مَرْيَم .... قصة قصيرة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-03-2024, 08:38 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2019م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-23-2019, 11:36 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مَرْيَم .... قصة قصيرة

    11:36 PM September, 23 2019

    سودانيز اون لاين
    طه جعفر-تورنتو..اونتاريو..كندا
    مكتبتى
    رابط مختصر




    غرفته صغيرة بالشقة التي يقتسم تكاليف العيش فيها معه مجموعة من المهاجرين ديفيد النيجيري، ديسالي الاثيوبي و السنغالي مصطفي. أناس جمعته بهم صُدفُ المِهجر. المِهجرُ باردٌ و صامت في جميع الفصول. شيءٌ ما علي شاشة تلفونه في الفيسبوك جعله يتذكر. غرق في الذكريات أخذته أمواج الذكريات بعيداً، زرقة صفحة الفيسبوك ربما أخذته إلي تلك المدينة علي ضفة النيل الأزرق التي يتثني جوارها النهرُ لتكون في شماله الجغرافي، يتَلّوي النهرُ حولها كثعبان طيب. تَذكَّرَ جميل. عندما برزت صورةُ جميل في مخيتله المتعبة من وعثاء يوم الأحد الذي قتله السفر الأبَدي بين الاسبوعين. جلب منظرُ جميل لخاطره كلام ود ضيف الله عن الشيخ حمد النحلان" فتحت باب الله و سديت باب المخلوقين". هنا ترددت في ذهنه عبارة " طاوي الحشا و قايم". قال الصوت الخارج من صفرة طلاء الحائط : نعم ذلك هو. جميل هو الشيخ حمد النحلان ليس عنده غير الخلوة و التأمل و له مع الناس الابتسام الصامت. روحه من عجينة الترحاب بالضيف و إكرامه . قرأ الصوت الآية " ألقي السمع و هو شهيد..." . هنا صار يسمع بإنصات و يري بكشفٍ بائن. شيءٌ ما جعله يضع التلفون جانباً ليسمع و يري.
    قال الصوت الخارج من الحائط و الصادر عنها بإيقاع منتظم. قال: تعرف أن جِدّتها فاطنة تعلمت بمدرسة البنات الوحيدة بالوطن و تخرجت لتعمل مُدَرِّسة. كانت أمام جِدَتها كما تعرف تحديات كبيرة كان عليها أن تكون زوجة، أم و إمرأة عاملة. أعابها الناس بخروجها من بيتها للدراسة و العمل و ما يستلزم من الإختلاط برجال الإدارة في السلطة المحلية التابعة للمركز الذي يحكمه المستعمر. استباحت الألسن جلال كرامتها و كانت المدينة تراقبها بعييني صقر. ثوبها الأبيض أو تغطيتها لنصف وجهها بطرفه لم يسترها أمام أعينهم التي أمتد شنافها ليتجاوزها لأهلها. من يعرفون أباها يقولون حاج الطيب جنّ و انسخط من سماعه لكلام زوجته، حماته و أمه. و من لا يعرفونه يقولون حاج الطيب راجل باطل. يحكي أن واحدة من الخَدَم تغنت بجسارة جِدّتها في الإنداية و طارت الأغنية في سماء البلد و انتشرت
    المُهْرة قطّامة اللِجام
    شوفوها مرقت للعَلام
    السمحة ام ضفاير
    أبوكي منّاع المناكر
    إنتشار الأغنية و ترديدها في الأنادي ضيّق الخناق علي جِدّتها فاطنة التي كانت تزداد عناداً يوما بعد يوم. غيّر الراتبُ الشهري حياة أسرتها و عزّز موقعها الإجتماعي. قبل زواجها بسنوات صارت فاطمة صاحبة حلّ و عقد و امتدت فضائلها لتشمل الجيران بعد الأهل. لم يكن راتبها يتأثر بخيانة الفصول أو أوبئة القطعان للرجال . كان معها مال باستمرار. و الأهم أن الكثيرات من من بنات أهلها التحقن بالمدرسة و تعلمن و عملن. تعزز موقع النساء في اسرتها بالتعليم و العمل و الراتب الشهري. عرف الرجال أيضاً فائدة ذلك فأثروا و اتسعت مزارعهم و نمت مِرْحَاتهم. لم تقلل تلك التغيرات من حدة الشناف و الإعابة بمجتمع المدينة و نتيجة لذلك
    تناسل غضب مكتوم في ارواح نساء بيت حاج الطيب، تسلل ذلك الغضب لارواح حفيدات حاجة فاطنة نما ذلك الغضب و استصحب معه تمرد و بحث مستمر عن مستقبل يليق بهن. مستقبل يشبه مثابرة الجِدّة فاطنة و يختلف عن تاريخ الوطن الذي تحرّر من المستعمر و توالت عليه الانقلابات العسكرية و تمّ تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في أراضيه.
    في تلك الظروف كبُرت مريم شقيقة جميل متدربة علي نزال سلطة الرجل في البيت، المدرسة، العمل و الحياة العامة لم تكن غير وريثة لعروش هزمتها مصائب الوطن.
    في صفوف الرجال بأسرتها إتخذ الغضب المنسرب أشكال أخري و تأثرت نفوسهم بما أصاب الوطن من انكسارات فانكسروا. عندما بلغت مريم أعتاب مراهقتها مازالت تعلب مع الأولاد في الشارع. كان قد انطرح علي جسدها جمالٌ واعدٌ و متوثب. في أحد الأيام انتهرها أبوها و سَبّها و قال لها: انتي ما بتخجلي تمرقي من البيت بي شطورك ديل و صلبك دا تلعبي مع الاولاد و راسك مكشوف يا قاهر يا قليلة الأدب. ردت مريم علي أبيها قائلة: عاجاباني شطوري، و عاجبني صلبي و شعري أنت مالك بيهو؟ضربها.. جرّها علي الارض و أدخلها البيت و ضربها من جديد أمام أمها، أخوانها و جدتها. ران علي البيت صمت لم يمزقه شيء غير صراخها من قسوة الضرب و الجرّ علي الأرض. توقف أبوها عن ضربها جراء التعب فهدأت مريم ثمّ قالت له: ما في راجل محترم بضرب بنته. قام الأب من جديد ليضربها، هنا جلجل في اركان البيت صوت فاطنة زاجراً: أوعك تمد يدك عليها.. أوعك تمد يدك عليها ... أوعك تمد يدك عليها.
    اتفقت النساء في دار حاج الطيب علي إرسال مريم بعيداً عن أبيها لتكمل تعليمها من بيت خالتها في الخرطوم. أصرّ والدها علي عدم حدوث ذلك. ضعطت جِدّتها فاطنة بوسائل تعرفها فوافق أبوها بشرط أن يرافقها جميل. درست مريم المرحلة الثانوية و التحقت بمعهد الموسيقي و المسرح. عملت و هي تدْرس إلي أن تخرجت و توظفت بالهيئة العامة للإذاعة و التلفزيون و لاسباب تعرفها مريم قررت أن تنتقل للسكن مع شقيقها جميل الذي كان يدرس بجامعة القاهرة فرع الخرطوم في بيت مستأجر. صار البيت مركزاً لتجمع الناشطات في التنظيمات السياسية و دارسات و خريجات معهد الموسيقي و المسرح. تفتق وعي جميل في تلك الرفقة الحنينة، الجسورة و المصادمة و لم يعرف عن فتيات بلاده غير النُبْل، الثبات و الجسارة. تعلّم منهن تلك القيم و تدرب عليها و فتَجهّزت نفسه و تمّهَد جسده ليكون مقاماً للشيخ حمد النحلان.
    هنا قال الصوت الخارج من الحائط بصوتِ جميل شقيق مريم : فتحت باب الله و سديت باب المخلوقين"
    و ما زالت تلك العبارة تتردد، يقولوها الصوتُ الخارج من الحائط و بإيقاعٍ حازمٍ بصوتِ جميل شقيق مريم:
    فتحت باب الله و سديت باب المخلوقين" "
    ظلّت العبارة تتردد و لم تتوقف إلا عند رنين التلفون الذي قطع التواصل بين المُهاجر، جميل و الشيخ حمد النحلان و روح مريم.

    طه جعفر الخليفة
    تورنتو- اونتاريو- كندا
    21 سبتمبر 2019م








                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de