|
وفـود الـعـرب عـلـى كـسـرى - دعوت للتمتع بجمال الألفاظ وحسن ا لخطاب
|
كلام جميل قرأته وأحببت أن أشرككم معي في التمتع بجميل الألفاظ .. ورقيق المعاني .. وحسن الخطاب ..
أخوكم جاد
الجزء الأول: النعمان بن المنذر وكسرى
روى ابـن الـقـطـامـي عـن الـكـلـبي قـال :
قـَـدِمَ النــُـعـْـمَـانُ بـن الـمُـنـذر عـلـى كـسـرى و عـنـدَه وفـودُ الـروم ِ و الـهـنـد ِ و الـصــيـن . فـذكـَـروا مـن مـلـوكِـهـم و بـلادهـم . فـافـتـخـرَ الـنـعـمـان ُ بـالـعـرب ِ و فـَضـّـلـَهُـم عـلى جـمـيـع ِ الأمـم ِلا يـســتـثـنـي فـارسَ ولا غـَـيـرَهـا . فـقـالَ كـسـرى و قـد أخـَـذتـْه ُ عِـزَّة ُ الـمُـلـْـك ِ: يـا نـعـمـانُ لـقـد فــَـكـَـرْتُ فـي أمـرِ الـعـرب ِ و غـيـرهـم مـن الأمـم . و نـظـرتُ فـي حـال ِ مـن يَـقـدَمُ عـلـيّ مـن وفـودِ الأمـم . فـوجـدتُ الـرومَ لـهـا حـظـاً فـي اجـتـِـمَـاع ألـفـَـتـِهـا وعـِظـَم ِ سـُـلـطـَانـِـهـا. و كـَـثـرَة ِ مـَـدائـنِـهـا و وَثـيـق ِ بـُـنـيـانـِهـا . و أنّ لـهـا ديـنـاً يُـبـَيـِّن حَـلالـَهـا وحَـرامـَهـا. و يَـرُدُ سـَـفـيـهـَهـا و يُـقـيـمُ جـاهـِـلـَهـا . و رأيـتُ الـهـنــدَ نـحـوا ً مـن ذلـكَ فـي حِـكـمَـتـِـهـا و طِـبـهـا مـع كـثـرة أنـهـار بـلادهـا و ثـمـارهـا . و عـَجـيـبِ صِـنـاعـاتـِهـا و طـيـبِ أشـجـارهـا و دقـيـق حِـسَـابـهـا و كـَـثـرةِ عُـدَدِهـا . و كـذلـكَ الــصـيـنَ فـي اجـتـمـاعِـهـا و كـثـرة صـنـاعـاتِ أيـديـهـا و فـروسـِـيـّـتـِهـا و هـِـمَّـتـِهـا فـي آلــةِ الـحـربِ و صـنـاعـةِ الـحـديـد . و أنّ لـهـا مَـلِـكـاً يَـجـمَـعـُهـا . و الـتـركَ و الـخـزرَ عـلـى مـا بـهـم مـن سـوء ِ الـحـال ِ فـي الـمـعـاش ِ و قـلـةِ الـريـفِ و الـثِـمَـار و الـحُـصـون ِ و مـا هـوَ رأسُ عـِمـارةِ الـدنـيـا مـنَ الـمـسـاكـن ِ والـمـلابـس ِ . لـهـم مـلـوك ٌ تـَضُـمُ قـَـوَاصِـيـَهُـم وتـُـدبِّـرُ أمـرَهـم . و لـم أرَ لـلـعـربِ شـيـئـاً مـن خِـصَـال ِ الـخـَـيـرِ فـي أمـرِ ديـن ٍ و لا دُنـيـا و لا حـزم ٍ و لا قـوة ٍ . و مـعَ أنّ مِـمـّـا يـدلُ عـلـى مَـهـانَـتـِهـا و ذلـِّهـا و صِـغـَـرِ هـِمَّـتِـهـا مـَحَــلـَـتـَهـُم ُ الـتـي هُـم بـِهـا مـع الـوحـوش ِ الـنـافـرة و الـطـيـر ِ الـحـائـرة . يـقـتـلـونَ أولادَهُـم مـن الـفـاقـة . و يـأكـلُ بـعـضـُهـم بـعـضـا ً مـنَ الـحـاجـة . قـد خـَـرجـوا مـن مـطـاعـم ِ الـدنـيـا و مَـلابـِـسِـهـا و مَـشـاربـهـا و لـَهـوِهـا و لـَذاتـِهـا . فـأفـضـلُ طـعـام ٍ ظـَـفِـرَ بـهِ نـَاعــِمُـهُـم لـحـومُ الإبـل ِ الـتـي يـَعـَافـُهــا كـثـيرٌ مـنَ الـسِـبـاع ِ لِـثـِـقـَـلِـهـا و سُـوء ِ طـَعـمِـهـا و خـَوفِ دائـِهـا . و إنْ قـَـرَى أحَـدُهـُمْ ضـَـيـفـا ً عَـدَّهـَا مَـكـْـرُمـَـة ً . و إنْ أ ُطـْـعِـمَ أكـْـلـَة ً عَـدَّهـا غـَـنـيـمَـة ً تـَـنـْـطِـقُ بـذلـكَ أشـعـارُهُـم و تـَـفـتـَخِـرَ بـذلـكَ رجَـالـُهُـمْ . مـا خَـلا هـذهِ الـتـَـنـُـوخـِـيـَّـة َ الـتـي أسَـسَ جَـد ِّي اجـتِـمَـاعَـهـا و شـَـدَّ مَـمْـلـَكـَـتـَهـا و مَـنـَعـَهَـا مِـن عـَدوِهـا . فـجَـرى لـهـا ذلـكَ إلـى يـومـِـنـا هـذا . و إنَّ لـهـا مـعَ ذلـكَ آثـارا ً و لـَبُـوسـا ً و قـُرىً و حُـصـونـا ً و أمـورا ً تـُشـْـبـِـهُ بـعــضَ أمـورِ الـنـاس . ثـمَّ لا أراكـُـم تـَسْـتـَـكِـيـنـونَ عـلـى مـا بـكـمْ مِـنَ الـذلـّـةِ و الـقِـلـّـةِ و الـفـَاقـَةِ و الـبـؤس ِ حـتـّى تـفـتـخـروا و تـُـريـدوا أنْ تــَنْـزلـوا فـَـوقَ مـراتـبِ الـنـاس .
قالَ النـُعـْمـَانُ : أصلحَ الله ُ المَـلـِكَ . حَـقٌ لأمَّـةٍ المَلِكُ منها أنْ يـَسْمـُوَ فـَضْـلـُها و يَـعـْظـُمَ خـَطـْبـُها وتـَعْـلـُـوَ دَرَجـَـتـُها . إلا أنَّ عِـنـْدي جَـوابَـاً في كـُـلِّ ما نـَطـَقَ بهِ الملكُ في غيرِ رَدٍ عليه و لا تكذيبٍ له. فإنْ أمـَّـنـَـنـِـي مـِنْ غـَضـَبـِـهِ نـَطـَقـْـتُ بـِه. قـَـالَ كـِسـْرى : قـُـلْ فـَأنـْتَ آمـِـنْ . قـَـالَ الـنـُعـْمـَانُ : أمـَّا أمـَّـتـُـكَ أيـُها المـَلـِكُ فـَلـَيـْسـَتْ تـُنـَازَعُ في الـفـَضـْل ِ لـِمَـوْضِـعِـها الـذي هـي بهِ من عُـقـولـِها و أحـْلامِها و بَـسْـطـَةِ حُـكـْمِـها و بـَحـْبـُـوحـَةِ عِـزِّهـا . و ما أكـْرَمـَها الله ُ بـِه مـِن ولايـَةِ آبـَائِـك و ولايـَـتـِكَ . و أمـَّا الأممُ التي ذكـَرْتَ فأيُ أمةٍ تـَقـْرنـُها بالعـَرَبِ إلا فـَضـَلـَـتـْها . قـالَ كـِسـْـرَى : بـِمـَاذا ؟ قالَ الـنُـعْـمَـانُ : بـِـعِـزِّهـَا و مَـنـَعَـتِـها و حُـسْـن ِ وُجُـوْهِـها و بَأسِـها و سَـخـَائِـها و حِـكـْـمَـةِ ألـْسِـنـَتِـها و شِـدَّة ِعُـقـُولِها و أنـَـفـَـتِـها و وَفـَائِها . فأمـَّا (عِـزُّهـا و مـَنـَعـَـتـُها) فإنـَّها لمْ تـَـزَلْ مـُجـَاوِرَة لآبـَائـِكَ الذينَ دَوَّخـُوا البلادَ و وَطـَّدُوا الـمُـلـْكَ و قـَادُوا الجـُنـْد . و لم يـَطـْمَـعْ فيهم طامـِعٌ و لمْ يَـنَـلـْهـُـمْ نائِل . حُـصُـونـُهـُمْ ظـُهُـورُ خَيْـلِـهـِمْ و مِـهَـادُهُـمُ الأرضُ و سُـقـُوفـُهـُمُ الـسَـمَـاءُ . و جُـنـَّـتـُهُـمُ السُـيُـوفُ و عُـدَّتـُهـُمُ الصَـبْـرُ . إذ ْ غـَيـْرُهـُمْ مِـنَ الأمَـم ِ إنـَّمـَا عِـزُهـَا الحـِجـَارَة ُ و الطـِّـينُ و جـَزَائـِـرُ الـبـُحـُورِ . و أمـَّا (حـُسْنُ وُجـُوهـِها و ألـْوَانـِها) فـقـدْ يـُعـْرَفُ فـَضْـلـُهـُمْ في ذلكَ على غيرِهِـمْ منَ الهـِنـْدِ الـمـُنـْحـَرِفـَةِ . و الصين ِ المُـنـْحَـفـَةِ. و الـتـُرْكِ الـمُشـَـوَهَـةِ . و الـروم ِالمُـقــَّـشَـرَة . و أمـَّا ( أنسابُها و أحسابُـها) فليستْ أمَّة ٌ مـِنَ الأمَـم ِإلا و قـَدْ جَـهـِلـَتْ آبَـاءَهـَا و أصُـولـَها و كـَثِـيـراً مِـنْ أوَّلـِهـا و آخـِرِهَـا. حَـتـَّى أنَّ أحـَدَهـُمْ يُـسْـألُ عَـمَـنْ وَرَاءَ أبـِيـهِ دُنـْيَـا فـَلا يَـنـْسُـبُـهُ و لا يـَعْـرِفـُهُ . و ليسَ أحَـدٌ مِـنَ الـعـربِ إلا يـُسَـمـِّي آبـَاءَهُ أباً فأباً . أحَاطـُوا بذلكَ أحْسَـابَـهُـم . و حَـفِـظُـوا به أنسابَهُـم . فلا يدخـلُ رجلٌ في غير قومهِ . ولا ينتسبُ إلى غـيرِ نسـبـِهِ و لا يَـدَّعِـي إلى غيرِ أبيه. وأمَّا ( سخاؤها) فإنَّ أدناهُـمْ رَجُلا ً الذي تكونُ عـِندهُ البـَكـْرَة ُ أو النـَّابُ . عـليها بلاغُهُ في حُـمُـولـَـتـِهِ و شـبـعـهِ و ريهِ . فـيَـطـْرُقـُـهُ الطارقُ الذي يَـكـتــفـي بالفِـلـْذة و يَـجـتـَزئ ُ بـِالـشَـرْبَـةِ . فـيَـعْـقِـرُهـا لـه و يـرضى أنْ يخـرُجَ عـنْ دنـيَـاهُ كُـلـِّهـا فـيـمـا يُـكـْسِـبُـهُ حُـسْـنَ الأحـدوثـَـةِ و طـيـبَ الـذكـرِ . و أمـَّا (حكـمـة ُ ألسـنـتـهـم) فإنَّ الله َ تعالى أعطاهُـمْ في أشعـارِهِـمْ و رونق ِكلامِـهـمْ و حـُسْـنـِهِ و وَزْنـِهِ و قـَوَافِـيـهِ مَـعَ مَـعـرِفـَتِهـِمْ بالإشـارةِ و ضـربـهـمْ للأمـثـَال ِ و إبـلاغـِهـمْ فـي الـصـفـاتِ ما لـيسَ لِـشـئ ٍ منْ ألسِـنـَةِ الأجـنـَاس ِ. ثمَّ خـَيـلـُهـُمْ أفـضـلُ الـخـيـل ِ و نِسَـاؤهـُمْ أعَـفُّ الـنـسـاء ِ . و لِـبـاسُـهُـمْ أفـضـلُ اللباس ِ . و مـعـادِنـُهـُمُ الـذهـبُ و الـفـِضَّـة ُ . و حِـجَـارَة ُجـِبـَالـِهـِمُ الـجـَـزْع ُ . و مَـطـايـاهُـمُ الـتي لا يـُبْـلـَغ ُ عَـلـى مـِثـْـلِـهـا سُـفـُنٌ و لا يُـقـْـطـَعُ بـمـِـثـلِـهـا بـَـلـَدٌ قـَـفْـرٌ . و أمـَّا (ديـنـُها و شـريـعـتـُهـا) فـإنـَّهـُم مُـتـمَـسِّـكـُـونَ بـِهِ حـتـَّى يَـبْـلـُغ َ أحَـدُهـُمْ مِـنْ نـَسْـكـِهِ بـِديـنـِهِ أنَّ لـَهُـمْ أشْـهُـراً حـُـرُمَـاً و بـلـداً مُـحَـرَّمَـا ً و بَـيْـتـا ً مَـحـْجـُوجَـا ً . يَـنْسُـكـونَ فـيـهِ مَـنـَاسِـكـَـهُـمْ و يـَذبـَحـونَ فـيـه ذبائِـحـَهُـمْ . فـَـيَـلـْـقــَى الـرجـُـلُ قـاتـِـلَ أبـيـهِ و أخـيـهِ وهـوَ قـادرٌ عـلـى أخـذِ ثـَـأرِهِ و إدراكِ رُغـْـمِـهِ مِـنـْهُ فـَـيَـحـْجُـزُه ُ كـَـرَمـُه ُ و يَـمـنـَعُـهُ ديـنـُهُ عـَنْ تـَـنـاوُلِـهِ بـأذى . و أمـَّا (وفـاؤهـا) فإنَّ أحـدهـُمْ يَـلـحَـظ ُ الـلـَّحْـظـَة َ و يـومِـي الإيـمـاءَ فـهـيَ وَلـْث ٌ و عـُـقـْدة ٌ لا يـَحُـلـُّهـا إلا خـُـروج ُ نـَـفـْـسِـهِ . و إنَّ أحـَدَهـُمْ لـَيـَرْفـَعُ عُـوداً مـنَ الأرض ِ فـيكـونُ رَهـْـنـاً بـِدَيـْـنـِـهِ فلا يُـغـْـلـَـقُ رَهْـنـُهُ و لا تـُخْـفـَرُ ذِمَّـتـَـه ُ . و إنَّ أحَـدَهـُمْ لـَيـَبْـلـُغـُه ُ أنَّ رَجُـلا ً اســتـجـارَ بهِ و عـسَـى أنْ يـكـونَ نـائـيـا ً عـنْ دارهِ فـيُـصـابُ . فلا يَـرضَـى حَـتـَّى يـُـفـْـنِـيَ تـِلـكَ الـقـبـيـلـة َ الـتي أصابَـتـْه ُ أو تــَـفـْـنـَى قـبـيـلـَتـُه ُ لـِمَـا أخـْـفـَرَ مِـنْ جـِوارِه ِ . و إنـَّـه ُ لـَـيـَلـْجـَـأ ُ إلـَيـْهـِمُ الـمُـجْـرمُ الـمـُحـْدِث ُ مـِـنْ غـيـرِ مَـعـرِفـَةٍ و لا قـَـرابـةٍ فـَتـَكـُونُ أنـفـُسُـهُـمْ دونَ نـفـسِـهِ و أمْـوَالـُهُـمْ دونَ مـَالـِهِ . و أمـَّا قـولـُكَ أيـُّهـا الـمَـلِـكُ (يـئـدونَ أولادَهـُم) فـإنـَّمـا يـفـعَـلـُه ُ بـَعْـضُ جـَهـَـلـَـتِـهـِـمْ بـالإناث ِ أنـَـفـَـة ً مِـنَ الـعَـارِ . و أمـَّا قـولـكَ (إنَّ أفـضـلَ طـعـامِـهـمْ لـحـوم ُ الإبـل ِ عـلـى مـا وَصَـفـْتَ مـنها) فـمـا تـركـوا مَـا دونهـا إلا احـتـِقـارا ً لـه . فـَعـَمَـدُوا إلـى أجَـلـِّـهَـا و أفـضَـلِـهـا فـَكـانـَتْ مَـراكـِـبـَـهـُـمْ و طـَعَـامَـهُـم. معَ أنـَّهـا أكـثـَرُ البهائـم ِ شُـحـومـا ً و أطـيَـبـُهـَا لـُحـوما ً . و أرَقــُّـهَـا ألـبـانـا ً و أقـلـُهَـا غـائِـلـَـة ً . و أحـلاهـا مُضْـغـَة ً . و إنـَّهُ لا شـيءَ مـنَ اللـُحـْمـَان ِ يـُعـَالـَجُ بـِمَـا يـُعـَالـَجُ به لحمُها إلا استبانَ فضلـُها عليه . و أمـَّا (تحارُبـُهـُمْ و أكلُ بعضهمْ بعضاً و تـَـركـُهُـمُ الانـقـيـادَ لِـرجُـل ٍ يَسُـوسُـهُــمْ و يـجـمَـعـُهُـمْ ) . فإنـَّمـا يـفـعـلُ ذلكَ مَـنْ يـفـعَـلـُه ُ مِـنَ الأمَـم ِ إذا آنَسَـتْ مِنْ نـَـفـسِـهـا ضَـعْـفـاً و تـخـَوَّفـَتْ نـُهـوضَ عـَـدُوِهـا إلـيهـا بالـزحـف ِ . و إنـَّه إنـَّمـا يـكـونُ فـي الـمـمـلـكـةِ الـعـظـيـمـةِ أهـلُ بـيـت ٍ واحـد ٍ يـُـعـْرَفُ فـضـلـُهـُمْ عـلى سائِـرِ غـيـرِهـِمْ فـيُـلـْـقـُـونَ إلـيـهـمْ أمـورَهـُمْ و يَـنـقـادونَ لـهـمْ بـِأزِمَّــتِـهـِمْ . و أمـَّا الـعـربُ فـإنَّ ذلكَ كـثـيـرٌ فـيهـمْ حـتـَّى لـقـدْ حَـاولـوا أنْ يـَكـونـوا مُـلـوكـاً أجـمـعـيـنَ مـعَ أنـَـفـَـتِـهـِمْ مِـنْ أداء ِ الـخـراج ِ و الـعُـشْـرِ و الـصَـبـرِ عـلـى الـقـَـسْــرِ . أمـَّا الـيـَمـنُ الـتـي وَصَـفـَـهـا الـمَـلِـكُ فـلـمَّـا أتـى جَـدُ الـمـلـكِ الـذي أتـاهُ عِـنـدَ غـَـلـَـبَـةِ الـجـيـش ِ لهُ عـلى مُـلـْك ٍ مُـتـَسِـق ٍ وأمْـر ٍ مـُجْـتـَمـِع ٍ فـأتـَـاهُ مَسلوباً طـريداً مُـسْـتـَصْـرِخـَاً قـد تـقـاصَـرَ عـن إيوائـِهِ . و صـَغـُرَ في عـيـنـهِ مَـا شـَـيَّـدَ مِـنْ بـنـائِـهِ. و لـولا مَـا وَتـَـرَ بـِهِ مـَنْ يَـلِـيـهِ مِـنَ العرب لـَمَـالَ إلى مَـجَـال ٍ . و لـَوَجَـدَ مَـنْ يـُجـيـدُ الـطـعـانَ و يـغـضـبُ للأحـرارِ مـِنْ غـَلـَبَـةِ الـعـبـيـدِ الأشـرارِ . (قـال) فـعَـجـِـبَ كـسـرى لِـمَـا أجـابـَـه النـعــمـانُ بـه و قـال : إنـَّـكَ لأهـلٌ لِـمَـوضِـعِـكَ مِـنَ الـرئاسـةِ فـي أهـل ِ إقـلـيـمـكَ و لِـمَـا هُـوَ أفـضـلُ. ثم كـسـاه مـن كـسـوتـه و سـرَّحه إلى مـوضـعـه مـن الـحـيـرة .
|
|
|
|
|
|
|
|
|