|
بروجيريا (قصة طـفل عمره 80 سنة) – قصة واقـعـيـة
|
ريحانة، أكرمول، رابينا وعـلي أربعة أطفال لأب هندي يعيش في قرية من قرى مدينة كلكتـا بالهند. أعمارهم 19، 17، 10 و7 سنوات على التوالي.
في عام 2003 نـقـل الأب (خان) إبنه عـلي لمستشفى كلكتا لمعرفة أسباب شحوبـه ووهنه والتغييرات الفيزيولوجية التي طرأت عليه بعد أنْ لم يجد حلاً لـحالة إبنه عند أطباء القرى المجاورة.
كانت المفاجأة في المستـشـفى أنها وقعت على أول حالة في الهند لمرض البروجيريا (الشيخوخـة المبكرة). وصارت حالة عـلي هي حديث كل الأطباء في المستـشفى التي أتصلت بطبيب سويسري (هندي الأصل) مهتم بمثل هذه الحالات. حزم الطبيب حقائبـه وغادر إلى كلـكتا على الفور لما يربطـه بها من جذور تمتد إلى أجداده الذين عمل بعضهم مع الأم تيريزا في كلكتا.
على أنَّ مفاجـأة ذلك الطبيب كانت أكبر عندما زار الطفل عـلي خان في قريته ليكتشف أنَّ ثلاثـة من أخوته مصابون بذلك المرض النادر (ريحانة، أكرم ورابينا). نعم مرض نادر إذ أنَّ عدد المصابين به على مستوى العالم لا يتعدى شخص واحد في كل 4 مليون طـفـل منذ إكتـشاف المرض في نهايات القرن الـتاسع عشر. والمعروف عن البروجيريا أنه ليس بمرض وراثي أو معـدٍ.
ريحانة هي البنت الكبرى ويبلغ عمرها 19 عاماً ولكنها تبدو في التسعينات من العمر.
أكرم عمره 17 عاماً ولكنه يبدو وكأنـه بلغ الثمانين.
رابينا، إبنـة العاشرة تبـدو في السبعينات.
وعلي إبن السابعة يبدو في الستينات.
لم تسلم الأسرة بالطبع من الأقاويل في القرية الصغيرة. طالتها الإشاعات واللعنات التي تـرى أنها أسرة مغضوبٌ عليها. "منعتني أسر كثيرة من الذهاب لبيوتهم بحجة أنَّ بناتهم سوف يصرِنَ مثلي"، قالت ريحانة في أسىً وحرقـة. أمـَّـا الصغير عثمان فيقول: " يرمونني بالحجارة".
نـُـقـل الجميع للمستشفى في مدينة كلكتا لإجـراء الفحوصات اللازمـة ولكن ماتت رابـيـنـا إبنة العاشرة بعد إصابتها بنوبة ربـو (أزمــة). تركت وفاتها أثراً عميقاً في قلب أخيها أكرمول الذي ما فـتـيء يراها قرب سريره كل يوم. لمدة عامٍ كامل لم يستطع نسيان حادثـة وفاتها. يبدو أكرمول ذكياً وطموحـاً وذا مقدرة عالية على الفهم السريع. يعشق تركيب الأشياء. في كلكتا، بعد الانتهاء من فحوصاتـه، أخـذه الطبيب للسينما لأول مرة في حياتـه. قضـى أكرمول وقتـه في غرقة تشغيل الفيلم لمعرفة الآليات الكثيرة وكيف يتم عرض الفيلم، أكثر من مشاهدة الفيلم. وسأل أكرم مهندس التشغيل: ولكن كيف يخرج الصوت؟؟
انتهت الفحوصات المعملية وظهرت نتائجها ونتائج الصور المختلفة بمختلف مسمياتها ولكل جـزء من أجساد الثلاثي ريحانة، أكرمول، وعلي.
كان الأطباء متخوفـيـن من مضاعفات القلب حيث أنَّ معظم الأطفال الذين ماتوا بهذا المرض ماتوا من جـرَّاء إصابات ومضاعفات لحقت بالقلب. على أنَّ المفاجـأة الكبرى كانت في سلامة قلوب الثلاثـة وقوتها. إلاَّ أنَّ المحـزن في الأمر كـَـمـُـنَ في العظام. أوضحت التحليلات أنَّ عظام الثلاثة، خاصة عظام القـفص الصدري، في حالة تـآكل وذوبان وأنَّ حياة الثلاثة قد تستمر لعدة شهور أو سنوات، ولكنهم لم يـجـزموا بتاريخ محدد.
نقل الأطباء الخبر للأسرة التي واجهته بكل شجاعـة خاصة الأطفال الثلاثـة. علماً بأنه لا يوجد علاج لهذا المرض حتى الآن. ما أصعب أنْ يـنـقـل طبيب مثل هذا الحديث. ورغم ذلك يبدو أكرم متفائلاً ومصراً على إنجاز الكثير. يــنـتـهي الأمر برحلة نهرية (كدتُ أقول نيلية) نظمها الطبيب السويسهندي للأسرة المنكوبة. وهـكذا وجدت الأسرة نفسها في رحلة نهرية لأول مرة في حياتها، وربما تكون الأخيرة لثلاثة من أعضائها. واقع مرير.
لأول مرة أسمع عن هذا المرض ورأيتُ عرضـه على المنبر للفائدة، وايضاً لأنه ليس للإنسانية حدود. يُـطلق على المرض إسم Progeria وأعتقد أنَّ أذني الـتـقـطـت بأنها مأخـوذة من اليونانية وتعني pre-mature aging .
وبعد الثورة العلمية التي صاحبت اكتشاف الجينوم تمكن باحث أمريكي في عام 2003 من اكتشاف أنَّ مرض البروجيرا يتسبب فيه خلل في جين معين. (أترك للمختصين مدنا بالمعلومات اللازمة).
شكراً للقناة الرابعة للتلفزيون الإنكليزي التي عرضت تلك الحلقة التوثيقية مساء الإثنين، 13 فبراير، 2006، التاسعة مساءاً. جاء عنوان الحلقة: أطفال في الثمانين من العمر.
ملاحظة: ربما تكون فاتت علىَّ بعض الأشياء فلم أوردها بحرفية التوثيق.
مفارقة: أذكر أنني شاهدت في التسعينات فيلم سـمـج لميل غبسون إسمه شباب إلى الأبد Forever Young
صـور لأفـراد العائلة (تـمَّ التـقاط الصور من التلفزيون).
 ريـحـانـة، 19 سـنـة
 أكـرم، 17 سـنـة
 رابـيـنـا، 10 سنوات. تـوفيت.
 عـلـي، 7 سـنـوات.
 تـشويه عظام اليد
 ريـحـانـة مع شـقيقتها التي تصغرها (الوحيدة التي لم يصبها المرض)
|
|
 
|
|
|
|