بداية، فإن الذي حدث في الحركة الشعبية خلال العام 2017، هو في حقيقته عملية إقالة لمالك عقار وياسر عرمان وإحلال قيادة جديدة مكانهما عبر القنوات المؤسسية للتنظيم (المؤتمر العام)، والدليل الأكبر على أن ما تم هو (إقالة) وليس (انشقاق)، كما يروج لذلك الكثيرين لأغراض لهم، هو أن الجيش الشعبي وكوادر وجماهير الحركة قد إلتفت حول القيادة الجديدة، وهذا طبيعي فهي من اختارتها وبصورة يمكن القول انها ديمقراطية.
من هنا يمكن تفهم الاسباب التي قادت مالك عقار وياسر عرمان للهرولة نحو الخرطوم للحاق بقطار الثورة، فهما بعد الاقالة التي حدثت لهما من قيادة الحركة، ووجدا أنهما بلا جيش أو كوادر وجماهير أخذا يبحثان عن وجود سياسي لهما، وكان الملاذ يتمثل بداية في انخراطهما والعمل في إطار تحالف نداء السودان، وقبلتهما قوى نداء السودان رغم معرفتهم بأنهما لا يمثلان سوى نفسيهما في الواقع، اذ لا بأس من المساهمة في انقسام الحركة فهي في النهاية منافس سياسي، وهذه سياسة. بالطبع كان من نتائج ذلك أن فقد نداء السودان الحركة الشعبية الحقيقية بكل قوتها السياسية والعسكرية بقيادة الحلو، حيث لم تنضم لنداء السودان ولسان حالها يقول: هنالك حركة شعبية واحدة، فاما أن يمثلها عقار وعرمان في نداء السودان او أن تمثل هي نفسها بقيادة الحلو ولا خيار ثالث.
هذا هو السبب الرئيسي الذي دعا الحركة الشعبية لعدم الانضمام لنداء السودان.
لما كان المعروف ان نداء السودان تحالف مرحلي، شأنه في ذلك شأن تحالف قوى الحرية والتغيير، فإنهما سينفضان بمجرد تكوين الحكومة الانتقالية وتحول قواهما السياسية إلى حاكمة بدلا عن معارضة في إطار (فردي) وليس (جماعي) تحالفي.
حال حدوث ذلك مع بقاء ياسر وعقار خارج السودان، فإنهما سيجدان نفسيهما وحدهما (كشخصين)، لذلك قررا الهبوط بنعومة في الخرطوم قبل تكوين الحكومة الانتقالية، أي قبل فض تحالف نداء السودان، والانخراط السياسي في هذه المرحلة حتى يكونا جزء من الفترة الانتقالية، ولن ينكشف امر انهما قائدين دون تنظيم الا عند دخول مرحلة الانتخابات بعد 3 سنوات، وحتى يأتي ذلك الوقت فإنهما يعتقدان أنهما سيجدان مخرج وقتها، وذلك في إطار حركة القرد عند تنقله بين الاغصان، لا يفلت يده من الغصن الذي تمسك به ما لم تتشبث يده الأخرى بغصن آخر.
لكن هذا لن يفيدهما ولا ينفي أن لا مستقبل سياسي لهما إلا حال اعادا ادراجهما للحركة الشعبية بقيادة الحلو، وهو امر صعب عليهما اذ تأخذهما العزة بالاثم.
يحاول ياسر بعد مجيئه الخرطوم تحقيق احد امرين: الهبوط بقوى الحرية والتغيير هبوطا ناعما وفق مخططه المرسوم مع السعوديين والاماراتيين أو أن يستطيع شق صف قوى الحرية والتغيير وهبوطه بمعية حزب الامة وعدد من قوى نداء السودان هبوطآ ناعمآ يتشاركوا فيه السلطة ويتقاسموها مع المجلس العسكري الانقلابي عميل السعودية والامارات ومصر وفقآ للمخطط المتفق عليه بينهم، وهي المحاولة التي ستذهب بهم في جميعهم، ان حاولوا القيام بها، الى مزبلة التاريخ بجانب المؤتمر الوطني ونظام حكمه البائد، فالثورة السودانية غير قابلة للسرقة ومحصنة من أي ثورة مضادة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة