الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
من المسؤول عن هذه الجثث الطافية؟
|
من المسؤول عن هذه الجثث الطافية؟
د. شروق الفواز ليس من السهل ولا بالمستساغ أن ترى أعداداً بشرية بالمئات تلاقي مصيرا صعبا وقاسيا يودي بها إلى الموت غرقاً في لحظة إهمال وتهاون ثم نلقي بذلك على القدر! فللقدر أسباب وكل شيء بمشيئة الله ولكن ما هي الأسباب؟
معظمنا شهد الجموع الغفيرة من الناس المثكولة في أقاربها وهي تواصل الليل بالنهار على رصيف الميناء انتظاراً لأمل ينتشلها من دوامة القلق والخوف دون أن تجد لها يداً حانية تربت على مخاوفها وتبث الطمأنينة في قلبها.
ومعظمنا سمع وقرأ في وسائل الإعلام المختلفة عن اللحظات الأخيرة والأليمة لمن كانوا على تلك العبارة .
لحظات محزنة وقاسية على من يتخيلها فما بالكم بمن عاشها تكالبت فيها المخاوف على الحيرة لتتحول اللحظات إلى فوضى تنتهي بمجرد انقلاب العبارة وسقوط كل من عليها في عرض البحر ، عتمة وأمواج متضاربة وأسماك قرش جائعة تنتظر. ترى هل يمكن للحظات أن تكون أشد سواداً من هذه؟
هل وجدت هذه الجموع مرشداً لها ينظمها ويمنعها من التدافع إلى سطح العبارة ويوزع عليها بالتساوي أطواق النجاة؟
هل وجد لهم من يعد قوارب النجاة ويركبهم فيها قبل احتدام الأمر وحصول الكارثة؟
هل وجد من احترم إنسانيتهم وحقوقهم الواجبة على طاقم العبارة والملزمة لهم باطلاعهم على خطورة الموقف وتطوراته لتهيئتهم نفسياً لتبعاته؟
ترى هل ما زال الإنسان العربي يسخر ويقلل من قيمة وإنسانية وحقوق أبناء جلدته لتحصل فصول المأساة بهذا القدر من الإهمال والعبث؟.
لو تناسينا أمر عمر العبارة الآخذ في القدم والاعتبارات الأخرى التي ترتبت عليها من مدى صلاحيتها للقيام بمهامها وبالجهات التي أجازت لها الاستمرار في هذه الخدمات التي تجني بها ملايين الأموال.
ولو تجاوزنا طبيعة الأنظمة الفضفاضة التي قد توجد أحيانا فتغض البصر عن أي قصور في الإعداد والتهيئة لأبسط وسائل السلامة من أنظمة مكافحة الحريق الفعالة ومنتهية بوجود الأعداد الكافية من سترات وقوارب النجاة .
فهل يمكن أن نتجاوز عن تعاظم المأساة في الإصرار على الخطأ بعدم التبليغ عن أي خطر قد يهدد سلامة العبارة وهي في عرض البحر وعدم تكلف الطاقم العناء بتهيئة الركاب وتجهيزهم للإخلاء وإرشادهم لما يمكنهم القيام به لضمان سلامتهم والحفاظ على أرواحهم .
هل كان الطاقم الموجود على تلك العبارة كثير التفاؤل في توقعه لوعي الركاب وفهمهم لطرق السلامة والنجاة في حالات الغرق ؟
ألم يضعوا في اعتبارهم النساء والأطفال وكبار السن؟ ألم يتدربوا في معاهدهم التدريب الكافي الذي يعطيهم التصور الكامل لما يجب أن يكون عليه القرار السليم في حالات الخطر؟.
ليست المسألة مسألة غرق عبارة تابعة لشركة ما بل هي قضية أكبر تمتد لمنشأ الخلل وهو مدى وعي الشركات التي تقدم هذا النوع من الخدمات بحقوق ركابها عليها ومدى جدوى الأنظمة التي تحكم نشاطها إن كنا سنرى مثل هذه الحوادث المأساوية التي يفر فيها القبطان بطاقمه حسب شهادة الشهود ليترك الركاب في البحر أمام مصير مجهول .
إلى أي مدى يمكن أن يثق المواطن العربي بوسائل السلامة المتبعة في الخدمات المقدمة له في وطنه؟ وإلى أي درجة تعي الشركات المقدمة لهذه الخدمات مسؤوليتها وحقوق المتعاملين معها عليها .
هؤلاء الركاب وذووهم مروا بأصعب وأقسى اللحظات، عانوا مشاعر الفقد والوحدة في أبشع صورها، قاسوا لساعات طويلة مراحل التذبذب بين الأمل وضياعه .
حتى إن الناجين منهم سيظلون لسنوات يعانون عواقب وتبعات لحظات الغرق ومشاهد الجثث الطافية حولهم لأناس كانوا معهم شاركوهم نفس اللحظات ولكنهم لم يفلحوا في النجاة منها.
ترى ما الذي ستقدمه الشركة كتعويض؟ وعلى من سيكون العقاب؟ وإلى أي حد سيكون عادلاً ؟
و أخيرا وليس آخراً من هو المسؤول الأول عن كل هذه الجثث الطافية؟
|
|
|
|
|
|
|
|
|