى منادي الإغتراب فانطلقت صوب الرياض ثم عدة مدن في أمريكا وفرنسا وسويسرا وأسبانيا وبريطانيا ، حيث في كل محطة كنت أعود لتلك الروايات التي مرت بنا في دراستنا من تأليف فيكتور هوجو ووليم شكسبير وجين اوستن واغاثا كريستي وتشارلز ديكنز
كل مدينة كانت تشحذ ذاكرتي بتلك الاقاصيص
وتذكرت وانا اكتب هذي الكلمات برحلتك الى كندا عام 2015 وذكرياتك كل النصوص التي تعود بالذاكرة الى ايام الاغتراب في اصقاع الارض تقبع في ذاكرتي، حيث كانت الأرجل تدب وكأنها تحمل تلك المؤلفات على الظهور إبتلعتني واستهوتني الأسفار في بلاد الأندلس واليونان وباريس وجنيف وولايات أمريكا وبريطانيا والنمسا وجزر البهامز وجزر هاواي كلما تطأ اقدامي إحدى هذي الأصقاع ، أهرول للأطلس وكأني أقارن بين دروس الجغرافيا وما قرأته عن هذي الأماكن كنت في مقارنة دائمة بينها وبين تلك الأيام الهادئة الهنية في عطبرة ، ورغم البون الشاسع ، إلا أن كانت ذكريات عطبرة تربت على أكتاف الغربة وتهدهد الحنين
لا زالت عصا الترحال ( متكولة ) في إنتظار نداء جولات وصولات هنا وهناك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: ابو جهينة)
|
تحياتي يا أبو النسب خضر.. وقد سعدت بمرورك من هنا كثيرا. وتاليا إضاءة قديمة أخرى من جانبي لبعض أعمال المبدع جلال الدين داوود:
Quote: أبوجهينة كاتب يتميز بثراء الموضوعات كما ونوعا, فقصصه تصور مقاطع من حياة شخصيات تنتمي إلى خلفيات مجتمعية وثقافية مختلفة, شخصيات حية تعبر عن ذاتها بخطاب يناسبها ويحدد وعيها وموقعها في العالم ولا يفرض عليها تصورات تجعل منها مجرد دمى ميتة أوأقنعة تكمن وراءها أفكاره هو الذاتية, ففي قصة:
الشريط ...
نطالع شخصية علوية, وهي شخصية نجح أبوجهينة ببساطة آسرة في أن يجعل منها نموذجا إنسانيا بالغ الدلالة على تشوقات البشر الأبدية للحب والأمان والدفء في عالم شديد القسوة تنكسر الأحلام فيه عادة على عتبة الواقع الصلبة وما يسببه ذلك من تشوهات وجراحات نفسية لا يخفف من وطأتها مرور الزمن. وقريبا من هذا النموذج, تطالعنا شخصية الراوي في قصة:
سارا .. و الموشوم على الجبين
حيث نلمس ذلك الخيط القدري الذي يصنع مصير الشخصية, سواء في حدود مقاومتها الهشة كما في حالة علوية, أوفي حدود الإقرار بقصورها في مواجهة أحداث ماضية كما في حالة الراوي المشار إليه, ف(سارا .. و الموشوم على الجبين) نص سردي جميل يعبر في وجه عن مأساة عالم لكائن بشري (حر) خارجيا (مكبل) داخليا. ليس بمقدوره التعاطي مع العالم المختلف أوالخارجي من منطلق حقيقة تؤسسها لحظة آنية (مختلفة عن حصيلته المعرفية المتكونة لديه منذ الصغر). ثمة شيء ثقيل وغامض قادم من التاريخ أوالعادات كشبح يكبت بركان مشاعر الرجل تجاه المرأة على نحو يصل إلى القاريء في شكل إيحاء. لكن السرد الذي يتم على خلفية شفيفة من الإعترافات الصادقة يبدو كفعل خلاق لذلك الكائن نحو تحرره أوإعادة بناء ذاته على نحو أكثر إنسانية.
ولنا عودة: |
| |
|
|
|
|
|
|
أثر المكان؟ (Re: عبد الحميد البرنس)
|
مرحباً بالمبدعين المحاوَر والمحاوِر "ابوجهينة والبرنس":
قلت سيدي أبوجهينة :
Quote: واستهوتني الأسفار في بلاد الأندلس واليونان وباريس وجنيف وولايات أمريكا وبريطانيا والنمسا وجزر البهامز وجزر هاواي |
ما هو أثر هذه الأماكن على تكوينك الأدبي؟
وهل كانت لها أثر على إبداعك القصصي؟؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أثر المكان؟ (Re: osama elkhawad)
|
كلنا آذان صاغية وقارئة حيث لا مفر لصديقي أبو جهينة من الفكاك من هذا الكرسي الساخن الذي نصبه الكاتب والاديب البرنس ، وكمان تداخل الصديق الاستاذ اسامة الخواض يلا شد حيلك يا ابوجهينة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أثر المكان؟ (Re: ترهاقا)
|
B]سلام أخي أبو علاء
لك وحشة والله ، وكلما نمر من أمام منزلكم بذلك الحى في الرياض ، تشير إبنتي وكأنها تذكرني بأيامكم معنا هنا
حاضرين وها نحن جلوس فس هذا الكرسي الذي افترعه أستاذنا البرنس
دمتم[
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أثر المكان؟ (Re: osama elkhawad)
|
سلام وتحية الأستاذ أسامة الخواض
مشكور على المرور البهي
أما بعد
ما هو أثر هذه الأماكن على تكوينك الأدبي؟ **************************
عندما تكون فكرة قصة مختمرة بالدواخل ، فأعتقد جازما بأن المكان له أثر كبير يقرع نواقيس عديدة تجعل من هواجس معينة تندلق وتنساب قصا وأحيانا شعرا، وأقرب مثال على ذلك قصة ( سارا والموشوم على الجبين ) وهي الفتاة التي حاورتها في في ( ترافلقر إسكوير ) بلندن وكذلك قصة ( في وداع ثمرة الباباي ) التي كتبتها عن ذلك اللقاء في ( بطسبرج - بنسلفانيا )
******** وهل كانت لها أثر على إبداعك القصصي؟؟ *****
بلا شك ، فأنا لم ألملم المبعثر من خيوط الحكايا إلا بعد أن احتوتني تلك المنافي البعيدة ، فعلى ما أعتقد أن الإغتراب له أثر في إثارة مكامن الذاكرة ونبش محتوياتها لتندلق كنوع من الفضفضة
*****
لك الشكر أستاذي الخواض
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: osama elkhawad)
|
سلام استاذ اسامة
الكتاب الذين قرأنا لهم في مقررات الشهادة السودانية الذين ذكرتهم اعلاه كانوا بداية شحذ همم القص ثم نجيب محفوظ واحسان عبد القدوس ثم كانت لمؤلفات الطيب صالح القدح المعلى في شحذ همم القص قابلت الطيب صالح رحمه الله في الرياض،، طلبت منه ان يطلع على احدى قصصي واعطائي رأيه فيها ، فطلب ان ارسله له حيث يقيم ولكن لم اتشرف بذلك حيث كان سفري ظهيرة غد تلك الامسية ثم ابتلعتني تلك الاسفار التي ذكرتها
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: ابو جهينة)
|
حياك الله.. العزيز ترهاقا.. منور البوست.
Quote: مثلما رأينا سابقا, يرسم "أبوجهينة" عبر مجمل نصوصه القصصية شخصيات دائمة البحث عن علاقة إنسانية دافئة تعبر عن نزوع عميق إلى الحب, وهو بحث لا يكلل غالبا لسبب نفسي أواجتماعي أوآخر بالنجاح, ما يعطي لمفهوم الصراع حيويته ودلالته عبر هذا النص أوذاك ويدفع بحركة السرد إلى الأمام بكل ما يحمله ذلك من إستحواذ لإهتمام القاريء وإثارة لتشوقاته إلى معرفة مصير هذه الشخصية أوتلك, وهو ما يمكن مطالعته عند قراءة هذا النص:
النيل يفيض أحيانا في باريس
فمنذ البداية تتطالعنا شخصية مليئة بمشاعر دفينة تعجز عن ترجمتها إلى واقع معاش قوامه التواصل مع الآخر, سواء لقصور لغوي أومادي, ما يمنح السرد تلك الغلالة من الأسى ويعطي للذاكرة دورا محوريا لكسر جهامة عالم ذي معادلات رقمية قاسية مثل باريس, لنستعيد مشاهد وذكريات عالم آخر مثل الخرطوم لا يزال يتمتع بالكثير من البراءة وقدرة الذات على الفعل حتى لو جاء ذلك في صيغة عبث طفولي مثل بعثرة خطوط النمل بينما لا يتيح واقع الغربة المكانية بكل ما يحمله من هيمنة سوى فعل مراقبة صامت لما يحدث أويمكن حدوثه, ولعلنا نلمس ذلك لدى مطالعة مقدمة النص:
Quote: باريس بداية الثمانينات،،، الربيع على الأبواب شارع الشانزليزيه ، الشارع الذي لا يهدأ و لا يكل و لا يمل. حركة دؤؤب ترجعني إلى أيام الطفولة عندما كنا نراقب النمل يخرج من جحوره في خط متعرج و البعض يعود في إتجاه معاكس يحمل فتات الغذاء ، ثم ينتابنا الملل من المراقبة ، فنبعثر خطوطه فيتناثر هنا و هناك يتخبط متلمسا طريقه. هنا تفكيري هو المبعثر ، و لكنني لا أمل المراقبة. تمر فتاة ذات سحنة إسكندنافية ، أتابعها بنظري ، حتى تجلس على كرسي قريب ، و تتحدث إلى النادل بلغة فرنسية. أصرف النظر عنها قفز إلى ذهني ميدان أبو جنزير ، إبتسمت و سحابة حزن تغلف إبتسامتي
هذا التراوح في السرد ما بين مراقبة واقع معاش وإستعادة وقائع عالم مفقود يعطي للسرد ديناميكيته في مرحلة أولى قبل أن يتحول إلى تراوح أكثر تعقيدا من مجرد تلك التواترات النفسية السريعة التي تتم بواسطة جمل قصيرة متعاقبة تحمل مضامين عاكسة لحركة الذاكرة والواقع القائم في آن عندما يقدم لنا "أبوجهينة" شخصية أخرى تساهم في الكشف عن ثراء الشخصية الأساسية الراوية للأحداث, وأعني شخصية (الجنوبية):
Quote: وقفتْ أمامي ، طويلة كالرمح الدينكاوي ، ببشرتها الأبنوسية ، و شعرها المقصوص كاريه كما الصبية ، أناقة لا تخطؤها العين ، و إبتسمت إبتسامة فضحت عن أسنان تشع كزهور الياسمين في إناء أسود ، جمال صارخ ، لفت إنتباه الفرنجة قبل أبناء العالم الثالث اللائذون بزجاجات البيرة و الدخان الرخيص ، و في صوت يشبه الهمس قالت بنصف إبتسامة الأخ سوداني
من هنا فصاعدا نكتشف أبعاد الغربة الزمانية لراوية الأحداث, وهي غربة تتفجر دلالتها في موازاة الغربة المكانية أوالباريسية كعجز عن القيام بفعل الحب حتى على مستوى الملامسة برغم الإيحاء أوالتصريح علانية في أكثر من سياق عن حاجة الراوية الماسة إلى الحب والرغبة فيه, وبرغم ما يبدو من إحتفاء زائف بقيم مرجعية مثل الحياء الذي يلعب هنا دور الغطاء لنسق ثقافي بأكمله شديد الإختلال ينتج ذواتا لا تعيش سوى في الظلمة وتدمن التفكير بطرق ملتوية عن رغائبها الأكثر أصالة:
Quote: سرنا على قدمينا حتى قوس النصر ، ثم عرجنا على البرج ، نظرتْ خجلى إلى فتاة و فتى يتبادلان القبل على العشب المبلل ، فأشاحت بوجهها و حمرة الخجل لم تخفيها سمرة لونها ، إنه العفاف البكر الكامن فيها إستوقفنا سائح عجوز طلب أن يلتقط صورة لها ، رفضت أنا و طلبت منه الإبتعاد ، و لكنها قالت يعني حيوديها وين الصورة ؟ عجوز و بيتسلى فصار العجوز يلتقط لها الصور و هو يحدجني بنظرات التحدي و الإنتصار دلفنا إلى إحدى دور السينما ، الفيلم كان تراجيديا ، و نظرت إليها من طرف خفي ، فوجدتها تكفكف دمعاتها خلسة قامت فجأة و طلبت مني أن نغادر ، فقد تمادى شاب و شابة أمامنا ، كأنهما لم يجدا محلا لممارسة ما يفعلانه إلا في السينما |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: ابو جهينة)
|
شكرا يا النذير للدعم والمساندة. حياك الله بالخير والسعادة والتوفيق. وأتفق معك أن جلال داوود الذي لم أتشرف بعد بلقائه خارج سياق هذا المنبر إنسان ومبدع من طراز فريد يتميز كما تشير أنت عن حق بتلك المراوحة الأصيلة ما بين قطبي الصمت وقول الخير على مستوى نشاطه هنا. أتمنى من الناس مساعدتنا كما تفضل العزيز المشاء بتوجيه مزيد من التساؤلات والأسئلة لتعميق هذا الحوار وتطويره. وسؤالي للمحتفى به هنا: هل لديك طقوس معينة قبل وأثناء الكتابة الإبداعية؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: عبد الحميد البرنس)
|
شكرا يا النذير للدعم والمساندة. حياك الله بالخير والسعادة والتوفيق. وأتفق معك أن جلال داوود الذي لم أتشرف بعد بلقائه خارج سياق هذا المنبر إنسان ومبدع من طراز فريد يتميز كما تشير أنت عن حق بتلك المراوحة الأصيلة ما بين قطبي الصمت وقول الخير على مستوى نشاطه هنا. أتمنى من الناس مساعدتنا كما تفضل العزيز المشاء بتوجيه مزيد من التساؤلات والأسئلة لتعميق هذا الحوار وتطويره. وسؤالي للمحتفى به هنا: هل لديك طقوس معينة قبل وأثناء الكتابة الإبداعية؟
*****************
تحياتي استاذنا البرنس
هي ليست طقوس بالمعنى الدقيق للكلمة، ولكن تفاجؤني شذرات من ذكرى معينة او اشاهد موقفا يجاري موقفا مررت به، او احيانا يمر طيف امامي يجبرني على المقارنة
دمتم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: ابو جهينة)
|
من باب كشف كيف تتم العملية الإبداعية، سأتكلّم بناء على تجربتي السردية المحدودة من حيث الكم،
عن كيفية اختيار اسماء شخصيات القصص التي أحكي عنها،ثمّ أوجه السؤال إلى ضيفنا العزيز الكاتب أبوجهينة ولمحاوره الرئيس البرنس:
دائماً أتفادى أن يكون لاسم الشخصية القصصية علاقة بالوسط الذي أكتب فيه.
مثلاً عندما كتبت "وللكمثرى وظيفة أخرى"، بذلت قدر المستطاع أقصى جهدي لأن تكون أسماء الشخصيات مختلفة عن أسماء من أعرفهم في بلغاريا.
ليه؟
لأن معظم القرّاء يحاولون الربط بين الشخصيات القصصية والشخصيات الواقعية في المكان أو الأمكنة التي يدور حولها السرد.
طبعاً هنالك شروط أخرى تتحكّم في طريقة اختيار الأسماء ، ليس هنا مجال ذكرها.
سؤالي لأبوجهينة:
كيف تختار أسماء شخصياتك القصصية؟
وهل يميل قرّاؤك إلى الربط بينها وبين شخصيات يعرفونها؟
والسؤال كما ذكرت موجّه أيضاً للبرنس.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: osama elkhawad)
|
كان علينا نصب هذا البوست كفخ حتى نعيد طلة طارق جبريل على المنبر!
سأعود لاحقا لتساؤل المشاء بالغ الأهمية.
بالنسبة لي الطقوس، أبا جهينة، تتمثل في شرط العزلة المطبق، ولدي تاريخ عريق في تأمين هذا الشرط، حتى على كنبة في محطة مزدحمة لقطار. ثم حين أقلعت عن عادة التدخين منذ سنوات صارت مسألة مهمة، موسيقى موتسارت كخلفية، أما مثير الكتابة فتلك القنطرة المهمة التي يبدو عبورها مهما، إذا أردت الاحتفاظ لحظتها بتوازني، وليس هناك أكثر من الكتابة للتصالح مع العالم مجددا.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: osama elkhawad)
|
سلام استاذنا اسامة الخواض
*******
سؤالي لأبوجهينة:
كيف تختار أسماء شخصياتك القصصية؟
وهل يميل قرّاؤك إلى الربط بينها وبين شخصيات يعرفونها؟
*****
أسئلة جوهرية
عندما كتبت القصص التي تجري احداثها في لندن او جنيف او باريس، كنت اختار نفس الاسم الحقيقي فقد كنت في تلك الايام بدون اي اصدقاء او معارف في تلك الاصقاع اما القصص التي في الوطن، فكنت اتحاشى الاسماء الحقيقية،
وبالطبع، يقوم القاريء الذي يعرف القاص، بمحاولة سبر احداث القصة ثم محاولة ربطها بالشخصية التي قد تكون هي المقصودة في القصة او الرواية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: ابو جهينة)
|
من سياحة أخرى قديمة (2006) في عالم جلال داوود الإبداعي:
Quote: غني عن القول إن الزمن كمفهوم عام ظل يلعب دورا محوريا في بناء النصوص السردية الحديثة, وهو ما ينعكس بجلاء شديد على عملية تشكيل تلك النصوص, بل وعلى مستوى مضامين تلك النصوص وما تقارب به وضعية الإنسان في هذا العالم من تساؤلات اجتماعية تاريخية ووجودية ونفسية, حيث نلحظ باستمرار محاولات رصد تلك التغيرات التي يحدثها مرور الزمن على الناس والأشياء, وما يطرحه ذلك بدوره من محاولات لعقل تلك الوضعية الفانية أو إعادة وضعها في سياق بديل للعيش على نحو أكثر اتساقا مع الرغبات الأساسية للإنسان, حتى ليكاد يشكل مفهوم الزمن على ذلك النحو جوهر كل عمل سردي أصيل أوجاد. ولعل ذلك ما سيكشف عنه النقد التطبيقي لدى مقاربة نص "أبو جهينة":
كوز السبيل ... ( بانوراما ) |
Quote: يحتار المرء لثراء هذا النص في بساطته وتعقده في آن في تحديد أكثر أبعاده دلالة على جماليته وتميزه من بين الكثير من النصوص الأخرى لأبي جهينة نفسه. ولعل في عنوانه "كوز السبيل ... ( بانوراما )" ما يضعنا ومنذ البداية أمام توقع الدخول إلى عوالم مشهدية تتشكل جوهريا عبر تقنية التداعي القائم على الرصد البصري والتذكر الذي يعطي لهذا الرصد عمقه في التاريخ عبر رصد آخر تمثله جملة الأحداث والأقوال المكونة لسيرة (كوز السبيل). وهو تداع وإن بدا حرا إلا أن إعادة النظر إليه تكشف عن حق عن مدى مكر الكاتب وبراعته في نسج هذه الخيوط المشهدية التي تكاد تنوب عن زمنين نقيضين يتشاركان في بناء المعنى العام للنص من حيث هو صراع بين قيم الحب وقيم الكراهية, وأبوجهينة لا يغفل أثناء ذلك أن يعضد ماهية هذا الصراع بدلالة الأسماء نفسها التي ترمز لأطرافه وتشير إليها كما يعكس مثلا سياق العبارة التالية Quote: السبيل به ثلاث أزيار .. فالرابع أصابه حجر في مقتل بعد أن قذف (((ود جبرالله)))) حجراً ليصيب به (((ودالخير)))) .. فأخطأ الهدف ..
وأكثر من ذلك, لا يكتفي أبوجهينة بما يمكن أن يستنبطه القاريء ضمنيا من حيث التفكير في رمزية الأسماء ودلالتها هنا أوهناك, بل يلجأ إلى تصريح علني ومباشر حين يتعلق الأمر بالشخصية المحورية في النص, وأعني (الخير), حسبما يشير إليه سياق هذه الجملة التقريرية Quote: تعج نفس ( الخير ) بصفاتٍ تؤكد أنه إسم على مسمى ..
يقيم أبوجهينة ومنذ البداية تطابقا مدهشا بين سيرتي هذه الشخصية و(كوز السبيل), سواء على مستوى التطورات أوعلى مستوى المصير المشترك, وهي سيرة تعكس هنا وهناك رحلة العطاء وغربته في عالم جهم, وهو ما يمكن أن يتلمسه القاريء كذلك ضمنيا أوصراحة Quote: كوز السبيل يشبه (الخير) صاحب السبيل.. فالخير كريم (لامِنْ مدفق) مثله مثل الأزيار عندما تملؤها (زينب) على دفعات بالجردل من الحنفية. تقول عنه زينب أن ( إيدو مقدودة ) فلا يفرق بين الكرم و إستغلال الناس له. و (الخير) مكبل كالكوز إلى ( زينب ) .. و لكن بسلسلة من نوع آخر .. مقيد ببُخْل (زينب ) فلا يتعدى كرمه حوش أسرتها. تلوك الألسن إشاعة مفادها أن (الخير) مربوط ( بعمل ) جلبتْه ( زينب ) من مشعوذ يقطن أطراف قريتها البعيدة.. زينب تقول أن الناس يستمرءون الكرم فيتمادون في الإستزادة .. ( الخير) ذو معدنٍ أصيل .. لا يصدأ كما الكوز .. يهب ما يلقاه يمنة و يسرة .. في غفلة من ( زينب ) .. تماماً كأزيار السبيل .. يتناقص ماؤها لتعود تمتليء من جديد .. الأزيار تعج أطرافها الخارجية بطحالب تشترك مع نسمات الصيف العابرة في تبريد الماء .. ليعود إلى حرارته الأولى بفعل نفحات الهجير. تعج نفس ( الخير ) بصفاتٍ تؤكد أنه إسم على مسمى ..
على نحو عام, يبدو لي هذا النص بمثابة مرثية بالغة الشفافية لقيم جميلة مثل الحب والعطاء ظلت تقاوم قبل أن تنحسر أوتتلاشى أوتكاد, والنص هذا يعمل على تصويرها عبر ثلاث مراحل: ازدهارها وتفتحها كما يعكس المقتطف السابق, مقاومتها ومعاناتها في عالم معاكس Quote: و الكلب الراقد أسفل الزير يحسده المارة على مرقده البارد. السبيل به ثلاث أزيار .. فالرابع أصابه حجر في مقتل بعد أن قذف (ود جبرالله) حجراً ليصيب به (ودالخير) .. فأخطأ الهدف .. ( القِحِف) يتناثر هنا و هناك و لكنه لم يبرح ساحة السبيل و كأنه لا يزال يتشبث بالماء و الظل و صوت الكوز يكسر حاجز سطح الماء ليل نهار .. ( التذكارات ) تملأ جدران السبيل .. مكتوبة بالفحم و الطباشير .. سقف السبيل ( الزنكي ) يحتجز على جوانبه عدة أكياس نايلون ضلتْ طريقها.. و علب فارغة .. و ( كورة شُرَّاب ) .. و أشياء فقدتْ معالمها بفعل الشمس و الغبار. ( الخير) يطرد الكلب الراقد تحت الأزيار .. و يفتح أغطيتها للتأكد من إمتلاءها. يقف الكلب غير بعيد .. فهو يعرف أن وقفته في الهجير لن تطول .. يقف (سيد الكارو ) .. يكرع كوزين على عجل .. و يدلق ماءاً على عنق حصانه الهزيل .. يتابعه الكلب أملاً في الرجوع إلى مرقده البارد مرة أخرى .. تقف مجموعة من طلاب المدارس .. يشربون و يلهون بالماء .. يقذفونه بوابل من الحجارة ..
ثم أخيرا موات هذه القيم الجميلة وانحسارها Quote: ما عاد المكان بارداً ... الريح تصفر على فم الزير الفارغ ... تقف عصفورة تروم قطرة ماء .. ثم تنطلق صوب الفضاء العريض .. يتمدد الكلب رامياً رأسه إلى الخلف .. طار ( زنك ) السقف بفعل عاصفة عاتية ليلة الأمس .. فزع الكلب من زخات المطر تنقر على جسده النحيل فإنطلق يبحث عن مأوى آخر .. و كنخلةٍ توقفت عن طرْح الثمر .. وقف السبيل كبقايا آثار يحكي عن أيام مضتْ .. وقف أهل الحى يودعون بنظرات صامتة ( الخير ) و ( زينب ) .. لملموا حاجياتهم ... و ألقوا نظرة أخيرة على جدران البيت .. ثم على السبيل الذي شهد ردْحاً من حياتهما .. و نجاح تجارته .. و إسرافه الذي قاومته ( زينب ) دون طائل .. ثم إفلاسه .. تؤنبه بنظرات عتاب على إسرافه الذي لم تستطع كبح جماحه كثيراً .. بمساعدة جيرانه .. رفع الزير المتبقي على عربة الكارو كذكرى لأيامه الخوالي .. و أوصاهم بالسبيل خيراً .. بينما بقايا سلسلة الكوز تتأرجح كأنها تودعهما ..
وأكثر ما يميز هذا النص, برغم ما يبدو منه من طابع تقريري أحيانا, أن الزمن يتم رصده غالبا بحرفية وصفية عالية توضح مدى تأثيراته العميقة على الناس والأشياء, وهي حرفية تسندها مقدرة لغوية تشي عنها أفعال من قبيل "و الأزيار (((تقلص))) عددها", "الصدأ (((يأكل))) أطراف كوز الماء المعلق في السبيل بسلسلة طويلة", "و (((تزداد))) الطحالب سماكة", "( القِحِف) يتناثر هنا و هناك و لكنه لم يبرح ساحة السبيل و كأنه لا يزال (((يتشبث))) بالماء و الظل", "ثم (((يتناقص))) الماء رويداً رويداً في الزير", "و كنخلةٍ (((توقفت))) عن طرْح الثمر .. وقف السبيل كبقايا آثار يحكي عن أيام مضتْ", "و أشياء (((فقدتْ))) معالمها بفعل الشمس و الغبار", "(((بدأتْ))) الطحالب في الموت من أعلى الزير .. لتتخذ لوناً أخضرأً باهتاً .. لتتساقط متناثرة على جسد الكلب الضامر الذي ما عاد يرى إلا لِماماً".. إلخ.
التحية مجددا لمبدعنا "أبوجهينة" وعالمه السردي الجميل. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: عبد الحميد البرنس)
|
uote: يحتار المرء لثراء هذا النص في بساطته وتعقده في آن في تحديد أكثر أبعاده دلالة على جماليته وتميزه من بين الكثير من النصوص الأخرى لأبي جهينة نفسه. ولعل في عنوانه "كوز السبيل ... ( بانوراما )" ما يضعنا ومنذ البداية أمام توقع الدخول إلى عوالم مشهدية تتشكل جوهريا عبر تقنية التداعي القائم على الرصد البصري والتذكر الذي يعطي لهذا الرصد عمقه في التاريخ عبر رصد آخر تمثله جملة الأحداث والأقوال المكونة لسيرة (كوز السبيل). وهو تداع وإن بدا حرا إلا أن إعادة النظر إليه تكشف عن حق عن مدى مكر الكاتب وبراعته في نسج هذه الخيوط المشهدية التي تكاد تنوب عن زمنين نقيضين يتشاركان في بناء المعنى العام للنص من حيث هو صراع بين قيم الحب وقيم الكراهية, وأبوجهينة لا يغفل أثناء ذلك أن يعضد ماهية هذا الصراع بدلالة الأسماء نفسها التي ترمز لأطرافه وتشير إليها كما يعكس مثلا سياق العبارة التالية Quote: السبيل به ثلاث أزيار .. فالرابع أصابه حجر في مقتل بعد أن قذف (((ود جبرالله)))) حجراً ليصيب به (((ودالخير)))) .. فأخطأ الهدف ..
وأكثر من ذلك, لا يكتفي أبوجهينة بما يمكن أن يستنبطه القاريء ضمنيا من حيث التفكير في رمزية الأسماء ودلالتها هنا أوهناك, بل يلجأ إلى تصريح علني ومباشر حين يتعلق الأمر بالشخصية المحورية في النص, وأعني (الخير), حسبما يشير إليه سياق هذه الجملة التقريرية Quote: تعج نفس ( الخير ) بصفاتٍ تؤكد أنه إسم على مسمى ..
يقيم أبوجهينة ومنذ البداية تطابقا مدهشا بين سيرتي هذه الشخصية و(كوز السبيل), سواء على مستوى التطورات أوعلى مستوى المصير المشترك, وهي سيرة تعكس هنا وهناك رحلة العطاء وغربته في عالم جهم, وهو ما يمكن أن يتلمسه القاريء كذلك ضمنيا أوصراحة Quote: كوز السبيل يشبه (الخير) صاحب السبيل.. فالخير كريم (لامِنْ مدفق) مثله مثل الأزيار عندما تملؤها (زينب) على دفعات بالجردل من الحنفية. تقول عنه زينب أن ( إيدو مقدودة ) فلا يفرق بين الكرم و إستغلال الناس له. و (الخير) مكبل كالكوز إلى ( زينب ) .. و لكن بسلسلة من نوع آخر .. مقيد ببُخْل (زينب ) فلا يتعدى كرمه حوش أسرتها. تلوك الألسن إشاعة مفادها أن (الخير) مربوط ( بعمل ) جلبتْه ( زينب ) من مشعوذ يقطن أطراف قريتها البعيدة.. زينب تقول أن الناس يستمرءون الكرم فيتمادون في الإستزادة .. ( الخير) ذو معدنٍ أصيل .. لا يصدأ كما الكوز .. يهب ما يلقاه يمنة و يسرة .. في غفلة من ( زينب ) .. تماماً كأزيار السبيل .. يتناقص ماؤها لتعود تمتليء من جديد .. الأزيار تعج أطرافها الخارجية بطحالب تشترك مع نسمات الصيف العابرة في تبريد الماء .. ليعود إلى حرارته الأولى بفعل نفحات الهجير. تعج نفس ( الخير ) بصفاتٍ تؤكد أنه إسم على مسمى ..
على نحو عام, يبدو لي هذا النص بمثابة مرثية بالغة الشفافية لقيم جميلة مثل الحب والعطاء ظلت تقاوم قبل أن تنحسر أوتتلاشى أوتكاد, والنص هذا يعمل على تصويرها عبر ثلاث مراحل: ازدهارها وتفتحها كما يعكس المقتطف السابق, مقاومتها ومعاناتها في عالم معاكس Quote: و الكلب الراقد أسفل الزير يحسده المارة على مرقده البارد. السبيل به ثلاث أزيار .. فالرابع أصابه حجر في مقتل بعد أن قذف (ود جبرالله) حجراً ليصيب به (ودالخير) .. فأخطأ الهدف .. ( القِحِف) يتناثر هنا و هناك و لكنه لم يبرح ساحة السبيل و كأنه لا يزال يتشبث بالماء و الظل و صوت الكوز يكسر حاجز سطح الماء ليل نهار .. ( التذكارات ) تملأ جدران السبيل .. مكتوبة بالفحم و الطباشير .. سقف السبيل ( الزنكي ) يحتجز على جوانبه عدة أكياس نايلون ضلتْ طريقها.. و علب فارغة .. و ( كورة شُرَّاب ) .. و أشياء فقدتْ معالمها بفعل الشمس و الغبار. ( الخير) يطرد الكلب الراقد تحت الأزيار .. و يفتح أغطيتها للتأكد من إمتلاءها. يقف الكلب غير بعيد .. فهو يعرف أن وقفته في الهجير لن تطول .. يقف (سيد الكارو ) .. يكرع كوزين على عجل .. و يدلق ماءاً على عنق حصانه الهزيل .. يتابعه الكلب أملاً في الرجوع إلى مرقده البارد مرة أخرى .. تقف مجموعة من طلاب المدارس .. يشربون و يلهون بالماء .. يقذفونه بوابل من الحجارة ..
ثم أخيرا موات هذه القيم الجميلة وانحسارها Quote: ما عاد المكان بارداً ... الريح تصفر على فم الزير الفارغ ... تقف عصفورة تروم قطرة ماء .. ثم تنطلق صوب الفضاء العريض .. يتمدد الكلب رامياً رأسه إلى الخلف .. طار ( زنك ) السقف بفعل عاصفة عاتية ليلة الأمس .. فزع الكلب من زخات المطر تنقر على جسده النحيل فإنطلق يبحث عن مأوى آخر .. و كنخلةٍ توقفت عن طرْح الثمر .. وقف السبيل كبقايا آثار يحكي عن أيام مضتْ .. وقف أهل الحى يودعون بنظرات صامتة ( الخير ) و ( زينب ) .. لملموا حاجياتهم ... و ألقوا نظرة أخيرة على جدران البيت .. ثم على السبيل الذي شهد ردْحاً من حياتهما .. و نجاح تجارته .. و إسرافه الذي قاومته ( زينب ) دون طائل .. ثم إفلاسه .. تؤنبه بنظرات عتاب على إسرافه الذي لم تستطع كبح جماحه كثيراً .. بمساعدة جيرانه .. رفع الزير المتبقي على عربة الكارو كذكرى لأيامه الخوالي .. و أوصاهم بالسبيل خيراً .. بينما بقايا سلسلة الكوز تتأرجح كأنها تودعهما ..
وأكثر ما يميز هذا النص, برغم ما يبدو منه من طابع تقريري أحيانا, أن الزمن يتم رصده غالبا بحرفية وصفية عالية توضح مدى تأثيراته العميقة على الناس والأشياء, وهي حرفية تسندها مقدرة لغوية تشي عنها أفعال من قبيل "و الأزيار (((تقلص))) عددها", "الصدأ (((يأكل))) أطراف كوز الماء المعلق في السبيل بسلسلة طويلة", "و (((تزداد))) الطحالب سماكة", "( القِحِف) يتناثر هنا و هناك و لكنه لم يبرح ساحة السبيل و كأنه لا يزال (((يتشبث))) بالماء و الظل", "ثم (((يتناقص))) الماء رويداً رويداً في الزير", "و كنخلةٍ (((توقفت))) عن طرْح الثمر .. وقف السبيل كبقايا آثار يحكي عن أيام مضتْ", "و أشياء (((فقدتْ))) معالمها بفعل الشمس و الغبار", "(((بدأتْ))) الطحالب في الموت من أعلى الزير .. لتتخذ لوناً أخضرأً باهتاً .. لتتساقط متناثرة على جسد الكلب الضامر الذي ما عاد يرى إلا لِماماً".. إلخ.
***********
هذه السباحة، بل الغوص في اعماق هذا النص ، والذي هو يمثل جزء من حياة شخوص عايشتهم ردحا من الزمن، هي سباحة سباح ماهر بين امواج متلاطمة ووضع الاصبع على جرح ( ناتح ) ونثر بلسم على مكامن لا تفتأ تبرز بين الفينة والاخرى
سلمت يمناك يا برنس
دمتم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: ابو جهينة)
|
Quote: سؤالي لأبوجهينة:
كيف تختار أسماء شخصياتك القصصية؟
وهل يميل قرّاؤك إلى الربط بينها وبين شخصيات يعرفونها؟
والسؤال كما ذكرت موجّه أيضاً للبرنس. |
عزيزي المشاء:
من باب الطرفة ربما، تصيبني الدهشة أحيانا أن أكتشف وجود أحد ما في هذا العالم يهتم بما أكتب. ربما لذلك لا أزعم أن لي مثل تلك الكثرة من القراء. لما عدت من كندا إلى القاهرة عام 2010، بعد غياب دام نحو سبعة أعوام، خرجت في ذلك المساء من مطعم أبو شقرة في كلية البنات، وعبرت الشارع ذا الاتجاهين نحو الجهة الأخرى، حيث يوجد كشك لبيع الصحف والكتب والمجلات. هناك، رأيت دورية مترفة تهتم بالسرد العربي. فقلت أتهكم على نفسي مثل هذه المطبوعة لعمري لا يخلو منها نص للعبد لله. وللمفاجأة وجدت أحد نصوصي معادا نشره هناك إلى جانب نصوص تنتمي إلى أسماء راسخة داخل المشهد السردي العربي مثل سعيد يقطين. لكن إذا كان يوجد هناك من يميل إلى الربط ما بين ما أكتبه على تواضعه وشخصيات وأحداث واقعية بما فيها شخصي الضعيف، إلا أنني أسارع إلى النفي أنني حتى إذا كتبت عن تجربتي الخاصة فسرعان ما أتجاوزها إلى ما هو عام وإنساني مشترك. ربما لهذا تأخذ مني تلك النصوص التي تتعلق بخبراتي الشخصية السيئة وقتا أطول في الكتابة تجاوز بعضها العشرين عاما حتى أتخلص من رواسب اللحظة الراهنة وكثافة المشاعر السلبية. وهنا يستحضرني قول أستاذي وصديقي إبراهيم أصلان الذي يقوم بالتفريق ما بين "الكتابة بعدل" و"الكتابة عن العدل". وكما أشرت من قبل في سياق آخر، التجربة الواقعية مهما كانت ثرية تظل فقيرة على أن تنتج فنا. إنك تقوم أثناء الكتابة ببناء النموذج الدال، حيث تجمع الأجزاء الصغيرة من هنا وهناك مضافا إليها سحر الخيال الذي يعمل على توسيع أبعاد الواقع الضيقة. من جهة أخرى، مطابقة ما بين ما يكتب الكاتب وشخصيته الحقيقية أو تجربته المعاشة لهو عمل ينطوي على إجحاف ويحد من قدرته على تناول المواضيع الحساسة مثل ال ج ن س لا سيما في مجتمع ذي ذهنية محافظة.
سؤالي للعزيز جلال داوود "أبو جهينة": ماذا أضافت لك الغربة المكانية وماذا أخذت وهل تشعر في الأثناء أن هناك من سرق عمرك المتسرب حثيثا ما بين غربة وأخرى؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: ابو جهينة)
|
أخي الأديب البرنس
**** سؤالي للعزيز جلال داوود "أبو جهينة": ماذا أضافت لك الغربة المكانية وماذا أخذت وهل تشعر في الأثناء أن هناك من سرق عمرك المتسرب حثيثا ما بين غربة وأخرى؟
****
الغربة أضافت الكثير , وفي نفس الوقت نهشت الكثير بالطبع لا أحد يرغب في مفارقة أرض الوطن والأحبة والخلان، ولكن هناك مرافيء في الغربة تحيل الحنين إلى فعل إيجابي ، والأمر الحقيقي الذي يدفعني للكتابة هو الغوص في دواخل روحي التي تود دوما التحليق مرة أخرى في سماوات الوطن الغربة تشد الفكر بإصرار نحو الماضي ونحو غايات لم تدرك النصوص الغارقة في الاغتراب هي أشد وقعا واكثر الما ولكنها تجبر الكاتب على التجويد حيث أن إرهاصات الوطن تحفزه على ذلك
بالتأكيد الغربة سرقت من العمر الكثير , ورغم معطياتها العديدة ، إلا إنها بلا شك تقف كجزيرة جميلة وسط لجة
دمتم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: ابو جهينة)
|
قال البرنس:
Quote: من جهة أخرى، مطابقة ما بين ما يكتب الكاتب وشخصيته الحقيقية أو تجربته المعاشة لهو عمل ينطوي على إجحاف ويحد من قدرته على تناول المواضيع الحساسة مثل ال ج ن س لا سيما في مجتمع ذي ذهنية محافظة.
|
هذا المنظور المنطلق من التطابق بين الشخصيات القصصية والروائية وكاتبها شائع، ولا ينحصر وسط الكثير من القراء.
في دراستي عن استخدام النص أوردت كيف عانى الطيب صالح كثيرا من منظور الربط بينه وبين شخصياته الروائية..
ويورد "ميلان كونديرا" في أحد كتب ثلاثيته حول الرواية ، وتحديداً في "الوصايا المغدورة" الآتي عن "كافكا":
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: ابو جهينة)
|
عادةً ما تُتاح الفرصة للشعراء لإلقاء قصائدهم...
من النادر أن تُتاح للقصّاصين والروائيين الفرصة نفسها..
سؤالي لأبو جهينة وموصولا ًبعد ذلك للبرنس:
هل اتيحت لكما فرصة إلقاء قصصكم للجمهور؟؟
ولو كانت الإجابة بنعم:
هل تختلف عن الامسية أو الصباحية الشعرية؟؟؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: عبد الحميد البرنس)
|
سلام البرنس
في موقع عربي يضم نخبة من الادباء والروائيين العرب لديهم مكتبة صوتية يستمعون فيها للقصص القصيرة والشعر
القيت علىهم قصيدة لي :
** خلاص يا زول .. وصلْتَ ( المِيس ) .. أنْفُض عنَّكْ غبار الْهَمْ خُدْلَك تَكْيَة و إنْجَمَّ ..
أهْجِد وَ أْغَْمِضْ طَرْفَك المُرْهَق .. مَبْهول قلبك إتْلَمَّ ...
راقتْ شِيمة هواجسك .. عِرِفْتَ ال بيك و ال عليك .. مجهول حِلْمَكْ إتْسَــمَّ ...
درْبَك عديل .. حتى القَشَّة ما تْعَتِّرْ ... صِفَتْ عَكْرة سَمَاكْ .. و إنزاحتْ الغُمَّة ..
خلاص يا زول
* لم يتساءل بعضهم الا عن معنى
انجم مبهول شيمة
وكانت شهادة اديبة جزائرية بأن العامية السودانية هي الاقرب للغة الفصحى
لم اجرب بعد ان القي عليهم قصة من القصص القصيرة او القصيرة جدا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: ابو جهينة)
|
حياك الله أبا جهينة:
مداخلتك الأخيرة هذه، تثير أكثر من مسألة. أولا من الصعوبة في تصوري ترجمة العامية إلى فصحى، إذ أنك قد تتخلى عن كل تاريخ الحميمية والوقع المألوف وذلك الشكل الطازج على مستوى تسمية الأشياء ودلالاتها. وقد قلت للتو "قد"! ثانياً بالنسبة للتواصل مع قارئ يتفاعل مع نص العامية من خارج بلادنا أقول إننا قد لا نكون على ذلك القدر من الحظ مقارنة بمصر مثلاً التي تمتلك قاعدة إتصال وبث وإنتاج مسموع ومرئي ضخم على مدى سنوات عديدة مما جعل من العامية المصرية أمرا مألوفا لكثير من الناطقين بالعربية خارج مصر. ثالثا يبدو أن تأثير الثورة العلمية الثالثة ضخم وشديد التأثير وجذري على مستوى تخزين المعلومات وطرق تداولها بالتضامن مع ظروف الحياة الضاغطة التي قد لا تتيح القراءة ربما إلا أثناء القيادة والشغل عبر تلك الوسائل الصوتية!
اعجبتني القصيدة، بالمناسبة!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: عبد الحميد البرنس)
|
لحضرة جلالك يطيب الجلوس مهذب امامك يكون الكلام ,,,, التحية لك اخي الأستاذ الريس أبو جهينة فقد كنت احد الذين جعلوني اتوق للدخول لفضاء سودانيز اونلاين وقد كان أيضا بدعمكم وسندكم .. طبعا بوصفي احد الذين ترجع جزورهم لاقصى شمال السودان وبحكم ما يربطنا من وشائج فقد كان شمال السودان له مساهمات كبيرة في الثقافة والفنون السودانية ولذلك لم استغرب ان يكون أبو جهينة احد من رفدو الثقافة السودانية بإنتاج قصصي جميل ورائع ولا ننسى الهرم الفني الشامخ الموسيقار محمد عثمان وردي الذي أيضا ينحدر من اقصى الشمال وهناك الكثير ,,,, شكرا استاذنا البرنس على افتراع هذا الخيط هنا فابو جهينة يستحق ان نفرد له مساحات كبيرة لكي ينداح ويعطر سماء هذا المنبر بالجميل المفيد ... شكرا استاذنا أبو جهينة لوجودك بيننا هنا وهذا لعمر يلشرف لي ان أكون بينكم .... وافر تحياتي واحترامي لكما ولكل من يمر من هنا ...
تحياتي : ياسر العيلفون ....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: عبد الحميد البرنس)
|
تحياتي اخي البرنس ******
مستقبل الوطن من موقعي :
سؤال جعلني ارجع بذاكرتي سنوات عديدة اقلب صفحات هذا الوطن الذي يشبه طائر الفينيق، كلما اصابته كبوة، نفض عن جناحيه الغبار وانطلق ثم عادت بي الذاكرة لثورة اكتوبر وما تلاها من انتكاسات ثم انتفاضات وثورات ، حتى احداث الثورة المجيدة التي لا نزال نلعق آثار حراحها رغم الصعداء الذي تنفسناه
رؤيتي يلفها الامل العريض ، بل والطمأنية ، لأن الذين اسقطوا حكما جائرا بذلك الحجم والجبروت، قادر بمشيئة الله ان يعبر فوق كل اشواك الصعاب ليصل بالوطن لمرافئ الامان والازدهار تفاؤل كبير بحجم خارطة الوطن وبحجم زفرات الظلم التي انبعثت
دمتم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: osama elkhawad)
|
لم يحدث أبدا أن قمت بتوجيه توصيات للسياسيين عما ينبغي عمله كما يفعل الكثير من المهاجرين والمنفيين..
أنظر الى ما يدور في السودان بمعيارين: إمكانية تجاوز "الحلقة الشريرة"، بتأسيس ديمقراطية مستدامة..
٢-إمكانية العبور السلس نحو العلمانية...
فرص النجاح أفضل مما كان في اكتوبر ومارسابريل ، لكن أيضا المخاطر أقوى ...
لاحظت أن ما يحدث في السودان مخطط ومنظم وخلفه قوى سياسية ونقابية تدعمه،
لكن في العراق ولبنان والجزائر يتم الكلام عن "حراك" بدون ممثلين...
ولذلك فالخطر الذي يواجه تلك المجتمعات يعكسه "الفراغ" السياسي أي البديل السياسي..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: ابو جهينة)
|
شكل المنفى القسري، أو المنفى الاختياري، نقطة انطلاق جيدة في أعمال كثير من الكتاب، فجيمس جويس مثلاً فضل المنفى طوعاً حتى يرى ايرلندا على نحو شديد الوضوح، وأما ادوارد سعيد فقد اعتبر المنفيين كعلامات فارقة وثرية على طريق الفكر والأدب والثقافة مثل جوزيف كونراد، لكن ميلان كونديرا يلتفت في السياق إلى مستوى ما يحدث العيش في بلاد الآخرين من تشوهات، وعلى فكرة هذه إحدى موضوعات كونراد المحببة. كيف ترى، عزيزي أبو جهينة، ذلك العيش خارج الوطن، وما تأثير ذلك على كتابتك شكلا ومضموناً؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: osama elkhawad)
|
عزيزي أبو جهينة:
Quote: عزيزي ابوجهينة:
كيف تختار عناوين قصصك؟؟
وكيف تختار أيضاً عناوين الكتب؟ |
ربما فاتك ملاحظة سؤال المشاء أعلاه في سياق متقدم كما فات عليَّ ملاحظته قبل أن أدفع بسؤالي الأخير إليك. أو ربما تؤجل الإجابة عليه شأن تلك الأسئلة التي قد تتطلب قدرا ما من التأمل. وجيد هنا أن يحرص المشاء على التأكيد تاليا على سؤال مهم على مستوى المشهد السردي عامة مثل هذا السؤال. هذا أولا.
ثانيا: هذا خبر جميل.. قرب صدور مجموعتك التالية. مبروك مقدما مع أمل أن تجد حظها من النقد والمراجعة والنقاش.
ثالثا: ما يجمع بينك وبين المشاء، هو الجمع ما بين الشعر والسرد. وأتساءل إن كان لديك خطة ما لجمع قصائدك المتفرقة هنا وهناك في مجموعة شعرية، أو ديوان. لا أزال أذكر من وقت لآخر نصك المعنون (لا تشكيلي ببكيلك)، الذي قمتم بنشره خلال العام 2005:
Quote: لا تشكيلي أبكيلك ... براى كايس سبب .. العَبْرة متوسدة جوف الحَلِق .. و الدمعة في طرف المآقي .. شويـــــــة و تنزلق .. فتيل فانوس البُكا .. أرهف من رهيف .. هبْشة و يتفتق .. لو شكيتلي .. ببكيلك .. مع إني متعود .. أقعد براى متوهط الروح و النفس .. و أتحاشى النحيب وسط الخَلِق ..
لا تشكيلي أبكيلك ..
ال فيني كافي و زيادة .. كل القصص صارت مُعادة .. لا تحكي لى .. عن البنية العاشت وفية ...... و ما لاقت مُرادا ولا عن زولا هميم ... متوسد الأحزان وسادة
لا تشكيلي أبكيلك ... لا تغرك مني صرامة ولا شجاعة ... ببيع الدنيا و متاعا .. بس ما أشوف زولا ينتحب .. بتحاشى شوفتو .. و بتحاشى صوتو .. برضو أتاوق أتمعن ملامحو .. ألقالو العذر .. إستغفر أسامحو .. حرقة حشاى ما بْتقْبل شفاعة .. أرجوك .. لا تشكيلي ببكيلك .. |
لا تشكيلي ببكيلك!!
أراني كلما ابتعدت عن هذا العنوان، كلما عدت إليه، دالفا عبره إلى عالم من جمال بهي، وفي نفسي أسى مجهول وغامض، وأنا لا أدري بينما أغادر فعل القراءة في كل مرة أزاد ذلك الأسى أم تناقص... يا للسر الذي أودعه الله في الكلمات؟
يبدو أن عنوان أبو جهينة هذا قد جذب بعض العرب لا إلى سرقته بعد سنوات تالية كما يحيل مؤشر البحث جوجل بل إلى نسخه ولم يسعفني الوقت اللازم هذه اللحظة للتأكد أنهم قد أحالوا إلى أبو جهينة كمرجعية؟
ما يميز هذا النص الشعري، هو ذلك الحس الإنساني العميق، الذي لا ينصت إلى ألم الآخر فحسب، بل يتوغل بعيدا متشربا أحزانه حتى الثمالة. وهو هنا حس مراوغ لنبله وصدقه في آن، إذ يموه بتقنية الرفض "لا"، بينما يكشف عن معايشة تجارب إنسانية تستمع إلى قصصها، فإذا الإحساس بذلك الأسى المجهول الغامض يطل من عينيك فجأة في هيئة دمع خفيف وامض، هكذا: "عن البنية العاشت وفية ...... و ما لاقت مُرادا"، ما أصعب أن ننفق العمر أحيانا سعيا وراء شيء لا يتحقق!
ودمتم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: عبد الحميد البرنس)
|
سلام اخي العزيز البرنس
******
ربما فاتك ملاحظة سؤال المشاء أعلاه في سياق متقدم كما فات عليَّ ملاحظته قبل أن أدفع بسؤالي الأخير إليك. أو ربما تؤجل الإجابة عليه شأن تلك الأسئلة التي قد تتطلب قدرا ما من التأمل. وجيد هنا أن يحرص المشاء على التأكيد تاليا على سؤال مهم على مستوى المشهد السردي عامة مثل هذا السؤال. هذا أولا.
****
تمام لله درك ****
ثانيا: هذا خبر جميل.. قرب صدور مجموعتك التالية. مبروك مقدما مع أمل أن تجد حظها من النقد والمراجعة والنقاش.
****
شكرا البرنس ، واكيد سوف تكون قيد مراجعتكم قبل النشر
***
ثالثا: ما يجمع بينك وبين المشاء، هو الجمع ما بين الشعر والسرد. وأتساءل إن كان لديك خطة ما لجمع قصائدك المتفرقة هنا وهناك في مجموعة شعرية، أو ديوان. لا أزال أذكر من وقت لآخر نصك المعنون (لا تشكيلي ببكيلك)، الذي قمتم بنشره خلال العام 2005:
نعم، القصائد كلها قيد الحصر والمراجعة
كلمات قصيدتي : لا تشكيلي ببكيلك ، هذا العنوان هو مثل متداول في كثير من الدول العربية وكايضا في ٢٠١٦ تغنى فنان اسمه راشد الفارس باغنية مقدمتها نفس الكلمتين
دمتم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حوار مع الكاتب المبدع جلال داوود (أبو جهين (Re: ابو جهينة)
|
تذكر ردي على مداخلتك
هذا الأسى المجهول و الغامض يبدأ عندي مرارا و تكرارا .. و عندما تتجمع سحبه و تتلبد غمائمه .. و تختنق الروح من هذا الأسى المجهول و الغامض .. أستدعي كل صفحات الأسى و الحزن .. صفحة تلو الصفحة لأرى أي الصفحات تتماشى مع هذا الأسى الطارق لباب خلوتي. أحيانا أجد ما يتماشى .. و في أحايين كثيرة لا أجد مبررا له .. فأغوص بين طياته تاركا حبل حزني على غارب روحي ..
| |
|
|
|
|
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|
|