وبعضا من الأنغام والألوان.. رسالة متخلفة
في يومك المشهود يا أبتي.. قد كان لي موعد.. ترقبت اليوم، واحتفلت به وحدي، وعلى طريقتي الخاصة.. ولعلها من أنعم النعم في هذا اليوم أن صارت لي الوحدة أنيسا.. ولم أكترث يا أبتي كثيرا باحتفال الآخرين، فقد هيأتها الظروف لي لتكون مناسبة خاصة.. تذكرت ذلك الذئب الأليف، وقد قادته مزالق الأيام إلى ذلك الكهف الثلجي الموحش، ليلقى ذلك الوحش العملاق الغاضب، وهو، في ضعفه، لا سلاح له إلا صدى مناداتك له "ولدي".. وأي سلاح! وقد تخلفت رسالتي هذه يا أبتي لأمور أنت تعرفها، غير أن الاعتذار واجب، وهو فوق ذلك ممتع، إذ ماذا لي في حضرتك سوى الاعتذار؟ ورغم ذلك، فإن قصاراها أن أصبحت رسالة مني إلى هذه التي بين جوانحي، وأنت ضمير الغائب الحاضر، تظهر في البداية والنهاية، وتختفي عن ناظري فيما بينهما، وترقبني وأنا في حيرتي بين هذه وتلك.. جهلي بقدرك يا عزيز لبين ولقد علمت بأن سرك صين لكن سبى قلبي جناب لين وظننت جهلا أن حبك هين* .. وأنا، يا أبتي، عابد صنم غير أني لست أدري ما هو من هو.. لم هو صنم الحسن.. لم أسجد له إلا لأني لم أره! وترددت بعد تخلف الرسالة، واحتفظت بها لنفسي، غير أن القصيد طالعني: يا نداماي ما على شاربيها حيث باحوا بسرها من بأس ملأتهم فالآن تقطر منهم.. بقياس لهم، وغير قياس ورغم أني لست صاحب دعوى، وأرجو أن لا أكون، وعلى شك، قلت لنفسي: جرب البوح خفيفا، فإنه لا يعود عليك بغير إحدى المنفعتين.. إما أن وجدت فيه روحا وسلاما، وإما علمك الدرس أن لا تبوح مرة أخرى.. وكلاهما خير.. وأثناء الرسالة، يا أبتي، يرتادني طيف أمي.. ذلك القلب الذي يلتحف السماء.. حينها يرتادني أن لكل حس معنى، ولكل معنى غاية، ولكل غاية طالب.. حينها يرتادني أن ليس هناك عبث على الإطلاق، فكل نفس، وكل حركة، وكل سكنة، وكل خفقة قلب، ما هي إلا (في كتاب.. لا يضل ربي ولا ينسى).. وحينها يرتادني قصيد العارف يا أبتي: أيها البرق اللموع.. لك من نجد طلوع تختفي طورا وتبدو.. فتواريك الربوع لم يزل لي بك وجد، وهيام، وولوع أنت هذا الجسم مني.. أنت قلبي والضلوع أنت كلي، أنت بعضي.. أنت نومي والهجوع أنت إخلاصي وزهدي.. أنت صبري والخضوع وقيامي، وقعودي.. وسجودي والركوع وكذا الكون جميعا أنت عندي يا جموع وكبار وصغار.. وأصول وفروع وعليه يا أبتي فإني الليلة أعتذر وأبوح، ومن ثم أعتذر عن البوح، وأعتذر عن الاعتذار، وأعتذر عن خاطر البوح والاعتذار، وخاطر الاعتذار عنهما.. وأبقى أعتذر، إذ ماذا لي في حضرتك سوى الاعتذار؟ أولم تكن قد وقرت في الصدر، وسكنت الحنايا؟ سألتك يا سليل الذات نظرة حان أروي بها ظمأ السفر أهتدي بنجمها أتدرع بها من الخوف الغريب وأمسح بها جراحي وأركاني ما كنت يوما أبتغي راحا من الأحزان ما كان لي صوت دنا بالفرح قبل أواني غير أن ذاك وذا حصل ولكن الصوت ارتحل ولم أعد أسمع من صدى لصداه وبقيت أنا.. بالراح والأحزان وأنا.. عدوي الأول وأنا.. غريمي الأكبر لوكان لي أمر على كلح الدجى وتوثقت علاقاتي بوحش الانكسار وصار لي في عنق السيف جميل لأمرتهم بك، وحرضتهم عليك ولقتلتك يا أنا ومضيت.. لا ألوي على شيء.. سألتك يا سليل الذات جيرة معدم تحنو عليه برحمة من لقمة وشراب وملبس، وكتاب.. وبعض من الأنغام والألوان.. ولم أزل أنا كالعصف المأكول.. ولم تزل أنت في عليائك، لا يمسّك لغوب.. يا أبتي.. قصي همرور آخر ساعة من يناير 2006 * من قصيدة للأستاذ النور حمد ** من قصائد للسادة الصوفية [[معذرة للتعديل المتأخر جدا.. ولكن للأهمية]] (عدل بواسطة Yaho_Zato on 03-26-2006, 00:13 AM)

العنوان	الكاتب	Date
وبعضا من الأنغام والألوان.. رسالة متخلفة	Yaho_Zato	02-01-06, 01:09 AM
Re: وبعضا من الأنغام والألوان.. رسالة متخلفة	أبوذر بابكر	02-01-06, 01:50 AM
Re: وبعضا من الأنغام والألوان.. رسالة متخلفة	Mohamed Abdelgaleel	02-01-06, 08:34 AM
Re: وبعضا من الأنغام والألوان.. رسالة متخلفة	Omer Abdalla	02-01-06, 10:36 AM
Re: وبعضا من الأنغام والألوان.. رسالة متخلفة	Yaho_Zato	02-01-06, 12:42 PM
Re: وبعضا من الأنغام والألوان.. رسالة متخلفة	Yaho_Zato	02-01-06, 12:50 PM
Re: وبعضا من الأنغام والألوان.. رسالة متخلفة	Yaho_Zato	02-05-06, 01:59 AM
Re: وبعضا من الأنغام والألوان.. رسالة متخلفة	احمد العربي	02-05-06, 02:15 AM
Re: وبعضا من الأنغام والألوان.. رسالة متخلفة	يازولyazoalيازول	02-05-06, 02:20 AM
Re: وبعضا من الأنغام والألوان.. رسالة متخلفة	Yaho_Zato	02-05-06, 12:52 PM
Re: وبعضا من الأنغام والألوان.. رسالة متخلفة	Yaho_Zato	02-06-06, 11:55 PM

[رد على الموضوع]

صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]