|
|
 Re: شاد الدولة الافريقية الوحيدة التى في حالة حرب معلنه مع السودان ( يبدوا أنها تواجه أوقات عصي (Re: عبد الناصر الخطيب)
|
هل ينجح مخطط عزل السودان عن المحيط العربي؟
========================================================
تبدو علاقات تشاد مع السودان محيرة وفيها الكثير من الغموض، فمن جهة ترسل وفودا لتؤكد رغبتها في تحسين العلاقات وتعزيزها، وفي الوقت نفيه تهاجم قواتها المسلحة الاراضي السودانية وتقتل رجال الشرطة وتنهب السلاح من مخازنه. هذا ما أكده احدث بيان صادر عن القوات السودانية المسلحة، وفيه ايضا: “ان القوة المعتدية ذاتها هاجمت قوة للاتحاد الافريقي في منطقة جنوب “كلبس” ثم توجهت غربا عائدة في الاتجاه الذي جاءت منه”.
لكن ما يسمى بالحركة الوطنية للإصلاح والتنمية المنشقة عن حركة العدل والمساواة في دارفور ادعت ان قواتها هي التي قامت بذلك الهجوم وقتلت 37 شرطياً، وسيطرت على بلدية سربا واستولت على ست عربات للضغط من أجل ضمها لمحادثات السلام في ابوجا.
وأياً كانت القوة المهاجمة فإنها محسوبة على دولة تشاد لأن حركة العدل والمساواة منذ وقوع الانشقاق اتهمت المنشقين بأنهم صنيعة تشادية، وترتب على ذلك رفض الحركة للوساطة التشادية، واعتراضها على المشاركة التشادية في مفاوضات ابوجا. وهي في كل الاحوال مسؤولة عن اي هجوم يقع على الاراضي السودانية من الاراضي التشادية، وفوق هذا او ذاك فإن مئات من الجنود التشاديين بشهادة حكومة تشاد قد عبروا من قبل الى دارفور متمردين عليها، وحاولت الحكومة السودانية تجريدهم من السلاح ومطاردتهم، ومع ذلك فإن الحيرة تتملك الجانب السوداني سواء ما يجري من القوات التشادية كان تفلّتاً أو أمراً مدبراً ومخططاً له من قبل الحكومة او جانباً فيها!
لقد حدث هذا الهجوم التشادي الاخير في وقت كان يتحدث فيه الرئيس السوداني في احتفال عسكري قائلا: “ان بلاده لا تريد حربا مع جيرانها”، مشيرا بصفة خاصة الى تشاد. ومؤكدا ان السودان يريد حدودا مفتوحة معها للتعاون والتبادل التجاري، معلناً أن السودان دخل مرحلة جديدة سلاحها البناء والتنمية وليس البندقية، وبالطبع من الخير لتشاد ان تتعامل بصدق وجدية مع هذا الموقف الذي كرره الرئيس السوداني لأنه في مصلحة البلدين، ولأنها تدرك ان قوتها العسكرية لا قِبل لها بمواجهة القوات السودانية المسلحة ولا مجال للمقارنة في اي مواجهات في مختلف الصعد، وفضلا عن الصراع الذي يجري في دارفور لها مصلحة حقيقية في أن ينتهي الى وفاق سوداني وما لم يتم ذلك فإن دولة تشاد نفسها لن تكون في مأمن من ضرر كبير سيلحق بكيانها ووحدتها.
وفي كل الاحوال كما هو واضح من مجريات الاحداث في دارفور فإن كل طابع الصراع الدائر الآن هو بين قيادات الفصائل المقاتلة حول من منهم تكون له القيادة سواء في حركة تحرير السودان او حركة العدالة والمساواة، وحتى الهجوم الأخير الذي اشرنا اليه في هذا المقال وتبنته حركة منشقة من العدالة والمساواة، كان حسب زعمها سببه عدم إشراكها في المفاوضات، علماً بأن الحكومة لم تكن طرفا لا في الانشقاق ولا في منع المنشقين من المشاركة، ومع ذلك هوجمت سواء من المنشقين أو الجيش التشادي او الاثنين معاً من دون مبرر!
ومعلوم ان المفاوضات كانت قد تعثرت وتوقفت بسبب الصراعات بين الحركتين من جهة، وبين قيادات حركة تحرير السودان، وكلها صراعات لا تمت للقضية بأي صلة وإنما محصورة في محاولات اقصاء بعضهم بعضا عن سدة القيادة مما ترك اثرا سيئا وخيبة امل لدى العالم في مقاصد هاتين الحركتين، ولولا هذه الصراعات لكانت القضايا التي تهم شعب دارفور قد نوقشت وتم التوصل فيها الى اتفاق يرتضيه كل اهل السودان منذ فترة ليست بالقصيرة.
ونحن لا نقول ذلك من باب التهويل للإمكانات المتاحة للحل وفقا للأسس التي أرساها اتفاق سلام الجنوب فحسب او من باب التهوين لقضايا شعب دارفور الحقيقية وإنما لكون الأسس التي تمت صياغتها بوساطة الاتحاد الافريقي اهتداء بتلك الاتفاقية والمناقشات التي دارت في جولات ابوجا السابقة كلها أوحت بأن الاتفاق النهائي بات وشيكا لولا الصراعات والانقسامات التي نشبت بين قيادات الحركتين وتعطلت المفاوضات بسببها.
والآن بعد أن نجحت الجهود الدولية في لملمة التشرذم الذي لازم القيادات المعنية مما ادى الى إشراكها في المفاوضات بات من المرجح ان تفضي هذه الجولة الى الاتفاق الشامل، خاصة ان المجتمع الدولي قدر منذ البداية ان تكون ازمة دارفور قد حلت بنهاية هذا العام.
وتبقى مشكلة الشرق قابلة للحل في اقرب وقت ممكن، وقطعاً فإن حلها سيكون ميسورا في ضوء القواعد التي ارسيت في اتفاق الجنوب، والنمط الذي اتبع في اقليم دارفور، وهي كلها تجربة ستعمم على سائر اقاليم السودان عسى أن تضع حدا لكل المشكلات التي قعدت بالسودان عن مواكبة مقتضيات تماسكه ونموه بعيدا عن تدخلات الآخرين وأطماعهم ومؤامرتهم التي اخذت تتكشف بعض جوانبها.
ولعل ابرز المؤامرات التي يجري الحديث حولها وراء الكواليس هي ان جهات ما في الولايات المتحدة الامريكية تسعى لتمزيق النسيج الاجتماعي بين عرب الشمال وأهل دارفور الذين يتحدرون من اصول افريقية بإثارة النعرات الجهوية وتوسيع مداها الى درجة يمكن أن تقود في نهاية المطاف الى تحالف بين جميع المتحدرين من اصول افريقية وسكان الجنوب بهدف تجميع أغلبية عرقية لإزاحة كل المتحدرين من أصول عربية من سدة الحكم، ودفع السودان كليا الى محيطه الافريقي من دون أي اعتبار لمحيطه العربي، علما بأن الخارجية الامريكية منذ زمن بعيد تصنف السودان ضمن الاطار الافريقي وحده وتتعامل معه من خلال القسم الافريقي في اداراتها المتعددة.
ولا يغيب عن البال ان التضخم الاعلامي الذي صاحب ازمة دارفور ومعظمه من الولايات المتحدة كان يركز بشكل لافت للأنظار على ما يوصف بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي الى أن تبلور هذا التضخم وأصبح السياسة المعتمدة للإدارة الامريكية، ومن ثم توالت التسريبات حول اقصاء الشمال العربي من سدة الحكم وليس الحكام الحاليين كما كان يبدو .
***********************
مقال الكاتب الصحفي محمد الحسن أحمد في الخليج الامارتية الاثنين الماضي
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست