الخبر الذي تداولته وسائط التواصل الاجتماعي يوم أمس والذي يتحدث عن اضراب لعدد كبير من العازفين الفنيين وعزمهم إقامة وقفة احتجاجية امام اتحاد الفنانين تحت شعار (غنوا براكم)، الخبر ورغم أنه خبر فريد ونادر الحدوث وسط المجتمع الفني، الا انه يوضح وبجلاء ان طوفان الثورة لم يستثنِ أحداً. الجميع صار مدركاً لحقوقه واحتياجاته ومطالبه، الإحساس الثوري صار مواطناً يعيش بيننا يأكل مع الناس ويتحرك ويحاور ويناقش ويمتطي صهوة التمرد. الفئات التي لم يحدث أن سمع لها صوت ولم تكن من ذوات الاحتجاجات والاعتصامات والتظاهر، صارت تخرج وتتحدث ويعلو صوتها وتبرز مطالبها ولا ترضى بما دون احلامها. حمى العصيان نفسها أصبحت عدوى تنتقل سريعاً بين الهيئات وتجتاح المؤسسات، الوقفات الاحتجاجية والإضراب والمطالبة بحل النقابات وإقالة الكيزان أصبحت روتيناً يومياً وظاهرة صحية طيبة تعكس دليل تعافٍ وشفاء. الشعور المتراكم بالقهر والغبن والإقصاء والذي لازم فئة كبيرة من الشعب السوداني، أصبح ذلك الشعور مثل المارد الذي خرج من قمقمه ولا سبيل لإخماده أو إرجاعه. الكل ثائر والجميع متمرد والمطالبة بالحقوق أصبحت ثقافة مجتمعية. العازفون أنفسهم من الفئات التي عانت الأمرين من الظروف الاقتصادية، وظلوا طيلة الفترة الماضية يحترقون بالموسيقى ليصعد على اكتافهم غمار الفنانين. يحدث دائماً ان ينال الفنان اجره كاملاً غير منقوص، في حين يتأرجح العازفون على مقصلة القليل الذي لا يقدم شيئاً مفيداً ولا يساعد في ترقية أحوالهم وظروفهم المعيشية. ما لم يشعر الفنانون بقيمة العازفين الحقيقية لن يساعدوا في اصلاح احوالهم ورفع فاتورة مشاركتهم. لا يستقيم ابداً ما يجنيه الفنانون من عشرات الملايين من الجنيهات، مقابل الفتات الذي يلقى للعازفين تلك اذن قسمة ضيزى. لا تستقيم الأغنية ولا يكتمل المعنى الا بالموسيقى، فإن كانت للشاعر والملحن حقوقهم فمن باب اولى ان يكون للموسيقيين وضعهم الخاص. خارج السور بالثورة وحدها يحيا الإنسان.
10-06-2019, 06:31 PM
ترهاقا
ترهاقا
تاريخ التسجيل: 07-04-2003
مجموع المشاركات: 8699
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة