مــن أين جاء الجنوبيون؟ ؟؟
مــن أين جاء الجنوبيون؟ احمد ابو الحسن محمد التطور الطبيعي للمجتمعات ينتقل عبر أربع مراحل »الاسرة الممتدة - القبيلة- الشعب - الامة« وهي مراحل تنبئ عن درجة الوعي »الجمعي« التي بلغتها الجماعة من الناس في الموقع الجغرافي المحدّد بغضّ النظر عن التميّز»المعرفي« لافرادها. ولذا لا نعجب اذا وجدنا عدداً من ذوي التعليم العالي وممن يحسبون على طبقة »المثقفين« يتحدثون بلغة المرحلة الدنيا في السلم الاجتماعي، وتنبني مواقفهم تجاه الآخرين او يقيمون الاحداث من منطلق عنصري قبلي موغل في البدائية!! في صحيفة»الانتباهة« العدد رقم »76« المؤرخ في 13/ ابريل /2006 نقل الطيب مصطفى في عموده اليومي فقرات من مقال المدعو: امانويل صنداي في صحيفة» سيتيزن« مهاجماً فيها كتابات الاستاذ الطيب مصطفي بالقول:»إن كان الطيب مصطفي يريد ان يحتكم الي الحجة فاني ارجو منه ان يسمح لي بالحديث عن حقيقته. انت يا اخي راعي ابل ولا حق لك في هذه البلاد« ! ويستطرد في مكان آخر:» انا اسميك برجل الصحراء في كل مرة لانك اتيت الى هذه الارض بجملك من الجزيرة العربية، وبسبب اخلاصنا وعطفنا سمحنا لك بالاقامة في هذا الجزء الحار من البلاد. لا أدري لماذا تسلك مثل هذا السلوك الهمجي الذي اضطر الناس لتذكيرك بانك نهّاب دخيل«! ويختم امانويل مقاله مهدداً:»انك لا تخدم قضية العرب في السودان ، لكنك تعجل بقدوم يوم ينفى فيه امثالك الى الجزيرة العربية حيث سيساء اليكم بعبارة العبد«!! هذا لون من ادبيات»بعض« انسباء الحركة الشعبية من »المثقفين«!! وهو ذو دلالة على انهم لا يزالون في علقهم ووجدانهم »الجمعي« مرابطون عند محطة القبلية ولم يرتفعوا بعد لمقام مفهوم المواطنة وشروطها ومنطقها! والمفارقة المضحكة »وشر البلية ما يضحك« ان الاخ»العنصري« يتناسى عضوية حركته من »رعاة الابل« النهابين الدخلاء!! واذا تجاوزنا اسلوب الشتائم، فدعونا نحتكم الى التاريخ لنكتشف حقيقة »الانصار والمهاجرين« في بلاد السودان بحدودها المعلومة اليوم. فمن اين جاء الجنوبيون؟ ومن اين أتي الشماليون؟ وحتى لا اتهم بالانحياز ركوناً الى المصادر العربية، فانني سأعتمد شهادات التاريخ من المصادر الغربية»الموثوقة دائماً لدي الاخوة الجنوبيين« فماذا تقول المصادر التاريخة؟ يقول آركل Arkel بعد ان قسم سكان السودان الى جنسين لكل منهما خصائصه وهما الجنس الاسمر و»الجنس الزنجي« في صفحة »٢٢« من كتابه تاريخ السودان:» يعتقد ان الجنس الاسمر جاءوا من شبه الجزيرة العربية في افواج مهاجرة واوقات متفرقة في العصور الخوالي نتيجة لتغيرات في الظروف المناخية في الاعتبار الاول. واليهم تنتمى قبيلة البجة التي تقطن في شرق السودان « ويتابع آركل :»ينتمي الزنوج- وفقاً لهذه القاعدة ايضاً - الى الجنس القديم الذي كان في بعض الفترات اشتاتاً متفرقة اكثر مما هو عليه الحال في الوقت الحاضر، وقد حدثت هجراته في ارجاء افريقيا الاستوائية وغيرها من ارجاء العالم مثل جنوب الجزيرة العربية والهند بل حتى استراليا«!! ويعتبر سلجمان Selgman- حسب ما اوردته عنه هاملتونHamilton في كتابه »السودان الانجليزي - المصري« :»ان بعض قبائل الجنوب مثل الشلك يخالطهم عنصر غير زنجي، وبالرغم من ان ذلك العنصر قد لا يكون ظاهراً جلياً بالنسبة للدينكا والنوير الا ان مما لا ريب فيه انهما تأثرا به تأثراً فعلاً«. ويؤكد ايفانز برتشاردEvans Pritchard - كما نقله عنه هاملتون Hamilton -:» انه لمن المشكوك فيه ان كان يمكن اعتبار اي قبيلة في السودان من اصل زنجي قح. اذ تعزي ملامح اجسامهم غير الزنجية واعتمادهم على الرعي.. بل بعض تكوين لهجاتهم الى حد ما، الى خليط من الحاميين«. ويحذر برتشارد من استخدام كلمة »عرب« للدلالة على اصل عنصري قائلاً:»ان علماء الاجناس لا يستخدمونها الا الى الاشارة الى اولئك الذين هاجروا الى السودان من شبه الجزيرة العربية واحفادهم. وللاشارة الى الجماعات التي اختلطت دماؤهم بالقبائل العربية وتشربوا بالثقافة العربية ايضاً. ذلك ان العرب »الاصليين« كانت اعدادهم ضئيلة للغاية لا تكاد تذكر، وكانوا كلما استقروا في مكان ما تزاوجوا مع اهالي المنطقة سواءً أكانوا من النوبة او البجة او الزنوج«. ولذا يقرر آركل Arkel في صفحة»22« من كتابه:»ومن ثمة كان السودان المعاصر نتيجة اختلاط لا حدود له بين دماء الجنس الاسمر والجنس الزنجي«. اما اذا أخذنا بمعيار اللغة كاحد مكونات المجتمع المعين، فان علماء الاجناس قد قسموا سكان جنوب السودان وفقاً للهجاتهم واوصافهم الجسدية وجذورهم التاريخية - الى ثلاثة اقسام رئيسية:»النيليون« ويتكونون من الدينكا والنوير والشلك والانواك »والنيليون الحاميون« ومنهم قبائل المورلي والديدنقا والبوبا والتبوسا واللاتوكا»والسودانيون« واهمهم قبيلة الزاندي. وقد قدر عدد اللهجات الاساسية التي يستخدمها الاهالي عام »1956« اثنتا عشر لهجة. ولكن لم تستطع اي من تلك اللهجات ان تصبح اللغة الرئيسية للتخاطب والتعبير عن الثقافة المحلية، ومن ثمة اصبحت العربية او العربية المحلية»عربي جوبا« لغة التفاهم الرئيسية بين شتى القبائل. اما عن تاريخ استقرار وتوطين هذه القبائل فهو لم يكن قديماً جداً في التاريخ. يقول هاملتون Hamilton في صفحة»86« من كتابه المذكور آنفاً:» هاجر الشلك - على مايري سلجمان Selgman - الى الجنوب من المناطق الواقعة شرق بحيرة فكتوريا« ويؤكد وسترمان Westrman علي تاريخ هجرتهم قائلاً:»ان الشلك قد هاجروا الى موطنهم الحالي منذ أواخر القرن الخامس عشر تقريباً«!! كما يعتقد - في نفس الكتاب - ان افراد الدينكا قد هاجروا من مناطق البحيرات العظمى في شرق افريقيا الى موطنهم الحالي، وان افراد قبيلة الزاندي قد هاجروا من اواسط افريقيا في القرن التاسع عشر»!!« وان بقية القبائل التي تعرف »بالسودانية« - وهي قبائل صغيرة وشتى تعيش بالجزء الغربي والجنوبي الغربي.. هاجرت من منطقة بالقرب من بحيرة تشاد منذ القرن السابع عشر«!! »انظر تاريخ السودان« لجراىGray ص»14« وهكذا تتحدث مصادر التاريخ الموثقة، ليس فقط على ان»كل« قبائل جنوب السودان هي قبائل مهاجرة من اواسط وشرق وغرب افريقيا ، وانما جاءت هجرتها متأخرة جداً بين القرنين الخامس عشر والتاسع عشر!! بينما تجمع كل مصادر التاريخ بان احداث الهجرات العربية للسودان بدأت منذ القرن السابع الميلادي!! فأيهما السابق في الهجرة والاستقرار بالسودان؟؟ ولهذا يعلق البروفسير محمد عمر بشير في كتابه»مشكلة جنوب السودان« على هذه الحقائق التاريخية الدامغة بقوله:»لكل ذلك فلا يمكن لاي من هذه القبائل - قبائل الجنوب - الادعاء بأنها تمثل السكان الاصليين للسودان اكثر من القبائل العربية التي هاجرت اليه واستقرت به منذ قرون طويلة«. فما هي - اذن - المرجعية »التاريخية« التي تستند عليها الحملات التي تقودها كل من صحيفتي»سيتيزن وخرطوم مونيتور« باحقية العنصر الزنجي »فقط« في الهيمنة على مقاليد الامور في السودان؟! وما هي مرجعية السيد امانويل؟! هذا بالاضافة الي ان جنوب السودان لا يمثل مجموعة متجانسة منسجمة موحدة من القبائل.. كما يؤكد المؤرخون ويظهره الواقع.. كما لا يزال يفتقد العوامل المساعدة لانشاء قومية واحدة، لا في جذورها العرقية ولا في تاريخها الاجتماعي، ولا في معتقدها الديني، ولا حتى في منطقها اللغوي، بحيث تشكل مجتمعاً يحفظ حقوق مجموعاته الدستور وينظم علاقاته القانون. كما يمكن ان يقال ايضاً.. من زاوية انثروبولوجية .. بان الفوارق بين قبائل الشمال والجنوب ليست كبيرة او خطيرة، مثلما يصورها بعض المتطرفين من الطرفين، فقد ساعدت الهجرات الداخلية فضلاً عن التاريخ المشترك عبر القرون على عدم وجود قبيلة يمكن ان توصف بأنها عربية اوزنجية قحة»ومن ثمة مال الرأي لدي السودانيين لقبول الفكرة القائلة بأنهم خليط من العرب والزنج«.

[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]