|
Re: يوميات مترجم سوداني يعمل في شركة كورية.... (الجزء الثاني) (Re: هشام حامد العبيد)
|
تحياتي
ونواصل اليوم الرابع...
نسيت ان اخبركم بان هؤلاء العمال الذين احضرتهم الى المطار وهم من تايلاندا وهي دولة في شرق اسيا دولة فقيرة جدا ومعظم سكانها ناس بسطا جدا مثلهم مثل معظم الشعوب الافريقية .. نرجع الى الحقيبة المشئومة التى جعلت كل من في المطار يقف على رجل واحدة فقد كان صاحب تلك الحقيبة يعمل معنا في الشركة في وظيفة فني تبريد وتكييف منذ عدة سنوات وبما ان بلده فقيرة جدا وحسب تفكيره المحدود ، كان كل ما يقوم بعملية صيانة لاحد المكيفات او الثلاجات في الشركة يقوم بالاحتفاظ ببقايا القطع التي قام بصيانتها عنده في حجرته من غير ان يعلم به احد الى ان تكونت عنده مجموعة كبيرة جدا من هذه القطع وهداه تفكيره المحدود ان يأخذ معه تلك القطع ليبيعها في بلاده واذا به من بساطة تفكيره يقوم بوضعها في حقيبة سفره اسفل الملابس حتى يخفيها من اعين التفتيش في المطار– صديقنا التايلاندي كان يعتقد انه سيركب حافلة ركاب وليس طائرة.
نعود الى لحظة التفتيش وأمام نظرات كل المسافيرن في ذلك اليوم اذا بضباط الامن سيتخرجون من تلك الحقيبة التي ارعبت كل من في المطار ،فبدءوا يستخرجون من الحقيبة مرة وصلات حديدية ومرة انابيب تبريد ومرة صواميل ومرة اطار شبكي ومرة مفكات ومرة مفاتيح.....كانت فضيحة بي جلاجل.
وعامل الدهشة تفغر افواه ضباط المطار من هذا المخلوق التايلاندي العجيب من أي كوكب أتي
لم اعرف وقتها اضحك ام ابكي ام اقفز الى رقبته واطبق على عنقه. تمنيت لو ان الارض انشقت وابتلعتني من الفضيحة والاحراج الذي سببه لنا هذا التايلاندي... هشام لابس نضيف وظريف وماشي المطار لتسفير هولاء التايلاندين الوهم فاذا بنا نخرج من المطار ونحن محملين بهذا الكم الهائل من العتاد والعدة من المواسير والالواح المعدنية والوصلات والمفاتيح والصواميل وكأننا طالعين من ورشة تصليح سيارات وليس من مطار دولي ..كان فلم كوميدي ولا عادل امام.
هشام زعلان... وانتو تضحكو ياناس البورد (تضحكو بلا سنون)...
وكعقابا لهذا التايلاندي الذي اذاقنا الامرين بفعلته السوده هذه ومنيله بستين نيلة ، طلبنا من ضابط المطار ان يلغى سفريته ويعود معنا الى الشركة لتلقينه درسا في ابسط ابجديات الاتكيت والذوق الرفيع حتى لايكرر مثل هذا السلوك طول عمرو، وانه سيركب طيارة وليس حمار وقمنا بتحميله كل هذه المعدات الثقيلة أمام انبهار رجال امن المطار والمسافرين من عقلية هذا الرجل (في أي قرن يعيش ومن أي بلاد الله اتى) وعاد معنا الى الشركة واذا به يبكي طوال الطريق..لا اعرف لماذا بكي. هل لعدم لحاقه بالطائرة ام لفقده هذه المقتنيات الثمينة ؟
وبعد خروجنا من المطار طلب مني الكوري وهو ميت من الضحك ان نرمي بهذا المعدات الثقيلة في اقرب محل نفايات فرفضت طلبه بقوة والضك يقتلني وقلت له هذه الاشياء لابد ان تعود معنا الى الشركة ولازم نعمل ليها متحف صغير داخل الشركة ليراها كل العمال ... ..وبالفعل كانت حديث الساعة لكل العمال لمدة من الوقت.
ورغم المفاجأة والدهشة التي سببها لنا هذا الرجل الا اننا ضحكنا من الاعماق طول الطريق من هذا التصرف العجيب الغريب.
وبعد اسبوع قمنا بتسفيره... الا اننا قمنا هذه المرة بتفتيش حقائبه قبل مغادرته موقع الشركة تفتيش دقيق جدا ...خوفا من ان يكرر نفس العملة السودة مرة اخرى. وبالفعل اوصلناه الى المطار وسلمت جوازه الى ضابط الجوازات وقام بوضع حقائبه في سير التفتيش الالى ...ورغم التفتيش الذي اجريناه له في الشركة الا ان مشهد المرة الاولى لم يفارق ذاكرتي فخفت ان تنطلق اجهزة الانذار مرة اخرى... لكن الله لطف هذه المرة وما ان اختفى من انظارنا داخل صالة المغادرة... قلنا له ذهاب بلا اياب..تايلاندي وهم..
ومازلنا نحتفظ بهذه العدة والمعدات في احد مكاتب الشركة كتذكار عزيز جدا لهذا الموقف الذي اصادفه لأول مرة في حياتي. وكما يقولون (عش رجب ترى العجب) وبسببه اصدرت ادارة الشركة قرارا بتفتيش كل الحقائب عند سفر او مغادرة أي عامل لموقع الشركة. خلاصة هذا الموقف الطريف ان الجهل وعدم تعلم ابسط قواعد الاتكيت مرض خطير جدا...اخطر من انلفونزا الطيور ذاتا...
ونواصل اليوميات.
تحياتي هشام حامد العبيد
|
|
|
|
|
|
|
|
|