كونسرتو البلد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-25-2024, 10:48 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2019م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-18-2019, 11:58 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22514

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كونسرتو البلد

    10:58 AM December, 18 2019

    سودانيز اون لاين
    ابو جهينة-السعودية _ الرياض
    مكتبتى
    رابط مختصر



    كونسرتو البلد ( معزوفة خالدة بلا نوتة موسيقية أو مايسترو .. بل بإيقاع تلقائي )



    والفضل يرجع ( لإبن المقفع ) وكتابه ( كليلة ودمنة ) ....... وفوهات أفكاره من خلال أبطاله ( بيدبا و دبشليم ) .. والأبطال من بنات أفكاره الذين إستقاهم من الذين رافقوا أبونا نوح من مخلوقات الله، دون أن يسألوه : بماذا وإلى أين ولماذا وكيف...



    ****


    الإسفين الناجع :

    أنسلت جحافل الغزاة ومَن والاهم من التخوم .. بعد أن عرفوا أن هؤلاء ( الرعاع ) يملكون المقدرة على تسيير دفة بلادهم المترامية الأطراف.
    وبعد أن تيقنوا من أنهم يتمتعون بذكاء فطري ، وعزيمة لا تفتر ... وبطولات أسطورية ... وفي معيتهم رجال يضاهون الجبال رسوخاً وقوة ... وحكمة تنساب متسلسلة إلى الأنبياء ..انسحبوا وهم يضمرون العودة ...
    فهم أيضاً يعرفون أن حياتهم ستعتمد كماً لا كيفاً على المدفون في جوف الثرى هنا ..
    فدفنوا ( ألغاماً ) لا تنفجر إلا أن داست عليها أقدام الظلم والغبن والاستبداد والخيانة ولغدر..
    ألغام تستمد وقودها من الوجع والقهر ...
    وكان لهم ما أضمروا .. فقريحتهم كانت بوصلة دائماً ما تتجه نحو حدْسِهم ...

    الميلاد الأول :

    إجتمع ( الشُعْث الغُبْر ) ذات ليلة على نار أستوقدوها من حُر أخشابهم التي إدخروها لطهي طعامهم..
    رغم أن جُلَّ طعامهم كان من نوع الذي يصبر معهم على حر الصيف وقَر الشتاء ...
    كانت ليلة باردة .. تزمجر فيها ريح الشمال فتصدر صوتاً عند مرورها بين مختلف أنواع الشجر ...
    تعانقها سعفات من نخيل إنحنتْ جذوعها من شيخوخة، فهي إرث الرعيل الأول وما قبل الأول.
    بينما تتطاير أشواك علها تجد من تشتبك بأطرافه، لتعانق في عناد عند أول منحنى ثمار لا تغني ولا تسمن من جوع.
    قال كبيرهم : لدي خبر لا أدري إن كنتم ستصدقونه أم لا .. وإن صدقتموه فلا أدري إن كنتم ستوافقون عليه أم لا.
    قالوا بصوت واحد : هات ما عندك أيها الوقور.
    قال : زارني بالأمس ( جِني ) قادم من خارج حدودنا يدَّعي أنه كان ملازماً لأجدادنا في معاركهم وصولاتهم وجولاتهم، وأنه الذي ألْهمهم معرفة تضاريس هذه الجبال وتعاريج هذه السهول وهو الذي علمهم انضباط الجند واستعمال ذاك السلاح الذي يقذف لهباً وناراً. وقال أنه حتى لا يداهمنا عدو في عقر دارنا طمعاً في أرضنا الغنية ومياهنا الهادرة، فلا بد من تنصيب القوي الذي نختاره، وأقترَح أن يكون حيواناً من هذه الغابة التي تمدنا بأسباب الحياة أو من هذي الهضاب التي تنساب منها أنهارنا، وقد وعَدَنا بترويض هذا الحيوان حتى لا يفترسنا أو يقلب علينا بني جلدته من الكواسر والضواري .. ويبدو لي صادقاً في حديثه. فما رأيكم؟
    همهم القوم ..
    تجادلوا ...
    إرتفعتْ أصواتهم ...
    كادت أن تنشب معركة بالأيدي والحراب والخناجر والعصي..
    إلا أن كبيرهم وشيوخ قبائلهم تمكنوا من تهدئة الجمْع ...
    ووافقوا على إختيار وحش من الغابة القريبة ليقوم ( الجني ) بترويضه لهم ومن ثم يحميهم من طمع قبيل الإنس والجن ومعشر الوحش ...
    بعد تمحيص لسيرة الكواسر والضواري..
    وقع إختيارهم على زعيم قطيع ( الغوريلا ) ..
    فهو يتربص بهم ليل نهار وعلى مقربة من مضاربهم وديارهم ومتحيناً الفرصة، وينام بعين واحدة مغمضة محاكياً سيرة الذئاب جيرانه في الدغل القريب.
    ترصدوه ليلاً ... ثم أنقضوا عليه وهو يرتاد مخدعاً له قديم، كان يقضي فيه ( وطْراً ) مع أنثى مات زوجها جرّاء ثمرة مسمومة دلَّها عليها غريم ينافسه على حب هذي الأنثى، فأغتاله هذا الزعيم الشاب بحجة أنه أصلاً لا يمت إلى قبيلتهم بأي صِلة.
    رموا عليه شباكهم ...وتكالبوا عليه ... فإستمات في الدفاع عن نفسه ...
    طلب النجدة من فصيله ولكن دون جدوي ... فالليلة كانت عاصفة يمرق برقها بين الفينة والأخرى ورعدها يزمجر دونما انقطاع.
    مزق بعضا من شباكهم .. وجرح البعض ... وقتل منهم نفراً غير قليل ولكن الكثرة تغلب الشجاعة
    فطرحوه أرضاً .. وجرجروه إلى معقلهم ... وحبسوه في محبس آمن ... ووفَّروا له المسكن والمأكل والمشرب حتى هدأ وأطمأن واستكان...
    ثم جاء ( الجني ) .. وحدجه بنظرة التشفي والظَفَر
    زمجر الوحش .. فهو يعلم أن ( الجني ) هو سبب هذا المحبس المزري.
    زجره الجني .. فهو في موقف الآمر الناهي. وهدده بأنه سوف يسومه سوط عذاب إن لم يلتزم الأدب في حضرته.
    فلاذ الوحش بالصمت قهرا.
    وبدأ الجني في نثر همزاته ولمزاته، ودلق عليه طلاسم سحره في منأى عن القوم ... لكي لا يتعلموا سر هذه الطلاسم وكُنْه شفرتها..
    فأدركها الوحش وفهمها ووعد بتنفيذها بحذافيرها بعد أن أنساب سحر الجني في ثناياه رغماً عنه .. ودون أن يستطيع حتى من مقاومة سريانه في جسده الضخم.
    ثم أطلق سراحه .. فخرج إليهم مستكيناً .. ينظر إليهم في وداعة. ووعدهم بأنهم في أمن و أمان ما دام هو وقطيعه سيقومون على حراستهم وتوفير الطمأنينة لكل أفراد القبيلة.
    تنفس الجمع الصعداء.
    ثم أقسم قَسَمَ الولاء .. وأطلق صيحة زلزلتْ أركان الغابة وتجاوزتها إلى الوديان المتاخمة وتسامع بها حتى سكان الجحور والحفر والمتشبثون بفروع الأشجار والدافنون أجسادهم بين طيات رمال الصحاري القريبة.
    وامتلك زعيم الغوريلا ورهطه زمام أمور الضبط والربط في كل الأرجاء.
    وعاش الرعاع في سلام ...

    ساد الأمن .. وازدهرت الأرجاء .. وتوافد الدهماء والغوغاء من كافة الأرجاء وشتى الأصقاع.
    ونمتْ الأمصار من حول البقعة، بينما زعيم الغوريلا وقطيعه ينشرون طوقاً من الأمن و سياجاً من طمأنينة ...
    ومرت الأيام هنيئة هانئة..
    ثم بدأ جماعة من الرعاع يتناقلون أخباراً بدأتْ همساً .. ثم أنطلق الهمس ضجيجاً وململة. ومن ثم تحول إلى إحتجاج صارخ ...
    إنه خبر قلة الفاكهة والخضر ورغيف العيش ... وضمور خشاش الأرض و نبْته... ونضوب الماء في ( الترع ) والآبار ... وانقطاع أخبار القبائل المجاورة عنهم ..
    وصل الخبر إلى مسامع كبير القوم ... فتحقق من الأمر ..فهاله الأمر .. وصدمتْه الحقيقة ..
    فزعيم الغوريلا وعشيرته بدؤوا في الإستيلاء على كل موارد القوم .. وشرعوا في تخزينها ...
    حتى أن البعض منهم كان يخزنها في غابات مجاورة ودفنها في صحارٍ أخرى ...
    استدعت القبيلة زعيم الغوريلا ... وواجهوه بالحقيقة ..
    فإبتسم إبتسامة لا لون لها .. إبتسامة جديدة لم يكن يبديها من قبل. وكشَّر عن أنيابه .. ودقَّ بيديه على صدره وأطلق صرخة مزمجرة دوت بين أرجاء الغابة ..
    فتدافعت حشود الغوريلا من بين الأحراش وبأيديها كتل من فروع الأشجار .. هجمتْ بشراسة على القوم ..
    وأختلط الحابل بالنابل ... ودارت معركة حامية الوطيس.. تطايرتْ الجثث وإنتشر الدم في كل الأرجاء.
    أحتمت الإناث بتخوم الجبال تحتضن أطفالها.
    إستمرتْ المعركة وكأنها لن تتوقف وتهدأ ...
    ثم ... من بين ضجيج رحى المعركة، انطلقت زمجرة طغتْ على كل الأصوات التي كانت تعلو على غبار أرض المعركة.
    طغتْ فوق كل الأصوات ...في هدير كالرعد ...
    فلاذتْ جموع الغوريلا بالفرار فهي تعرف صاحب الصوت ...
    تقدم أسد ( ذو لبدة ) كثيفة وهو يتبختر في مشيته... ثم تفرس في الجثث ... فترحم عليها جميعاً ...
    تراجع القوم
    فقال الأسد بلسان بليغ : لا تخافوا ، فقد روَّضني ( الجني ) صاحبكم بعد أن عرف مطامع رهط الغوريلا ..الآن والآن فقط أيها الجمع المكلوم آلتْ إليّ مقاليد كبح جماح هذا الانفلات، فلينصرف الكل إلى عمله ولتعد الإناث إلى بيوتها. وهذا أمر لن أكرره .
    ثم حدجهم بنظرة جعلتهم ينفذون أوامره دون تردد.
    ثم قام بتعيين أركان نظامه الجديد من :

    الليث : متحدثاً بإسم النظام
    الهزبر : وزيراً لشئون الرعاع
    السبع : وزيراً لأركان حربه
    الغضنفر : وزيراً لشئون العمل
    قسْورة : وزيراً لهيئة أمور النظار والعمد والمشايخ
    العرنْدَس : وزيراً للتبادل التجاري
    ( بينما بقيتْ اللبوة تتفيأ ظلال حكم زوجها وتتباهى أمام زوجات النمور والفهود وبقية فصيل ذوي الأظافر والأنياب ) .

    لم تشهد هذه الفترة من حكم ( أبو لبدة ) أموراً كثيرة إلا بعض ( الهنات ) هنا وهناك.
    والحق يقال، كان الهدوء طابع هذه الفترة .. حتى أن ( الجني ) كان يتباهى أمام بقية قبيل (إبليس) بأنه نجح أخيراً في ترويض الرعاع بهذا المغوار ( أبو لبدة ) ..
    إلا أن بعض الرعاع كانوا يعملون ( سراً ) لضعضعة حكم ( أبو لبدة ) ..
    هؤلاء كان يسوءهم أن يحكم أرضهم من هم دونهم علماً وأصلاً وفصلاً.
    ونجحوا نجاحاً باهراً في ( الضغط على أول لغم من صنع الرعاع أنفسهم )..
    فأنفلت زمام الأمر .. وأنفجر أول لغم .. وأختلط الحابل بالنابل ...
    وخرجتْ جموع الرعاع للشوارع ، بينما ( السِّرِّيُّون ) يؤججون النيران ...
    ( الهزبر ) وزير شئون الرعاع والذي كان خارج البلد وفوجئ بالفوضى، سأل عند عودته في خضم الفوضى مستوضحاً الأمر، ولما عرف بالأمر .. قال : يا لغباء أبو لبدة ، كان حريٌ به أن يأتي بأي شبل من أشبالنا ويقتله أمام الرعاع ويجعل دم الموتى في عنق هذا الشبل المزعوم، ليثبت لهم بأننا حريصون على دمائهم ...
    ولكن ولات حين ندم ... فقد إنفلت زمام الأمن ...
    وصار من المحتم أن يتولى الرعاع تسيير دفة البلد بأنفسهم ...

    وكان الميلاد الثاني ...








                  

12-18-2019, 12:06 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22514

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كونسرتو البلد (Re: ابو جهينة)

    يستتبع
                  

12-18-2019, 12:07 PM

خضر الطيب
<aخضر الطيب
تاريخ التسجيل: 06-24-2004
مجموع المشاركات: 6586

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كونسرتو البلد (Re: ابو جهينة)

    جميل يا انيق العبارة و المفردة
                  

12-18-2019, 12:38 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22514

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كونسرتو البلد (Re: خضر الطيب)

    تحياتي اخي خضر

                  

12-18-2019, 12:49 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22514

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كونسرتو البلد (Re: ابو جهينة)


    الميلاد الثاني ( المخاض العسير )

    إختفى ( الجني ) تماماً عن ساحة البلد.
    عندها تأكد الجميع بأن زمن تولي الضواري دفة الحكم صار أمراً بعيد المنال.
    وظلَّلتْ غمامة من الحيرة مجلس القبيلة .
    ( الموقر ) يتكيء حزيناً على جذع شجرة وهو يستمع إلى أحداث الأيام الدامية.
    الأمهات الثكالى والأرامل يتحلَّقْن حول مجلس القبيلة في إنتظار أن يقول ( الموقر ) كلمته في شأن تسيير دفة الأمور وتدبير سبل كسب العيش للعجزة والمعوزين.
    الشهداء في مثل هذه المواقف يصبحون مادة دسمة على موائد الشعراء .. ( فحولهم ) والهواة والغاوون الذين يتبعونهم..
    أهازيج النصر جرحتْ الحناجر ...
    ثم قال ( الموقر ) كلمته ...
    فكان إقتسام سدة الحكم بين ( الرمَّاح ) وغريمه التقليدي ( أبو مصباح ) ...
    فتنفس الخلق الصعداء ... فالفريقين يؤكدان حرصهما الأكيد والراسخ على المصلحة ( العامة ) وإبعاد ( المصالح الشخصية الضيقة ) ...
    ثم كالا اللعنات على قبيلة الضواري والتي عاثت في البلاد الفساد والتنكيل بالعباد ..
    وسارت الأمور بوتيرة مركبٍ تتهادى على سطح نهرٍ بقيادة ( ريِّسيْن ) ..
    ولكنهما نسيا أو تناسيا أن النهر غير مأمون الجانب من هبَّات الأعاصير وانجراف جذوع أشجار يدفعها الموج في صخب وجنون نحو جسم المركب أو تمزيق أشرعة المركب شر مُمَزَّق ...
    هذا غير أنهما تناسيا رغبة الخلق وإلى أي ضفة تكمن رغبتهم في الرسو عليها ....
    في عتمة الليل .. تبْرق عيون تقدح كالشرر من بين شجيرات الغابات والأدغال ...
    ومن خلف هذه العيون .. جاءت الأخبار تتْرى ... بأن سكان الوادي الأعلى يشنون هجمات في كر وفر ... رافعين راية الإنسلاخ من ربقة الضواري أو حكم ( الرماح ) وغريمه ( أبو مصباح ) ...

    الخطوب لا تأتي من فراغ ...
    العقلاء هم من يتمترسون خلف حدْسهم وتجارب غيرهم، فعندما تأتي الخطوب، فعلى أقل تقدير يكون وقْعها أخف تأثيراً من هجمة الفُجاءة.
    ومصائر الشعوب كالحبال المفتولة ... تتلوى أليافها حسبما أرادها فاتلوها .. رفيعة أرادوها أو غليظة أو مزيج بين هذي و تلك ..
    والليالي التي تكون حُبْلى بالأحداث الجسام تجعل الناس ينامون وهم ينتظرون مطرا أو غيثا فتفاجؤهم عاصفة ترابية أو سيل عرمرم يندفع من تخوم جبال راسيات يحسبونها تحميهم من الغوائل...
    أشرقتْ شمس ذاك اليوم ... والغابة والأدغال تضج بأصوات الضواري فيرتد صداها بين الجبال والتلال القريبة ..
    حطّ طائر ضخم على تعريشة ( الموقر ) الذي كان في غفوة والمسبحة بين أصابعه ..
    وقف الطائر الضخم محاكياً ( هدهد النبي سليمان ) ... ثم أطلق صيحة وطار بعد أن نثرتْ مخالبة تراب عرش السقيفة على جبهة ( الوقور ) ...
    لم يفقه ( الوقور ) كُنْه وقفة هذا الطائر على سقف سقيفته وأسباب صيحته .. فقد باغتتْه الأحداث التي تَتْرى.

    وأختلط الحابل بالنابل.
    وأقْسم البعض بأنهم رأوا ( نوعا من السحالي ) يطارد تمساحاً على أطراف شواطئ جزيرة على مرمى البصر ... بينما أسماك ( شامتة ) تتقافز لتلتقط دقائق هذا الحدث.
    كما أن إمرأة قالت بعد أن أقسمتْ بقبر جدها بأنها رأتْ ديكا له ( عُرف فاقع اللون أحمره ) ينتف ريش ( صقر ) قناص له مخالب ومنقار معقوف كما المنجل....
    إنها الفوضى تضرب بأطنابها في جسم المكان.
    ثم إنطلقتْ من بين شجيرات الأدغال جحافل الضواري من كل جنس ونوع يتقدمها من فصيل السباع ( سليل السنور ) المعروف بين رفاقه بـ( جسَّاس ) ..
    وهو من فصيل السباع التي تنتمي إلى عهد ( الماموث ) المنقرض وله مهابة ومعروف عنه أنه لا يأبه للموت... له صولات وجولات في معارك بني جنسه.
    وبهدوء تام تسلم زمام الأمور ..
    ورغم أن الكل كانوا قد تيقنوا من إختفاء الجني مروض الوحوش .. إلا أنه ظهر أعلى الجبل وهو يقهقه ضاحكاً .. قائلاً بأعلى صوته :
    لا فكاك ... أنتم كالقطط .. لا بد لكم مِن خانق يكتم أنفاسكم ... تلعنونه وتحبونه ومن ثم تلفظونه لتعودوا إلى لطم الخدود وشق الجيوب.
                  

12-18-2019, 12:55 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22514

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كونسرتو البلد (Re: ابو جهينة)

    ***
    مَن يقبضون بتلابيب السُلْطة ويكون ( الجني ) هو من فرش لهم الطريق بساطاً أحمراً ووسوس لهم بأن الرعاع سيكونون طوع البنان ،
    دائما ما يكونون على دين واحد حتى ولو إختلفوا في الإيمان برب واحد أو تفرقتْ بهم سبل الاتجاهات والطرق والمنهاج.

    إلى عصر ( على نفسها جَنَتْ براقش )

    ( براقش ) كلبة نبحتْ دونما سبب فلفتتْ إنتباه أعداء القبيلة إلى مكان إختباء سكان المضارب فداهموهم وأثخنوهم جراحا و قتلا ...
    وما أكثر النابحين عن قصد ودونما سبب فتكون الفاجعة ... ولات حين مناص ...


    الطبْع يغلب التطبُّع :

    قال الجني لقبيله : هؤلاء الرعاع وثلة الدهماء والغوغاء لا يفترون من جلْد الذات. لا يتعلمون من دروسهم التي لم يمضِ عليها زمان موغل في القِدَم ... لقد تعِبْتُ من ترويض الضواري لهم ... كان هدفي أن يشملهم الأمن ويلفهم بدثاره ليلتفتوا إلى ما يفيدهم ويفيد أجيالهم.
    ثم تنهد تنهيدة طويلة .. ثم مسح على قرْنيه وواصل : هذه الرعية تستحق حالاً أحسن مما هم عليه. ولكن ما بوسوستي حيلة غير ما قمتُ به. فلنرَ ماذا هم فاعلون.
    الرعاع يتململون من فوضى هم صانعوها.
    يتضورون جوعاً بسبب شُحٍ هم ناثروه.
    يموتون مرضاً جرّاء جراثيم هم سبب إنتشارها.
    يصفقون مهللين للضواري وللوحوش وهم يرمقون الأظافر والمخالب تحيط بمسيراتهم الهادرة تتغنى بتمجيد السباع وبنات آوى.
    يتغنون بأهازيج النصر وهم يشاهدون راياتهم تتهاوى الواحدة تلو الأخرى ...
    يتنسّمون عليل الحرية بينما هم يمرون أمام زنازين السجون التي يجدد سجانوهم طلائها وتقوية بواباتها في انتظار المتذمرين ...


    القِرْبة المقدودة ...

    كعادته إنْزوى ( الجني ) متوارياً عن الأنظار حتى لا تصيبه رشْقات الرعاع بحجارة اللعنات ..
    وهو على ثقة تامة بأن اليد الطُوُلِى في كل الإخفاقات هنا وهناك هي من جرّاء تساهلهم والجري وراء مصالحهم الضيقة وترْك هموم البلد وراء ظهرانيهم وكثرة مجاملاتهم للمتخمين وتجار الكلام وبائعي الوعود.
    كما وقفتْ الضواري والوحوش على تخوم الأحراش والغابات ترمق الوضع عن كثب وهي تلعق جراحها المتتالية.
    جلس ( الوقور ) كعادته .. واضعاً رأسه بين راحتَيْه .. والجلوس في حضرته يلفهم الصمت وتكتنفهم الحيرة والإحباط.
    قال ( الوقور ) من بين أسنانه : ماذا ترون ؟؟؟ قد إكتفيتُ من كل هذا العبث الذي يحيط بنا من زمرة الوحوش والضواري وأجنحة البلد المتصارعة ... أفيدوني وأريحوني.
    همْهَم القوم ...
    تنحنحوا ..
    تناكفوا ...
    تنازعوا ..
    إتفقوا ثم إختلفوا ثم إتفقوا على أمور في ظاهرها ( التوحد ) وفي باطنها ( التفرق ) ... على سطحها تطفو شعارات قديمة من زمن ( فديتك يا وطني ) ... وفي قاعها تترسب نفس جراثيم السنوات التي خلتْ ...
    وعادت إلى واجهة الأحداث نفس الوجوه التي هلّل الناس لها وقاموا بسحقهم تحت تروس الوحوش والضواري.
    قهقه ( الوقور ) ... قائلاً : يا قوم ... هل أضْحتْ البلد عقيمة ؟ أم أصبحتم كقطعان البراري تمشي في خط مستقيم لا تأبَه لمَن يكون في المقدمة طالما هو يعدها بخشاش الأرض و ينابيع المياه ؟؟

    و ران صمت عميق بينما الغابات المجاورة تسترق النظر والسمع ليقتدوا بهذا المكان وسكانه المعروفين بالصبر والحكمة والشجاعة

    ( إنتهى )
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de