|
Re: كونسرتو البلد (Re: ابو جهينة)
|
*** مَن يقبضون بتلابيب السُلْطة ويكون ( الجني ) هو من فرش لهم الطريق بساطاً أحمراً ووسوس لهم بأن الرعاع سيكونون طوع البنان ، دائما ما يكونون على دين واحد حتى ولو إختلفوا في الإيمان برب واحد أو تفرقتْ بهم سبل الاتجاهات والطرق والمنهاج.
إلى عصر ( على نفسها جَنَتْ براقش )
( براقش ) كلبة نبحتْ دونما سبب فلفتتْ إنتباه أعداء القبيلة إلى مكان إختباء سكان المضارب فداهموهم وأثخنوهم جراحا و قتلا ... وما أكثر النابحين عن قصد ودونما سبب فتكون الفاجعة ... ولات حين مناص ...
الطبْع يغلب التطبُّع :
قال الجني لقبيله : هؤلاء الرعاع وثلة الدهماء والغوغاء لا يفترون من جلْد الذات. لا يتعلمون من دروسهم التي لم يمضِ عليها زمان موغل في القِدَم ... لقد تعِبْتُ من ترويض الضواري لهم ... كان هدفي أن يشملهم الأمن ويلفهم بدثاره ليلتفتوا إلى ما يفيدهم ويفيد أجيالهم. ثم تنهد تنهيدة طويلة .. ثم مسح على قرْنيه وواصل : هذه الرعية تستحق حالاً أحسن مما هم عليه. ولكن ما بوسوستي حيلة غير ما قمتُ به. فلنرَ ماذا هم فاعلون. الرعاع يتململون من فوضى هم صانعوها. يتضورون جوعاً بسبب شُحٍ هم ناثروه. يموتون مرضاً جرّاء جراثيم هم سبب إنتشارها. يصفقون مهللين للضواري وللوحوش وهم يرمقون الأظافر والمخالب تحيط بمسيراتهم الهادرة تتغنى بتمجيد السباع وبنات آوى. يتغنون بأهازيج النصر وهم يشاهدون راياتهم تتهاوى الواحدة تلو الأخرى ... يتنسّمون عليل الحرية بينما هم يمرون أمام زنازين السجون التي يجدد سجانوهم طلائها وتقوية بواباتها في انتظار المتذمرين ...
القِرْبة المقدودة ...
كعادته إنْزوى ( الجني ) متوارياً عن الأنظار حتى لا تصيبه رشْقات الرعاع بحجارة اللعنات .. وهو على ثقة تامة بأن اليد الطُوُلِى في كل الإخفاقات هنا وهناك هي من جرّاء تساهلهم والجري وراء مصالحهم الضيقة وترْك هموم البلد وراء ظهرانيهم وكثرة مجاملاتهم للمتخمين وتجار الكلام وبائعي الوعود. كما وقفتْ الضواري والوحوش على تخوم الأحراش والغابات ترمق الوضع عن كثب وهي تلعق جراحها المتتالية. جلس ( الوقور ) كعادته .. واضعاً رأسه بين راحتَيْه .. والجلوس في حضرته يلفهم الصمت وتكتنفهم الحيرة والإحباط. قال ( الوقور ) من بين أسنانه : ماذا ترون ؟؟؟ قد إكتفيتُ من كل هذا العبث الذي يحيط بنا من زمرة الوحوش والضواري وأجنحة البلد المتصارعة ... أفيدوني وأريحوني. همْهَم القوم ... تنحنحوا .. تناكفوا ... تنازعوا .. إتفقوا ثم إختلفوا ثم إتفقوا على أمور في ظاهرها ( التوحد ) وفي باطنها ( التفرق ) ... على سطحها تطفو شعارات قديمة من زمن ( فديتك يا وطني ) ... وفي قاعها تترسب نفس جراثيم السنوات التي خلتْ ... وعادت إلى واجهة الأحداث نفس الوجوه التي هلّل الناس لها وقاموا بسحقهم تحت تروس الوحوش والضواري. قهقه ( الوقور ) ... قائلاً : يا قوم ... هل أضْحتْ البلد عقيمة ؟ أم أصبحتم كقطعان البراري تمشي في خط مستقيم لا تأبَه لمَن يكون في المقدمة طالما هو يعدها بخشاش الأرض و ينابيع المياه ؟؟
و ران صمت عميق بينما الغابات المجاورة تسترق النظر والسمع ليقتدوا بهذا المكان وسكانه المعروفين بالصبر والحكمة والشجاعة
( إنتهى )
|
|
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/icon_edit.gif)
|
|
|
|
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|
|