عندما طرحت الإدارة الامريكية لحمدوك في زيارته الأخيرة لحضور جلسات الأمم المتحدة لمناقشة بعض القضايا العالقة في العلاقات السودانية الامريكية - رفض الدعوة " بصورة دبلوماسية " سبب الرفض ليس من باب " المشغولية وكثرة المسئوليات ولكن كان حمدوك ينظر الي قضية العلاقات مع الولايات المتحدة بصورة اكثر استراتيجية وفضل ان تتم الدعوة بصورة رسمية وكان له ما أراد . جاء حمدوك هذه المرة وهو اكثر جاهزية واكثر استعداد لمعالجة الملفات السودانية وابرزها قضية رفع السودان من قائمة الإرهاب . كتبت هذه الأسبوع عن خلفيات اتهام السودان بالإرهاب نتيجة طبيعية لسياسات النظام السابق والخطوات غير المدروسة التي كان يقوم في مضمار السياسة الخارجية . حمدوك كان ومازال ينظر الي قضية رفع السودان من قائمة الإرهاب من ناحية اقتصادية مع الاخذ في الاعتبار النواحي السياسية فالرجل قبل كل شيء هو اقتصادي طليع وكان يري ان المخرج لازمات السودان الاقتصادية هي رفع السودان من هذه القائمة اللعينة لماذا لان " الاستقرار الاقتصادي يساعد الحكومة في إحلال السلام والإصلاحات الاقتصادية الأخرى" كما جاء صحيفة "سودان تربيون " الالكترونية . وأشار حمدوك مرارا وتكرارا ان أمريكا بصورة خاصة والغرب بصورة عامة لابد من يعمل من " انهاء وضع السودان الانعزالي " وإنقاذ الوضع الاقتصادي الهش من الانهيار الاقتصادي الكامل . معظم المراقبين والمحللين وربما عامة الشعب ان السبب الرئيس لانهيار النظام السابق هو الانهيار الاقتصادي المريع الذي حدث في أواخر العهد السابق وهو الذي اجبر المواطنين علي الخروج بجانب الأسباب الأخرى التي أدت الي هذه المألات . أشار حمدوك في سبتمبر الماضي انه يتوقع حدوث اختراق كبير ينتج عنه إزاحة السودان من قائمة الإرهاب . وهذا الجهد لان البلاد في حاجة ماسة للدعم الأجنبي من اجل انقاذ البلاد في هذا الظرف الحاد . وخاصة ان المتربصين بالثورة كثر واي فشل في هذ الناحية معناه انهيار النظام . حمدوك الخبير الاقتصادي الدولي جاء بهذ الفهم الي واشنطن هذا الأسبوع من اجل الضغط علي المسئولين من اجل القيام بهذا الامر وفي هذه الفترة الوجيزة . العديد من الاخوة وحتي الكتاب والصحفيين كانوا يعتقدون ان هذه الزيارة قد تؤدي الي رفع العقوبات ولكن لا يمكن ان يتم ذلك لان العملية معقدة لان هناك الكثير من الجوانب الفنية والأمنية لابد ان يحدث فيها تقدم كبير حتي يتخذ هذا الاجراء . المهم ان حمدوك ينظر رفع السودان من منظور اقتصادي بدعم مؤسسات التمويل الدولية " البنك الدولي وصندوق النقد" التي تساهم في دعم الاقتصادي السودان الذي يحتاج الي 8 بليون دولار علي اقل تقدير في العامين القادمين . بالإضافة الي 2 بليون من اجل انقاذ العملة المحلية (مدلاند نيوز ) وخاصة مع تجارة العملة وممارسات الدولة العميقة والممارسات الاقتصادية غير المسئولة من تجار العملة وتجار الذهب . نخلص الي ان حمدوك جاء بنفسه في هذه الزيارة وهو يهدف الي ان يحدث اختراق - وهو عندما جاء كان يعلم ان هذا لان يحدث بين ليلة وضحاها ولكن فضل ان يستخدم الدبلوماسية الرئاسية علي اعلي المستويات وخاصة انه يعلم ان السودان لا يستطيع الصبر علي السياسة الغربية علي وجه العموم والأمريكية علي وجه الخصوص التي عزلت السودان لأكثر من عقدين من الزمان وتسببت في الانهيار الاقتصادي والنسبة غير المسبوقة للكساد الذي وصفه الدكتور بكري الجاك الأستاذ بجامعة لونغ ايلاند " بالكساد التضخمي " بالإضافة سوء إدارة البشير للاقتصاد والفساد غير المسبوق والذي لم يحدث في تاريخ السودان الحديث والذي ادي ان يصل نسبة الدين الي اكثرمن 60 بليون هذا فضلا عن الشح في البترول والأغذية والأدوية والمواد الضرورية الأخرى . نستطيع ان نقول ان زيارة حمدوك لم تؤدي الي رفع العقوبات وهذا متوقع ولكنها أدت الي تقدم ملحوظ في هذا الاطار واتوقع من خلال قراءاتي لمجريات الاحداث ان يتم رفع العقوبات في منتصف او أواخر العام القادم . هذا اذا لم تحدث تطورات اخري قد تعجل او تؤخر هذا الاجراء الهام والذي يعود بالنفع علي الاقتصاد السوداني رغم عدم ثقتي بمؤسسات التمويل العالمية وخاصة ان هناك دراسات كثيرة تمت في هذا الشأن ولكن اعتقد ان السودان ليس له طريق ثالث غير هذا بسبب ان الاقتصاد يمر بمرحلة " عنق الزجاجة " اذا لم يتم حل سريع فان الوضع قد ينفجر في أي لحظة ويؤدي الي انهيار اول حكومة مدنية منذ ثلاثة عقود . من الناحية الشخصية استطيع ان أقول ان مبادرة حمدوك لإنقاذ الاقتصاد بنفسه مبادرة ممتازة اذا لم يتحقق الهدف النهائي ولكن مجرد عودة التمثيل الدبلوماسي الكامل هو خطوة في الطريق الصحيح ولنا عودة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Salah Idris
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست