|
عام علي المجئ الي فلادلفيا
|
عام علي المجئ الي فلادلفيا
صديق عبد الهادي/ فلادلفيا
الخاتم عدلان مثقفُ من أبناء المزارعين ... كان أن "تضرج بالسفوح و بالشموس المقبلة" ، و بمعرفةٍ ، أتقن قولة "لا"..للظلم.
في مثل هذه الأيام من العام الماضي ...تحديداً في يوم 18 فبراير 2005 ، قدم الي الولايات المتحدة الأمريكية الراحل الخاتم عدلان...إختطفه الموت وهو علي مرمى من الصعود الي قمة نضوجه و عنفوانه الفكري و السياسي. فبرغم كثافة الألم إختلف الناس حول رؤاه إلا أنهم إتفقوا حول حقيقة رسوخ قدميه في الصف الوطني الديمقراطي و حول صلابة بأسه و منافحته و إلتزامه جانب المعدمين... و تلك حقيقة لا مراء فيها.
جاء الخاتم عدلان من قرية أم دكة الجعليين و من وسط مزارعي مشروع الجزيرة... ذلك المشروع الذي خبرت قراه ، مدنه و أشباه مدنه الشدة و مشقة الحياة، و لكنها في نفس الوقت أنجبت من أبنائها منْ حمل همومها و أختار الطرق الوعرة...طرق النضال ...تلك التي أصبحت سالكة بفضل العطاء الزاخر للمناضلين الأوائل من المزارعين... أولئك الآباء الشرعيين للحركة الديمقراطية في الجزيرة و المناقل... شيخ الأمين محمد الأمين ، شيخ الزبير ، يوسف محمد المصطفي ، الطيب الدابي ، محمد الأمين سرالختم ، محمد عبدالله – الهميج ، حسبو إبراهيم ،محمد حمدنا الله ، ود إدر- ابقوتة ، محمد كرم الله ،شيخ العبيد عامر ، و أخيراً النعمة عبد الملك ذلك " الفلاح المُضاد " معادل الفلاحين لـ "الأفندي المُضاد " الذى برز وسط المثقفين على نحو ما ذكر د. عبد الله علي إبراهيم ، فالفلاح و الأفندي المُضادان هما من مآثر الحزب الشيوعي و إضافاته لإرث العمل السياسي في الحياة السودانية حينما إبتدع ما عُرف بالكادر المتفرغ ...
و للحركة الديمقراطية وسط المزارعين اُمهات أيضاً ، لمنْ لا يعرف ، الحاجة دار السلام الخليفة التي كرمها تنظيم وحدة المزارعين في مؤتمره الثالث ، ذلك التنظيم الذي لعب دوراً رائداً في دفع حركة المزارعين الي آفاقٍ رحبة في المسيرة المطلبية، و في الدفاع عن حقوقهم ... و أيضاً الحاجة زينب إبراهيم – الدايوك -...
كُنّ نساءاً ذوات مواقف بينة و واعية ، في زمنٍ لم تسعف فيه الشهادات الأكاديمية جُل بيروقراطيى المشروع لتبني الإنحياز و لو في معركةٍ واحدةٍ الي جانب المزارعين ضد تسلط الإدارة أو الدولة المركزية...!!!
ذكرت أولئك المناضلين و المناضلات علي سبيل المثال لا الحصر ، رحم الله منْ رحل منهم و أطال عمر منْ هوعلي قيد الحياة.
كافحت الحركة الديمقراطية في مشروع الجزيرة الي جانب فقراء المزارعين لأجل رفع الغبن و لقد كانت في كل معاركها مسلحةً بحقائق صلبة عن تفشي الظلم و إتساع رقعته... حقائق ناصعة لا يمكن دحضها أو الإلتفاف عليها ، كحقيقة " أن 95% من القوى العاملة في المشروع تساهم بنحو 80% من الجهد الإنتاجي و لا تحصل إلا على أقل ثلث عائد الإنتاج للقطن ، بينما يحوز أقل من 5% ممنْ لا يساهمون بأي جهد في العملية الإنتاجية على حوالي 70% من عائد إنتاج القطن "،( من رأي الحزب الشيوعي السوداني في القانون الجديد لمشروع الجزيرة). هذا نوعٌ من الحقائق التي تستنير بها القوى الديمقراطية في كفاحها.
إن المعركة الأُم و الحقيقية ، التي ظلت تخوضها الحركة الديمقراطية وسط المزارعين منذ خمسينات القرن المنصرم و إلي يومنا هذا هي معركة الوقوف ضد خصخصة المشروع... تلك الأُمنية – أي الخصخصة – التي يحلم أغنياء المشروع و بسندٍ من الإدارة و الحكومة المركزية بتحقيقها ... يحلمون بتحويل المشروع الي حيازات كبيرة علي غرار المزارع الضخمة التي عُرفت في أمريكا اللاتينية بإسم - هاسيندا – ( الكلمة إسبانية الأصل و تعني ملكيات الأراضي الكبيرة) ، و لكن ذلك الحُلم سيظل كابوساً لحالميه طالما توحد و بوعي فقراء المزارعين و العمال الزراعيين في حركة ديمقراطية واحدة ، و طالما لم يتقاعس أبناء المزارعين عن دورهم الصميم في تحقيق تلك الوحدة... فهم الأدرى و الأكثر معرفةً بحجم الأخطار التي تنجم إذا ما أصبح المشروع ملكيةً خاصة لأغنياء المزارعين و لطفيليي الحركة الإسلامية الربويين...!!
هنك مأثرةٌ تاريخية ، إن كان علي المستوى السياسي أو الإجتماعي ، لابد من تثبيتها و هي أن الحركة الديمقراطية للمزارعين و منذ بواكير ظهورها الأُولى ربطت مصير العمال الزراعيين بمصير المشروع و وحدت مصالحهم بمصالح المزارعين... تلك النظرة الثاقبة لو توافرت عليها إدارات المشروع و الحكومات المركزية المتعاقبة لما كان أن ضاعت فرصة جعل مشروع الجزيرة نموذجاً للتعايش السلمي المحتكم الي علاقاتٍ متطورة متخطياً بها حدود النظرة الإثنية و هوس النزعة العرقية التي أصبح يعاني منها الوطن اليوم.
و علي جانبٍ آخر إن ما فعلته الحركة الديمقراطية للمزارعين في هذا المنحى يعتبر فتحاً مبيناً في تأسيس الصراع الإجتماعي و وضعه في المسار الصحيح.
هذا الإرث الديمقراطي المقاوم و المجيد هو الذى أنجب الخاتم عدلان و غيره من أبناء المزارعين المخلصين... و لكن الخاتم على وجه التحديد كان سليلاً بهياً... عرج في مدارج النضال ، و في ذرى المعرفة المتعلقة بالعدل الإجتماعي بعيداً و بلغ فيهما شأواً لا يُضاهى... تصدى لمهمة كشف الطرق الخبيئة لممارسة الظلم و حذق في تحديدها لدرجة أنه كان- على حد قول غابرييل ماركيز - دقيقاً في تحديده الي حدٍ معيب...!!!
لنجعل من ذكرى الخاتم مناسبة للفخر و الإعتزاز به رمزاً وطنياً ديمقراطياً إنضم الي ذلك الرهط من المناضلين الميامين الذين أضاءوا نبراس الكفاح في مشروع الجزيرة من أجل فقرائنا بل و كل فقراء الوطن.
و لا أجد خاتمة لهذا المقال المختصر غير تلك الصياغة الرصينة لجريدة الميدان التي أحسنت حين كتبت :
"في نهايات أبريل و بعد صراعٍ مع داء السرطان رحل رفيق الدرب الخاتم عدلان. و الخاتم كان واحداً من رموز الإشتراكية و حركة العدالة الإجتماعية في بلادنا، أتى من قرى مشروع الجزيرة حاملاً هموم مدقعيها، و دخل الحزب الشيوعي و برز كخطيب ماهر و مناضل جسور في جامعة الخرطوم ، ثم برز ككاتب و مفكر إشتراكي معروف.
نحفظ ، و يحفظ شعبنا ، للخاتم أنه إختلف مع الحزب الشيوعي و إستقال في منتصف التسعينات، لكنه لم يتراجع عن مشروع العدالة الإجتماعية و معاداة الظلامية الذى كرس مجمل حياته من أجله ، و ظل مهموماً به، في كل إسهاماته الفكرية التي طرحها ، كما أنه لم يبح للعدو بالأسرار التي يعلمها عن الحزب.
عزاؤنا إلي زوجته و إبنيه و أُسرته و إلي الشعب السوداني في أحد أبنائه البررة، الذين ما توانوا لحظة في تلبية نداء الوطن. و دعاؤنا للراحل بالرحمة التي ظل ينشدها لكل مواطني بلاده".
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
عام علي المجئ الي فلادلفيا | صديق عبد الهادي | 02-20-06, 07:21 PM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | Imad Khalifa | 02-20-06, 07:46 PM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | Marouf Sanad | 02-20-06, 08:18 PM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | صديق عبد الهادي | 02-20-06, 08:34 PM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | Elmoiz Abunura | 02-20-06, 10:47 PM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | صديق عبد الهادي | 02-20-06, 11:17 PM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | صديق عبد الهادي | 02-22-06, 11:50 PM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | Marouf Sanad | 02-23-06, 00:15 AM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | عمر ادريس محمد | 02-24-06, 07:27 AM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | صديق عبد الهادي | 02-24-06, 10:15 AM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | عمر ادريس محمد | 02-24-06, 02:17 PM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | صديق عبد الهادي | 02-24-06, 04:59 PM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | عبدالوهاب همت | 02-26-06, 07:17 PM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | Sidgi Kaballo | 02-26-06, 08:50 PM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | thoria ibrahim ali | 02-26-06, 09:14 PM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | Marouf Sanad | 02-26-06, 09:51 PM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | عمر ادريس محمد | 02-27-06, 00:19 AM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | عمر ادريس محمد | 02-26-06, 09:14 PM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | صديق عبد الهادي | 02-27-06, 02:05 PM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | Sidgi Kaballo | 02-27-06, 03:57 PM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | Adil Osman | 02-27-06, 03:31 PM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | صديق عبد الهادي | 02-27-06, 09:28 PM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | صديق عبد الهادي | 02-27-06, 09:52 PM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | esam gabralla | 02-28-06, 02:42 AM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | عبدالوهاب همت | 02-28-06, 05:16 AM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | صديق عبد الهادي | 02-28-06, 11:12 AM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | Sidgi Kaballo | 02-28-06, 06:58 PM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | Elmoiz Abunura | 02-28-06, 08:10 PM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | Sidgi Kaballo | 03-01-06, 05:42 PM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | Elmoiz Abunura | 03-02-06, 00:20 AM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | صديق عبد الهادي | 03-01-06, 07:25 PM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | دفع الله خطاب | 03-06-06, 02:00 AM |
Re: عام علي المجئ الي فلادلفيا | صديق عبد الهادي | 03-06-06, 11:22 PM |
|
|
|