الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
اليخت الرئاسي وأشياء أخرى
|
كثر الحديث حول اليخت الرئاسي ، واعتبره الكثيرون ترفا لا داعي له ، واعتبره آخرون نوعا من الفساد ... وقد يكون هذا صحيحا ، فأولوياتنا عديدة ، وكثير منها عاجل لا يحتمل التأجيل ... ولكن : ألم نعتد أن نقدم لضيوفنا أفضل ما عندنا ؟ ألا تذكرون أننا دائما نخجل من تواضع إمكانياتنا حين نستقبل ضيوف البلاد ؟ ألم نكن دائما معترضين على ما اعتدنا عليه من تقديم بلادنا وتسويقها بشكل متخلف ؟ هل كانت قاعة الصداقة ، وفندق قصر الصداقة ، ومجلس الشعب ، ومسجد النيلين ، وغيرها من المباني التي تجمّل وجه عاصمتنا القومية حاليا ، هل كانت هذه المباني ضمن أولوياتنا حين قيامها ؟ وهل خلت هذه المنشئآت من الفساد ؟ كل هذه المباني تمّت إقامتها بقروض تحمّلها الشعب السوداني ، وسدد أقساطها من عرقه واقتطعها من صحته ومن تعليم أبنائه ، لكنها ظلت تشكّل لوحات قيّمة لولاها لكانت العاصمة فقيرة من كل جماليات المعمار الحديث ومن كل القاعات التي تتسع لإقامة أي نوع من المؤتمرات ... نهر النيل بكل فروعه يشق السودان منذ آلاف السنين ، يروي زرعنا ، ويسقي عطشنا ، ويسوق إلينا الخضرة والنماء والحياة . لكنه رغما عن أنه شيخ الأنهار في العالم إلا أنه لم يأخذ حقه من الجمال والبهاء لنهر عظيم مثله ... ونحن نشاهد أنهار العالم من خلال القنوات الفضائية ، ونراها حين وصلنا إليها في تشتتنا ، نرى أن العالم كله يهتم بأنهاره وبشواطئه ، فيقيم حولها الحدائق ، التي عرفت بإسم ( الكورنيش ) ، وهي تضم أماكن الترفيه للكبار والصغار ، وتكمل لوحة جمالية رائعة مع انسياب النهر ... أماكن السباحة يتم تحديدها ، وأماكن صيد الأسماك للهواة ، ومراجيح الأطفال ، وأشياء عديدة يمكن إضافتها لإيجاد متنفس للناس ، وصنع الجمال والفرح ... القوارب بأنواعها وأشكالها المختلفة ، سباقات القوارب ، والرحلات النيلية ، كلها يجب أن تشكّل حركة دائبة فوق أنهار بلادنا ... قد يكون اليخت الرئاسي مكلفا ، وقد يمثّل مدخلا للفساد لدى بعض المتنفذين ، لكنّ إلغاء مشروع اليخت الرئاسي لن يلغي الفساد في السودان . إذن لنقل نعم لمشروع اليخت الرئاسي رغم الشوائب التي تشوبه ، فقط لأنه يظل مثل الديوان الذي جمّلناه للضيوف ، وفرشنا سرره ، وقدمنا فيه ما لذ وطاب ، وحرمنا أنفسنا من تجميل بقية غرف المنزل ، واكتفينا أن نأكل ( بقية الصينية ) العائدة من الديوان بعد أن شبع منها ضيوفنا ... وسيذهب الرئيس كما ذهب الذين أتوا من قبله ، وسيبقى اليخت الرئاسي ملكا للسودان ، يمخر عباب النيل ، وينقل ضيوف السودان في تطوافهم النيلي حول مدننا وشواطئنا ، وسيكون ذلك خير تسويق للسودان الممتلئ بمقومات السياحة ...
|
|
|
|
|
|
|
|
|