|
|
 الإسلام السياسي والنقد الذاتي بقلم الأستاذة رشا عوض
|
نقلا عن جريدة السوداني العدد رقم: 138 26/3/2006
* الإسلام السياسي والنقد الذاتي
العالم محكوم بتوازنات القوة على حساب مقتضيات العدالة
رشا عوض عبد الله
في المقال السابق (استنفار النفس اللوامة في أمة تحترف الغضب) وفي سياق مناقشة قضية انعتاق المجتمعات المسلمة من إسار التخلف خلصت إلى ان معركة النهضة في هذه المجتمعات يجب ان تكون مع الداخل قبل الخارج أي ان الخطوة الأولى نحو التقدم يجب ان تكون بحشد واستنهاض الطاقات لمواجهة المعوقات الذاتية التي تعرقل تطور تلك المجتمعات والمتمثلة في منظومة الأفكار والمفاهيم والمعتقدات التي تشكل العقل، وبالتالي تتحكم في توجيه المجتمع في المجالات المختلفة، وهذا لا يعني على الإطلاق الاستهانة بدور العوامل الخارجية في تعميق الأزمات في العالم الإسلامي والتسبب في افقاره وزعزعة استقراره والإبقاء على حالة الضعف والتبعية فيه انطلاقاً من دوافع مصلحية أو عنصرية، في إطار التنافس على النفوذ الاستراتيجي والاقتصادي، فالعالم من حولنا محكوم إلى حدود كبيرة بتوازنات القوة والنفوذ على حساب مقتضيات العدالة وبتحالفات المصالح على حساب مقتضيات القيم الأخلاقية والمثل العليا، فالخطر الخارجي حقيقة موضوعية ولا جدال في وجوب مواجهته، مواجهة تستهدف رفع المظالم واسترداد الحقوق وتحقيق المصالح المشروعة لاسيما وان العالم الإسلامي دفع اثماناً باهظة بسبب صراعات الحرب الباردة ومازال يدفع ذات الأثمان وربما أكثر في عهد القطبية الأحادية، ولكن الحقيقة الغائبة أو المغيبة عن الوعي الإسلامي هو الدور المحوري لأنظمة الحكم الفاسدة والمستبدة المتحكمة في العالم الإسلامي في خدمة مخططات العدو الخارجي إما بالعمالة المباشرة أو بالعمالة غير المباشرة المتمثلة في قهر الشعوب والعبث بمواردها والإنصراف عن التنمية الاقتصادية والبشرية مما يحول البلاد إلى دول فاشلة منتجة ومصدرة لما يسميه الإمام الصادق المهدي بأسلحة (الضرار الشامل) من إرهاب ومخدرات وهجرة غير قانونية، وأنظمة الحكم هذه ليست منبتة عن السياق الثقافي والاجتماعي الذي انتجها مما يؤكد ان التصدي لها ان كان يستهدف إحداث تغيير جذري وشامل وحقيقي لابد ان يكون بالتفكيك النقدي لكل الفكرويات السائدة سواء ذات المرجعية التراثية أو ذات المرجعيات الحديثة، فالأمر أكبر من استبدال نظام إسلامي بنظام علماني أو العكس، أو استبدال نظام ملكي بآخر جمهوري، فهذه التغييرات لن تكون ذات جدوى ما لم يتم استبدال العقل التقليدي بعقل حديث يهندس إنتقال الدول الإسلامية إلى مرحلة الدولة الحديثة بمضمونها الوظيفي والمفاهيمي، ومن ثم سيواجه المسلمون التآمر الصهيوني والاستكبار الامبريالي الأمريكي بوسائل حديثة أي آليات وتقنيات العصر الحديث وبمنطقه ولغته في سياق عقلاني واقعي، هذه هي المواجهة ذات الجدوى والفاعلية أما التشنجات العاطفية التي تدفع إلى التطرف ومن ثم الإرهاب والعنف العشوائي فلن تعود على المسلمين إلا بمزيد من الهزائم العسكرية وكذلك الهزائم الحضارية.
في عام 1989م صدر كتاب (الحركة الإسلامية رؤية مستقبلية..أوراق في النقد الذاتي) وقد اشتمل على أربع عشرة ورقة بحثية قدمها أبرز القيادات الفكرية للإسلام السياسي - ومن ضمنهم د.حسن الترابي وكل هذه الأوراق اتفقت على ان الحركة الإسلامية بحاجة لمراجعة منطلقاتها الفكرية وأبنيتها التنظيمية وآلياتها في العمل وفي مقدمة الكتاب- وهي من تأليف د.عبد الله فهد النفيسي ورد الآتي: (من التصورات الخاطئة المبثوثة بين الإسلاميين ان هذا العالم يعيش في حالة (فراغ) فكري وروحي وقيمي وحضاري وان الحركة الإسلامية جاءت لتملأ هذا الفراغ وتسده، وان العالم يعيش حالة من الفوضى الفكرية والثقافية والقيمية والحركة الإسلامية مناط بها تصحيح هذه الفوضى ووضع الأمور في نصابها وهذه تصورات تحتاج إلى مراجعة، فالحركة لا تتحرك في فراغ بل في عالم مكتنز ومزدحم أكثر من طاقته الاستيعابية بالأفكار والقيم ومشاريع الخلاص الروحي والمادي والوطني. ومن ضمن العوامل الرئيسية التي تعيق الحركة الإسلامية من تحقيق أهدافها هو هذا الاكتناز والازدحام والندية التي تملأ العالم، والعالم اليوم يعيش أرقى درجات التنظيم والنظام، فالنظام هو عبقرية هذا العصر، فإن اتجهت هذه العبقرية في اتجاهات لا تروق لنا فهذا لا يعني ان العالم في حالة فوضى.. انتهى).
إذن ما دام الإسلام السياسي على مستوى الصفوة أو النخبة القيادية مدرك للتحديات الفكرية التي تواجهه لماذا نجد الخطاب الإسلامي التعبوي الموجه لجماهير المسلمين والذي تصوغه تلك الصفوة ذاتها يدعي ان الإسلام هو الحل لمشاكل المسلمين من مشكلة التموين إلى مشكلة ثقب الأوزون، ومن مشكلة المواصلات إلى مشاكل العولمة والاستنساخ!؟ ولماذا يختزل هذا الخطاب الحضارة الغربية الحديثة بكل انجازاتها العلمية والتقنية والسياسية والاقتصادية. وبكل قوتها العسكرية وبكل تعقيداتها التاريخية والفلسفية في الإباحية الجنسية والإنحلال الخلقي والبهيمية المتفلتة (إننا إذا استدعينا نظرية المؤامرة لتفسير هذا الخطاب لاستنتجنا ان خطاب الإسلام السياسي يريد ان يبقى على المسلمين في حالة الخضوع والتبعية الدائمة للغرب!! لأن تهوين شأن الغرب بهذه الصورة الساذجة يعني عدم الجدية في مواجهة التحدي الذي يمثله!).
ان الإسلام السياسي إذا أراد ان يلعب دوراً إيجابياً في هذا المنعطف التاريخي الذي تجتازه المجتمعات المسلمة في عالم اليوم لابد ان يتجاوز مرحلة التوجيه الخطابي التي مازال يراوحها إلى مرحلة التوجيه الفكري، وفي هذا الصدد قال عبد الله فهد النفيسي في مقدمته الرصينة للكتاب - المذكور أعلاه- (على الحركة الإسلامية ان تعي الحد الفاصل بين الفكر والخطابة وتقدر حاجتها للموجه الفكري قبل الخطيب. فالتوجيه الفكري يركز على البناء العقلي بينما التوجيه الخطابي يركز على البناء العاطفي وينشط في مناشدة العاطفة ويستحضر لها لوازمها الدرامية، ان بذرة التوجيه الفكري أدوم أثراً وأقصى سلاحاً من عبوة التوجيه الخطابي).
إذن فلترحمنا الحركات الإسلامية ولا سيما حركتنا المصون في السودان من ضوضاء الخطب التي أوردتنا موارد الهلاك
|
|
 
|
|
|
|
|
| العنوان |
الكاتب |
Date |
| الإسلام السياسي والنقد الذاتي بقلم الأستاذة رشا عوض | خالد عويس | 03-27-06, 00:09 AM |
| Re: الإسلام السياسي والنقد الذاتي بقلم الأستاذة رشا عوض | Mohamed E. Seliaman | 03-27-06, 01:56 AM |
| Re: الإسلام السياسي والنقد الذاتي بقلم الأستاذة رشا عوض | Mohamed E. Seliaman | 03-27-06, 02:01 AM |
| Re: الإسلام السياسي والنقد الذاتي بقلم الأستاذة رشا عوض | wadalzain | 03-27-06, 04:47 AM |
| Re: الإسلام السياسي والنقد الذاتي بقلم الأستاذة رشا عوض | wadalzain | 03-27-06, 04:47 AM |
| Re: الإسلام السياسي والنقد الذاتي بقلم الأستاذة رشا عوض | خالد عويس | 03-27-06, 05:14 AM |
| Re: الإسلام السياسي والنقد الذاتي بقلم الأستاذة رشا عوض | Mohamed E. Seliaman | 03-27-06, 06:10 AM |
 Re: الإسلام السياسي والنقد الذاتي بقلم الأستاذة رشا عوض | lana mahdi | 03-27-06, 06:55 AM |
| Re: الإسلام السياسي والنقد الذاتي بقلم الأستاذة رشا عوض | خالد عويس | 03-27-06, 07:11 AM |
| Re: الإسلام السياسي والنقد الذاتي بقلم الأستاذة رشا عوض | Mohamed E. Seliaman | 03-27-06, 07:43 AM |
| Re: الإسلام السياسي والنقد الذاتي بقلم الأستاذة رشا عوض | Mohamed E. Seliaman | 03-27-06, 08:32 AM |
| Re: الإسلام السياسي والنقد الذاتي بقلم الأستاذة رشا عوض | Mohamed E. Seliaman | 04-01-06, 08:39 AM |
| Re: الإسلام السياسي والنقد الذاتي بقلم الأستاذة رشا عوض | فارس موسى | 03-27-06, 11:12 AM |
| Re: الإسلام السياسي والنقد الذاتي بقلم الأستاذة رشا عوض | زياد جعفر عبدالله | 03-27-06, 09:14 PM |
| Re: الإسلام السياسي والنقد الذاتي بقلم الأستاذة رشا عوض | خالد عويس | 03-27-06, 10:56 PM |
| Re: الإسلام السياسي والنقد الذاتي بقلم الأستاذة رشا عوض | Mohamed E. Seliaman | 03-28-06, 01:20 AM |
| Re: الإسلام السياسي والنقد الذاتي بقلم الأستاذة رشا عوض | خالد عويس | 03-28-06, 01:36 AM |
| Re: الإسلام السياسي والنقد الذاتي بقلم الأستاذة رشا عوض | Mohamed E. Seliaman | 03-28-06, 01:41 AM |
| Re: الإسلام السياسي والنقد الذاتي بقلم الأستاذة رشا عوض | خالد عويس | 03-28-06, 01:50 AM |
| Re: الإسلام السياسي والنقد الذاتي بقلم الأستاذة رشا عوض | Mohamed E. Seliaman | 03-28-06, 02:05 AM |
| Re: الإسلام السياسي والنقد الذاتي بقلم الأستاذة رشا عوض | lana mahdi | 04-18-06, 10:56 AM |
| Re: الإسلام السياسي والنقد الذاتي بقلم الأستاذة رشا عوض | Sabri Elshareef | 04-18-06, 09:11 PM |
|
| |
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست